أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1751

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار أحمد صبري أسعد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.

(341)
الطعن رقم 734 لسنة 49 القضائية

1 - نقض "التوكيل في الطعن بالنقض".
صدور التوكيل إلى المحامي الذي رفع الطعن من وكيل الطاعن. عدم تقديم التوكيل الصادر من الطاعن إلى من وكل المحامي. أثره. عدم قبول الطعن. عدم كفاية ذكر رقم التوكيل.
2 - ملكية. تسجيل. بيع.
عدم انتقال ملكية العقار والحقوق العينية الأخرى فيما بين المتعاقدين أو في حق الغير إلا بالتسجيل.
3 - دعوى "الدعوى البوليصية".
الدعوى البوليصية. ماهيتها. ليس من شأنها المفاضلة بين العقود. العقد الصادر من المدين. بقاؤه صحيحاً وقائماً بين عاقديه. الحكم الصادر فيها لصالح الدائن. أثره. رجوع العين إلى الضمان العام للدائنين.
1 - البين من الأوراق أن المحامي الذي رفع الطعن قدم سند وكالته عن الطاعن الثاني عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعن الأول بتوكيل ذكر رقمه إلا أنه لم يقدم هذا التوكيل حتى حجز الطعن للحكم، لما كان ذلك وكان لا يغني عن تقديم التوكيل المذكور مجرد رقمه إذ أن تقديمه واجب حتى تتحقق المحكمة من وجوده وتستطيع معرفة صدور وكالة الطاعن الثاني عن الطاعن الأول وما إذا كانت تشمل الإذن له في توكيل المحامين في الطعن بطريق النقض ومن ثم يكون الطعن بالنسبة للطاعن الأول غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
2 - في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير إلا بالتسجيل، وما لم يحصل هذا التسجيل تبقى الملكية على ذمة المتصرف، ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة ما بين تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكية دون أي حق فيها.
3 - الدعوى البوليصية ليست في حقيقتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه، ولا يمس الحكم الصادر فيها صحة العقد الصادر من المدين بل يظل هذا العقد صحيحاً وقائماً بين عاقديه منتجاً كافة آثاره القانونية بينهما، وليس من شأن الدعوى البوليصية المفاضلة بين العقود، بل هي دعوى شخصية لا يطالب فيها الدائن بحق عيني، ولا يؤول بمقتضاها الحق العيني إليه أو إلى مدينه، بل أنها تدخل ضمن ما يكفل به القانون حقوق الدائن ضمن وسائل الضمان، دون أن يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود الملكية إلى المدين وإنما رجوع العين فقط إلى الضمان العام للدائن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 4560 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما الأول والثانية بطلب الحكم في مواجهة الأخيرة بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 17/ 7/ 1975 والتسليم، وقالا بياناً للدعوى أن المطعون عليه الأول باع لهما بموجب ذلك العقد قطعتي الأرض - المبينتين بالأوراق لقاء ثمن مقداره 18150 جنيه، وإذ كان المطعون عليه المذكور قد اشترى من الشركة المطعون عليها الثانية هاتين القطعتين بموجب عقد مؤرخ 3/ 2/ 1975 ولم يتنازل لهما عنه ولم يقدم مستندات الملكية فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان. طلب المطعون عليهما الثالث والرابع قبول تدخلهما خصمين منضمين إلى المطعون عليهما الأولين في طلب الحكم برفض الدعوى بمقولة أن المطعون عليه الأول تنازل عن عقد شرائه قطعتي الأرض سالفتي الذكر من المطعون عليها الثانية المؤرخ 3/ 2/ 1975 وأن هذه الأخيرة باعت لهما ذات القطعتين بموجب عقدين مؤرخين 22/ 7/ 1975 قضي بصحتهما ونفاذهما في الدعويين رقمي 6079 سنة 1975 و6080 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية. عدل الطاعنان طلباتهما بإضافة طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 3/ 2/ 1975 آنف الذكر وببطلان التنازل الصادر من المطعون عليه الأول إلى المطعون عليها الثانية عن هذا العقد وببطلان عقدي البيع المؤرخين 22/ 7/ 1975 الصادرين للمطعون عليهما الثالث والرابع وإلغاء الحكم الصادر في كل من الدعويين رقمي 6079 سنة 1975، 6080 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية وما ترتب على كل منهما، وبتاريخ 21/ 11/ 1977 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليهما الثالث والرابع وبرفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4308 لسنة 94 ق مدني، وبتاريخ 18/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن المطعون عليه الأول وقت أن تنازل عن عقده المؤرخ 3/ 2/ 1975 كان هو والمطعون عليهما الثانية يعلمان بأن هذا التنازل بسبب إعسار أولهما وأن الثانية أصدرت عقدي البيع المؤرخين 22/ 7/ 1975 إلى المطعون عليهما الثالث والرابع بطريق الغش وبقصد الإضرار بالطاعنين وأن المطعون عليهما الأخيرين كانا يعلمان بذلك، وبعد أن استمعت المحكمة إلى شاهدي الطاعنين حكمت بتاريخ 1979 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الأول وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة للطاعن الثاني، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة العامة أن المحامي الذي رفع الطعن لم يقدم توكيلاً صادراً من الطاعن الأول إلى الطاعن الثاني الذي وكله في رفع الطعن، فيكون الطعن بالنسبة له غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن البين من الأوراق أن المحامي الذي رفع الطعن قدم سند وكالته عن الطاعن الثاني عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعن الأول بتوكيل ذكر رقمه إلا أنه لم يقدم هذا التوكيل حتى حجز الطعن للحكم، لما كان ذلك وكان لا يغني عن تقديم التوكيل المذكور مجرد ذكر رقمه إذ أن تقديمه واجب حتى تتحقق المحكمة من وجوده وتستطيع معرفة حدود وكالة الطاعن الثاني عن الطاعن الأول وما إذا كانت تشمل الإذن له في توكيل المحامين في الطعن بطريق النقض، ومن ثم يكون الطعن بالنسبة للطاعن الأول غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للطاعن الثاني.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق من وجهين، أولهما أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن تنازل المطعون عليه الأول عن الأرض محل النزاع للمطعون عليهما الثالث والرابع تم قبل إعلان المطعون عليها الثانية بالبيع الحاصل من المطعون عليه الأول إلى الطاعنين، في حين أن المطعون عليها الثانية أعلنت بصحيفة الدعوى المطروحة بتاريخ سابق على تاريخ الإنذار الذي وجهه إليها الطاعنان والذي لم يكن القصد منه إخطارها بالبيع الصادر لهما، وإنما كان القصد التنبيه عليها بعدم تسجيل الحكم الصادر في كل من الدعويين رقمي 6079 سنة 1975 و6080 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية، والوجه الثاني أن تنازل المطعون عليه الأول عن الأرض محل النزاع إلى الطاعنين هو في حقيقته حوالة حق تنفذ في حق المطعون عليها الثانية من وقت إعلانها بصحيفة الدعوى المطروحة، وفي حق المطعون عليهما الثالث والرابع من وقت تسجيل تلك الصحيفة، وإذ أقام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قضاءه برفض الدعوى على عدم نفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الأول إلى الطاعنين في حق المطعون عليها الثانية ولو كان في الأمر حوالة حق فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه في المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان في حق الغير إلا بالتسجيل وما لم يحصل هذا التسجيل تبقى الملكية على ذمة المتصرف، ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة ما بين تاريخ التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكية دون أي حق فيها، ولما كان الثابت أن المطعون عليه الأول المشتري من الشركة المطعون عليها الثانية لم يسجل عقده المؤرخ 3/ 2/ 1975، فإن الأرض محل التعاقد تظل باقية على ذمة الشركة البائعة، لما كان ذلك وكان البين من مدونات حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه أنه أقام قضاءه على ما خلصت إليه محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها بيد أن ملكية الأرض محل النزاع لم تنتقل من المطعون عليها الثانية إلى المطعون عليه الأول بموجب عقد البيع آنف الذكر لعدم تسجيله، وأن المطعون عليها الثانية قامت باعتبارها المالكة ببيع ذات الأرض إلى المطعون عليهما الثالث والرابع، وهي دعامة تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ولها أصلها الثابت بالأوراق، ومن ثم فإنه لا محل للتحدي بتعييب ما استطرد إليه الحكم في شأن حوالة الحق وموعد إعلان المطعون عليها الثانية بالبيع الصادر إلى الطاعنين، ذلك أنه وقد بني قضاءه على ما يكفي لحمله، فإن تعييبه فيما استطرد إليه - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون نعياً غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق وشابه الفساد في الاستدلال إذ أنه أطرح أقوال شاهدي الطاعنين تأسيساً على أنهما لم يفصحا عن تاريخ الوقائع التي شهدا بها مما يشير إلى سوء نية المطعون عليهما الثالث والرابع وسبق علمهما بالبيع، وإذ كان التاريخ المذكور ثابتاً من أوراق الدعوى ومن غير المقبول أن يحدد الشاهدان تاريخ وقائع حدثت منذ أكثر من ثلاث سنوات، وكان الشاهدان قد شهدا بإعسار المطعون عليه الأول، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خرج بأقوال الشاهدين إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، ويكون فضلاً عن مخالفته الثابت بالأوراق مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع طالما لا تخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها، إلا أنه لما كانت الدعوى البوليصية ليست في حقيقتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه، ولا يمس الحكم الصادر فيها صحة العقد الصادر من المدين بل يظل هذا العقد صحيحاً وقائماً بين عاقديه منتجاً كافة آثاره القانونية بينهما، وليس من شأن الدعوى البوليصية المفاضلة بين العقود، بل هي دعوى شخصية لا يطالب فيها الدائن بحق عيني، ولا يؤول بمقتضاها الحق العيني إليه أو إلى مدينه، بل أنها تدخل ضمن ما يكفل به القانون حقوق الدائنين ضمن وسائل الضمان، دون أن يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود الملكية إلى المدين وإنما ترجع العين فقط إلى الضمان العام للدائنين، لما كان ذلك وكان الطاعنان قد استهدفا من الدفع بعدم نفاذ كل من التنازل الصادر من المطعون عليه الأول عن عقده المؤرخ 3/ 2/ 1975 إلى المطعون عليها الثانية والعقدين الصادرين من هذه الأخيرة إلى المطعون عليهما الثالث والرابع - تفضيل العقد الصادر إليهما من المطعون عليه الأول، ومن ثم فإن إجراء التحقيق في هذه الحالة يكون لا جدوى منه وبالتالي فإن النعي يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.