أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 983

جلسة 26 من مايو سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة، محمد فؤاد شرباش، محمد محمد طيطه وسامي فرج.

(160)
الطعن رقم 269 لسنة 51 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" التأجير من الباطن "بيع الجدك".
(1) عقد الإيجار من الباطن. لا ينشئ علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي إلا بالنسبة للأجرة ولو كان مصرحاً في عقد الإيجار الأصلي بالتأجير من الباطن. الاستثناء. قبول المؤجر الأصلي الإيجار من الباطن بعد تمامه أو استيفائه الأجرة من المستأجر من الباطن دون تحفظ.
(2) تأجير المستأجر الأصلي عين النزاع للمطعون ضدها من الباطن. قيامها ببيعها بالجدك إلى الطاعنة دون توافر الشروط اللازمة للبيع. حصول الأخيرة على عقد إيجار عن العين من الحارس القضائي على العقار. اعتبار ذلك تعرضاً قانونياً للمستأجر الأصلي في حقوقه الناشئة قبل المطعون ضدها عن عقد الإيجار المبرم بينهما. حقه في مطالبتها بالأجرة المستحقة له قبلها بموجب هذا العقد.
1- مفاد المادتين 596، 597 من القانون المدني أنه في الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلي فيطالب كل منهما الآخر بحقوقه بمقتضى هذا العقد وتسري على العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن ولا ينشأ هذا العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي إلا في شيء واحد هو الأجرة فيكون المستأجر من الباطن ملزماً بأن يؤدي للمؤجر مباشرة ما يكون في ذمة المستأجر الأصلي من الأجرة وقت إنذار المؤجر له عن المدة التي تلحق الإنذار على نحو ما فصلته المادة 597 من ذات القانون أما سائر الحقوق والالتزامات الأخرى الناشئة عن عقد الإيجار فتبقى العلاقة بالنسبة لها غير مباشرة ما بين المؤجر الأصلي والمستأجر من الباطن يتوسط بينهما المستأجر الأصلي، ولا ينشئ عقد الإيجار من الباطن علاقة مباشرة بين المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن ولو كان قد صرح للمستأجر في عقد الإيجار الأصلي بالتأجير من الباطن إلا إذا قبل المؤجر الأصلي الإيجار من الباطن بعد تمامه أو استوفى الأجرة من المستأجر من الباطن دون تحفظ.
2- إذ كان الثابت أن المطعون ضده الأول المستأجر الأصلي للعين محل النزاع وهو مصرح له من المالك بالتأجير من الباطن قد أجر العين من المطعون ضدها الثانية فباعتها الأخيرة بالجدك إلى الطاعنة دون أن تتوافر الشروط اللازمة لهذا البيع وحصلت الطاعنة على عقد إيجار عن العين من المطعون ضده الأخير بصفته حارساً قضائياً على العقار الكائنة به هذه العين فإن البيع الحاصل من المطعون ضدها الثانية للطاعنة بما يتضمنه من تنازل عن الحق في الإيجار دون قبول صريح أو ضمني من المطعون ضده الأول لهذا البيع أو أن تتوافر له شروطه وقيام المطعون ضده الأخير أثر ذلك بتحرير عقد إيجار للطاعنة يعتبر من قبيل التعرض القانوني للمطعون ضده الأول (المستأجر الأصلي) في حقوقه قبل المطعون ضدها الثانية الناشئة عن عقد الإيجار المبرم بينهما ولا يحول هذا التصرف دون حق الأول في مطالبة الثانية بالأجرة المستحقة له قبلها بموجب هذا العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أقام على الشركة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 4541 سنة 1977 مدني كلي إسكندرية طالباً الحكم بمنع تعرض الطاعنة والمطعون ضدهما الثالثة والرابع له بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1976 المتضمن استئجار الطاعنة من المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ 1400 جنيه أجرة العين من إبريل 1976 حتى نوفمبر سنة 1977 وإخلاء العين المؤجرة وتسليمها له خالية وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ في سنة 1943 استأجر مخزنين للبضائع وأجر إحداهما في 1960 إلى الشركة العامة للتجارة الدولية التي اندمجت في الشركة المطعون ضدها الثانية ووافق المالك على هذا التأجير في 1967 وإذ قعدت المطعون ضدها الثانية عن الوفاء بالأجرة المستحقة عن المدة من مايو سنة 1976 حتى نوفمبر سنة 1977 رغم إنذارها كما تنازلت عن إجارة جزء من محل النزاع إلى الشركة الطاعنة التي قررت بأنها اشترته منها بالجدك وحرر لها المطعون ضده الأخير بصفته حارساً قضائياً على أملاك المؤجر عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1976 وكان هذا التأجير الأخير للعين يعتبر تعرضاً له في الانتفاع بها فأقام الدعوى. حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 1400 جنيه ورفضت ما عدا ذلك من طلبات استأنف المطعون ضده الأول الحكم بالاستئناف رقم 89 لسنة 35 ق إسكندرية وأقامت المطعون ضدها الثانية استئنافاً فرعياً وبتاريخ 26/ 11/ 1980 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 1330 جنيه وبمنع تعرض الطاعنة والمطعون ضدهما الثالثة والرابع للمطعون ضده الأول في الانتفاع بالعين محل النزاع، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور وفساد الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بإلزام المطعون ضدها الثانية بسداد الأجرة المستحقة عن العين محل النزاع دون يعتد بإيداع الطاعنة لهذه الأجرة بصفتها أصبحت المستأجرة للعين بعد أن تنازلت لها المطعون ضدها الثانية عن إجارتها وباعتها بالجدك وقد أقام قضائه بذلك على سند من بطلان هذا البيع دون أن يبحث أثر المركز القانوني الذي توافر للطاعنة ويجيز موافقة المالك على هذا التنازل باعتباره يولد علاقة مباشرة بينها وبين الأخير ويكون نافذاً في حق المستأجر الأصلي - المطعون ضده الأول - مجرداً من واقعة البيع بالجدك خاصة وأن العقد المبرم بين الأخير والمطعون ضدها الثانية لا يمنع هذا التنازل فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد المادتين 596، 597 من القانون المدني أنه في الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلي فيطالب كل منهما الآخر بحقوقه بمقتضى هذا العقد وتسري على العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن ولا ينشئ هذا العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي إلا في شيء واحد هو الأجرة فيكون المستأجر من الباطن ملزماً بأن يؤدي للمؤجر مباشرة ما يكون في ذمة المستأجر الأصلي من الأجرة وقت إنذار المؤجر له عن المدة التي تلحق الإنذار على نحو ما فصلته المادة 597 من ذات القانون أما سائر الحقوق والالتزامات الأخرى الناشئة عن عقد الإيجار فتبقى العلاقة بالنسبة لها غير مباشرة ما بين المؤجر الأصلي والمستأجر من الباطن يتوسط بينها المستأجر الأصلي ولا ينشئ عقد الإيجار من الباطن علاقة مباشرة بين المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن ولو كان قد صرح للمستأجر في عقد الإيجار الأصلي بالتأجير من الباطن إلا إذا قبل المؤجر الأصلي الإيجار من الباطن بعد تمامه أو استوفى الأجرة من المستأجر من الباطن دون تحفظ. لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضده الأول المستأجر الأصلي للعين محل النزاع وهو مصرح له من المالك بالتأجير من الباطن قد أجر العين إلى المطعون ضدها الثانية فباعتها الأخيرة بالجدك إلى الطاعنة دون أن تتوافر الشروط اللازمة لهذا البيع وحصلت الطاعنة على عقد إيجار عن العين من المطعون ضده الأخير بصفته حارساً قضائياً على العقار الكائنة به هذه العين فإن البيع الحاصل من المطعون ضدها الثانية للطاعنة بما يتضمنه من تنازل عن الحق في الإيجار دون قبول صريح أو ضمني من المطعون ضده الأول لهذا البيع أو أن تتوافر له شروطه وقيام المطعون ضده الأخير إثر ذلك بتحرير عقد إيجار للطاعنة يعتبر من قبيل التعرض القانوني للمطعون ضده الأول (المستأجر الأصلي) في حقوقه قبل المطعون ضدها الثانية الناشئة عن عقد الإيجار المبرم بينهما ولا يحول هذا التصرف دون حق الأول في مطالبة الثانية بالأجرة المستحقة له قبلها بموجب هذا العقد.
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استعرض شروط بيع المحل التجاري أو الصناعي بالجدك وفقاً لنص المادة 594 من القانون المدني وانتهى إلى عدم انطباقها على بيع العين محل النزاع لأنها مؤجرة لاستعمالها كمخزن ثم أورد بمدوناته أن هذا البيع الصادر من المستأجر من الباطن (المطعون ضدها الثانية) قد صدر باطلاً ومن ثم لا ينفذ في حق المؤجر (المطعون ضده الأول) وتظل المستأنف ضدها الثانية (المطعون ضدها الثانية) هي مستأجرة العين وبالتالي هي الملتزمة بسداد الأجرة للمؤجر دون المستأنف ضده الثالث (الطاعن) الذي لا تربطه بالمستأنف (المطعون ضده الأول) صلة بعد أن انتهت المحكمة إلى بطلان البيع بالجدك، وإلى أنه يمتنع على المستأنف ضدهم عدا الثانية (المطعون ضدها الثانية) التعرض للمستأنف (المطعون ضده الأول) في الانتفاع بالعين المؤجرة له ومنها إصدار عقد إيجار بالعين المستأنف ضده الأخير (المطعون ضده الأخير) للمستأنف ضده الثالث (الطاعن) وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغاً ومقبولاً له أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه يتفق مع صحيح القانون فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن