أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 702

جلسة 27 من أبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ سيد عبد الباقي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الحميد - نائب رئيس المحكمة، محمد جمال الدين شلقاني، صلاح عويس ومحمد رشاد مبروك.

(138)
الطعن رقم 907 لسنة 55 القضائية

(1) استئناف "الحكم في الاستئناف: مسائل عامة، نطاق الاستئناف. بطلان" "بطلان الأحكام". حكم "حجية الحكم: أثر حجية الحكم: استنفاد الولاية".
قضاء المحكمة الاستئنافية ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات لا يمتد إلى صحيفة الدعوى. مؤداه. التزامها بالفصل في الدعوى. امتناع إعادتها إلى محكمة أول درجة التي فصلت في موضوعها. علة ذلك. استنفاد هذه المحكمة ولايتها.
(2) تنظيم "تراخيص بناء، سندات الإسكان". "قانون".
المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري الواردة في المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل. ماهيتها. ليس من بينها المخازن. مؤدى ذلك. عدم خضوع الأخيرة لشروط الاكتتاب في سندات الإسكان. علة ذلك. عدم اعتبار القانون رقم 2 لسنة 1982 تفسيراً تشريعاً لنص تلك المادة إنما تعديل جديد نظم به من جديد الحالات التي يخضع فيها الترخيص بالبناء لشروط الاكتتاب في هذه المستندات.
(3) حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع" مسائل الواقع، تقدير الدليل. نقض أسباب الطعن "السبب الموضوعي".
الجدل فيما استخلصته محكمة الموضوع بأسباب سائغة من خروج المباني عن شرط الاكتتاب في سندات الإسكان طبقاً للقانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - محكمة الاستئناف - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تملك عند القضاء ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات المترتب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة التي فصلت في موضوعها لتنظر فيها، لأنها إذا فصلت في موضوع الدعوى تكون قد استنفدت ولايتها فيها، وإنما يتعين على المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة - طالما أن العيب لم يمتد إلى صحيفة افتتاح الدعوى - نظر الدعوى بمعرفتها والفصل فيها.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 34 لسنة 1978 وقبل تعديله بالقانون رقم 2 لسنة 1982 على أنه "يشترط للترخيص ببناء المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري التي تبلغ قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر بدون حساب قيمة الأرض أن يقدم طالب البناء ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع عشرة في المائة من قيمة المبنى يدل على أن لكل من عبارتي "المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري مدلولاً يختلف عن مدلول العبارة الأخرى، ولما كان البين من نص الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء الذي صدر القانون رقم 107 لسنة 1976 مرتبطاً به ومكملاً له في مجاله، ومن نص المادة الرابعة عشر من هذه اللائحة والنماذج الملحقة بها ومن نص المادتين 49، 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الواردتين في الفصل الأول من الباب الثاني في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع - أن عبارة "المباني السكنية" تشمل ما عدا ذلك من المباني الصناعية والتجارية والثقافية والسياحية أو الفندقية والرياضية والاجتماعية........ وغيرها، مما مفاده أن المخازن لا تدخل في مدلول عبارة "المباني السكنية" وكانت تشريعات الإسكان والمباني المشار إليها قد خلت من تحديد معنى خاص لعبارة "مباني الإسكان الإداري" وكان المعنى الظاهر لهذه العبارة بذاتها لا يتسع أيضاً لمباني المخازن، وهو ما أكده منشور وزير الإسكان الصادر بتاريخ 10/ 5/ 1980 فيما نص عليه من أنه يقصد بالمباني السكنية ومباني الإسكان الإداري في تطبيق حكم المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 المباني التي تضم وحدات تخصص لغرض السكن الدائم (شقق سكنية) والوحدات التي تخصص لشغلها بواسطة المكاتب، ولا تعتبر في حكمها مباني الفنادق والمنشآت التجارية والصناعية والمباني الملحقة بها" لما كان ذلك فإن مباني المخازن لا تكون داخلة في مدلول عبارة المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري الواردة بنص المادة السادسة المشار إليها، ولا وجه للقول بأن المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 تضمنت تفسيراً تشريعياً لعبارة "مباني الإسكان الإداري" يتعين العمل به منذ العمل بالقانون رقم 107 لسنة 1976، ذلك أن التفسير التشريعي هو التفسير الذي يضعه المشرع ليكشف به حقيقة مراده من المعاني التي يحتملها تشريع سابق فيعتبره جزءاً منه - يجلو به ما يكتنفه من ذلك الغموض والإبهام بما يتعين معه تطبيق التشريع الأصلي بالمعنى الذي يحدده هذا التفسير على كافة الوقائع التي حدثت منذ صدور ذلك التشريع ما لم تكن قد صدرت بشأنها أحكام قضائية نهائية، ولا يعد تفسيراً تشريعياً ذلك الذي يخرج على أحكام نص سابق أو يلغيه أو يعدله بحكم يخالفه أو يستحدث معنى جديداً لم تكن تحتمله عباراته دون أن ينص على سريانه استثناء بأثر رجعي فلا ينعطف أثره على الماضي ولا ينطبق على الوقائع السابقة، ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 والمادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 قد نصت على أن "يكون الاكتتاب في سندات الإسكان المنصوص عليها في المادة 6 من القانون 107 لسنة 1976....... مقصوراً على مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر وذلك مهما بلغت قيمتها، ويقصد بالإسكان الإداري في تطبيق هذا الحكم مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية" وكان مؤدى هذا النص أن المشرع نظم من جديد الحالات التي يخضع الترخيص ببنائها لشروط الاكتتاب فاستبعد مباني الإسكان الاقتصادي والمتوسط وفوق المتوسط من الخضوع لهذا الشرط مهما بلغت قيمتها، بعد أن كانت خاضعة له حتى بلغت قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر وأخضع لهذا الشرط مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر ولو قلت قيمتها عن النصاب المشار إليه بعد أن كان خضوعها منوطاً ببلوغ هذا النصاب، كما أخضع لهذا الشرط وبصرف النظر عن هذا النصاب أيضاً مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية التي اعتبرها في تطبيق هذا التنظيم الجديد من مباني الإسكان الإداري، بعد أن كانت عدا النوع الأول منها غير خاضعة له - ولم تكن تحتملها عبارات النص السابق - وكان هذا التنظيم الجديد لأحوال الاكتتاب من شأنه أن يلغي التنظيم السابق المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 وذلك تطبيقاً لنص المادة من القانون المدني، فإن نص المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 لا يكون تفسيراً لتلك الفقرة التي ألغاها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأن مباني المخازن لا تخضع لشروط الاكتتاب المنصوص عليه في المادة السادسة سالفة البيان، فقد التزم التطبيق القانوني الصحيح.
3 - إذ خلصت محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وما اطمأنت إليه من المستندات المقدمة إليها إلى أن قيمة المباني السكنية المشار إليها لا تبلغ خمسين ألف جنيه ورتبت على ذلك خروجها عن نطاق تطبيق المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 سالفة البيان وأقامت قضاءها بذلك على أسباب سائغة تكفي لحمله فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لفهم محكمة الموضوع للواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 120 سنة 1981 طعون مساكن بور سعيد الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإعفائه من تقديم ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان، وقال بياناً لها أنه صدر له ترخيصان، الأول برقم 36 لسنة 1981 لبناء دور أرضي وأول وثان مخازن وثالث ورابع وخامس للسكنى بتكاليف 92175 جنيه، والثاني برقم 158 لسنة 1981 لبناء غرف بالسطوح بتكاليف 4865 جنيه، وطالبته إدارة تنظيم المباني بحي الشرق ببور سعيد بتقديم ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع 10% من قيمة المبنى رغم عدم خضوعه لشروط ذلك الاكتتاب فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان. وبتاريخ 30/ 5/ 1982 حكمت المحكمة أولاً: برفض طلب إحالة الدعوى إلى الدائرة المدنية، ثانياً: بعدم أحقية المدعى عليهما (الطاعنين) في مطالبة المدعي (المطعون عليه) بتقديم دليل اكتتابه في سندات الإسكان عن ترخيص البناء محل النزاع استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" بالاستئناف رقم 273 سنة 23 ق مدني. وبتاريخ 13/ 1/ 1985 حكمت المحكمة ببطلان الحكم المستأنف وبعدم أحقية المستأنفين (الطاعنين) في مطالبة المستأنف عليه (المطعون عليه بتقديم دليل اكتتابه في سندات ترخيص المباني 36، 158 لسنة 1981 الشرق ببور سعيد، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وجددت جلسة لنظره وفيها التزمت رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ تصدى لموضوع الدعوى وفصل فيه بعد قضائه ببطلان الحكم المستأنف لصدوره من هيئة مشكلة على خلاف القانون لاشتراك مهندس لا يملك ولاية القضاء في إصداره مما كان يتعين معه عليه أن يعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظرها أمام دائرة مشكلة تشكيلاً قانونياً وألا يتصدى للفصل في الموضوع حتى لا يفوت على الخصوم درجة من درجتي التقاضي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المحكمة الاستئنافية على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تملك عند القضاء ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات المترتب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة التي فصلت في موضوعها لتنظر فيها، لأنها إذا فصلت في موضوع الدعوى تكون قد استنفدت ولايتها فيها، وإنما يتعين على المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة - طالما أن العيب لم يمتد إلى صحيفة افتتاح الدعوى - نظر الدعوى بمعرفتها والفصل فيها، لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها في الدعوى بالفصل في موضوعها فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الحكم المستأنف لعيب في تشكيل الدائرة ثم تصدى لموضوع الاستئناف وفصل فيه فقد التزم صحيح القانون، ويكون النعي لا أساس له.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أقام قضاءه بعدم التزام المطعون عليه بالاكتتاب في سندات الإسكان بالنسبة لمباني المخازن على أن الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1978 إنما تنطبق على المباني السكنية والإسكان الإداري وأن مباني المنشآت التجارية والصناعية لا تعد من قبيل الإسكان الإداري وأن الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 التي تنص على أنه يقصد بالإسكان الإداري مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية قد جاءت بحكم جديد فلا تنطبق على الوقائع السابقة على صدوره، حالة أن لفظ الإسكان الإداري جاء عاماً ومطلقاً دون تخصيص أو تقيد فينصرف إلى كافة أنواع المباني غير السكنية ولم يستثن المشرع سوى المباني التي تقيمها الحكومة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة والجمعيات التعاونية لبناء المساكن، وأنه لا محل للقول بأن القانون رقم 2 لسنة 1982 جاء بحكم جديد لأنه إنما جاء مفسراً لإرادة المشرع في سريان الالتزام بالاكتتاب على مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 34 لسنة 1978 وقبل تعديله بالقانون رقم 2 لسنة 1982 على أنه "يشترط للترخيص ببناء المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري التي تبلغ قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر بدون حساب قيمة الأرض أن يقدم طالب البناء ما يدل على الاكتتاب في سندات الإسكان بواقع عشرة في المائة من قيمة المبنى "يدل على أن لكل من عبارتي" المباني السكنية "ومباني الإسكان الإداري" مدلولاً يختلف عن مدلول العبارة الأخرى ولما كان البين من نص الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء الذي صدر القانون رقم 107 لسنة 1976 مرتبطاً به ومكملاً له في مجاله، ومن نص المادة الرابعة عشرة من هذه اللائحة والنماذج الملحقة بها ومن نص المادتين 49، 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الواردتين في الفصل الأول من الباب الثاني في شأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع - أن عبارة "المباني السكنية" تشمل ما عدا ذلك من المباني الصناعية والتجارية والثقافية والسياحية أو الفندقية والرياضية والاجتماعية..... وغيرها مما مفاده أن المخازن لا تدخل في مدلول عبارة المباني السكنية. وكانت تشريعات الإسكان والمباني المشار إليها قد خلت من تحديد معنى خاص لعبارة "مباني الإسكان الإداري" وكان المعنى الظاهر لهذه العبارة بذاتها لا يتسع أيضاً لمباني المخازن، وهو ما أكده منشور وزير الإسكان الصادر بتاريخ 10/ 5/ 1980 فيما نص عليه من أنه "يقصد بالمباني السكنية ومباني الإسكان الإداري في تطبيق حكم المادة السادسة من القانون 107 لسنة 1976 المباني التي تضم وحدات تخصص لغرض السكن الدائم "شقق سكنية" والوحدات التي تخصص لشغلها بواسطة المكاتب، ولا تعتبر في حكمها مباني الفنادق والمنشآت التجارية والصناعية والمباني الملحقة بها لما كان ذلك فإن مباني المخازن لا تكون داخلة في مدلول عبارة المباني السكنية ومباني الإسكان الإداري الواردة بنص المادة السادسة المشار إليها، ولا وجه للقول بأن المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 تضمنت تفسيراً تشريعياً لعبارة "مباني الإسكان الإداري" يتعين العمل به منذ العمل بالقانون رقم 107 لسنة 1976 ذلك أن التفسير التشريعي هو التفسير الذي يضعه المشرع ليكشف به حقيقة مراده من المعاني التي يحتملها تشريع سابق فيعتبره جزءاً منه يجلو به ما يكتنفه من ذلك الغموض والإبهام بما يتعين معه تطبق التشريع الأصلي بالمعنى الذي يحدده هذا التفسير على كافة الوقائع التي حدثت منذ صدور التشريع ما لم تكن قد صدرت بشأنها أحكام قضائية نهائية، ولا يعد تفسيراً تشريعياً ذلك الذي يخرج على أحكام نص سابق أو يلغيه أو يعدله بحكم يخالفه أو يستحدث معنى جديداً لم تكن تحتمله عباراته دون أن ينص على سريانه استثناء بأثر رجعي فلا ينعطف أثره على المباني ولا ينطبق على الوقائع السابقة، ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 والمادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 قد نصت على أن "يكون الاكتتاب في سندات الإسكان المنصوص عليها في المادة 6 من القانون 107 لسنة 1976....... مقصوراً على مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر وذلك مهما بلغت قيمتها، ويقصد بالإسكان الإداري في تطبيق هذا الحكم مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية "وكان مؤدى هذا النص أن المشرع نظم به من جديد الحالات التي يخضع الترخيص ببنائها لشروط الاكتتاب فاستبعد مباني الإسكان الاقتصادي والمتوسط وفوق المتوسط من الخضوع لهذا الشروط مهما بلغت قيمتها، بعد أن كانت خاضعة له متى بلغت قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر، وأخضع لهذا الشروط مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر ولو قلت قيمتها عن النصاب المشار إليه بعد أن كان خضوعها منوطاً ببلوغ هذا النصاب، كما أخضع لهذا الشرط ويصرف النظر عن هذا النصاب أيضاً مباني المكاتب والمحال التجارية والفنادق والمنشآت السياحية التي اعتبرها في تطبيق هذا التنظيم الجديد من مباني الإسكان الإداري، بعد أن كانت عدا النوع الأول منها غير خاضعة له - ولم تكن تحتملها عبارات النص السابق - وكان هذا التنظيم الجديد لأحوال الاكتتاب من شأنه أن يلغي التنظيم السابق المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 وذلك تطبيقاً لنص المادة الثانية من القانون المدني، فإن نص المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 لا يكون تفسيراً لتلك الفقرة التي ألغاها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأن مباني المخازن لا تخضع لشروط الاكتتاب المنصوص عليه في المادة السادسة سالفة البيان، فقد التزم التطبيق القانوني الصحيح ويكون النعي غير قائم على أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم التزام المطعون عليه بالاكتتاب في سندات الإسكان بالنسبة للمباني السكنية بالدور الثالث والرابع والخامس التي تضمنها الترخيص 36 لسنة 1981 وكذلك المباني التي تضمنها الترخيص 158 لسنة 1981 على أن تكاليفها لا تبلغ خمسين ألف جنيه دون أن يبين قيمة المباني تفصيلاً. مخالفاً ما هو ثابت بالأوراق من أن تكاليف الأساسات مبلغ 4550 وتكاليف المرافق 4500 جنيه وكان يتعين إضافة هذه التكاليف إلى قيمة المباني المشار إليها فتبلغ بذلك 53255 جنيه ومن ثم تخضع للالتزام بالاكتتاب في سندات الإسكان.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن محكمة الموضوع خلصت في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وما واطمأنت إليه من المستندات المقدمة إليها إلى أن قيمة المباني السكنية المشار إليها لا يبلغ خمسين ألف جنيه ورتبت على ذلك خروجها عن نطاق تطبيق المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 سالفة البيان وأقامت قضاءها بذلك على أسباب سائغة تكفي لحمله، والنعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لفهم محكمة الموضوع للواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.