أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 674

جلسة 19 من أبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد - نائب رئيس المحكمة، أحمد نصر الجندي، حسين محمد حسن ومصطفى حسيب عباس محمود.

(132)
الطعن رقم 42 لسنة 55 ق "أحوال شخصية"

(1) نقض "إعلان الطعن". "استئناف. دعوى" الدفاع منها "اعتبار الدعوى كأن لم تكن".
وجوب قيام قلم المحضرين بإعلان صحيفة الطعن بالنقض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسليمها إليه من قلم الكتاب. م 256/ 3 مرافعات. ميعاد تنظيمي. الدفع باعتبار الطعن كأن لم يكن إعمالاً للمادة 70 مرافعات لا محل له. علة ذلك.
(2) إعلان. دعوى "سقوط الخصومة". نقض "إعلان الطعن".
إعلان الحكم بسقوط الخصومة. شرطه. أن يكون السير في الدعوى راجعاً إلى فعل المدعي أو امتناعه. تراخي قلم الكتاب في تسليم أصل صحيفة الطعن بالنقض وصورها إلى المحضرين لإعلانها. لا محل للحكم بسقوط الخصومة. م 256/ 2 مرافعات.
(3) إعلان "إعلان صحيفة افتتاح الدعوى".
ميعاد الحضور المنصوص عليه في المادة 66 من قانون المرافعات. لا يمنح إلا مرة واحدة ولا يلزم منحه مرة أخرى عند تعجيل الدعوى بعد وقفها أو تقصير جلسة تالية.
(4) أحوال شخصية "الموطن". موطن. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
الموطن في الشريعة الإسلامية - ماهيته. عدم انتقاصه بموطن السكن. لا فرق بين الموطن ومحل الإقامة. شرطه. الإقامة بصفة مستقرة ولو لم تكن مستمرة. تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
(5) نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوع".
نعي الطاعن بعدم اعتبار العنوان الذي أعلن فيه بتقصير الجلسة موطناً آخر له يجوز إعلانه فيه. جدل موضوعي لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا محل لإعمال حكم المادة 70 من قانون المرافعات بشأن اعتبار الدعوى كأن لم تكن على قضايا الطعون أمام محكمة النقض. ذلك أن الفصل الخاص بالنقض من ذلك القانون قد خلا من الإحالة إلى حكم هذه المادة وذلك على خلاف ما نصت عليه المادة 240 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالاستئناف بل نظمت المادة 256/ 3 من القانون المذكور كيفية إعلان صحيفة الطعن بالنقض فنصت على أنه "وعلى قلم المحضرين أن يقوم بإعلان صحيفة الطعن خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه من قلم كتاب محكمة النقض ولا يترتب على عدم مراعاة هذا الميعاد بطلان إعلان صحيفة الطعن". مما مفاده أن الميعاد المقرر لإعلان صحيفة الطعن بالنقض ليس ميعاداً حتمياً بل مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه البطلان.
2 - سقوط الخصومة طبقاً لحكم المادة 134 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جزاء فرضه المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة إذا طلب صاحب المصلحة إعمال هذا الجزاء، ولما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة 256 من قانون المرافعات تلقي على قلم الكتاب وحده عبء القيام بتسليم أصل صحيفة الطعن بالنقض وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها، فإذا ما تراخى قلم الكتاب في القيام بذلك فإنه لا يجوز الحكم بسقوط الخصومة لأن عدم السير فيها لا يكون في هذه الحالة بفعل الطاعن أو امتناعه.
3 - ميعاد الحضور المنصوص عليه في المادة 66 من قانون المرافعات هو الذي يجب أن ينقضي بين إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى متضمنة تكليفه بالحضور أمام المحكمة وبين تاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى بغرض أن يتمكن من الاستعداد للدفاع قبل حضوره هذه الجلسة ولا يمنح هذا الميعاد إلا مرة واحدة فلا يلزم منحه مرة آخر عند تعجيل الدعوى مثلاً بعد وقفها أو تقصير جلسة تالية.
4 - الموطن الأصلي في فقه الشريعة الإسلامية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى اتخذها داراً استوطن فيها مع أهله وولده وليس بقصد الارتحال منها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً عادة فيه". فلم يفرق بين الموطن ومحل الإقامة العادي وجعل المعول في تعيينه الإقامة فيه بصفة مستقرة ولو لم تكن مستمرة تتخللها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة وتقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرها في الموطن وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة. من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
5 - ما ورد بالنعي من عدم اعتبار العنوان الذي أعلن فيه الطاعن بتقصير الجلسة موطناً آخر له يجوز إعلانه فيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 964 لسنة 1983 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه للضرر. وقالت بياناً لدعواها أنه تزوجها بصحيح العقد الشرعي وإذ تعدى عليها بالضرب والقول واستولى على مصوغاتها مما أضر بها واستحال معه دوام العشرة بينهما فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 30/ 4/ 1984 بتطليق المطعون ضدها على الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 353 لسنة 101 ق القاهرة، وفي 7/ 2/ 1985 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض. ونعت المطعون ضدها باعتبار الطعن كأن لم يكن عملاً بحكم المادة 70 من قانون المرافعات وذلك لعدم إعلانها بصورة من صحيفته خلال تسعين يوماً من تاريخ التقرير به كما دفعت بسقوط الخصومة في الطعن عملاً بالمادة 134 من قانون المرافعات تأسيساً على أن المحكمة باشرت إجراء إعلان الطعن خلال شهر تقريباً من تاريخ إيداع التقرير به في 8/ 4/ 1985 ولما لم يتم الإعلان سكتت المحكمة وسكت الطاعن عن إعادة الإعلان مدة تزيد على السنة. قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت الرأي فيها برفض الدفعين وفي موضوع الطعن برفضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع باعتبار الطعن كأن لم يكن مردود - بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - من أنه لا محل لإعمال حكم المادة 70 من قانون المرافعات بشأن اعتبار الدعوى كأن لم تكن على قضايا الطعون أمام محكمة النقض، ذلك أن الفصل الخاص بالنقض من ذلك القانون قد خلا من الإحالة إلى حكم هذه المادة على خلاف ما نصت عليه المادة 240 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالاستئناف بل نظمت المادة 256/ 3 من القانون المذكور كيفية إعلان صحيفة الطعن بالنقض فنصت على أنه "وعلى قلم المحضرين أن يقوم بإعلان صحيفة الطعن خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ تسليمها إليه من قلم كتاب محكمة النقض. ولا يترتب على عدم مراعاة هذا الميعاد بطلان إعلان صحيفة الطعن". مما مفاده أن الميعاد المقرر لإعلان صحيفة الطعن بالنقض ليس ميعاداً حتمياً بل مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه البطلان ومن ثم يكون الدفع في غير محله.
وحيث إنه عن الدفع بسقوط الخصومة في الطعن. فمردود بأن سقوط الخصومة طبقاً لحكم المادة 134 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جزاء فرضه المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة إذا طلب صاحب المصلحة إعمال هذا الجزاء. لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة 256 من قانون المرافعات تلقي على قلم الكتاب وحده عبء القيام بتسليم أصل صحيفة الطعن بالنقض وصورها إلى قلم المحضرين لإعلانها، فإذا ما تراخى قلم الكتاب في القيام بذلك فإنه لا يجوز الحكم بسقوط الخصومة لأن عدم السير فيها لا يكون في هذه الحالة بفعل الطاعن أو امتناعه ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضدها قصرت الأجل المحدد لنظر الدعوى أمام محكمة أول درجة إلى جلسة 9/ 4/ 1984 وأعلنته بهذا التقصير في 5/ 4/ 1984 مخالفة بذلك نص المادة 66 من قانون المرافعات والذي يقضي بأن ميعاد الحضور أمام المحكمة الابتدائية هو "خمسة عشر يوماً" هذا إلى أنها أعلنته بالتقصير المذكور في محل إقامته الثابت بإنذاره إليها المؤرخ 10/ 9/ 1983 في حين أنها تعلم بسفره خارج البلاد للعمل بجامعة قطر ولم تعلنه في محل إقامته المعلوم لها بالخارج أو في موطن وكيله مخالفة بذلك المادتين 13/ 9 و74 من قانون المرافعات وقد ترتب على عدم مراعاة ميعاد الحضور وعدم إعلانه في موطنه القانوني إن لم يحضر ليبدي دفاعه. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن الإعلان المذكور قد تم وفقاً للقانون واعتد بما ترتب عليه رغم بطلانه فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان ميعاد الحضور المنصوص عليه في المادة 66 من قانون المرافعات هو الذي يجب أن ينقضي بين إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى متضمنة تكليفه بالحضور أمام المحكمة وبين تاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى بغرض أن يتمكن من الاستعداد للدفاع قبل حضوره هذه الجلسة ولا يمنح هذا الميعاد إلا مرة واحدة فلا يلزم منحه مرة آخر عند تعجيل الدعوى مثلاً بعد وقفها أو تقصير جلسة تالية. وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد منح ميعاد الحضور كاملاً أمام محكمة أول درجة بين تكليفه بالحضور أمامها في صحيفة الدعوى وبين الجلسة المحددة لنظرها. وتداولت الدعوى بالجلسات وسمع شهود الطرفين بجلسة 16/ 1/ 1984 ثم حضر وكيل عن كل منهما بجلسة المرافعة في 20/ 2/ 1984 ثم تأجلت الدعوى لجلسة 7/ 5/ 1984 وقصرت هذه الجلسة بناء على طلب وكيل المطعون ضدها إلى جلسة 9/ 4/ 1984 فإنه لاحق للطاعن في ميعاد حضور بين إعلانه بهذه الجلسة وبين موعد انعقادها وبالتالي لا خطأ في عدم منحه هذا الأجل. لما كان ذلك وكان الموطن الأصلي في فقه الشريعة الإسلامية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى اتخذها داراً استوطن فيها مع أهله وولده وليس بقصد الارتحال منها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن محل الإقامة هو البلد الذي يقطن الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة "فلم يفرق بين الموطن ومحل الإقامة العادي وجعل المعول في تعيينه الإقامة فيه بصفة مستقرة ولو لم تكن مستمرة تتخللها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة، وكان تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرها في الموطن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بموطن الطاعن الوارد بإعلان التقصير الذي وجهته إليه المطعون ضدهما على سند من قوله "ومن حيث إنه بالنسبة لما أثاره المستأنف من دفاع ببطلان الحكم المستأنف تأسيساً على أن التنفيذ كان محدداً لها جلسة 8/ 5/ 1984 ثم تم تقصير الأجل إلى جلسة 9/ 4/ 1984 ولم يتم إعلانه قانوناً. فإن ذلك مردود من أنه قد أعلن قانوناً في 5/ 4/ 1984 على ذات عنوانه الذي اتخذه وأوضحه في صحيفة إنذار الطاعنة الموجه للمستأنف ضدها والمعلن لها في 10/ 9/ 1983 للدخول في طاعته والمقدم صورته الضوئية بحافظة المستندات المقدمة أمام محكمة أول درجة الأمر الذي يؤكد أن الإعلان تم عليها وفق أحكام القانون طالما أنه اتخذ هذا الموطن إقامة له في 10/ 9/ 1983 في مدة سابقة على إعلانه عليه بتقصير الأجل الذي تم له في 5/ 4/ 1984 ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عما أثير في هذا الخصوص وكان هذا من الحكم الخصوص" وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً مما له أصله الثابت في الأوراق ويدخل ضمن سلطة محكمة الموضوع فإن ما ورد بالنص من عدم اعتبار العنوان الذي أعلن فيه الطاعن بتقصير الجلسة موطناً آخر له يجوز إعلانه فيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه إذا انتهى صحيحاً إلى صحة إعلان الطاعن بالجلسة ورتب على الإعلان آثاره فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ولا أخل بحق الدفاع ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.