أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 89

جلسة 4 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة، محمد الجابري نواب رئيس المحكمة.

(22)
الطعن رقم 3935 لسنة 60 القضائية

(1 - 4) نقض "الطعن بالنقض: أسباب الطعن بالنقض". دعوى "الدفاع فيها".
(1) تمسك الطاعن بدفاع خصم آخر لم يطعن في الحكم. أثره عدم قبوله.
(2) أسباب الطعن بالنقض. وجوب بيانها في صحيفة الطعن. الإحالة في هذا البيان إلى أوراق أخرى. غير جائز.
(3) أسباب الطعن وجوب أن تكون واضحة كاشفة عن المقصود منها نافية عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
(4) عدم بيان الطعن أوجه الدفاع الذي يعيبه على الحكم المطعون فيه. إغفاله الرد عليها. نعى مجهل غير مقبول.
(5 - 8) إيجار "إيجار الأماكن" "إيجار ملك الغير". عقد. إثبات. محكمة الموضوع "مسائل الواقع وتقدير الأدلة".
(5) الإيجار الصادر من غير المالك أو من له حق التعامل في منفعته صحيح بين طرفيه. عدم نفاذه في حق مالكه أو من له الحق في الانتفاع به إلا بالإجازة. تخلف ذلك. أثره. اعتبار المستأجر غاصباً للعين المؤجرة.
(6) تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينهما من سلطة قاضي الموضوع. عدم التزامه بالرد على كل ما يقدمه الخصم. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لا عليه أن يتبع حجج الخصوم وطلباتهم والرد عليهم استقلالاً. علة ذلك.
(7) تقدير أقوال الشهود والموازنة بينها. من سلطة محكمة الموضوع لها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر. شرطه. عدم الخروج بأقوالهم إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
(8) إحالة محكمة الاستئناف الدعوى للتحقيق لبيان عما إذا كان العقد صادر من مالك ظاهر من عدمه. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى رفض دعوى الطاعن بأسباب سائغة. النعي عليه. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - المقرر - أنه لا يقبل من الطاعن أن يتمسك في طعنه بدفاع تمسك به خصم آخر لم يطعن في الحكم لانعدام المصلحة، لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بسبب النعي لا مصلحة في إبدائه، ومن ثم يكون النعي غير مقبول.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن العبرة في بيان أسباب الطعن بالنقض هي بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يغني الإحالة في هذا البيان إلى أوراق أخرى.
3 - يجب طبقاً لنص المادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان أسباب الطعن بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه.
4 - إذ كان الطاعن لم يبين أوجه الدفاع التي يعيب على الحكم المطعون فيه إغفاله الرد عليها مما لا يغني عنه إحالته في هذا الشأن إلى مذكرته المقدمة أمام محكمة الاستئناف والمودعة في..... هذا إلى أنه لم يبين بوجه النعي ماهية أقوال الشهود التي يدعي أن الحكم المطعون فيه قد حصلها تحصيلاً فاسداً وأوجه القصور ومن ثم فإن النعي يكون مجهلاً غير مقبول.
5 - المقرر - أن الإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له حق في التعامل في منفعته وإن وقع صحيحاً بين طرفيه إلا أنه لا ينفذ في حق مالكه أو من له الحق في الانتفاع به إلا بإجازة هذا الأخير له فإن لم يجزه ظل المستأجر بالنسبة له غاصباً للعين المؤجرة.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها في الرد الضمني لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن متروك لمحكمة الموضوع تستخلص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت في الأوراق وأن سلطتها في تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدانها إذ لها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به ولا سلطان لأحد عليها ما لم تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
8 - لما كانت محكمة الاستئناف قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لبيان عما إذا كان العقد الصادر من والد المطعون ضده الأول إلى الطاعن والمؤرخ (...) صادراً من مالك ظاهر من عدمه وبعد سماعها شهود الطرفين خلصت من أقوال الشهود إلى أن العقد الصادر من والد المطعون ضده الأول إلى الطاعن صدر من غير مالك حيث شهدوا بأن عقود إيجار المستأجرين بالعقار محل النزاع صادرة من المالك المطعون ضده الأول وأن وكيله - أخيه - كان يحصل الإيجار من المستأجرين وأن المالك الحقيقي لم يجز عقد الطاعن ومن ثم صدر باطلاً ولا ينفذ في حق المالك الحقيقي ويكون العقد الصادر من الأخير للمطعون ضدها الرابعة هو العقد الصحيح ولا محل للمفاضلة إلا بين عقدين صحيحين وانتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض دعوى الطاعن وكانت أسبابه في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضائه وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجج الطاعن وأوجه دفاعه ومستنداته في هذا الخصوص ويضحي النعي في مجمله جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1640 لسنة 1984 أمام محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال بياناً لذلك أنه استأجر الشقة محل النزاع من مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأول بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 3/ 79 وقام بإثبات تاريخه في الشهر العقاري بتاريخ 24/ 5/ 83 واستلمها وأقام بها وأثناء عودته من إحدى سفرياته فوجئ باستيلاء المطعون ضده الثاني عليها وتأجيرها للمطعون ضدها الرابعة فأقام الدعوى رقم 22441 لسنة 1983 مستعجل المنصورة وقضي فيها بعدم الاختصاص فأقام - الدعوى حكمت المحكمة بتمكين الطاعن من الشقة محل النزاع والتسليم وبطلان عقد الإيجار المؤرخ 24/ 9/ 1980 المتضمن استئجار المطعون ضدها الرابعة شقة النزاع من المطعون ضده الأول، استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 558 لسنة 38 ق المنصورة، كما استأنفته المطعون ضدها الرابعة بالاستئناف رقم 615 لسنة 38 ق المنصورة، أمرت المحكمة بضم الاستئنافين للارتباط وأحالت الاستئنافين للتحقيق وبعد سماع شهود الطرفين قضت بتاريخ 27/ 6/ 1990 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم وهو في مجال الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة المبدى من المطعون ضده الأول قرر أن هذا النعي في غير محله لما ثبت من أقوال الطرفين من أن عقار النزاع مملوك للأخير ومن ثم تكون له الصفة في الدعوى وذلك لكون الحكم قد خلط بين الصفة في الدعوى والصفة في الحق باعتبار أنه اختصم المؤجر له دون أن يصدر في مواجهة المطعون ضده الثاني والثالث مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر أنه لا يقبل من الطاعن أن يتمسك في طعنه بدفاع تمسك به خصم آخر لم يطعن في الحكم لانعدام المصلحة، لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بسبب النعي لا مصلحة له في إبدائه، ومن ثم يكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الثاني والرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على فساد ظاهر في تحصيل أقوال الشهود، وقدم مستنداته ومذكرة بدفاعه لجلسة النطق بالحكم إلا أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في بيان أسباب الطعن بالنقض هي بما اشتملت عليه صحيفة الطعن وحدها بما لا يغني الإحالة في هذا البيان إلى أوراق أخرى وأنه يجب طبقاً لنص المادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل الصحيفة ذاتها على بيان هذه الأسباب بياناً دقيقاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، وكان الطاعن لا يبين أوجه الدفاع التي يعيب على الحكم المطعون فيه إغفاله الرد عليها مما لا يغني عنه إحالته في هذا الشأن إلى مذكرته المقدمة أمام محكمة الاستئناف والمودعة في 1/ 3/ 1986، هذا إلى أنه لم يبين بوجه النعي ماهية أقوال الشهود التي يدعي أن الحكم المطعون فيه قد حصلها تحصيلاً فاسداً وأوجه القصور ومن ثم فإن النعي يكون مجهلاً غير مقبول.
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن بالوجه الأول والثاني والرابع والخامس من السبب الأول والوجه الأول والثاني من السبب الثاني والوجه الأول والثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه إلى أقوال شاهدي المطعون ضدها الرابعة من أن المرحوم...... المؤجر للطاعن لم تكن له صفه في تأجير الوحدات السكنية وأن الذي يقوم بالتأجير هو مالك العقار أو وكيله، ومن ثم لا يسري العقد الصادر له - أي الطاعن في حق المالك واستند إلى ثبوت ملكية المطعون ضده الأول لعقار التداعي إلى شهادة الشهود مخالفاً بذلك نص المادة 934 من القانون المدني وقانون الشهر العقاري، في حين أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده يقيم بالخارج وأن المؤجر له، وهو والد الأول وقد أجر له بموجب عقد ثابت التاريخ بوفاة المؤجر فتكون بذلك عقد استئجاره للشقة محل النزاع قد صدر له من مالك ظاهر أو وكيل ظاهر وقد قدم خطابات رسمية وصلته على شقة النزاع وفواتير استهلاكه التيار الكهربائي وبطاقته الشخصية على شقة النزاع وقد قطع شاهد الإثبات....، بوجود علاقة إيجاريه له على شقة النزاع - إلا أن الحكم المطعون فيه إلتفت عن هذا كله وأغفل دلالة هذه المستندات ولم يتناول بالرد على دفاعه ومستنداته بأسباب سائغة تكفي لحمله مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر أن الإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له الحق في التعامل في منفعته وإن وقع صحيحاً بين طرفيه إلا أنه لا ينفذ في حق مالكه أو من له الحق في الانتفاع به إلا بإجازة هذا الأخير له فإن لم يجزه ظل المستأجر بالنسبة له غاصباً للعين المؤجرة، ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستنداته، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها في الرد الضمني لتلك الأقوال والحجج والطلبات، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن متروك لمحكمة الموضوع تستخلص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه الثابت في الأوراق وأن سلطتها في تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدانها إذ لها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به ولا سلطان لأحد عليها ما لم تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها. لما كان ذلك وكانت المحكمة الاستئنافية أحالت الدعوى إلى التحقيق لبيان عما إذا كان العقد الصادر من والد المطعون ضده الأول إلى الطاعن والمؤرخ في 1/ 3/ 1979 صادراً من مالك ظاهر من عدمه وبعد سماعها شهود الطرفين خلصت من أقوال الشهود إلى أن العقد الصادر من والد المطعون ضده الأول إلى الطاعن صدر من غير مالك حيث شهدوا بأن عقود إيجار المستأجرين بالعقار محل النزاع صادرة من المالك المطعون ضده الأول وأن وكيله - أخيه - كان يحصل الإيجار من المستأجرين وأن المالك الحقيقي لم يجز عقد الطاعن ومن ثم صدر باطلاً ولا ينفذ في حق المالك الحقيقي ويكون العقد الصادر من الأخير للمطعون ضدها الرابعة هو العقد الصحيح ولا محل للمفاضلة إلا بين عقدين صحيحين وانتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض دعوى الطاعن وكانت أسبابه في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضائه وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجج الطاعن وأوجه دفاعه ومستنداته في هذا الخصوص ويضحي النعي في مجمله جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.