أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 630

جلسة 7 من أبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، عبد العال السمان وعبد المعين لطفي جمعه.

(123)
الطعن رقم 1515 لسنة 54 القضائية

(1) حراسة "الحراسة القضائية". ريع.
ريع الأعيان المعهود للحارس القضائي بإدارتها العبرة في محاسبته عنه، بما تسلمه فعلاً من ريع وبما أنفقه من مصروفات ولو عن مدة سابقة على تسلمه لتلك الأعيان. م 37/ 1 مدني.
(2 و3) تقادم "التقادم المسقط: انقطاع التقادم".
(2) المطالبة القضائية القاطعة للتقادم. ماهيتها. المادتان 383، 384 مدني.
(3) الإجراء القاطع للتقادم الصادر من الدائن. ماهيته.
صدور الإجراء من المدين. شرطه. أن يتضمن إقراراً صريحاً أو ضمنياً بحق الدائن.
1 - المادة 737 من القانون المدني إذ ألزمت الحارس بأن يقدم إلى ذوي الشأن كل سنة على الأكثر حساباً تسلمه وبما أنفقه معززاً بما يثبت ذلك من مستندات فقد دلت على أن العبرة في محاسبة الحارس عن ريع الأعيان المعهودة إليه إدارتها إنما هي بما تسلمه فعلاً من هذا الريع وبما أنفقه من مصروفات ولو عن مدة سابقة على تسلمه تلك الأعيان.
2 - مفاد النص في المادتين 383، 384 من القانون المدني على أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى أو إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً - يدل على أن المقصود بالمطالبة القضائية هو مطالبة الدائن لمدينه مطالبة صريحة جازمة بالحق قضاءً وهو ما يتم بطريق رفع الدعوى لصدور الحكم بإجبار المدين على الوفاء بما التزم به.
3 - يشترط في الإجراء القاطع للتقادم إذا صدر من الدائن أن يكون في مواجهة مدينه للتمسك بحقه قبله وذلك أثناء السير في دعوى مقامة من الدائن أو من المدين وتدخل الدائن خصماً فيها، إما إذا صدر الإجراء من المدين فيشترط أن يتضمن إقراراً صريحاً أو ضمنياً بحق الدائن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1471 لسنة 1978 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية على الطاعنين طالباً الحكم بندب خبير لتقدير صافي ريع العقار المبين بصحيفة الدعوى المستحق له قبلهم في المدة من 9/ 4/ 1949 حتى نهاية عام 1958 وقبل الطاعن الثاني في المدة من 1/ 12/ 1964 حتى 31/ 12/ 1977 والحكم للطاعن بما يسفر عنه التقرير، وقال بياناً لذلك أنه كان قد أقام الدعوى رقم 392 لسنة 1949 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 9/ 4/ 1949 والتسليم والذي اشترى بموجبه العقار السالف الذكر، وقد تدخل الطاعنون في تلك الدعوى طالبين رفضها على سند من أن مورثهم - وهم من بعده - اكتسبوا ملكية العقار بوضع اليد المدة الطويلة وقد قضى فيها نهائياً بطلباته بتاريخ 15/ 2/ 1977 وأثناء نظر تلك الدعوى أقام الدعوى رقم 233 لسنة 1958 مستعجل الزقازيق بطب وضع العقار تحت الحراسة وتعيينه حارساً وقد قضى فيها بطلباته ثم استبدل الطاعن الثاني حارساً عليه منذ 1/ 12/ 1964 حتى نهاية 1977 ومن ثم فقد وضع الطاعنون يدهم على العقار وقاموا باستغلاله في المدة الأولى المطالب بالريع خلالها كما وضع الطاعن الثاني يده عليه خلال المدة الثانية ولم يودع من ريعه خزانة المحكمة سوى مبلغ 180 جنيهاً لذا فقد أقام دعواه ليحكم له بمطلبه فيها. دفع الطاعنون بسقوط الحق في الريع عن المدة الأولى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 13/ 3/ 1980 برفض الدفع وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده مبلغ 651.875 من الجنيهات عن المدة الأولى وبإلزام الطاعن الثاني بأن يدفع له مبلغ 1131.600 من الجنيهات عن المدة الثانية. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) بالاستئناف رقم 252 لسنة 52 قضائية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وبتاريخ 6/ 11/ 1980 رفضت المحكمة الدفع بالتقادم وندبت خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 5/ 4/ 1984 بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به إلى إلزام الطاعن الثاني بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 848.336 من الجنيهات وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنون بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم أبدوا اعتراضاتهم على تقرير الخبير من واقع مستنداتهم المقدمة في الدعوى وذلك بمذكرة قدمت إلى محكمة الاستئناف. وتحمل هذه الاعتراضات في أن الخبير احتسب الريع عن الفترة الثانية اعتباراً من 1/ 12/ 1964 تاريخ تعيين الطاعن الثاني على الأعيان محل النزاع حارساً في حين أنه لا تجوز محاسبته إلا من تاريخ تسلمه لها في 17/ 4/ 1965، كما أنه أودع أكثر من أربعمائة من الجنيهات إلى خزانة المحكمة على ذمة الحراسة لم يحتسبها الخبير ولم يستنزل من الريع المستحق للمطعون ضده قيمة الأنقاض التي تسلمها أثناء فترة حراسته بعد أن أزال الدور العلوي بأحد العقارات. فضلاً كثيراً من المستأجرين لم يدفعوا ما يستحق عليهم من الأجرة رغم صدور أحكام بإلزامهم بها. ولم يحتسب الخبير مقابل ما قام به الطاعنون من أعمال الترميم بمعرفة مقاولين معتمدون بموجب فواتير موقع عليها من المستأجرين عن فترة سابقة على صدور قراري الإزالة في عام 1979 وجميع هذه الأعمال لم يقم الخبير بمعاينتها على الطبيعة أو سؤال المستأجرين عنها، وقد ترتب عليها إمكانية رفع القيمة الإيجارية في الفترة ما بين 1972 حتى 1977 غير أن الخبير احتسب هذه القيمة على أساس عقود الإيجار الجديدة دون اعتداد بالقيمة الإيجارية الحقيقية - وإذ عول الحكم المطعون فيه على هذا التقرير فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك بأن المادة 737 من القانون المدني إذ ألزمت الحارس بأن يقدم إلى ذوي الشأن كل سنة على الأكثر حساباً بما تسلمه وبما أنفقه معززاً بما يثبت ذلك من مستندات - فقد دلت على أن العبرة في محاسبة الحارس عن ريع الأعيان المعهود إليه إدارتها إنما هي بما تسلمه فعلاً من هذا الريع وبما أنفقه من مصروفات ولو عن مدة سابقة على تسلمه تلك الأعيان، وإذ كان الثابت من تقريري الخبير المقدمين أمام محكمة الموضوع أنهما احتسبا الريع عن الفترة من 1/ 2/ 1964 حتى 31/ 12/ 1977 على أساس ما حصله الطاعن الثاني فعلاً لحساب الحراسة وبعد خصم ما أودعه على ذمتها خزانة المحكمة وما أنفقه من مصروفات الصيانة والترميم، وذلك بعد الاطلاع على أوراق الدعوى وما قدم فيها من مستندات وإجراء المعاينة على الطبيعة وسماع أقوال المستأجرين - لما كان ذلك، وكان هذان التقريران قد تكفلا ببحث الاعتراضات التي أوردها الطاعنون في سبب النعي فإن الحكم المطعون فيه إذ أحال إليهما يكون قد تضمن الرد تلك الاعتراضات ويكون ما يثيره الطاعنون في هذه الصدد مجرد جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون في السبب الأول من سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا بالدفع بالتقادم المسقط لريع العقار موضوع الدعوى عن المدة من 9/ 4/ 1949 حتى نهاية سنة 1958 إذ أن النزاع الذي أثير حول الملكية في دعوى صحة التعاقد رقم 392 لسنة 1949 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية التي أقامها المطعون ضده وتدخل فيها الطاعنون لم يكن يمنعه من المطالبة بالريع سواء في الدعوى السالفة الذكر أو في دعوى مستقلة وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع بالتقادم المسقط عن تلك المدة على سند من أن النزاع في الدعوى رقم 392 لسنة 1949 مدني كلي الزقازيق قد قطع بالتقادم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك بأن مفاد النص في المادتين 383، 384 من القانون المدني على أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى أو إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً - يدل على أن المقصود بالمطالبة القضائية هو مطالبة الدائن لمدينه مطالبة صريحة جازمة بالحق قضاءً وهو ما يتم بطريق رفع الدعوى لصدور الحكم بإجبار المدين على الوفاء بما التزم به، كما أنه يشترط في الإجراء القاطع للتقادم إذا صدر من الدائن أن يكون في مواجهة مدينه للتمسك بحقه قبله وذلك أثناء السير في دعوى مقامة من الدائن أو من المدين وتدخل الدائن خصماً. أما إذا صدر الإجراء من المدين فيشترط أن يتضمن إقراراً صريحاً أو ضمنياً بحق الدائن - لما كان ذلك، وكانت مطالبة المطعون ضده بالريع في الدعوى الحالية تمثل تعويضاً عما فاته من منفعة العقار في الفترة التي كان الطاعنون يضعون يدهم عليه، وكانت صحيفة دعوى التعاقد التي أقامها المطعون ضده على البائعين له وتدخل فيها الطاعنون طالبين رفضها على سند من تملكهم العقار بوضع اليد المدة الطويلة، ليس من شأنها أن تقطع سريان التقادم بالنسبة لهذا التعويض إذ هي لا تعتبر مطالبة به أو إجراء صادر من المطعون ضده في مواجهة الطاعنين للتمسك به قبلهم باعتباره من توابع الحق في تلك الدعوى مما يجب بوجوبه ويسقط بسقوطه. كما أن تدخل الطاعنين فيها لا ينطوي على إقرار للمطعون ضده بالتعويض بل هو إنكار منهم له، وإذ لم يكن النزاع على الملكية ليمنعه عن المطالبة به طوال الفترة من نهاية عام 1958 حتى تاريخ رفع الدعوى الماثلة في 8/ 4/ 1978 - ومن ثم فإن التقادم يكون قد اكتملت مدته. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع على سند من أن الحق في الريع متفرع عن الحق المتنازع عليه في صحة التعاقد فتعتبر قاطعة لمدة تقادمه، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي هذا السبب من الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
ولما تقدم، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الريع الذي يطالب به المستأنف ضده عن المدة من 9/ 4/ 1949 حتى نهاية سنة 1958 قد سقط بالتقادم ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به عن تلك المدة ورفض دعوى المستأنف ضده في شأنها.