أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 950

جلسة 11 مايو سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين - نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، محمد بكر غالي وعزت عمران.

(155)
الطعن رقم 802 لسنة 51 القضائية

(1 - 2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "عيوب التدليل" "ما يعد قصوراً". إيجار "إيجار الأماكن" "القواعد العامة في الإيجار". نقض "سلطة محكمة النقض".
(1) استقلال محكمة الموضوع بتقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها دون رقابة من محكمة النقض. شرطه إفصاح المحكمة عن مصدر الأدلة وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها.
(2) الحكم بإخلاء جراج استناداً إلى أنه غير خاضع لقوانين إيجار الأماكن باعتبار أن الإيجار يشمل مجموعة من الخدمات هي العنصر الجوهري في التعاقد دون الحيز المكاني ذاته عدم تبيان الحكم للمصدر الذي استقى منه ما خلص إليه في قضائه وإغفاله دفاع المؤجر بأن الإيجار انصب على المكان فقط. قصور.
1- إذ كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون له مأخذها الصحيح من الأوراق ثم تنزل عليها تقديرها ويكون مؤدياً إلى النتيجة التي خلصت إليها وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم وأن الأسباب التي أقيم عليها قد جاءت سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق.
2- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين قد تمسكوا بصحيفة الاستئناف وفي مذكرتهم المقدمة بجلسة (........) بدفاع مؤداه أن جراج النزاع الذي يستأجر كل منهم حيزاً فيه هو جراج خاص لا يقدم أي خدمات ويحكم علاقاتهم بالمالك عقد إيجار المكان ولا يعد عقد إيواء سيارة وأنه يجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير بكافة طرق الإثبات القانونية وقدموا تأييداً لدفاعهم إيصالات الأجرة التي تضمنت تخصيص مبلغ لاستعمال الجراج، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء على سند مع أن عين النزاع جراج عام لا ينتفع الطاعنون بالحيز المكاني فيه فقط بل يشمل الانتفاع بمجموعة من الخدمات هي الحراسة والنظافة وخلافه مقابل ما يدفعونه من أجرة ومن ثم لا تخضع علاقتهم بالمطعون ضده لأحكام قانون إيجار الأماكن وكان الحكم لم يكشف في مدوناته عن المصدر الذي استقى منه وجود الخدمات التي أشارت إليها في أسبابه واعتبرها هي العنصر الجوهري في التعاقد دون الحيز المكاني ذاته وأطرح دفاع الطاعنين في هذا الخصوص دون أن يعني ببحثه على نحو يدل بأن المحكمة قد فطنت إلى حقيقة هذا الدفاع وأخضعته لتقديرها رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 738 لسنة 1979 أمام محكمة الجيزة الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء الجراج المبين بالصحيفة وتسليمه إليه خالياً، وقال شرحاً لدعواه أن الطاعنين يستأجرون وحدات سكنية بالعقار المملوك له وقد احتفظ بجراج النزاع الكائن بذات العقار لاستعماله الخاص إلا أن الطاعنين قاموا بوضع سيارتهم به عنوه وحصلوا أثناء غيابه بالخارج على إيصالات من مندوب التحصيل تفيد سدادهم مقابل الانتفاع به، ولما كان هذا الانتفاع لا يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 11/ 5/ 1980 قضت المحكمة بإخلاء الطاعنين من الجراج محل التداعي وتسليمه خالياً إلى المطعون ضده، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 4112 لسنة 97 ق القاهرة، وبتاريخ 25/ 1/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنه على الرغم من أن دفاعهم أمام محكمة الموضوع قد قام على أن جراج النزاع جراج خاص مستأجر كل منهم حيزاً فيه ولا يقدم أي خدمات أخرى، ويخضع عقد استئجاره للامتداد القانوني في قانون إيجار الأماكن فإن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع وانتهى إلى عدم سريان أحكام هذا القانون على واقعة الدعوى على سند من أن جراج النزاع جراج عام يقدم خدمات تغلب على الحيز المكاني دون أن يكشف عن المصدر الذي استقى منه ذلك الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها، وأن يكون له مأخذها الصحيح من الأوراق ثم تنزل عليها تقديرها، ويكون مؤدياً إلى النتيجة التي خلصت إليها، وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم، وأن الأسباب التي أقيم عليها قد جاءت سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق - لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنين قد تمسكوا بصحيفة الاستئناف وفي مذكرتهم المقدمة بجلسة 10/ 1/ 1981 بدفاع مؤداه أن جراج النزاع الذي يستأجر كل منهم حيزاً فيه هو جراج خاص لا يقدم أي خدمات ويحكم علاقاتهم بالمالك عقد إيجار المكان، ولا يعد عقد إيواء سيارة وأنه يجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير بكافة طرق الإثبات القانونية، وقدموا تأييداً لدفاعهم إيصالات الأجرة التي تضمنت تخصيص مبلغ 2 جنيه لاستعمال الجراج، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن عين النزاع جراج عام لا ينتفع الطاعنون بالحيز المكاني فيه فقط بل يشمل الانتفاع بمجموعة من الخدمات هي الحراسة والنظافة وخلافه مقابل ما يدفعونه من أجرة ومن ثم لا تخضع علاقتهم بالمطعون ضده لأحكام قانون إيجار الأماكن وكان الحكم لم يكشف في مدوناته عن المصدر الذي استقى منه وجود الخدمات التي أشار إليها في أسبابه واعتبرها هي العنصر الجوهري في التعاقد دون الحيز المكاني ذاته، وأطرح دفاع الطاعنين في هذا الخصوص دون أن يعني ببحثه على نحو يدل بأن المحكمة قد فطنت إلى حقيقة هذا الدفاع وأخضعته لتقديرها رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به - إن صح وجه الرأي فيه في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.