أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 992

جلسة 26 من مايو سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج وعبد المعين لطفي جمعة.

(162)
الطعن رقم 1365 لسنة 54 القضائية

(1) نقض "المصلحة في الطعن. حكم" الطعن في الحكم. دعوى "الدعوى البوليصية".
المصلحة في الطعن بالنقض. مناطها. أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن. العبرة بوقت صدور الحكم. م 3 قانون المرافعات. (مثال بصدد توافر مصلحة للطاعن في الطعن على حكم صادر ضده).
(2) دعوى "الدعوى البوليصية" بيع.
الدعوى البوليصية. ماهيتها. أثر الحكم الصادر فيها. عدم قبولها إذا كان القصد منها ثبوت ملكية العين للمدعي فيها أو تقرير أفضلية عقد شرائه للعين على عقد آخر صادر من ذات المتصرف أن أحد ورثته. علة ذلك.
1- قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها وعند استئناف الحكم الذي يصدر فيها، ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن عندما قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر، والعبرة في قيام المصلحة وعدم قيامها بوقت صدور الحكم محل الطعن بالنقض وبالنظر وقتذاك إلى جميع وقائع الدعوى وظروفها الثابتة بالحكم وتقدير ما إذا كان ما يمكن النعي عليه من خطأ في القانون أضر بالطاعن أو لم يضر به، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن دفع دعوى عدم نفاذ التصرف المرفوعة عليه بعدم قبولها وطلب الحكم بذلك أو برفضها لعدم تحقق شروطها المقررة في القانون فصدر الحكم المطعون فيه الذي استجاب في قضائه لطلبات المطعون ضده الأول فقضى بعدم نفاذ عقد شراء الطاعن في حقه فإن الحكم يكون قد أضر بالطاعن المحكوم عليه وتوافرت له مصلحة قائمة يقرها القانون في الطعن عليه بطريق النقض ويكون الدفع المبدي من المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن على غير أساس.
2- الدعوى البوليصية هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين المعسر إضراراً بدائنه وترتب على الحكم الصادر فيها لصالح الدائن أن ترجع ملكية العين المتصرف فيها إلى الضمان العام للدائنين، ومن ثم فهي تعد وسيلة يتمكن بها الدائن أن يستأدى دينه من ثمن العين المطلوب إبطال التصرف الحاصل من مدينه فيها في مواجهة المتصرف إليه، مما يستتبع أن تكون الدعوى غير مقبولة إذا كان المدعي يستهدف فيها طلب ثبوت ملكية العين لنفسه أو تقرير أفضلية عقد شرائه لهذه العين على عقد شراء آخر صدر إليه التصرف من نفس البائع أو ورثته إذ ليس للدائن في مقام التنفيذ بدينه أن يطالب ملكية العقار الذي يجري عليه التنفيذ وليس من نتائج هذه الدعوى التقرير بثبوت ملكية المدعي للعقار الذي يطلب عدم نفاذ التصرف فيه من المدين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 4096 سنة 1978 مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية على الطاعن وباقي المطعون ضدهم طالباً الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 12 من أبريل سنة 1973 الصادر من المطعون ضدهم من الثانية للأخيرة إلى الطاعن المتضمن ببيعهم له تسعة أفدنة المبينة في هذا العقد في حقه، وقال بياناً للدعوى أنه اشترى من المرحوم..... - مورث المطعون ضدهم من الثانية للأخيرة - أرضاً زراعية مساحتها 16 فدان كائنة بزمام سقارة مركز البدرشين بموجب ثلاثة عقود ابتدائية مؤرخة 30 من يوليو، 21 من أكتوبر 21 من نوفمبر سنة 1971 وصدر لصالحه حكم من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 770 لسنة 1973 مدني قضى بصحة ونفاذ هذه العقود، وقد فوجئ بالطاعن يتعرض له في حيازته للأرض مشتراه استناداً إلى شرائه مساحة تسعة أفدنة منها من المطعون ضدهم من الثانية للأخيرة بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 12 من أبريل سنة 1973 وحصل بموجبه على حكم من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 1673 سنة 1977 مدني قضى بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة، وإذ كان الطاعن وباقي المطعون ضدهم قد تواطئوا فيما بينهم غشاً وإضراراً به وأبرموا عقد البيع سالف الذكر، لذا فقد أقام الدعوى ليحكم له بمطلبه فيها وأثناء نظر الدعوى قدم المطعون ضده الأول مذكرة طلب فيها الحكم أصلياً بصورية عقد البيع المؤرخ 12 من أبريل سنة 1973 واحتياطياً بعدم نفاذه في حقه. وبتاريخ 30 من يناير سنة 1983 قضت المحكمة بعدم قبول طلب صورية عقد البيع المؤرخ 12 من أبريل سنة 1973 وبعدم نفاذ هذا العقد. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1939 سنة 100 قضائية كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 2039 سنة 100 قضائية، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني للأول حكمت بتاريخ 7 من مارس سنة 1984 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل وقدم المطعون ضده الأول مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن لانعدام المصلحة وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن لانعدام المصلحة هو أنه صدر لصالحه حكم من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 770 سنة 1973 مدني قضى بصحة ونفاذ عقود البيع الصادرة له من مورث باقي المطعون ضدهم وأنه سجل صحيفة تلك الدعوى بتاريخ 21/ 6/ 1973 وإذ تم التأشير بمنطوق الحكم النهائي الصادر في الاستئناف رقم 1885 لسنة 92 قضائية القاهرة على هامش تسجيل الصحيفة فإن ملكية الأرض تكون قد انتقلت إليه منذ تاريخ تسجيل الصحيفة وقبل قيام الطاعن بتسجيل عقد شرائه للصادر له من ورثة البائع بما تنتفي معه مصلحته في الطعن على الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك بأن قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفقاً للمادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها وعند استئناف الحكم الذي يصدر فيها، معيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن عندما قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر، والعبرة في قيام المصلحة وعدم قيامها بوقت صدور الحكم محل الطعن بالنقض وبالنظر وقتذاك إلى جميع وقائع الدعوى وظروفها الثابتة بالحكم وتقدير ما إذ كان ما يمكن النعي عليه من خطأ في القانون أضر بالطاعن أو لم يضر به، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن دفع دعوى عدم نفاذ التصرف المرفوعة عليه بعدم قبولها وطلب الحكم بذلك أو برفضها لعدم تحقق شروطها المقررة في القانون فصدر الحكم المطعون فيه الذي استجاب في قضائه لطلبات المطعون ضده الأول فقضى بعدم نفاذ عقد شراء الطاعن في حقه، فإن الحكم يكون قد أضر بالطاعن المحكوم عليه وتوافرت له مصلحة قائمة يقرها القانون في الطعن عليه بطريق النقض ويكون الدفع المبدي من المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بالحق في الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن موضوع النزاع المطروح في الدعوى لا علاقة له بأحكام الدعوى البوليصية إذ أن المطعون ضده الأول لم يرفع دعواه باعتباره دائناً ولم يطالب بالثمن الذي قال أنه دفعه لمورث باقي المطعون ضدهم بل أقام الدعوى بوصفه مشترياً وطالب بالملكية ذاتها مستهدفاً المفاضلة بين عقود شرائه من المورث وعقد شراء الطاعن من الورثة وهو ما لا يصح أن يكون موضوعاً للدعوى البوليصية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أغفل تمحيص هذا الدفاع ولم يعن بالرد عليه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن الدعوى البوليصية هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين المعسر إضراراً بدائنه ويترتب على الحكم الصادر فيها لصالح الدائن أن ترجع ملكية العين المتصرف فيها إلى الضمان العام للدائنين، ومن ثم فهي تعد وسيلة يتمكن بها الدائن أن يستأدي دينه من ثمن العين المطلوب إبطال التصرف الحاصل من مدينه فيها في مواجهة المتصرف إليه، مما يستتبع أن تكون الدعوى غير مقبولة إذا كان المدين يستهدف منها طلب ثبوت ملكية العين لنفسه أو تقرير أفضلية عقد شرائه لهذه العين على عقد شراء آخر صدر إليه التصرف من نفس البائع أو ورثته، إذ ليس للدائن في مقام التنفيذ بدينه أن يطالب بملكية العقار الذي يجري عليه التنفيذ وليس من نتائج هذه الدعوى التقرير بثبوت ملكية المدعي للعقار الذي يطلب عدم نفاذ التصرف فيه من المدين، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق المطعون ضده الأول أثار أمام محكمة الموضوع بدرجتيها الادعاء بأن ملكية العقار محل التداعي قد انتقلت إليه لأنه سجل صحيفة دعوى صحة ونفاذ عقد شرائه من مورث باقي المطعون ضدهم في 21/ 6/ 1973 وصدر حكم نهائي بصحة ونفاذ هذا العقد وتأشر بتسجيل الحكم فتكون الملكية قد انتقلت إليه منذ ذلك التاريخ الذي سجلت فيه صحيفة دعواه والسابق على تسجيل عقد شرائه الطاعن الصادر إليه من ورثة البائع له وطلب في دفاعه أمام محكمة الاستئناف عدم الاعتداد بالتصرف الحاصل إلى الطاعن لصدوره ممن لا يملكون العقار المبيع، وكان الطاعن قد تمسك لدى تلك المحكمة بعدم قبول الدعوى لأن المطعون ضده الأول لم يرفع دعواه بوصفه دائناً بالثمن الذي قبضه مورث باقي المطعون ضدهم عند بيع العقار إليه بل أقامها بوصفه مشترياً مطالباً بملكية العقار لنفسه وقصد من دعواه تقرير أفضلية عقده، وإذ لم يعن الحكم المطعون فيه ببحث وتمحيص دفاع الطاعن رغم ما له من دلالة مؤثرة في قضاء الحكم فإنه يكون معيباً بالقصور مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث الأوجه الأخرى التي بني عليها الطعن.