أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1779

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم، إبراهيم زغو، ومحمد العفيفي.

(347)
الطعن رقم 802 لسنة 50 القضائية

1 - التزام "أوصاف الالتزام". تضامن. دعوى. حكم "الطعن في الحكم".
المسئولين في التزام تضامني. استقلال كل منهم عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها. م 296 مدني.
2 - تعويض. مسئولية. موظفون.
التعويض المستحق لأفراد القوات المسلحة عند الوفاة أو العجز بسبب الخدمة. قانون 116 لسنة 1964. لا يحول دون مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر استناداً إلى المسئولية التقصيرية. عدم جواز الجمع بين التعويضين. علة ذلك.
3 - حكم "تسبيب الحكم". استئناف.
تعديل الحكم الاستئنافي لمقدار التعويض. موجب لتسبيب الجزء الذي شمله التعديل ما عدا ذلك اعتبار الحكم الابتدائي بشأنها مؤيداً.
1 - مفاد نص المادة 296 من القانون المدني أن التضامن - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا ينال من استقلال كل من المتضامنين عن الأخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها ولا مجال في هذا الوضع للقول بنيابة المسئولين بالتزام تضامني عن بعضهم البعض في إجراءات الخصومة واعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهم بمثابة استئناف مرفوع من الأخر.
2 - تضمن القانون رقم 116 لسنة 1964 القواعد التي تنظم المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عند الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي بسبب العمليات الحربية أو كانت الوفاة بسبب الخدمة، وهي أحكام يقتصر تطبيقها على الحالات المنصوص عليها في هذا القانون ولا تتعداها إلى التعويض المستحق طبقاً لأحكام القانون العام فلا تحول دون مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر الذي لحقه إذ أن هذا الحق يظل مع ذلك قائماً وفقاً لأحكام القانون المدني إذا كان سبب الضرر الخطأ التقصيري، إلا أنه لا يصح للمضرور أن يجمع بين التعويضين فيتعين على القاضي عند تقديره التعويض خصم ما تقرر صرفه من مكافأة أو معاش أو تعويض من جملة التعويض المستحق عن جميع الأضرار إذ أن الغاية من التعويض هو جبر الضرر جبراً متكافئاً معه وغير زائد عليه.
3 - إذ كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أنه عرض لكافة العناصر المكونة للضرر قانوناً والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض ثم انتهى إلى تقدير ما يستحقه الطاعن من تعويض عنها جملة، وكان الحكم المطعون فيه اقتصر على تعديل مبلغ التعويض المقضي به فإن وجوب التسبيب لا ينصب إلا على الجزء الذي شمله التعديل فقط ويعتبر الجزء الذي لم يشمله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب حكم محكمة أول درجة قائمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 1230 لسنة 1975 مدني كلي الإسكندرية بطلب إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً عن وفاة ابنه...... استناداً إلى أن المطعون ضده الأول وهو تابع للمطعون ضده الثاني تسبب بخطئه في وفاة ابنه سالف الذكر وقد حوكم عن ذلك جنائياً وقضي انتهائياً بإدانته. وبتاريخ 22/ 2/ 1978 حكمت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدهما بالتضامن بأن يدفعا للطاعن مبلغ ألفي جنيه. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 322 سنة 34 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 26/ 1/ 1980 حكمت المحكمة الاستئنافية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف "المطعون ضده الأول" والمستأنف عليه الثاني بصفته "المطعون ضده الثاني" بأن يدفعا بالتضامن إلى الطاعن مبلغ 1000 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم إذ قضى بتعديل الحكم الابتدائي وألزم المطعون ضدهما بأن يدفعا له مبلغ ألف جنيه قد جاء على خلاف حكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم به، ذلك أن المطعون ضده الثاني أقام استئنافاً عن ذات الحكم الابتدائي قيد برقم 274 سنة 34 قضائية الإسكندرية قضي فيه بتاريخ 24/ 2/ 1979 بتأييده فحاز بذلك قوة الأمر المقضي في خصوص مبلغ التعويض وقدره ألفي جنيه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتعديل التعويض إلى ألف جنيه، فإنه يكون قد خالف حجية الحكم السابق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 296 من القانون المدني على أنه "1 - إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين 2 - أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم فيستفيد منه الباقون" مفاده أن التضامن - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا ينال من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها ولا مجال في هذا الوضع للقول بنيابة المسئولين بالتزام تضامني عن بعضهم البعض في إجراءات الخصومة واعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهم بمثابة استئناف مرفوع من الآخر. لما كان ذلك وكان الحكم الذي يتمسك الطاعن بحجيته "والمقدم بملف الطعن بحافظة مستنداته" قد صدر في الاستئناف الذي أقامه المطعون ضده الثاني بصفته مسئولاً عن أعمال تابعه المطعون ضده الأول ولم يختصم فيه هذا الأخير. وقضي فيه بتاريخ 24/ 2/ 1979 بتأييد الحكم الابتدائي، ومن ثم فلا يكون لهذا الحكم حجية مانعة من نظر الاستئناف الذي أقامه المطعون ضده الأول ولا يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتعديل التعويض المقضي به ابتدائياً إلى مبلغ ألف جنيه قد خالف حجية الحكم السابق ويغدو النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه بتقريره مساهمة المجني عليه في الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث قد خالف حجية الحكم الجنائي الصادر من المحكمة العسكرية بالإدانة والذي فصل في الخطأ المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية كما وأن الحكم المطعون فيه لم يورد دليلاً على ما قرره بشأن مساهمة المجني عليه في هذا الخطأ، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي بشقيه مردود بأنه، لما كان الطاعن لم يودع ملف الطعن صورة رسمية من ذلك الحكم والذي تمسك بأن الحكم المطعون فيه قد فصل في النزاع خلافاً له مما يجعل النعي عليه بالشق الأول من هذا السبب عارياً عن الدليل وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بتخفيض التعويض إلى التحقيقات الجنائية التي كانت منضمة للدعوى وأشار إليها الحكم في مدوناته وما استخلصه منها من مساهمة المجني عليه في الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث، فإن النعي على الحكم في الشق الثاني من هذا السبب بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قدر التعويض المستحق للطاعن مراعياً في ذلك المبالغ التي صرفت له بموجب القانون رقم 116 سنة 1964 الخاص بمعاشات ومكافآت وتعويضات القوات المسلحة في حين أن المبالغ التي صرفت له بموجب ذلك القانون أساسها العلاقة الوظيفية ولا تتعداها إلى التعويض المستحق له طبقاً لأحكام القانون المدني إذا كان سبب الضرر الخطأ التقصيري، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتخفيض التعويض على هذا الأساس فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن القانون رقم 116 سنة 1964 تضمن القواعد التي تنظم المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عند الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي بسبب العمليات الحربية أو كانت الوفاة بسبب الخدمة، وهي أحكام يقتصر تطبيقها على الحالات المنصوص عليها في هذا القانون ولا تتعداها إلى التعويض المستحق طبقاً لأحكام القانون العام فلا تحول دون مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر الذي لحقه إذ أن هذا الحق يظل مع ذلك قائماً وفقاً لأحكام القانون المدني إذا كان سبب الضرر الخطأ التقصيري، إلا أنه لا يصح للمضرور أن يجمع بين التعويضين فيتعين على القاضي عنه تقديره التعويض خصم ما تقرر صرفه من مكافأة أو معاش أو تعويض من جملة التعويض المستحق عن جميع الأضرار، إذ أن الغاية من التعويض هو جبر الضرر جبراً متكافئاً معه وغير زائد عليه. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه إذ قضى للطاعن بتعويض قدره ألف جنيه قد راعى على ما صرح به في أسبابه ما تقاضاه من معاش وتعويضات طبقاً للقانون 116 سنة 1964، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون ما أثاره الطاعن بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه حين قدر التعويض بمبلغ ألف جنيه لجبر الضرر لم يعين العناصر المكونة للضرر أو يحققها مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أنه عرض لكافة العناصر المكونة للضرر قانوناً والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض ثم انتهى إلى تقدير ما يستحقه الطاعن من تعويض عنها جملة وكان الحكم المطعون فيه إذ اقتصر على تعديل مبلغ التعويض المقضي به، فإن وجوب التسبيب لا ينصب إلا على الجزء الذي شمله التعديل فقط ويعتبر الجزء الذي لم يشمله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب حكم محكمة أول درجة قائمة ويكون النعي عليه بالقصور غير وارد.
لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.