أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1792

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين دكتور أحمد حسني، يحيى الرفاعي، محمد طموم، ومنير توفيق.

(349)
الطعن رقم 323 سنة 43 القضائية

1 - 3 - ضرائب "ضريبة التركات". محكمة الموضوع.
1 - خصم الديون والالتزامات من وعاء التركة. شرطه. أن تكون ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على الموفى أمام القضاء. المادة 14 قانون 142 سنة 1944.
2 - استقلال محكمة الموضوع بتقدير صلاحية المستند للاحتجاج به على المورث أمام القضاء. شرطه. أن يكون استخلاصها مستمداً من أصل ثابت بالأوراق يؤدي إليها عقلاً.
3 - الهبات والتصرفات الصادرة من المورث إلى ورثته خلال الخمس سنوات السابقة على الوفاة. لا تحاج بها مصلحة الضرائب. أثر ذلك. استحقاق الرسم على هذه الهبات حتى ولو كانت غير مباشرة. معنى الهبة غير المباشرة.
1 - تقضي المادة 14 من القانون رقم 142 سنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات بأن يستبعد من التركة كل ما عليها من الديون والالتزامات إذا كانت ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء.
2 - تقدير صلاحية المستند للاحتجاج به على المورث أمام القضاء هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت النتيجة التي تنتهي إليها مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق تؤدي إليها عقلاً.
3 - يدل نص المادة الرابعة من القانون رقم 142 سنة 1944 المعدل بالقانون رقم 217 سنة 1951 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الشارع اتخذ من السنوات الخمس السابقة على الوفاة فترة ريبة بحيث لا تحاج مصلحة الضرائب بالهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث إلى شخص أصبح وارثاً خلالها بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت صدورها، وإطلاق لفظ الهبات يشير إلى استحقاق الرسم سواء كانت الهبة منقولة أو ثابتة، صريحة أو مستترة، مباشرة أو غير مباشرة، وتتحقق الهبة غير المباشرة عن طريق شراء شيء من الغير فيقوم الواهب بالشراء وبدفع الثمن ويذكر في العقد كمشتر اسم الشخص الذي يريد التبرع له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصلحة الضرائب - الطاعنة - قدرت صافي تركة مورث المطعون ضدهم - المتوفى في 2/ 12/ 1965 بمبلغ 21875.561 جنيهاً، فاعترضوا على هذا التقدير وإذ أحيل الخلاف إلى لجنة الطعن قررت في 28/ 6/ 1969 تخفيض هذا التقدير إلى 21475.511 جنيهاً، فأقاموا الدعوى رقم 133 سنة 1969 كلي أسيوط طعناً على هذا القرار. ومحكمة أول درجة حكمت في 30/ 3/ 1970 بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 27/ 2/ 1972 بتعديل التقرير إلى 11859.101 جنيهاً استأنفت المصلحة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 لسنة 47 قضائية أسيوط كما استأنفه الورثة المطعون ضدهم بالاستئناف رقم 11 لسنة 47 قضائية أسيوط. وبتاريخ 31/ 1/ 1973 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت المصلحة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى المصلحة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وتقول في بيان ذلك إن الحكم استبعد من أصول التركة مبلغ 3938.435 جنيهاً تأسيساً على ما انتهى إليه تقرير الخبير من أن هذا المبلغ يمثل حصة المورث في ديون تجارية على المنشأة التي كان شريكاً فيها، في حين أن المستندات التي اعتمدها الخبير واستنزل بموجبها هذه الديون من أصول التركة لا تصلح دليلاً على المورث أمام القضاء لأنها مجرد فواتير ليس عليها اسم المورث ولا توقيعه وتحمل تواريخ لاحقة على الوفاة مما يدل على أنها متعلقة بعمليات تجارية تمت بعد الوفاة، ولا يغير من ذلك إدراجها ضمن عناصر التركة بقائمة الجرد المعتمدة من محكمة الأحوال الشخصية إذ لا حجية لهذه القائمة في مواجهة المصلحة الطاعنة, وليس من شأنها اعتبار هذه الديون عالقة بذمة المورث، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع الذي تمسكت به الطاعنة أمام محكمة الاستئناف مكتفياً بقوله: "إن الخبير أثبت في تقريره أن الديون المذكورة كانت بسبب بضائع اشتراها المورث وشركاؤه ووضعت بالمنشأة قبل وفاته وأدخلت ضمن عناصر التركة في الجرد" فإنه يكون قد خالف نص المادة 14 من القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم الأيلولة على التركات فضلاً عن قصوره في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 14 من القانون رقم 142 لسنة 1944 نصت على أنه "يستبعد من التركة كل ما عليها من الديون والالتزامات إذا كانت ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء" ولئن كان المرجع في ذلك هو قانون الإثبات الذي أورد على سبيل الحصر الأدلة التي يصح الاحتجاج بها أمام القضاء، إلا أن تقدير صلاحية المستند للاحتجاج به على المورث أمام القضاء هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت النتيجة التي تنتهي إليها مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق تؤدي إليها عقلاً، فإن هي استخلصتها من واقعة لا وجود لها بالأوراق أو من مصدر موجود ولكنه مناقض لهذه النتيجة أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلاً استخلاص تلك النتيجة منه، كان حكمها معيباً متعيناً نقضه، ولما كان ذلك، وكان البين من تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه أن مستندات الديون التي خلص إلى استبعادها من أصول التركة لاحقة جميعها على تاريخ وفاة المورث، وأن التقرير خلا مما يفيد أن هذه الديون كانت ثمناً لبضائع اشتراها المورث وشركاؤه ووضعت بالمنشأة قبل وفاته، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة الذي تمسكت به في هذا الشأن بأن "الخبير أثبت في تقريره أن الديون المذكورة كانت بسبب بضائع اشتراها المورث وشركاؤه ووضعت بالمنشأة قبل وفاته وقد أدخلت ضمن عناصر التركة بالجرد" فإن الحكم فضلاً عن قصوره في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق يكون قد خالف القانون؛ إذ استبعد من التركة ديوناً عليها دون أن تكون ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استبعد من أصول التركة مبلغ 492.274 جنيهاً قيمة الأطيان التي اشتراها المورث لولده القاصر طارق في خلال السنوات الخمس السابقة على الوفاة استناداً إلى أن هذا التصرف صدر إلى القاصر من الغير وليس من المورث، في حين أن هذا التصرف وإن كان صادراً من الغير إلا أن المورث تبرع فيه بالثمن، ومن ثم يعتبر هبة غير مباشرة من المورث لولده ويخضع تبعاً لذلك لرسم الأيلولة تطبيقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة الرابعة من القانون رقم 142 سنة 1944 المعدل بالقانون رقم 217 لسنة 1951 على أن "يستحق رسم الأيلولة على الهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث خلال الخمس سنوات السابقة على الوفاة إلى شخص أصبح وارثاً له بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت حصول التصرف أو الهبة سواء تعلقت تلك الهبات والتصرفات بأموال منقولة أو ثابتة أو صدرت إلى الشخص المذكور بالميراث أو بالواسطة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الشارع اتخذ من السنوات الخمس السابقة على الوفاة فترة ريبة بحيث لا تحاج مصلحة الضرائب بالهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث إلى شخص أصبح وارثاً خلالها بسبب من أسباب الإرث كان متوافر وقت صدورها، وإطلاق لفظ الهبات يشير إلى استحقاق الرسم سواء كانت الهبة منقولة أو ثابتة، صريحة أو مستترة، مباشرة أو غير مباشرة، وتتحقق الهبة غير المباشرة عن طريق شراء شيء من الغير فيقوم الواهب بالشراء وبدفع الثمن ويذكر في العقد كمشتر اسم الشخص الذي يريد التبرع له، لما كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن مورث المطعون ضدهم اشترى لولده القاصر طارق حصة في الأطيان محل النزاع بموجب العقدين المسجلين في 22/ 7/ 1962، 29/ 11/ 1962 وتضمن العقدان أن الثمن دفع من مال المورث، فإن هذا التصرف يكون هبة غير مباشرة لقاصر الوارث حدثت خلال السنوات الخمس السابقة على الوفاة الحاصلة في 2/ 12/ 1965 ولا تستبعد قيمته من أصول التركة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على أن مناط تطبيق نص المادة الرابعة سالفة الذكر أن يكون التصرف صادراً من المورث وحده دون تدخل من إرادة أخرى، ثم قضي باستبعاد قيمة حصة الأطيان المشار إليها من أصول التركة لصدور البيع من الغير إلى القاصر في كل من العقدين، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تعديل الحكم المستأنف وتقدير صافي قيمة التركة مع إضافة مقدار الديون التي استبعدها الحكم من أصولها، وهي 3938.435 جنيهاً وكذا قيمة حصة القاصر في الأطيان موضوع العقدين المشار إليهما وقدرها 492.274 جنيهاً ليصبح صافي التركة مبلغ 16289.810 جنيهاً.