أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 5

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1992

الهيئتان العامتان للمواد الجنائية والمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ كمال أنور، وعضوية السادة المستشارين/ نواب رئيس المحكمة:
1 - أحمد محمد أحمد أبو زيد 2 - محمود شوقي أحمد شوقي 3- إبراهيم عبد الحميد زغو 4 - محمد رأفت خفاجي 5 - جرجس اسحق عبد السيد 6 - نجاح سليمان نصار 7 - محمد نبيل محمد رياض 8 - عبد الوهاب محمد مصطفى الخياط 9 - فتحي عبد القادر خليفة 10 - ريمون فهيم إسكندر 11 - محمد جمال شلقاني 12 - عبد الحميد إبراهيم الشافعي 13 - أحمد محمود أحمد مكي 14 - أحمد علي عبد الرحمن السيد 15 - رضوان عبد العليم مرسي 16 - أحمد عبد الرحمن الزواوي 17 - إبراهيم حسنين محمد شعبان 18 - سعيد أحمد محمد غرياني 19 - وفيق مصطفى رزق الدهشان 20 - البشرى محمد الشوربجي.

( أ )
الطعن رقم 1642 لسنة 57 القضائية "هيئتا المواد الجنائية والمواد المدنية مجتمعتان"

(1) قانون "تفسير القانون" رسوم "الرسوم القضائية". هيئات عامة. أشخاص اعتبارية.
مدلول كلمة الحكومة في معنى المادة 50 ق 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية. عدم اتساعه لغيرها من أشخاص القانون العام التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وميزانية مستقلة. إعفاء هذه الأشخاص من الرسوم القضائية. شرطه. أن ينص القانون على إعفائها.
(2) رسوم "الرسوم القضائية". نقض " إيداع الكفالة" - نظام عام.
وجوب إيداع الكفالة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له. م 254 مرافعات. تخلف ذلك. أثره. بطلان الطعن. تعلق ذلك بالنظام العام. إعفاء الشخص من أداء هذه الكفالة شرطه. أن ينص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية.
(3) رسوم "الرسوم القضائية". أشخاص اعتبارية. هيئات عامة. وقف. نقض "إيداع الكفالة".
الإعفاء من الرسوم القضائية. مقصور على دعاوي الحكومة دون غيرها م 50 ق 90 لسنة 1944. هيئة الأوقاف المصرية لها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة. خلو القانون الصادر بإنشائها من النص على إعفائها من الرسوم القضائية. أثره. بطلان الطعن بالنقض المرفوع منها بغير إيداع الكفالة.
1 - لما كانت المادة 50 من القانون 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية قد نصت على أن "لا تستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة" وكانت الهيئات العامة على ما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون 60 لسنة 1963 بتنظيم المؤسسات العامة "إما أن تكون مصلحة حكومية رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن الروتين الحكومي وإما أن تنشئها الدولة بداءة لإدارة مرفق من مرافق الخدمات العامة وهي في الحالتين وثيقة الصلة بالحكومة". إلا أن النص في الفقرة الثانية من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام المحكمة على أن "تعفى الدولة من هذا الإيداع - الكفالة - وكذلك من يعفون من الرسوم القضائية" ثم النص في الفقرة الأخيرة من المادة 254 من قانون المرافعات على أن "يعفى من أداء الكفالة من يعفى من أداء الرسوم" وما ورد بمذكرته الإيضاحية من أنه "لم ير المشرع إيراد نص خاص بإعفاء الدولة من هذا الإيداع نظراً لقيام الحكم المحلي وتعدد أشخاص القانون العام واستقلال ميزانية كل منها عن ميزانية الدولة واكتفى المشرع بالنص في الفقرة الأخيرة من المادة 254 على أن "يعفى من أداء الكفالة من يعفون من أداء الرسوم باعتبار أن الإعفاء من الرسوم ينسحب على الإعفاء من الكفالة لاتحاد العلة" يدل على أن كلمة الحكومة الواردة بنص المادة 50 من قانون الرسوم القضائية سالف الذكر قد قصد بها معناها الضيق فلا يتسع لغيرها من أشخاص القانون العام التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وميزانية مستقلة وبالتالي فلا تعفى هذه الأشخاص من الرسوم القضائية ما لم ينص القانون على إعفائها.
2 - المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلاً وكان لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ولا يعفي من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية.
3 - إذ كان الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون 90 لسنة 1944 - مقصوراً على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها من أشخاص القانون العام التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها المستقلة وكانت هيئة الأوقاف المصرية "الطاعنة" عملاً بالقانون 80 لسنة 1971 الصادر بإنشائها والقرار الجمهوري 1141 لسنة 1972 بتنظيم العمل بها هي من الهيئات العامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها ولم يضع المشرع نصاً خاصاً بإعفائها من رسوم الدعاوى التي ترفعها فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المقررة بنص المادة 254 مرافعات قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض أو خلال أجله وإذ لم تفعل فإن الطعن يكون باطلاً.


الهيئة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 918 لسنة 1983 مدني الإسكندرية الابتدائية على الهيئة الطاعنة ووزير الأوقاف بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين أن يؤديا إليه مبلغ خمسة عشر ألف جنيه، وقال بياناً لذلك أنه اشترى بالمزاد من الهيئة الطاعنة مساحة 42 متراً المبينة بالصحيفة وسدد مقدم الثمن ورسوم التسجيل غير أنها أخلت بالتزامها بنقل الملكية إليه فلحقت به من جراء ذلك أضرار يقدر التعويض عنها بالمبلغ المدعى به فأقام دعواه طلباً له، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 6/ 4/ 1986 بإلزام الهيئة الطاعنة ووزير الأوقاف أن يدفعا إلى المطعون ضده مبلغ 5403 جنيهاً. استأنفت الطاعنة ووزير الأوقاف هذا الحكم بالاستئناف 773 لسنة 42 ق الإسكندرية وبتاريخ 11/ 3/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم بالنسبة للهيئة الطاعنة وإلغائه بالنسبة لوزير الأوقاف، طعنت الهيئة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن. وإذ عُرِضَ الطعن على الدائرة المدنية في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وبتاريخ 30/ 1/ 1990، 10/ 12/ 1991 قررت الدائرة المدنية إحالة الطعن إلى الهيئتين العامتين للمواد الجنائية والمدنية والأحوال الشخصية مجتمعتين للفصل فيه وقدمت النيابة مذكرة عدلت فيها عن رأيها السابق وإذ حددت الهيئتان جلسة لنظر الطعن تمسكت النيابة بدفعها بالبطلان.
وحيث إنه لما كانت المادة 50 من القانون 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية قد نصت على أن "لا تستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة" وكانت الهيئات العامة على ما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون 60 لسنة 1963 بتنظيم المؤسسات العامة "إما أن تكون مصلحة عامة حكومية رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن الروتين الحكومي وإما أن تنشئها الدولة بداءة لإدارة مرفق من مرافق الخدمات العامة وهي في الحالتين وثيقة الصلة بالحكومة". إلا أن النص في الفقرة الثانية من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام المحكمة على أن "تعفى الدولة من هذا الإيداع - الكفالة - وكذلك من يعفون من الرسوم القضائية" ثم النص في الفقرة الأخيرة من المادة 254 من قانون المرافعات على أن "يعفى من أداء الكفالة من يعفى من أداء الرسوم" وما ورد بمذكرته الإيضاحية من أنه "لم ير المشرع إيراد نص خاص بإعفاء الدولة من هذا الإيداع نظراً لقيام الحكم المحلي وتعدد أشخاص القانون العام واستقلال ميزانية كل منها عن ميزانية الدولة". واكتفى المشرع بالنص في الفقرة الأخيرة من المادة 254 على أن "يعفى من أداء الكفالة من يعفون من أداء الرسوم باعتبار أن الإعفاء من الرسوم ينسحب على الإعفاء من الكفالة لاتحاد العلة" يدل على أن كلمة الحكومة الواردة بنص المادة 50 من قانون الرسوم القضائية سالف الذكر قد قُصِد بها معناها الضيق فلا يتسع لغيرها من أشخاص القانون العام التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وميزانية مستقلة وبالتالي فلا تعفى هذه الأشخاص من الرسوم القضائية ما لم ينص القانون على إعفائها، لما كان ذلك وكانت الأحكام السابق صدورها من دائرة المواد الجنائية في الطعن 1945 لسنة 34 ق بجلسة 30/ 3/ 1965 وفي الطعن 1235 لسنة 43 ق بجلسة 27/ 1/ 1964 ومن دائرة المواد المدنية والتجارية في الطعن 1351 سنة 51 ق بجلسة 17/ 3/ 1988، والطعن 1926 لسنة 51 ق بجلسة 24/ 4/ 1989، والطعن 1895 لسنة 53 ق بجلسة 5/ 5/ 1989، والطعن 1835 لسنة 56 ق بجلسة 29/ 1/ 1990 قد التزمت هذا النظر فلا محل للعدول عن المبدأ القانوني الذي قررته.
ومن حيث إنه لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد ناطت بالهيئتين مجتمعتين الفصل في الدعوى المحالة إليها فإنه يتعين عليها الفصل في هذا الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن الهيئة الطاعنة لم تسدد قبل إيداع صحيفة الطعن ولا خلال الأجل المقرر له، مبلغ الكفالة المنصوص عليه في المادة 254 من قانون المرافعات في حين أنها ليست معفاة من أداء الرسوم القضائية التي نص عليها القانون 90 لسنة 1944 لأن الهيئات العامة لا تدخل في مدلول لفظ الحكومة الوارد بنص المادة 50 من ذلك القانون.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلاً وكان لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ولا يُعفى من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية. وإذ كان الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون 90 لسنة 1944 على ما سلف بيانه مقصوراً على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها من أشخاص القانون العام التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها المستقلة. وكانت هيئة الأوقاف المصرية الطاعنة عملاً بالقانون 80 لسنة 1971 الصادر بإنشائها والقرار الجمهوري 1141 لسنة 1972 بتنظيم العمل بها هي من الهيئات العامة ولها شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها ولم يضع المشرع نصاً خاصاً بإعفائها من رسوم الدعاوى التي ترفعها فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المقررة بنص المادة 254 مرافعات قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض أو خلال أجله وإذ لم تفعل فإن الطعن يكون باطلاً.