أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1846

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين عبد العزيز فودة، وليم بدوي، محمد لطفي السيد ومحمد لبيب الخضري.

(361)
الطعن رقم 845 لسنة 50 القضائية

أهلية. عقد "أركان العقد" "عيوب الإرادة". بطلان.
بطلان التصرف الصادر من المجنون أو المعتوه قبل تسجيل قرار الحجر. شرطه. شيوع حالة الجنون أو العته أو علم الطرف الآخر بها. وقت التعاقد. م 114/ 2 مدني.
النص في الفقرة الأولى من المادة 114 من القانون المدني على أنه "يقع باطلاً تصرف المجنون أو المعتوه إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر" وفي الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أنه "أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها" مفاده أن العبرة في تحري أهلية العاقد بأهليته في الوقت الذي انعقد فيه العقد، وأن المشرع أقام من صدور قرار بالحجر على المجنون أو المعتوه وقت تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير بذلك أما إذا لم تقم هذه القرينة وصدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فقد اشترط المشرع لبطلان التصرف الصادر من المجنون أو المعتوه شيوع حالة الجنون أو العته أو علم الطرف الآخر بها، ويكفي في ذلك أن تتوافر إحدى الحالتين سالفتي البيان لحظة حصول التعاقد ليكون التصرف باطلاً لانعدام ركن من أركانه هو صدوره عن إرادة سليمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1074 سنة 1973 مدني كلي كفر الشيخ على المطعون ضده بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 14/ 7/ 1970 المتضمن بيعه لها فدانين أطياناً زراعية لقاء ثمن قدره 1200 جنيه والتسليم وكف منازعة المطعون ضده لها فيه، وقام دفاع المطعون ضده على أنه كان في حالة عته شائعة، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت الطبيب الشرعي وأحالت الدعوى للتحقيق قضت في 13/ 3/ 1979 بصحة ونفاذ العقد المذكور والتسليم وكف المنازعة استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 84 سنة 12 قضائية طنطا مأمورية كفر الشيخ وبتاريخ 6/ 2/ 1980 قضت محكمة ثاني درجة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، مما تنعاه الطاعنة فيها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعواها بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون ضده على أساس أن هذا الأخير كان في حالة عته وقت التعاقد ورتب على ذلك بطلان العقد دون أن يثبت الحكم أن حالة العته هذه كانت شائعة وقت التعاقد أو أن الطاعنة كانت على بينة منها وفقاً لما يقضي به نص المادة 114 من القانون المدني، يضاف إلى ذلك خلو التقرير الطبي الشرعي وأقوال شاهدي المطعون ضده مما يعين على تأكيد إرجاع الحالة إلى وقت التعاقد مما يشوب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 114 من القانون المدني على أنه "يقع باطلاً تصرف المجنون أو المعتوه إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر" وفي الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أنه "أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها" مفاده أن العبرة في تحري أهلية العاقد بأهليته في الوقت الذي انعقد فيه العقد، وأن المشرع أقام من صدور قرار الحجر على المجنون أو المعتوه وتسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير بذلك أما إذا لم تقم هذه القرينة وصدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فقد اشترط المشرع لبطلان التصرف من المجنون أو المعتوه شيوع حالة الجنون أو العته أو علم الطرف الآخر بها، ويكفي في ذلك أن تتوافر إحدى الحالتين سالفتي البيان لحظة حصول التعاقد ليكون التصرف باطلاً لانعدام ركن من أركانه هو صدوره عن إرادة سليمة، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن دفاع المطعون ضده قام على أنه كان وقت التعاقد في حالة عته شائعة وأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على قوله "وفي خصوص هذا النزاع ترى المحكمة أن حالة المستأنف (المطعون ضده) تحمل على الإقناع بعدم التمييز وقت التعاقد للأسباب الآتية....... أولاً: دليل فني مستخلص من تقرير الطبيب الشرعي وهي أنه رجح أن المستأنف (المطعون ضده) لم يكن مستكملاً لقواه العقلية وقت التعاقد...... ثانياً: المرض الذي حدده الطبيب الشرعي...... يرجح عدم الاطمئنان إلى سلامة قواه العقلية وقت التعاقد......
ثالثاً: أقوال شاهديه أيدت هذه الحالة....... التي أوردها تقرير المستشفى من حالة مزمنة مرتجعة...... رابعاً...... المستندات التي قدمتها المستأنف ضدها (الطاعنة) جاءت كلها لاحقة على تاريخ التعاقد...... ومن هذا كله يكون قد ترجح للمحكمة صحة ما ذهب إليه المستأنف من أنه كان معتوهاً وقت التعاقد وعلى ذلك يكون التمسك بالبطلان عملاً بالمادة 114/ 2 مدني له ما يبرره" دون أن يستظهر ما إذا كانت حالة عته المطعون ضده شائعة أو أن الطاعنة على بينة منها وقت التعاقد الأمر الذي اشترطه المشرع - على ما سلف - لبطلان التصرف موضوع النزاع مما يشوب الحكم المطعون فيه بالقصور المبطل ومخالفة القانون ويستوجب نقضه.