أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 688

جلسة 26 من أبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار / يحيى الرفاعي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي - نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، أحمد مكي ومحمد وليد الجارحي.

(135)
الطعن رقم 767 لسنة 54 القضائية

(1) عقد "العقود الإدارية". اختصاص "الاختصاص الولائي".
العقد الإداري. ماهيته. عقد اشتراك الهواتف الذي تبرمه الهيئة العامة المختصة. خضوعه لروابط القانون الخاص علة ذلك. المنازعة المطروحة في شأنه. منازعة مدنية. اختصاص جهة القضاء العادي بالفصل فيها.
(2) نقض "سلطة محكمة النقض". دعوى "تكييف الدعوى". وكالة. عقد "أثر العقد".
لمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع في تكييفها الدعوى وإعطائها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح. طلب المطعون ضده عدم نفاذ التنازل الصادر من الوكيل تكييفه بأنه إبطال التصرف للغش لمجاوزة الوكيل حدود وكالته. أثره عدم انصراف أثر التصرف إلى الموكل. للموكل إجازته أو إبطاله.
1 - لما كان مناط العقد الإداري أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً يتعاقد بوصفه سلطة عامة وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما يتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص، لما كان ذلك وكان عقد الاشتراك في خطوط الهواتف - الذي تبرمه الهيئة العامة المختصة بقصد الاستفادة من خدمة المرفق الاقتصادي الذي تديره لا يتناول تنظيم المرفق الذي تقوم عليه أو تسييره ومن ثم يخضع للأصل المقرر في شأن سائر العقود التي تنظم العلاقة بين المرافق الاقتصادية وبين المنتفعين بخدماتها باعتبارها من روابط القانون الخاص، ولا يغير من ذلك ما يتضمنه هذا العقد من شروط استثنائية مألوفة في عقود الإذعان المدنية التي نظمها القانون المدني بأحكام تكفل دفع مضارها عن الطرف الضعيف في التعاقد ومن ثم تكون المنازعة المطروحة منازعة مدنية بشأن عقد مدني مما تختص جهة القضاء العادي بالفصل فيه.
2 - إذ كان لمحكمة النقض - وعلى ما جرى به قضاؤها أن تراقب محكمة الموضوع في تكييفها للدعوى وأن تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح غير مقيدة في ذلك بالوصف الذي أسبغته عليها، وكان البين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق أن طلب المطعون ضده الأول عدم نفاذ التنازل هو في حقيقته طلب بإبطال هذا التصرف لابتنائه على الغش من خروج الوكيلة عن حدود الوكالة، إذ للموكل - إذا لم ير إجازة هذا التصرف أن يطلب إبطاله، وإذ كانت الطاعنة قد دفعت لدى محكمة الموضوع بسقوط دعوى المطعون ضده الأول بالتقادم المبين في المادة 140 من القانون المدني فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع بما أورده من أن "........ موضوع الدعوى الماثلة هو طلب عدم نفاذ تصرف في حق المدعي" المطعون ضده الأول "لخروجه عن حدود الوكالة........" يكون قد خرج عن التكييف الصحيح لطلبات المطعون ضده الأول وحجب نفسه بذلك عن بحث مدى توافر شروط التقادم بما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 3334 سنة 1981 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بعدم نفاذ التنازل المنسوب له عن اشتراك الهاتف المبين بالصحيفة في حقه واعتباره عديم الأثر، وقال شرحاً لذلك أنه كان قد تعاقد على تركيب هذا الهاتف بمسكنه وبمناسبة سفره إلى الخارج أصدر إلى أخته المطعون ضدها الرابعة توكيلاً خاصاً موثقاً فوضها بموجبه في بيع وشراء العقارات والسيارات والتوقيع على العقود والصلح والإقرار إلا أن مطلقته - مورثة الطاعنة - أوهمتها بأنه كان يرغب في التنازل لها عن هذا الهاتف، فتنازلت لها عنه استناداً لذلك التوكيل وتم بناء على هذا التنازل نقل اشتراك الهاتف إلى اسم مورثة الطاعنة منذ سبعة عشر عاماً سابقة على رفع الدعوى. ولما كان التوكيل المشار إليه لا يتسع لذلك التنازل وبالتالي لا ينفذ في حقه فقد أقام الدعوى بالطلبات السابقة. ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 29/ 12/ 1982 بطلباته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 210 س 39 ق الإسكندرية. وبتاريخ 16/ 1/ 1984 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أن العقد محل التنازل موضوع الدعوى هو عقد إداري تختص محاكم الدولة بنظر المنازعات الخاصة به.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه لما كان مناط العقد الإداري أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً يتعاقد بوصفه سلطة عامة وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما يتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص، لما كان ذلك وكان عقد الاشتراك في خطوط الهواتف - الذي تبرمه الهيئة العامة المختصة بقصد الاستفادة من خدمة خطوط المرفق الاقتصادي الذي تديره - لا يتناول تنظيم المرفق الذي تقوم عليه أو تسييره ومن ثم يخضع للأصل المقرر في شأن سائر العقود التي تنظم العلاقة بين المرافق الاقتصادية وبين المنتفعين بخدماتها باعتبارها من روابط القانون الخاص، ولا يغير من ذلك ما يتضمنه هذا العقد من شروط استثنائية مألوفة في عقود الإذعان المدنية التي نظمها القانون المدني بأحكام تكفل دفع مضارها عن الطرف الضعيف في التعاقد، ومن ثم تكون المنازعة المطروحة منازعة مدنية بشأن عقد مدني مما تختص جهة القضاء العادي بالفصل فيه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في نتيجته فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة أنها تمسكت بسقوط الدعوى بالتقادم وفقاً لنص المادة 140 من القانون المدني لأن طلبات المطعون ضده الأولى تعنى تمسكه ببطلان التنازل وإذ كانت الدعوى لم ترفع إلا في سنة 1981 أي بعد خمسة عشر عاماً من حصول التنازل فإنها تكون قد سقطت بالتقادم، وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع بهذا السقوط على أساس أن موضوع الدعوى هو طلب عدم نفاذ تصرف الوكيل الخارج عن حدود الوكالة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان لمحكمة النقض - وعلى ما جرى به قضاؤها - أن تراقب محكمة الموضوع في تكييفها للدعوى وأن تعطيها - وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح غير مقيدة في ذلك بالوصف الذي أسبغته عليها، وكان البين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق أن طلب المطعون ضده الأول عدم نفاذ التنازل هو في حقيقته طلب بإبطال هذا التصرف لابتنائه على الغش وخروج الوكيلة عن حدود الوكالة، إذ للموكل - إذا لم ير إجازة هذا التصرف - أن يطلب إبطاله، وإذ كانت الطاعنة قد دفعت لدى محكمة الموضوع بسقوط دعوى المطعون ضده الأول بالتقادم المبين في المادة 140 من القانون المدني فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع بما أورده من "أن........ موضوع الدعوى الماثلة هو طلب عدم نفاذ تصرف في حق المدعي (المطعون ضده الأول) لخروجه عن حدود الوكالة......" يكون قد خرج عن التكييف الصحيح لطلبات المطعون ضده الأول وحجب نفسه بذلك عن بحث مدى توافر شروط التقادم بما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.