أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 644

جلسة 13 من أبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين - نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، محمد بكر غالي وعزت عمران.

(125)
الطعن رقم 1320 لسنة 51 القضائية

1 - إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن". إثبات.
(1) حق المؤجر في إخلاء المستأجر من العين المؤجرة للتأجير من الباطن بغير إذن كتابي منه. عدم جواز إثبات الإذن إلا بالكتابة. جواز إثبات تنازل المؤجر عن الشرط المانع من التأجير من الباطن بكافة طرق الإثبات الإيصال الصادر من المؤجر يتقاضى الأجرة ومقابل التأجير من الباطن. اعتباره ترخيصاً للمستأجر بالتأجير من الباطن.
2 - 4 دعوى "التدخل في الدعوى" "الخصوم في الدعوى". استئناف.
(2) إدخال خصم جديد في الدعوى. كيفيته. م 117 مرافعات.
(3) الخصومة في الاستئناف تتحدد ممن كان مختصماً أمام محكمة أول درجة.
الخصم المدخل في الدعوى بغير الطريق القانوني. اختصامه في الاستئناف. غير جائز.
(4) قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده الرابع. عدم جواز تصديها للموضوع بالنسبة له.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن - المنطبق على واقعة الدعوى - أنه لا يجوز للمؤجر استعمال حقه في إخلاء المكان من المستأجر الأصلي إلا إذا أجره من الباطن دون إذن كتابي منه، ولا يجوز إثبات هذا الإذن بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها، إلا أنه يجوز إثبات تنازل المؤجر عن الشرط المانع من التأجير من الباطن بكافة طرق الإثبات القانونية ويعتبر الإيصال الصادر من المؤجر يتقاضى الأجرة ومقابل التأجير من الباطن ترخيصاً للمستأجر بتأجير العين من باطنه مفروشة أو خالية.
2 - مفاد النص في المادة 117 من قانون المرافعات أن للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها، ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى بإيداع صحيفة الإدخال قلم كتاب المحكمة، ويترتب على مخالفة ذلك أن تقضي المحكمة ومن تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى قبله باعتبار أن الطريق الذي رسمه القانون لطرح المنازعة أمام القضاء هو مما يتعلق بالنظام العام.
3 - إذا كان البين من الأوراق أن الطاعنة قامت باختصام المطعون ضده الرابع أمام محكمة أول درجة بإبداء طلباتها في مواجهته بجلسة المرافعة في 29/ 12/ 1977 دون الالتزام باتباع الطريق المقرر قانوناً لرفع الدعوى، ومن ثم لا يعد خصماً مدخلاً في الدعوى في هذه المرحلة من التقاضي، وإذ استأنفت الطاعنة الحكم الصادر من محكمة أول درجة مختصمة المطعون ضده الرابع، وكانت الخصومة في الاستئناف وفقاً لنص المادة 236 من قانون المرافعات قاصرة على من كان مختصماً أمام محكمة أول درجة، ومن ثم فإن اختصامه أمام محكمة الاستئناف يكون غير جائز.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده الرابع فإنه لا يسوغ لمحكمة الاستئناف أن تمضي بعد ذلك في نظر موضوع الدعوى بالنسبة له، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن بحث دفاع الطاعنة في شأن ما ادعته من احتجاز المطعون ضده الرابع لمسكن آخر بعقار النزاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الثلاثة الأول الدعوى رقم 533 سنة 1977 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ الإيجار المؤرخ 1/ 7/ 1943 وإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها إليها، وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب العقد المذكور استأجر المطعون ضده الأول هذه الشقة من المالك السابق للعقار، وإذ تنازل عن الإجارة إلى المطعون ضدهما الثاني والثالثة دون إذن كتابي من المالك بالمخالفة لشروط العقد وأحكام القانون، فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 27/ 7/ 1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة التأجير من الباطن والتنازل عن الإجارة، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين، وجهت الطاعنة بجلسة المرافعة ذات طلباتها في الدعوى إلى المطعون ضده الرابع، ثم أدخل المطعون ضدهم الثلاثة الأول المطعون ضدهما الخامس والسادس (وارثي المالك السابق للعقار) خصمين في الدعوى وبتاريخ 28/ 2/ 1980 قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2488 سنة 67 ق القاهرة، وبتاريخ 23/ 3/ 1981 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده الرابع، وبتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم صدور ثمة موافقة منها أو من المالك السابق على التأجير من الباطن وأن التصريح جاء قاصراً فحسب على التأجير مفروشاً، وذلك على النحو الثابت من تحقيقات الشكوى رقم 6564 سنة 1976 إداري مصر القديمة، وإيصالات سداد الأجرة، ولما كان الثابت من التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة ومحضر الشكوى الإداري سالف الذكر، أن المطعون ضده الأول "المستأجر الأصلي" تنازل عن الإجارة إلى المطعون ضدهما من الثاني إلى الرابع الذين شغلوا الشقة خالية فإن هذا التنازل يستطيل إليه شرط الحظر بما يبرر الإخلاء، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن التصريح بالتأجير مفروشاً ينطوي ضمناً على تصريح بالتأجير من الباطن والتنازل عن الإجارة رغم انتفاء التماثل بين الإذن للمستأجر في تأجير شقته مفروشة وبين التصريح له بتأجيرها من الباطن، ومع ذلك فإن هذا التصريح لا يفيد بذاته نزول المؤجر عن الشرط المانع من التنازل عن الإيجار، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن - المنطبق على واقعة الدعوى - أنه لا يجوز للمؤجر استعمال حقه في إخلاء المكان من المستأجر الأصلي إلا إذا أجره من الباطن دون إذن كتابي منه، ولا يجوز إثبات هذا الإذن بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها، إلا أنه يجوز إثبات تنازل المؤجر عن الشرط المانع من التأجير من الباطن بكافة طرق الإثبات القانونية ويعتبر الإيصال الصادر من المؤجر يتقاضى الأجرة ومقابل التأجير من الباطن ترخيصاً للمستأجر بتأجير العين من باطنه مفروشة أو خالية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب إخلاء العين المؤجرة على ما أورده بمدوناته من أنه "لما كان" "الثابت من الإيصال المؤرخ 1/ 8/ 1967...... اقتضاء المالك السابق من المستأنف" ضده الأول "المستأجر الأصلي" لأجرة عين النزاع عن الأشهر من أبريل حتى يوليو سنة 1967 بواقع 4.615 جنيه شهرياً مضافاً إليها قيمة 70% في مقابل قيام المستأجر بتأجير العين من باطنه إلى....... "المطعون ضده الرابع" وهو ما يعد بمثابة تصريح كتابي من المالك السابق للمستأنف ضده الأول بالتأجير من الباطن "ويعد في الوقت نفسه بمثابة تنازل من المالك عن الشرط المانع المنصوص عليه في البند الخامس من عقد الإيجار المؤرخ 1/ 7/ 1943، كما أنه بمثابة تصريح مطلق من المالك للمستأجر بالتأجير من الباطن سواء كان ذلك التأجير مفروشاً أو غير مفروش" ومثل هذا التصريح الكتابي يُعد ميزة يصح الاتفاق بين طرفي العلاقة الإيجارية على تقويمها بزيادة الأجرة في حدود القانون....... ولما كان هذا التصريح قد ثبت تاريخه بوفاة محرره........ وينفد من ثم في حق من يمثله أو يخلفه دون ما حاجة "لقبوله...... ويسري في حق المستأنفة" "الطاعنة" باعتبارها خلفاً خاصاً للمؤجر بوصفها مشترية، وأنه مما يؤكد ذلك الإيصال المؤرخ 1/ 9/ 1976 المنسوب إليها غير مجحود منها أو منكور والثابت فيه اقتضاؤها من المستأنف ضده الأول لأجرة شقة النزاع عن شهر سبتمبر بمبلغ 7.695 جنيه دون ما تحفظ......... وهو ما يعادل أجرة العين بواقع 4.615 جنيه مضافاً إليها 70% السابق الاتفاق مع المالك السابق الآمر الذي تستظهر منه المحكمة بجلاء موافقتها هي الأخرى على التنازل عن الشرط المانع من التأجير من الباطن" وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون، وكان ما تدعيه الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن النزول الضمني عن شرط الحظر من التأجير الباطن يستطيل أيضاً على إباحة التنازل عن الإيجار هو ادعاء لا سند له من مدونات الحكم المذكور، ومن ثم فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قد تصدى من تلقاء نفسه للقضاء بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده الرابع استناداً إلى أنه لم يختصم في الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، رغم أنه لم يتمسك بهذا الدفع، ومع ذلك فقد عول الحكم المطعون فيه على دفاع المطعون ضده المذكور وما قدمه من مستندات هذا إلى أن الطاعنة تمسكت بأن المطعون ضده الرابع مستأجر عين النزاع من باطن المطعون ضده الأول يحتجز بذات العقار مسكناً آخر بالمخالفة لنص المادة 8 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بما يخولها الحق في طلب إخلائه من عين النزاع إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعواها دون أن يعرض لهذا الدفاع الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد في شقه الأول، ذلك أنه وفقاً لنص المادة 117 من قانون المرافعات للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها، ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى بإيداع صحيفة الإدخال قلم كتاب المحكمة، ويترتب على مخالفة ذلك أن تقضي المحكمة ومن تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى قبله باعتبار أن الطريق الذي رسمه القانون لطرح المنازعة أمام القضاء هو مما يتعلق بالنظام العام، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنة قامت باختصام المطعون ضده الرابع أمام المحكمة بإبداء طلباتها في مواجهته بجلسة المرافعة في 29/ 12/ 1977 دون الالتزام باتباع الطريق المقرر قانوناً لرفع الدعوى، ومن ثم لا يعد خصماً مدخلاً في الدعوى في هذه المرحلة من التقاضي وإذا استأنفت الطاعنة الحكم الصادر من محكمة أول درجة مختصمة المطعون ضده الرابع، وكانت الخصومة في الاستئناف وفقاً لنص المادة 236 من قانون المرافعات قاصرة على من كان مختصماً أمام محكمة أول درجة، ومن ثم فإن اختصامه أمام محكمة الاستئناف يكون غير جائز، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون، لا تثريب على الحكم إن هو استند في قضائه إلى ما قدمه المطعون ضده الرابع من مستندات طالما أنها أصبحت من ضمن أوراق الدعوى التي يحق للخصوم مناقشتها والمناضلة في دلالتها، والنعي مردود في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الاستئناف بالنسبة للمطعون ضده الرابع فإنه لا يسوغ لمحكمة الاستئناف أن تمضي بعد ذلك في نظر موضوع الدعوى بالنسبة له، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن بحث دفاع الطاعنة في شأن ما ادعته من احتجاز المطعون ضده الرابع لمسكن آخر بعقار النزاع، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.