أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1047

جلسة 14 من يونيه سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي - نائب رئيس المحكمة، محمد العفيفي، محمد وليد الجارحي ومحمد رضا الخضيري.

(173)
الطعن رقم 698 لسنة 54 القضائية

(1) حيازة "الحيازة الزراعية". دعوى "تكييف الدعوى". اختصاص "الاختصاص الولائي".
تكييف الدعوى وإعطاؤها وصفها الحق. مناطه مخاصمة الجمعية الزراعية بطلب تغيير بيانات الحيازة الزراعية المدونة بسجلاتها.
لا تعد من المنازعات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها. علة ذلك.
(2) حكم "تسبيب الحكم: ما يعد قصوراً". حيازة.
تمسك الطاعن باستئجاره قدراً من أطيان النزاع. دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. حجب الحكم نفسه عن مواجهة هذا الدفاع. خطأ في القانون وقصور.
1- لما كانت العبرة في تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليست بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه الطلبات، وكان البين من الطلبات المقدمة في الدعوى أنها وإن أقيمت في صورة مخاصمة الجمعية بطلب تغيير بيانات الحيازة الزراعية المدونة بسجلاتها عن أطيان النزاع إلا أنها - وبحسب حقيقة المقصود منها - لا تدور مع الجمعية حول هذا التغيير، بل تدور في الواقع بين الطاعن وابن أخيه المطعون ضده الأول حول أصل الحق في حيازة هذه الأطيان وتستهدف الحكم - في مواجهة الجمعية - بهذا الحق لثانيهما دون الأول حتى ترتب الجمعية أثر هذا الحكم في سجلاتها - فإن هذه الدعوى لا تكون من قبل المنازعات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها.
2- لما كان التكييف الصحيح للدعوى أنها تدور حول أصل الحق في حيازة أطيان النزاع، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه يستأجر قدراً من أطيان النزاع بعقد مؤرخ 25/ 11/ 1962 وأنه أناب عنه ابن أخيه المطعون ضده الأول في زراعة تلك الأطيان لحسابه إبان وجوده بالخارج فحجب الحكم نفسه عن مواجهة هذا الدفاع بما أورده بمدوناته من أن "العبرة في الحيازة هي بالسيطرة الفعلية" في حين أن تحقيق هذا الدفاع الجوهري بشقيه قد يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 333 لسنة 1977 إيتاي البارود على الطاعن وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بنقل قيد حيازة الأطيان المبينة بالصحيفة - ومقدارها 13 س، 12 ط، 17 ف - من اسم الطاعن إلى اسمه في سجلات الجمعية الزراعية المطعون ضدها وقال بياناً لدعواه أنه يحوز هذه الأطيان ويزرعها لحسابه بوصفه مالكاً لجزء منها ومستأجراً لباقيها، وإذ كانت حيازتها الزراعية مقيدة في سجلات الجمعية باسم الطاعن - وهو عمه - وكان عمه هذا معاراً بالخارج وليس مالكاً ولا مستأجراً لها فقد أقام دعواه بالطلبات السالفة. دفع الطاعن بأنه يستأجر هذه الأرض من مالكيها وكان المطعون ضده يديرها نيابة عنه إبان وجوده بالخارج فانتهز هذه الفرصة وتمكن من الحصول على عقود باسمه من أولئك الملاك كما حصل على حيازة مؤقتة لها في سجلات الجمعية إلى حين الفصل في هذا النزاع قضائياً. ومحكمة إيتاي البارود ندبت في 15/ 3/ 1979 خبيراً لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 15/ 11/ 1979 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية التي قيدتها برقم 3235 لسنة 1979 وحكمت فيها بجلسة 30/ 12/ 1980 برفضها استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف 9 لسنة 37 ق الإسكندرية ومحكمة الاستئناف أعادت المهمة في 28/ 11/ 1981، 22/ 4/ 1983 إلى مكتب الخبراء لاستكمالها وبعد أن قدم المكتب تقريره التكميلي الثاني قضت في 26/ 1/ 1984 بالطلبات طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى في منازعة إدارية يخرج الفصل فيها عن ولاية المحاكم المدنية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت العبرة في تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليست بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه الطلبات، وكان البين من الطلبات المقدمة في الدعوى أنها وإن أقيمت في صورة مخاصمة الجمعية بطلب تغيير بيانات الحيازة الزراعية المدونة بسجلاتها عن أطيان النزاع إلا أنها - وبحسب حقيقة المقصود منها - لا تدور مع الجمعية حول هذا التغيير، بل تدور في الواقع بين الطاعن وابن أخيه المطعون ضده الأول حول أصل الحق في حيازة هذه الأطيان وتستهدف الحكم - في مواجهة الجمعية - بهذا الحق لثانيهما دون الأول - حتى ترتب الجمعية أثر هذا الحكم في سجلاتها - فإن هذه الدعوى لا تكون من قبيل المنازعات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه تمسك في دفاعه بأنه يستأجر من أطيان النزاع مساحة قدرها 16 س، 16 ط، 9 ف بعقد مؤرخ 25/ 11/ 1962 فالتفت الحكم عن هذا الدفاع تأسيساً على أن العبرة في الحيازة هي بالسيطرة المادية.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان التكييف الصحيح للدعوى - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق - أنها تدور حول أصل الحق في حيازة أطيان النزاع، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه يستأجر قدراً من أطيان النزاع بعقد مؤرخ 25/ 11/ 1962 وأنه أناب عنه ابن أخيه المطعون ضده الأول في زراعة الأطيان لحسابه إبان وجوده بالخارج فحجب الحكم نفسه عن مواجهة هذا الدفاع بما أورده بمدوناته من أن "العبرة في الحيازة هي بالسيطرة الفعلية" في حين أن تحقيق هذا الدفاع الجوهري بشقيه قد يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.