أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 233

جلسة 28 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، أحمد علي خيري، حسين نعمان نواب رئيس المحكمة وحامد مكي.

(49)
الطعن رقم 2687 لسنة 61 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم توجه إليه طلبات ولم يقض له أو عليه بشيء. غير مقبول.
(2، 3) اختصاص "الاختصاص الولائي". تحكيم "اختصاص هيئات التحكيم". شركات "شركات القطاع العام". هيئات. نظام عام. رسوم "رسوم الشهر العقاري التكميلية". شهر عقاري. بنوك.
(2) اختصاص هيئات التحكيم بالفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام أو بين إحداها وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة. م 56 ق 97 لسنة 1983. تعلقه بالنظام العام. أثره. مخالفة ذلك لا يصححها إجازة أو قبول. مؤداه. خروج الطعون في أوامر تقدير رسوم التوثيق والشهر المرددة بين شركات القطاع العام أو بين إحداها وبين جهة حكومية من ولاية القضاء العادي.
(3) بنوك التنمية الزراعية بالمحافظات. شركات مساهمة تتبع البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي. م 1 ق 117 لسنة 1976. اعتبارها بهذه المثابة من وحدات القطاع العام. مؤداه. انعقاد الاختصاص بنظر المنازعة بين أحد هذه البنوك وبين جهة حكومية لهيئة التحكيم دون غيرها.
(4) نقض.
نقض الحكم لمخالفته قواعد الاختصاص. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص. عند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة الواجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون بل يجب أن يكون قد نازع خصمه في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا كان لم توجه إليه طلبات، ولم يقض له أو عليه بشيء، فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهم عدا البنك المطعون عليه الأول لم توجه منهم أو إليهم ثمة طلبات في الدعوى وقد وقفوا موقفاً سلبياً ولم يبدوا أي دفع أو دفاع فيها ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء ولم تتعلق أسباب الطعن بهم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامهم أمام محكمة النقض ويكون الطعن غير مقبول بالنسبة لهم.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - المنطبق على واقعة الدعوى - على أن "يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون" مؤداه أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر كل نزاع بين الجهات سالفة البيان لأنه لا يقوم على خصومات تتعارض فيها المصالح كما هو الشأن في منازعات الأفراد أو القطاع الخاص بل تنتهي جميعها في نتيجتها إلى جهة واحدة هي الدولة، وإذ كان هذا النص قد جاء من العموم بحيث يشمل كافة المنازعات بغض النظر عن طبيعتها أو موضوعها فإنه يترتب عليه خروج الطعون في أوامر تقدير رسوم التوثيق والشهر المرددة بين شركات القطاع العام أو بين إحداها وبين جهة حكومية - كغيرها من المنازعات الأخرى بينها - من ولاية القضاء العادي واختصاص هيئات التحكيم بها، إذ أن هذا الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته كما لا تصحح هذه المخالفة إجازة ولا يرد عليها قبول.
3 - لما كان القانون رقم 117 لسنة 1976 - في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي - قد نص في مادته الأولى على أن "تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي... وتتبع بنوك التسليف الزراعي والتعاوني الحالية بالمحافظات والمنشأة طبقاً لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك التنمية الزراعية، وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها..." وكان البين من تقرير اللجنة المشتركة من اللجنة الاقتصادية ومكتب لجنة الزراعة والري بمجلس الشعب عن مشروع هذا القانون، أن بنوك التسليف بالمحافظات سوف تظل بعد تغيير مسماها إلى بنوك التنمية الزراعية، وحدات اقتصادية تابعة للبنك الرئيسي في شكل شركات مساهمة مستقلة وهى بهذه المثابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعتبر من وحدات القطاع العام. وكانت المنازعة المطروحة تدور بين البنك وبين الطاعن ممثلاً لجهة حكومية فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لهيئة التحكيم دون غيرها.
4 - المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تقضي بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفته قواعد الاختصاص، تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مكتب الشهر العقاري والتوثيق بالفيوم أصدر أمراً بتقدير مبلغ 2045 جنيه و45 مليم رسوماً تكميلية عن المحرر المشهر برقم 566 بتاريخ 17/ 12/ 1989، فتظلم البنك المطعون عليه الأول من هذا الأمر وقيد تظلمه برقم 26 سنة 1989 مدني الفيوم الابتدائية طالباً إلغاءه استناداً إلى أن موضوع المحرر المشهر قيد عقد رهن عقاري صادر لصالح البنك ضماناً لدين قرض حصل عليه باقي المطعون عليهم منه وهو معفى من الرسوم طبقاً لحكم المادة 19 من قانون إنشاء البنك رقم 117 لسنة 1976، بتاريخ 27/ 12/ 1989 حكمت المحكمة بإلغاء أمر التقدير المتظلم منه، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية الفيوم" بالاستئناف رقم 134 سنة 26 ق، وبتاريخ 13/ 3/ 1991 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن لمن عدا البنك المطعون عليه الأول وبنقض الحكم المطعون فيه، عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لمن عدا البنك المطعون عليه الأول أن هؤلاء لم يكونوا خصوماً حقيقيين في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا كان لم توجه إليه طلبات، ولم يقض له أو عليه بشيء، فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهم عدا البنك المطعون عليه الأول لم توجه منهم أو إليهم ثمة طلبات في الدعوى وقد وقفوا موقفاً سلبياً ولم يبدوا أي دفع أو دفاع فيها ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء ولم تتعلق أسباب الطعن بهم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامهم أمام محكمة النقض ويكون الطعن غير مقبول بالنسبة لهم.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن ما ينعاه الطاعن بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول إنه لما كانت الخصومة الحقيقية مرددة بينه بصفته ممثلاً لجهة حكومية وبين البنك المطعون عليه وهو هيئة عامة أو تابع لهيئة عامة فإن هيئات التحكيم تختص بنظر المنازعة طبقاً لنص المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 بشأن هيئات القطاع العام وشركاته وهو اختصاص متعلق بالنظام العام يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى وإذ فصل الحكم في هذا النزاع متجاوزاً في قضائه حدود ولايته فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - المنطبق على واقعة الدعوى - على أن "يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون" مؤداه أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر كل نزاع بين الجهات سالفة البيان، لأنه لا يقوم على خصومات تتعارض فيها المصالح كما هو الشأن في منازعات الأفراد أو القطاع الخاص بل تنتهي جميعها في نتيجتها إلى جهة واحدة هي الدولة، وإذ كان هذا النص قد جاء من العموم بحيث يشمل كافة المنازعات بغض النظر عن طبيعتها أو موضوعها فإنه يترتب عليه خروج الطعون في أوامر تقدير رسوم التوثيق والشهر المرددة بين شركات القطاع العام أو بين إحداها وبين جهة حكومية - كغيرها من المنازعات الأخرى بينها - من ولاية القضاء العادي واختصاص هيئات التحكيم بها، إذ أن هذا الاختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته كما لا تصحح هذه المخالفة إجازة ولا يرد عليها قبول، لما كان ذلك وكان القانون رقم 117 لسنة 1976 - في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي - قد نص في مادته الأولى على أن "تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى (البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي)... وتتبع بنوك التسليف الزراعي والتعاوني الحالية بالمحافظات والمنشأة طبقاً لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك التنمية الزراعية، وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها..." وكان البين من تقرير اللجنة المشتركة من اللجنة الاقتصادية ومكتب لجنة الزراعة والري بمجلس الشعب عن مشروع هذا القانون، أن بنوك التسليف بالمحافظات سوف تظل بعد تغيير مسماها إلى بنوك التنمية الزراعية، وحدات اقتصادية تابعة للبنك الرئيسي في شكل شركات مساهمة مستقلة وهي بهذه المثابة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعتبر من وحدات القطاع العام. وكانت المنازعة المطروحة تدور بين البنك وبين الطاعن ممثلاً لجهة حكومية فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لهيئة التحكيم دون غيرها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي في موضوع الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تقضي بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفته قواعد الاختصاص، تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعة وباختصاص هيئات التحكيم بنظرها.