أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1864

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين هاشم قراعة، مرزوق فكري، واصل علاء الدين وحسين محمد حسن.

(365)
الطعن رقم 2 لسنة 53 القضائية "أحوال شخصية"

1 - 3 - أحوال شخصية "إثبات: البينة الشرعية".
1 - شروط قبول الشهادة على حقوق العباد في المذهب الحنفي. أن تكون موافقة للدعوى. كفاية الموافقة التضمينية بأن توافق الشهادة بعض المدعي به.
2 - يشترط للشهادة في الفقه الحنفي. أن تكون مطابقة للوقائع المادية، وإلا يكذبها الحس.
3 - يشترط لقبول الشهادة شرعاً. انتفاء التهمة عن الشاهد. مثال في دعوى طلاق.
4 - دعوى "نظر الدعوى". محكمة الموضوع.
4 - تأجيل نظر الدعوى وفتح باب المرافعة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه. إنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع.
1 - المقرر في فقه الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان يتعين لقبول الشهادة على حقوق العباد أن تكون موافقة للدعوى إلا أنه لا يشترط أن تكون هذه الموافقة تامة بأن يكون ما شهد به الشهود هو عين ما ادعاه المدعي بل تكفي الموافقة التضمينية بأن توافق شهادتهم بعض المدعي به.
2 - شرط قبول الشهادة كطريقة من طرق الثبوت في فقه الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون مطابقة للوقائع المادية فلا تكذبها الأمور المحسوسة أو تخرج عن تلك الحقائق الثابتة، فإن كذبها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن ينبني عليها قضاء اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً والظني لا يعارض القطعي.
3 - المقرر شرعاً أن من شروط قبول الشهادة انتفاء التهمة من الشاهد بألا يكون في شهادته جر مغنم له ودفع مغرم عنه أو أن يكون ميل طبيعي للمشهود له أو ميل على المشهود عليه أو أنه تكون بينه والمشهود عليه عداوة في أمر دنيوي من مال أو جاه أو خصام أو ما في ذلك.
4 - تأجيل نظر الدعوى أو فتح باب المرافعة فيها بعد حجزها للحكم وبعد إتاحة المجال لأطرافها بإبداء دفاعهم فيها ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه وإنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1040 لسنة 1980 أحوال شخصية أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر - وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد المؤرخ 27/ 12/ 1968 ودخل بها ولا زالت في عصمته وطاعته، وإذ دأب على ضربها وإهانتها بالقول وهجرها وامتنع عن الإنفاق عليها وطردها من منزل الزوجية مما تضررت منه واستحال معه دوام العشرة بينهما، فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها عناصرها. وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 17/ 12/ 1981 بتطليقها على الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 13 سنة 99 قضائية القاهرة، وفي 22/ 11/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون - وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه عول في قضائه بالتطليق على ما شهد به شاهدا المطعون عليها من سب الطاعن لها بألفاظ تضمنت اتهامها بوجود علاقة آثمة بزوج شقيقتها في حين أن هذه الواقعة لا تدخل في معنى السب وليس من سبل الأضرار التي حددتها المطعون عليها في صحيفة الدعوى فتكون شهادة شاهديها على الواقعة واردة على غير إدعاء ومنفردة عن الدعوى فلا يعتد بها شرعاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في فقه الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان يتعين لقبول الشهادة على حقوق العباد أن تكون موافقة للدعوى إلا أنه لا يشترط أن تكون هذه الموافقة تامة بأن يكون ما شهد به الشهود هو عين ما ادعاه المدعي بل تكفي الموافقة التضمينية بأن توافق شهادتهم بعض المدعي به وهي تقبل اتفاقاً ويأخذ القاضي بما شهد به الشهود باعتباره القدر الثابت بالنية من المدعى به، لما كان ذلك وكان البين من صحيفة الدعوى أن المطعون عليها استندت في طلب التطليق إلى مضارة الطاعن لها بضروب من الإيذاء منها إهانتها بالقول، وكان ما شهد به شاهداها اتهام الطاعن لها بالإثم مع زوج شقيقتها هو صورة من صور الاعتداء بالقول المدعى به فإن شهادتهما وقد وافقت بذلك بعض الدعوى تكون مقبولة وإذ عول الحكم عليها في قضائه بالتطليق فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول أن بينة الإثبات على واقعة السب المدعى بها يكذبها واقع الحال إذ الثابت على لسان المطعون عليها بمذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف وبعدد جريدة الجمهورية الصادر في 12/ 1/ 1979 أن زوج شقيقتها يعمل في الخارج مما لا يتصور معه اتهامها بوجود علاقة آثمة بينهما كما أن هذا الاتهام إن صح يرجع إلى عدم طاعتها له في الامتناع عن زيارة شقيقتها مما يجعل سبب الإساءة راجعاً إليها دونه فلا يجوز الاستناد إلى هذه الإساءة كسبب للمضارة المبيحة للتطليق، وإذ لم يعتد الحكم بما ساقه من بينة للنفي ولم يناقش دلالتها على كذب أقوال شاهدي المطعون عليها وعلى أن سبب الإساءة مرجعه إلى المطعون عليها فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بالوجه الثاني مردود، ذلك أن شرط قبول الشهادة كطريقة من طرق الثبوت في فقه الحنفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون مطابقة للوقائع المادية فلا تكذبها الأمور المحسوسة أو تخرج عن تلك الحقائق الثابتة، فإن كذبها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن يبنى عليها قضاء اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً والظني لا يعارض القطعي. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الطاعن بوجه النعي لا يؤدي إلى القول بأن بينة الإثبات قد جاءت على خلاف أمر محسوس ذلك أن عمل زوج شقيقة المطعون عليها في الخارج لا يقطع بكذب تلك البينة ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه وقد اعتمدها أن يرد استقلالاً على بينة النفي، ويكون النعي في هذا الخصوص على غير أساس. والنعي بالوجه الثالث مردود كذلك أن عدم طاعة المطعون عليها للطاعن في الامتناع عن زيارة شقيقتها وإن كان يحل له تأديبها شرعاً، إلا أنه لا يبيح له في سبيل هذا تقبيحها بما ينال من شرفها ما يجعل الإساءة من جانبه ويكون النعي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بوجود عداوة دنيوية بينه وبين الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليها. تتمثل في إبلاغه الشرطة ضده بأنه بسبيل تبديد منقولات منزل الزوجية وطلب التحفظ عليها مما أذكى الخلاف بين الزوجين فيكون متهماً في شهادته فلا تقبل شرعاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان المقرر شرعاً أن من شروط قبول الشهادة انتفاء التهمة من الشاهد بألا يكون في شهادته جر مغنم له ودفع مغرم عنه أو أن يكون ميل طبيعي للمشهود له أو ميل على المشهود عليه أو أن تكون بينه والمشهود عليه عداوة في أمر دنيوي من مال أو جاه أو خصام أو ما في ذلك إلا أنه لما كان الطاعن إذ اتهم الشاهد الأول للمطعون عليها في شهادته لوجود خصومة بينهما وميل الشاهد للمشهود لها استند في ذلك إلى قوله أن الشاهد أسهم معها في تقديم شكوى ضده للشرطة للتحفظ على منقولات الزوجية لم يقدم لمحكمة الموضوع صورة رسمية من هذا المحضر لتتحرى منه موقف الشاهد في الشكوى ووجه العداوة والميل المدعي بهما، فإن لا على الحكم المطعون فيه إذ اعتمد شهادة هذا الشاهد وعول عليها في قضائه ويكون ما ساقه الطاعن بسبب النعي دفاعاً يخالطه واقع لم يقدم دليله إلى محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أن محاميه الأصلي توفى أثناء نظر الاستئناف فوكل آخر استأجل الدعوى للاطلاع والاستعداد إلا أن المحكمة حجزتها للحكم دون التصريح بتقديم مذكرات ولم تجبه إلى طلب إعادتها للمرافعة لتقديم مستندات مما يعد إخلالاً بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. وذلك أن تأجيل نظر الدعوى أو فتح باب المرافعة فيها بعد حجزها للحكم وبعد إتاحة المجال لأطرافها بإبداء دفاعهم فيها ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه وإنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع فإن رأت أنه لا عذر للخصم في عدم تقديم مستنداته أو إبداء دفاعه رغم إفساح المجال أمامه لذلك فلا عليها إن هي لم تجبه إلى طلبه. إذ كان ذلك وكان الثابت من محاضر جلسات الاستئناف أن الوكيل الأصلي للطاعن حضر عنه في أكثر من جلسة وبعد وفاته حضر الأستاذ....... المحامي مع الطاعن بجلسة 6/ 11/ 1982 وأبدى دفاعه في الدعوى فإنه لا على المحكمة إذ هي لم تجبه بعد ذلك إلى طلب أجل للاطلاع والاستعداد أو فتح باب المرافعة في الدعوى. ويكون النعي على غير أساس.
لما تقدم يتعين رفض الطعن.