أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 119

جلسة 7 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي، محمد شهاوي عبد ربه ومحمد محمود عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.

(26)
الطعن رقم 2411 لسنة 57 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن: التأجير من الباطن والتنازل والترك".
(1) حظر تخلي المستأجر عن الحق في الانتفاع بالمكان المؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه. مخالفة ذلك. أثره. للمؤجر طلب إخلاء المستأجر. نشوء هذا الحق بمجرد وقوع المخالفة. استرداد المستأجر الأصلي للعين المؤجرة بعد ذلك لا أثر له.
(2) ثبوت قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة له من الباطن أو تنازله عنها أو تركها للغير. أثره. وجوب القضاء بالفسخ والإخلاء. ليس للمحكمة سلطة تقديرية بالفسخ. علة ذلك.
(3) حق المؤجر في طلب الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل أو الترك. جواز تنازله عنه صراحة أو ضمناً.
(4) إسقاط الحق. عدم وقوعه إلا بالتنازل عنه صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته عليه. (مثال في إيجار بشأن سكوت المؤجر رغم علمه بواقعة التأجير من الباطن).
1 - النص في المادة 18/ جـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 - المقابلة للمادة 31/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادة 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 1969 - يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرراً مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائياً أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحي معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلية كان ذلك أو جزئياً مستمراً أو مؤقتاً بمقابل أو بدون أو تأجيره من الباطن، واعتبار ذلك التصرف بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاًً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلبه إخلاء المكان، وينشأ حق المؤجر في الإخلاء بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقضي بإزالتها فيبقى له هذا الحق ولو استرد المستأجر الأصلي العين المؤجرة بعد ذلك.
2 - متى ثبت قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة له من الباطن أو تنازل عنها أو تركها للغير - دون إذن كتابي صريح من المالك - تعين على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية في ذلك. فالحكم بالفسخ هنا مطلق تقع نتيجته بمجرد قيام سببه، وذلك سواء نص عليه في عقد الإيجار أو لم ينص وسواء طلب المؤجر إعمال نص القانون أو العقد إذ يستند الإخلاء في هذه الحالة إلى إرادة المشرع وليس إلى اتفاق الطرفين وذلك لتعلق التشريع بالنظام العام.
3 - يجوز للمؤجر النزول عن الحق في طلب الإخلاء صراحة أو ضمناً وليس له من بعد حصوله طلب الإخلاء لهذا السبب.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه، وأن علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن وسكوته لا يعتبر بذاته دليلاً على قبوله لها ولا يدل على النزول عن حقه في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر حين أقام قضاءه برفض دعوى الإخلاء لقيام المطعون ضدها الأولى بتأجير العين محل النزاع من الباطن للمطعون ضده الثاني دون إذن صريح كتابي من الطاعنين على أن مجرد علمهم بهذه الواقعة يدل على موافقتهم الضمنية عليها مما يسقط حقهم في الإخلاء فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 193 لسنة 1982 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المحل المبين بالصحيفة وتسليمه لهم خالياً، وقالوا بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1953 استأجر مورث المطعون ضدها الأولى من سلفهم ذلك المحل بأجرة شهرية مقدارها 5 جنيه و500 مليم وبعد وفاة المستأجر الأصلي قامت زوجة الأخير بتأجيره من الباطن للمطعون ضده الثاني دون موافقتهم فأقاموا الدعوى بطلبيهما سالفي البيان أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، واستمعت إلى شهود الطرفين ثم حكمت بطلبي الطاعنين - استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 825 لسنة 102 قضائية - أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، واستمعت إلى شهود الطرفين وبتاريخ 6 من مايو سنة 1987 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها وبتاريخ 26/ 11/ 1995 حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الأول وأمرت باقي الطاعنين باختصامه بالجلسة المحددة لنظر الطعن فامتثلوا فاستكمل الطعن بذلك موجبات قبوله وفق ما تنص عليه المادة 218 من قانون المرافعات.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذاك يقولون إنه أقام قضاءه برفض دعواهم بإخلاء المطعون ضدهما على ما استخلصه من أقوال الشهود من أنهم قد علموا بواقعة التأجير من الباطن وسكوتهم على ذلك مما يدل على تنازلهم ضمناً عن هذا الحق في طلب الإخلاء ويسقطه حال أن مجرد علمهم بهذه الواقعة وسكوتهم لا يدل على موافقتهم عليها ونزولهم ضمناً عن حقهم في طلب الإخلاء خلافاً لما انتهى إليه الحكم مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن النص في المادة 18/ جـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 - المقابلة للمادة 31/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادة 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 1969 - على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها إلا لأحد الأسباب الآتية... (جـ) إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً..." يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرراً مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائياً أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحي معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير كلية كان ذلك أو جزئياً مستمراً أو مؤقتاً بمقابل أو بدون أو تأجيره من الباطن، واعتبار ذلك التصرف بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاًً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلبه إخلاء المكان، وينشأ حق المؤجر في الإخلاء بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقضي بإزالتها فيبقى له هذا الحق ولو استرد المستأجر الأصلي العين المؤجرة بعد ذلك و متى ثبت قيام المستأجر بتأجير العين المؤجرة له من الباطن أو تنازل عنها أو تركها للغير - دون إذن كتابي صريح من المالك - تعين على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية في ذلك. فالحكم بالفسخ هنا مطلق تقع نتيجته بمجرد قيام سببه، وذلك سواء نص عليه في عقد الإيجار أو لم ينص وسواء طلب المؤجر إعمال نص القانون أو العقد إذ يستند الإخلاء في هذه الحالة إلى إرادة المشرع وليس إلى اتفاق الطرفين وذلك لتعلق التشريع بالنظام العام، إلا أنه يجوز للمؤجر النزول عن هذا الحق صراحة أو ضمناً وليس له من بعد حصوله طلب الإخلاء لهذا السبب ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه، وأن علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن وسكوته لا يعتبر بذاته دليلاً على قبوله لها ولا يدل على النزول عن حقه في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر حين أقام قضاءه برفض دعوى الإخلاء لقيام المطعون ضدها الأولى بتأجير العين محل النزاع من الباطن للمطعون ضده الثاني دون إذن صريح كتابي من الطاعنين على أن مجرد علمهم بهذه الواقعة يدل على موافقتهم الضمنية عليها مما يسقط حقهم في الإخلاء فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.