أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1814

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد صالح أبو راس، وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي؛ وجميل الزيني، وسعد العيسوي، ومحمود حسن حسين.

(333)
الطعن رقم 277 لسنة 43 القضائية

(1) إثبات "إجراءات الإثبات" "إنكار التوقيع". محكمة الموضوع.
إنكار التوقيع على الورقة العرفية. عدم التزام المحكمة بإجراء تحقيق متى رأت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعها بصحة التوقيع.
(2) إثبات "ترجمة المستندات".
ترجمة المستندات التي أقيم عليها الحكم إلى اللغة العربية. جواز أن تكون عرفية. شرطه. عدم منازعة الخصم في صحة الترجمة.
(3) نقل "نقل بحري". "خطابات الضمان". "حجيتها" "سند الشحن". إثبات.
خطابات الضمان التي يلتزم الشاحن فيها قبل الناقل. حجيتها على طرفيها دون الغير. جواز إثبات الطرفين عكس ما ورد بسند الشحن. لا مخالفة في ذلك للقانون المصري أو معاهدة بروكسل. نطاق ذلك.
1 - محكمة الموضوع - وعلى ما يستفاد من نص المادة 30 من قانون الإثبات - غير ملزمة في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية ممن نسبت إليه بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة. بل إن لها متى رأت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها بأن التوقيع صحيح، أن ترد على المنكر إنكاره وأن تأخذ بالورقة من غير إجراء هذا التحقيق.
2 - عدم ترجمة المستندات التي تقيم المحكمة عليها قضاءها من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية يجعل حكمها مخالفاً لقانون السلطة القضائية الذي يقرر بأن لغة المحاكم هي اللغة العربية إلا أنه لا تشترط الرسمية في هذه الترجمة إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية المقدمة للمستند ويتنازعون في أمرها. وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول على الترجمة العرفية لخطاب الضمان المقدم من الشركة المطعون ضدها الثانية استناداً إلى أن الطاعنة لم تدع بأنها غير صحيحة فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون أو شابه قصور في التسبيب.
3 - خطابات الضمان التي يثبت فيها الشاحن التحفظات التي يطلب الناقل إدراجها في سند الشحن ولم تدرج به استجابة لرغبته والتي يتعهد بمقتضاها بضمان كافة النتائج التي تترتب على عدم مطابقة البضاعة عند التسليم للبيانات الواردة في سند الشحن إذا تعرض الناقل للمطالبة من قبل الغير - باعتبارها حجة على عاقديها دون الغير - لا مخالفة فيها للقانون المصري الذي يجيز في العلاقة بين الناقل والشاحن إثبات عكس ما ورد في سند الشحن. كما أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] لا مخالفة فيها أيضاً لمعاهدة سندات الشحن الموقعة في بروكسل طالما أن المقصود بها دحض قرينة الإثبات المستمدة من سند الشحن في العلاقة بين الناقل والشاحن ولم تتضمن اتفاقاً على إعفاء الناقل من المسئولية ولم تكن مشوبة عند إصدارها بقصد إيهام الغير أو إدخال الغش عليه عند تداول السند.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 15 لسنة 1967 تجاري كلي السويس على المطعون ضدها الثانية ومدير توكيل أسيوط للملاحة بصفتهما وكيلين عن ملاك الباخرة "فرازوين" بطلب إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 4705 جنيهات و380 مليماً وفوائده القانونية وأسس دعواه على أن وزارة التموين تعاقدت مع شركة النصر للاستيراد والتصدير على توريد كمية من زيت بذرة القطن السوداني وقد وصلت هذه الرسالة لميناء السويس في 6/ 11/ 1967 على الباخرة "فرازوين" وتبين لدى معاينتها وجود كسور وثقوب ببعض البراميل مع انسياب الزيت منها واتضح بعد تفريغها في 9/ 11/ 1967 وجود عجز في وزن الرسالة قدره 27.149 طناً وثمنه 4705 جنيهات و380 مليماً تعتبر الشركة الناقلة مسئولة عنه. وبمقتضى صحيفة معلنة في 28/ 7/ 1970 أدخلت الشركة المطعون ضدها الثانية الشركة الطاعنة ضامنة في الدعوى طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها ما عسى أن يحكم به عليها في الدعوى مؤسسة دعوى الضمان على أن براميل الرسالة قدمت للسفينة في حالة سيئة الأمر الذي من أجله امتنع الربان عن استلام البضاعة لشحنها فطلبت منه الطاعنة قبولها بحالتها وقدمت له خطاب ضمان مؤرخاً في 22/ 10/ 1967 تعهدت فيه بمسئوليتها عن أي مطالبة أو دعاوى ترفع عليه نتيجة لحالة البضاعة. وبتاريخ 22/ 5/ 1977 قضت محكمة السويس الابتدائية في الدعوى الأصلية بإلزام الشركة المطعون ضدها الثانية بأن تدفع للمطعون ضدها الأول مبلغ 4705 جنيهات و380 مليماً وفوائده القانونية وفي دعوى الضمان بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للشركة المطعون ضدها الثانية المبلغ المحكوم به عليها في الدعوى الأصلية. استأنفت الشركة الطاعنة الحكم فيما قضي به ضدها بالاستئناف رقم 403 سنة 88 ق تجاري ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 31/ 1/ 1973 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب من وجهين مؤدى أولهما أن الشركة المطعون ضدها الثانية قدمت لمحكمة الموضوع خطاب ضمان نسبت صدوره إلى الطاعنة فأنكرت صدوره من ممثلها مما يسقط حجيته في الإثبات ويوجب إحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الشركة المطعون ضدها الثانية صدوره من الطاعنة ولكن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بالقول بأن الطاعنة لم تتخذ الإجراءات المقررة للطعن بالإنكار أو التزوير في حين أنه لا يلزم في الطعن بالإنكار واتخاذ إجراءات معينة ويكفي لإسقاط حجية الورقة أن ينكر من نسب إليه صدورها لتأمر المحكمة بالتحقيق. وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ عول في قضائه على ترجمة غير رسمية لخطاب الضمان المقدم من الشركة المطعون ضدها الثانية المحرر بلغة أجنبية لم تقدم معه ترجمة رسمية باللغة العربية.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن محكمة الموضوع - وعلى ما يستفاد من نص المادة 30 من قانون الإثبات - غير ملزمة في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية ممن نسبت إليه بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة بل إن لها متى رأت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها بأن التوقيع صحيح أن ترد على المنكر إنكاره وأن تأخذ بالورقة من غير إجراء هذا التحقيق. وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة انتهت في استدلال سائغ ومن واقع أوراق الدعوى إلى صحة صدور خطاب الضمان من ممثل الشركة الطاعنة فلا عليها إن لم تحل الدعوى إلى تحقيق لم تر داعياً لإجرائه ولا يعيب الحكم بعد ذلك ما استطرد إليه تزيداً من أن الشركة الطاعنة لم تتخذ الإجراءات المقررة قانوناً للطعن بالإنكار أو التزوير والنعي مردود في وجهه الثاني بأنه وإن كان عدم ترجمة المستندات التي تقيم المحكمة عليها قضاءها من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية يجعل حكمها مخالفاً لقانون السلطة القضائية الذي يقرر بأن لغة المحاكم هي اللغة العربية إلا أنه لا تشترط الرسمية في هذه الترجمة إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحيفة الترجمة العرفية المقدمة للمستند ويتنازعون في أمرها. وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول على الترجمة العرفية لخطاب الضمان المقدم من الشركة المطعون ضدها الثانية استناداً إلى أن الطاعنة لم تدع بأنها غير صحيحة، فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون أو شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أجاز إثبات عكس بيانات سند الشحن الخاص بالبضاعة في العلاقة بين الشاحن والناقل في حين أن سندات الشحن - وهي مصدر العلاقة بين الطرفين - المستوفية للبيانات المنصوص عليها في المادتين 99، 100 من قانون التجارة البحري يكون لها حجية كاملة في الإثبات بين الشاحن والناقل عملاً بالمادة 101 منه وإذ جاء سند الشحن موضوع الدعوى نظيفاً وخالياً من أي تحفظ يفيد بأن حالة البراميل غير سليمة فلا يكون الناقل مسئولاً عن أي تلف أو عجز في البضاعة ولا يعتد بخطاب الضمان الذي استند إليه الحكم المطعون فيه لأنه ينطوي على إعفاء من المسئولية مع أن كل شرط أو اتفاق يتضمن إعفاء الناقل من المسئولية يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً وفقاً للمادة 3/ 8 من معاهدة بروكسل الدولية التي وافقت عليها مصر.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن خطابات الضمان التي يثبت فيها الشاحن التحفظات التي يطلب الناقل إدراجها في سند الشحن ولم تدرج استجابة لرغبته والتي يتعهد بمقتضاها بضمان كافة النتائج التي تترتب على عدم مطابقة البضاعة عند التسليم للبيانات الواردة في سند الشحن إذا تعرض الناقل للمطالبة من قبل الغير، باعتبارها حجة على عاقديها دون الغير لا مخالفة فيها للقانون المصري الذي يجيز في العلاقة بين الناقل والشاحن إثبات عكس ما ورد في سند الشحن كما أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا مخالفة فيها أيضاً لمعاهدة سندات الشحن الموقعة في بروكسل طالما أن المقصود بها دحض قرينة الإثبات المستمدة من سند الشحن في العلاقة بين الناقل والشاحن ولم تتضمن اتفاقاً على إعفاء الناقل من المسئولية ولم تكن مشوبة عند إصدارها بقصد إيهام الغير أو إدخال الغش عليه عند تداول سند الشحن. لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضدها الثانية وهي شركة الملاحة إنما تتمسك بخطاب الضمان موضوع النزاع في دعواها قبل الشاحن، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن هذا الخطاب قد سلمته الطاعنة إلى المطعون ضدها الثانية حتى لا تدرج التحفظات التي أرادت إثباتها في سند الشحن عن حالة البضاعة وقت شحنها من أنها "براميل مستعملة في حالة رديئة جدا"، كما خلص الحكم إلى أن هذا الخطاب لم يتضمن بهذه الصورة إعفاء من المسئولية مما تحرمه المادة 3/ 8 من معاهدة بروكسل كما أنه لم يكن مشوباً عند إصداره بقصد إيهام الغير وإدخال الغش عليه عند تداول السند، لما كان ما تقدم فإن نعي الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن شحن البضاعة موضوع الدعوى تم بصورة سليمة واستندت في ذلك على الفاتورة رقم 138/ 74 المؤرخة 18/ 11/ 1967 الصادرة من مصانعها وعلى شهادة صادرة من مصانعها وعلى شهادة صادرة من شركة بور سودان وهي شركة معتمدة للتخليص والشحن ولم يرد الحكم على ذلك بشيء فشابه قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه بمسئولية الشركة الطاعنة إلى خطاب الضمان الذي انتهى إلى صحة صدوره منها والذي تضمن الوصف السيئ للبضاعة وقت شحنها وكان ذلك كافياً لحمل قضاء الحكم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب تسوغه فإنها لا تكون من بعد ملزمة بأن ترد على كل الحجج التي يدلي بها الخصوم لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني لكل حجة تخالفها، كما أنها ليست ملزمة بالرد على ما يقدمه لها الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يكفي لحمله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قام على دعامة كافية لحمل قضائه على ما سلف قوله، فإن النعي على الحكم بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 22/ 3/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 627.