أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 591

جلسة 31 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة، محمد محمد طيطة، سامي فرج وماهر البحيري.

(116)
الطعنان رقما 914، 932 لسنة 51 القضائية

(1) نقض "السبب الجديد".
دفاع جديد يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". "هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها".
المباني غير السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء. تحديدها على سبيل الحصر م 51/ 1 ق 49 لسنة 1977. المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور. اعتبارها كذلك. منوط بما يصدره وزير الإسكان من قرارات.
1 - ما قرره الطاعنان بأن المباني القديمة تبلغ مسطحاتها 700 م2 بما لازمه أن تكون المسطحات الجديدة 2800 م2 دفاع جديد يخالطه واقع، ولم يسبق لهما التمسك به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - لئن كان النص في المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أجاز لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكن أن يقوم بهدمه وإعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقاً للشروط والأوضاع المبينة في هذا النص، إلا أن المشرع لم يشأ أن يجعل حكم هذا النص عاماً يسري على كل المباني غير السكنية وإنما استثنى بعضها حرصاً على استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تقدم خدمات عامة للجمهور فنص في المادة 51/ 1 من هذا القانون على أنه "لا تسري أحكام هذا الفصل على المباني المؤجرة لاستعمالها دوراً للتعليم حكومية أو خاصة تخضع للإشراف الحكومي، وكذلك المستشفيات العامة والخاصة الخاضعة لإشراف وزارة الصحة، ومحطات تموين وخدمة السيارات أو المنشآت السياحية أو الفندقية أو المصرفية وغيرها من المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد موافقة الوزير المختص" بما مفاده أن المشرع حدد على سبيل الحصر المباني السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء، وبالنسبة للمنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي التي تقدم خدمات عامة للجمهور فقد فوض المشرع وزير الإسكان في إصدار القرارات اللازمة لتحديد ما يدخل في نطاق تلك المنشآت بناء على طلب الوزير المختص، ومن ثم فإن المعول عليه في تحديد هذه المباني هو بما يصدره وزير الإسكان من قرارات، وبناء على هذا التفويض أصدر وزير الإسكان القرار رقم 153 سنة 80 في 31/ 5/ 80 باستثناء المخابز والمجمعات الاستهلاكية ومخازن التبريد والثلاجات ومطاحن الغلال والجمعيات التي تؤدي خدمات تعليمية أو صحية أو اجتماعية للكافة والمباني المؤجرة لمناطق ومكاتب وفروع الهيئة العامة للتأمين والمعاشات والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وبنك ناصر الاجتماعي، كما أصدر وزير الإسكان القرار رقم 171 لسنة 1980 في 28/ 6/ 80 باستثناء المنشآت الصناعية الحاصلة على كافة التراخيص القانونية والتي يسري عليها القانون رقم 21 لسنة 1958 بتنظيم وتشجيع الصناعة وتتمتع بعضوية الغرف الصناعية ومسجلة بالسجل الصناعي، إذ توجب المادة الثامنة من القانون رقم 21 سنة 1958 على المنشآت الصناعية القائمة وقت العمل به قيد اسمها لدى وزارة الصناعة في سجل يعد لهذا الغرض، ولما كان البين من الأوراق أن محلى الطاعنين من المحلات التجارية...... بما مؤداه أن المحلين يخرجان عن نطاق الحظر الوارد بالمادة 51 من القانون رقم 49 سنة 1977 وقراري وزير الإسكان رقمي 153، 171 لسنة 1980 سالفي الذكر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين وآخرين الدعوى رقم 5924 سنة 1978 مدني كلي الإسكندرية للحكم بإخلاء المحلات المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال في بيانها أنه يملك العقار محل النزاع ويؤجر كل وحداته للمدعى عليهم لغير أغراض السكنى، وأنه يرغب في هدمه وإعادة بنائه وزيادة وحداته عملاً بالمادة 49 من القانون رقم 49 سنة 1977، وأنه حصل على الترخيص اللازم للهدم والبناء، وقد أنذرهم بالإخلاء، ولم يستجيبوا فأقام الدعوى. وبجلسة المرافعة عرض مبلغ 2000 ج على كل من الطاعنين وباقي المستأجرين مقابل التعويض الذي قرره القانون، وإذ رفضوا استلامه قام بإيداعها خزينة المحكمة وأعلنهم بمحاضر الإيداع. أجاب الطاعنان بعدم جواز هدم العقار عملاً بالمادة 51 من القانون رقم 49 سنة 1977 وقرار وزير التموين رقم 182 سنة 1978. حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 584 سنة 36 ق، 624 سنة 36 ق الإسكندرية كما استأنفه باقي المحكوم عليهم، وبتاريخ 7/ 3/ 1981 - قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، فأقام أولهما الطعن رقم 914 سنة 51 ق، وأقام الثاني الطعن رقم 932 سنة 51 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها، وقد أمرت المحكمة بضم الطعنين للارتباط.
وحيث إن كلاً من الطعنين أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن المادة 49/ ب من القانون رقم 49 سنة 1977 اشترطت ألا تقل مسطحات المباني الجديدة عن أربعة أمثال مسطحات المبنى قبل الهدم، ولما كانت مساحة المباني القديمة 700 م2 بما لازمه أن تكون المسطحات الجديدة 2800 م2، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن مساحة تلك المباني 1130 م2 ولم يرد على دفاعهما الجوهري الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك أن الثابت من صحيفتي الاستئنافين المرفوعين من الطاعنين أنهما تمسكا بأن إقامة المبنى الجديد من ثلاثة أدوار بدلاً من دور واحد لا يكون قد اكتمل به الشرط الوارد في المادة 49/ ب من القانون رقم 49 سنة 77 التي تستلزم ألا تقل المسطحات الجديدة عن أربعة أمثال مسطحات المباني قبل الهدم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته بأنه "قد توافرت في البناء الجديد المساحة التي اشترطتها المادة 49 من الفقرة ب منها" وعول في ذلك على الشهادة الرسمية الصادرة من حي وسط الإسكندرية المؤرخة 16/ 2/ 1980 والتي أفادت - حسبما جاء بالحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه - أن المباني الجديدة وفقاً للترخيص رقم 482 سنة 1978 تشمل دكاكين بالدور الأرضي ووحدات سكنية بالدورين الأول والثاني العلويين وتبلغ مسطحاتهما 1130 متراً مربعاً وتتفق مع أحكام القانون رقم 49 سنة 1977، فإن الحكم يكون قد أعمل صحيح القانون، والنعي في شقه الثاني غير مقبول، إذ أن ما قرره الطاعنان بأن المباني القديمة تبلغ مسطحاتها 700 م2 بما لازمه أن تكون المسطحات الجديدة 2800 م2، هو دفاع جديد يخالطه واقع، ولم يسبق لهما التمسك به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي به غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان أن قرار وزير التموين رقم 182 سنة 1978 حظر على ملاك العقارات التي تضم منشآت تموينية اتخاذ أي إجراء لهدمها قبل الحصول على ترخيص بذلك من المحافظ المختص، وإذ تمسكا بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الحصول على هذا الترخيص باعتبار أن المحل المؤجر لكل منهما من المنشآت التموينية، وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع على سند من أن تلك المحلات لا تدخل ضمن الحالات المستثناة بنص المادة 51 من القانون رقم 49 سنة 1977، في حين تلك المحلات ليست واردة على سبيل الحصر فيجوز إضافة أماكن أخرى إليها، كالمنشآت التموينية التي حظر القرار الوزاري هدمها، وهي نصوص آمرة يتعين تطبيقها، كما ذهب الحكم إلى أن موافقة المجلس التنفيذي بمحافظة الإسكندرية على هدم العقار والتي لم تكن محل طعن منهما - تعتبر كافية وتغني عن الترخيص المطلوب من المحافظ في حين أن تلك الموافقة هي إجراء آخر يستلزمه القانون قبل الهدم إعمالاً لحكم المادتين 56، 57 من القانون رقم 49 سنة 1977، وقد صدرت في 29/ 10/ 1980 بعد صدور الحكم الابتدائي، وأن طعنهما عليها مستفاد ضمناً إذ يندرج تحت الدفع منهما بعدم قبول الدعوى، هذا إلى أن الحكم اعتبر المحل المؤجر للطاعن الأول لا يندرج ضمن المنشآت الصناعية المستثناة من الهدم وفقاً لقرار وزير الإسكان رقم 171 سنة 1980 والتي تخضع لأحكام القانون رقم 21 سنة 1958 الخاص بتنظيم وتشجيع الصناعة وتتمتع بعضوية الغرف الصناعية في حين أن محل الطاعن الأول عبارة عن مصنع للزبد والجبن كما هو ثابت من ترخيصه الصادر في سنة 1956 وشهادة اتحاد الصناعات المؤرخة 7/ 9/ 1980 كما أنه عضو بغرفة الصناعات الغذائية ويخضع لأحكام القانون سالف الذكر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان النص في المادة 49 من القانون رقم 49 سنة 1977 أجاز لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكن أن يقوم بهدمه وإعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقاً للشروط والأوضاع المبينة في هذا النص، إلا أن المشرع لم يشأ أن يجعل حكم هذا النعي عاماً يسري على كل المباني غير السكنية وإنما استثنى بعضها حرصاً على استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تقدم خدمات عامة للجمهور فنص في المادة 51/ 1 من هذا القانون على أنه "لا تسري أحكام هذا الفصل على المباني المؤجرة لاستعمالها دوراً للتعليم حكومية أو خاصة تخضع للإشراف الحكومي، وكذلك المستشفيات العامة والخاصة الخاضعة لإشراف وزارة الصحة، ومحطات تموين وخدمة السيارات أو المنشآت السياحية أو الفندقية أو المصرفية أو غيرها من المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد موافقة الوزير المختص" بما مفاده أن المشرع حدد على سبيل الحصر المباني غير السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء، وبالنسبة للمنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي التي تقدم خدمات عامة للجمهور فقد فوض المشرع وزير الإسكان في إصدار القرارات اللازمة لتحديد ما يدخل في نطاق تلك المنشآت بناء على طلب الوزير المختص، ومن ثم فإن المعول عليه في تحديد هذه المباني هو بما يصدره وزير الإسكان من قرارات، وبناء على هذا التفويض أصدر وزير الإسكان القرار رقم 153 سنة 1980 في 31/ 5/ 1980 باستثناء المخابز والمجمعات الاستهلاكية ومخازن التبريد والثلاجات ومطاحن الغلال والجمعيات التي تؤدي خدمات تعليمية أو صحية أو اجتماعية للكافة والمباني المؤجرة لمناطق ومكاتب وفروع الهيئة العامة للتأمين والمعاشات والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وبنك ناصر الاجتماعي، كما أصدر وزير الإسكان القرار رقم 171 سنة 1980 في 28/ 6/ 1980 باستثناء المنشآت الصناعية الحاصلة على كافة التراخيص القانونية والتي يسري عليها القانون رقم 21 سنة 1958 بتنظيم وتشجيع الصناعة وتتمتع بعضوية الغرف الصناعية ومسجلة بالسجل الصناعي، إذ توجب المادة الثامنة من القانون رقم 21 سنة 1958 على المنشآت الصناعية القائمة وقت العمل به قيد اسمها لدى وزارة الصناعة في سجل يعد لهذا الغرض، ولما كان البين من الأوراق أن محل الطاعنين من المحلات التجارية إذ حصل الطاعن الأول على الترخيص رقم 1405 في 20/ 2/ 1956 بإدارة محل منتجات ألبان ومستودع سكر وجبن وخل، وحصل الطاعن الثاني على الترخيص رقم 14219 في 28/ 3/ 1962 وبإدارة محله كمستودع للبقالة، بما مؤداه أن المحلين يخرجان عن نطاق الحظر الوارد بالمادة 51 من القانون رقم 49 سنة 1977 وقراري وزير الإسكان رقمي 153 سنة 80، 171 سنة 1980 سالفي الذكر، وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر وأضاف بأنه "لا عبرة في ذلك بالترخيص الذي حصل عليه المستأنف المذكور - الطاعن الأول - كبدل فاقد بتاريخ 31/ 7/ 1980 والتغييرات التي أثبتها به لأن ذلك كله إن كان قد تم فعلاً فهو في تاريخ لاحق لصدور الحكم المستأنف بل ولاحق لإيداع وإعلان الاستئناف المقام منه ومن المقرر أن الشخص لا يصنع دليلاً لنفسه وهو ما يسري أيضاً على إجراءات تسجيل محله بالسجل الصناعي والذي لم يتم بعد على النحو المستفاد من كتاب الهيئة العامة للتصنيع المرسل إليه بتاريخ 17/ 9/ 1980". ومن ثم فإن شروط تطبيق القرار الوزاري رقم 171 سنة 1980 والقانون رقم 21 سنة 1958 لا تكون قد توافرت في محل الطاعن الأول حتى يسوغ له التحدي بعدم خضوعه لأحكام الهدم وإعادة البناء سالفة البيان، ولا محل لتحدي الطاعن الثاني بقرار وزير التموين رقم 182 سنة 1978 الصادر في 8/ 10/ 1978 والذي يحظر هدم العقارات التي تحوي منشآت تموينية قبل الحصول على ترخيص بذلك من المحافظ المختص، ذلك أن محل الطاعن الثاني حسب الترخيص الصادر له هو محل تجاري - مستودع بقالة - ولا يندرج تحت الجدول الملحق بقرار وزير التموين سالف البيان، وما جاء بالبند الثالث منه خاص بمصانع المواد الغذائية وتعبئتها ومخازنها، وبديهي فعلاً يتضمن محلات البقالة ومخازنها، وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم انطباق قرار وزير التموين المشار إليه في شأن محلات النزاع، هذا إلى أن الحكم اعتد بموافقة المجلس التنفيذي لمحافظة الإسكندرية والذي يرأسه المحافظ على هدم العقار، ومن ثم فلا ضرورة لصدور موافقة أخرى على الهدم من المحافظ نفسه إذا اعتبرت محلات النزاع من المنشآت التموينية التي تستلزم الحصول على موافقة المحافظ على هدمها وليس هناك ما يمنع قانوناً أن تتوافر للدعوى شروط قبولها أثناء نظرها أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس ويتعين رفض الطعن.