أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 711

جلسة 28 من أبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج وعبد المعين لطفي جمعه.

(139)
الطعن رقم 689 لسنة 53 القضائية

(1) قضاة "مخاصمة القضاة". دعوى. "دعوى المخاصمة". تزوير.
الادعاء بتغيير القاضي أو عضو النيابة للحقيقة في حكم أو قرار. سبيله. مخاصمتهما. م 494/ 1 مرافعات. خضوع هذا الادعاء للتنظيم الوارد بقانون الإثبات. مؤداه. وجوب إبدائه أمام ذات - المحكمة المنظور أمامها دعوى المخاصمة دون غيرها. اختلاف هذا الادعاء عن دعوى التزوير الأصلية. ماهية كل منهما. عدم سلوك سبيل الادعاء بالتزوير في دعوى المخاصمة مانع من قبول دعوى التزوير الأصلية التي ترفع من بعد. علة ذلك. "مثال".
(2) تزوير. محكمة الموضوع. "دعوى التزوير الأصلية".
دعوى التزوير الأصلية. ليس لمحكمة الموضوع بحث التزوير المدعى به فيها إلا إذا كانت الدعوى مقبولة.
1 - الادعاء بأن القاضي أو عضو النيابة قد عمد إلى تغيير الحقيقة في حكم أو قرار - هو ادعاء يقتضي سلوك سبيل المخاصمة على ما نصت عليه المادة 494/ 1 من قانون المرافعات التي أجازت مخاصمتهما إذا وقع من أيهما في عمله غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم، وعندئذ يخضع هذا الادعاء بالتزوير للتنظيم الذي وضعه الشارع في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات بحسبانه دفاعاً في موضوع دعوى المخاصمة يجب إبداءه أمام المحكمة التي تنظره ولا يجوز لغيرها أن تتصدى له، أما دعوى التزوير الأصلية ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره، ويكون ذلك بدعوى أصلية بالأوضاع المعتادة حتى إذا حكم له بذلك من عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل، ومفاد ذلك أنه إذا أقيمت دعوى المخاصمة وتنكب المخاصم سلوك بسبيل الادعاء بالتزوير منذ تداولها حتى القضاء فيها فلا تقبل من بعد دعواه الأصلية بالتزوير، إذ يكون ما يخشى وقوعه من الاحتجاج عليه بالحكم أو القرار قد وقع بالفعل وعندئذ لا يجديه دعواه تلك - لما كان الثابت وكان في الأوراق أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة رقم 647 لسنة 49 قضائية طالباً بطلان كافة التصرفات التي أضير فيها بسبب قرار محكمة النقض برفض طلب إلغاء قرار نقله إلى وظيفة غير قضائية الرقم...... لسنة....... لابتناء هذا القرار على الغش والغدر والتدليس والخطأ المهني الجسيم بمقولة أن أحد أعضاء الدائرة التي أصدرته عمد إلى تغيير الحقيقة في محررين رسميين هما محضر جلسة تحضير الطلب المعقودة في 31/ 10/ 1978 ورول هذه الجلسة فصدر الحكم بعدم جواز المخاصمة لعدم سلوك الطاعن سبيل الادعاء بالتزوير أثناء نظر الدعوى، ومن ثم فإن الطاعن قد فاته سلوك هذا السبيل في دعوى المخاصمة تلك لا يكون مقبولاً منه رفع دعوى أصلية بطلب الحكم بتزوير المحررين سالفي الذكر عماد دعوى المخاصمة المقضي بعدم جوازها.
2 - محكمة الموضوع لا تملك في دعوى التزوير الأصلية بحث التزوير المدعى به إلا إذا كانت الدعوى مقبولة فإن كانت غير مقبولة وقفت عند حد القضاء بذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5606 لسنة 1979 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالباً الحكم برد وبطلان "رول ومحضر الجلسة" المشار إليهما بالصحيفة وإلزام المطعون ضدهما وآخر بأن يؤدوا إليه متضامنين مبلغ مليون جنيه تعويضاً، وقال بياناً لدعواه أنه كان يشغل منصب وكيل النائب العام ولأمور أسندت إلى ملكه بغير حق قرر المجلس الأعلى للهيئات القضائية نقله إلى وظيفة غير قضائية وصدر القرار الجمهوري بنقله فتقدم إلى محكمة النقض بطلب إلغاءه فقررت رفض طلبه، ولما رفع أمامها دعوى مخاصمة المستشارين الخمسة الذين تشكلت منهم الهيئة التي أصدرت القرار قضت بعدم جواز المخاصمة، وأنه لما كان المطعون ضده الأول المستشار بمحكمة النقض قد أسند إليه تحضير دعوى إلغاء قرار نقله إلى وظيفة غير قضائية وأثناء انعقاد جلسة التحضير يوم 31/ 10/ 1978 أصدر قراراً أثبت "برول الجلسة ومحضرها" متضمناً التأجيل لجلسة 5/ 12/ 1978 لضم الملف السري للطاعن إلا أنه من بعد إصداره هذا القرار عمد إلى تغيير الحقيقة بالمحررين سالفي الذكر بأن جعل القرار إحالة الدعوى إلى المرافعة أمام هيئة المحكمة وتجديد جلسة 7/ 11/ 1978 لنظرها وإذ حاق به الضرر من جراء هذا التزوير فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه فيها. وبتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1979 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5 لسنة 97 قضائية، وأثناء نظر الاستئناف تنازل عن طلب التعويض وقصر دعواه على طلب الحكم بتزوير المحررين الرسميين وبتاريخ 25 من يناير سنة 1983 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وذلك بالقضاء بعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ستة، حاصلها فيما عدا السبب الخامس منها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه التناقض والقصور ذلك بأنه لم يسبغ على الدعوى كيفها الصحيح ووصفها الحق فقد قرر أنها دعوى مخاصمة مع أنها دعوى تزوير أصلية بعد أن قصر الطاعن طلباته على الحكم برد وبطلان المحررين الرسميين اللذين وقع بهما تغيير الحقيقة، ثم أنه بعد أن أورد بأسبابه أن القاضي إذا عمد إلى تغيير الحقيقة في حكم أو قرار فلا سبيل للطعن بالتزوير فيهما سوى إقامة دعوى المخاصمة لتحقيق طعنه ما لبث أن قرر بتلك الأسباب أن هذه الدعوى تقتضي سلوك سبيل الطعن بالتزوير ويكون ذلك في صلب صحيفتها منذ البداية أو أثناء تداولها، كما أن الحكم أغفل الرد على دفاع الطاعن الذي تمسك فيه بأنه سبق أن أقام دعوى المخاصمة فقضى بعدم جوازها لهدم سلوك سبيل الطعن بالتزوير في رول ومحضر جلسة 31/ 10/ 1978 مما ألجأه إلى رفع دعوى التزوير الماثلة، وتلك أمور جميعها تعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد - ذلك بأن الادعاء بأن القاضي أو عضو النيابة قد عمد إلى تغيير الحقيقة في حكم أو قرار هو ادعاء يقتضي سلوك سبيل المخاصمة على ما نصت عليه المادة 494/ 1 من قانون المرافعات التي أجازت مخاصمتهما إذا وقع من أيهما في عمله غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم وعندئذ يخضع هذا الادعاء بالتزوير للتنظيم الذي وضعه الشارع في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات بحسبانه دفاعاً في ذات موضوع دعوى المخاصمة يجب إبداؤه أمام المحكمة التي تنظره ولا يجوز لغيرها أن تتصدى له أما دعوى التزوير الأصلية فقد شرعت - على ما تقتضي به المادة 59 من قانون الإثبات - لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور إذ يجوز له عندئذ أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره، ويكون ذلك بدعوى أصلية بالأوضاع المعتادة حتى إذا حكم له بذلك أمن عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل، ومفاد ذلك أنه إذا أقيمت دعوى المخاصمة وتنكب المخاصم سلوك سبيل الادعاء بالتزوير منذ تداولها حتى القضاء فيها، فلا تقبل من بعد دعواه الأصلية بالتزوير، إذ يكون ما يخشى وقوعه من الاحتجاج عليه بالحكم أو القرار قد وقع بالفعل، وعندئذ لا يجديه دعواه تلك - لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة رقم 67 لسنة 49 قضائية طالباً بطلان كافة التصرفات التي أضير فيها بسبب قرار محكمة النقض برفض طلب إلغاء قرار نقله إلى وظيفة غير قضائية الرقيم 239 لسنة 46 قضائية لابتناء هذا القرار على الغش والغدر والتدليس والخطأ المهني الجسيم بمقولة أن أحد أعضاء الدائرة التي أصدرته عمد إلى تغيير الحقيقة في محررين رسميين هما محضر جلسة تحضير الطلب المعقودة في 31/ 10/ 1978 ورول هذه الجلسة، فصدر الحكم بعدم جواز المخاصمة لعدم سلوك الطاعن سبيل الادعاء بالتزوير أثناء نظر الدعوى، ومن ثم فإن الطاعن قد فاته سلوك هذا السبيل في دعوى المخاصمة تلك، لا يكون مقبولاً منه رفع دعوى أصلية بطلب الحكم بتزوير المحررين سالفي الذكر عماد دعوى المخاصمة المقضي بعدم جوازها، ويكون الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر قد وافق صحيح القانون ويضحى ما يثيره الطاعن من نعي في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع، إذ طلب من محكمة الاستئناف ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لتبيان التزوير المادي الذي وقع بالمحررين الرسميين المطعون فيهما بالتزوير إلا أن المحكمة أعرضت عن تحقيق هذا الدفاع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك بأن محكمة الموضوع لا تملك في دعوى التزوير الأصلية بحث التزوير المدعى به إلا إذا كانت الدعوى مقبولة فإن كانت غير مقبولة وقفت عند حد القضاء بذلك "وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صائباً إلى عدم قبول الدعوى على نحو ما سلف بيانه في مقام الرد على الأسباب السابقة فإنه لا يجوز له من بعد التطرق إلى تحقيق موضوع التزوير ويكون النعي عليه بإخلاله بحق الدفاع على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.