أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 278

جلسة الأول من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم إبراهيم نائب رئيس المحكمة، صلاح سعداوي، محمد أحمد رشدي وعبد المنعم مندور علما.

(57)
الطعن رقم 2043 لسنة 59 القضائية

(1) عقد "عقد النقل البحري". التزام "التزام الناقل البحري: طبيعته". مسئولية.
التزام الناقل البحري. التزام بتحقيق غاية. هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت طريقة التسليم المتفق عليها في العقد. انتفاء مسئوليته إذا أثبت أن العجز أو التلف يرجع إلى قوة قاهرة أو بسبب أجنبي لا يد له فيه. الطرد كأساس لتحديد الحد الأقصى للمسئولية القانونية للناقل عن هلاك البضاعة أو تلفها. ماهيته. لا عبرة بعدد الأوعية التي تجمع فيها الطرود.
(2) حكم "عيوب التدليل: مالا يعد قصوراً".
إغفال الحكم أو عدم الرد على دفاع لا يغير من النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها. لا عيب.
(3) فوائد "سريان الفوائد". التزام. حكم.
سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. شرطه. أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب. القضاء بالتعويض عن العجز في البضاعة. مفاده. أن التعويض لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى. أثره. سريان الفوائد من تاريخ صيرورة الحكم به نهائياً. مخالفة ذلك. خطأ في تطبيق القانون.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التزام الناقل البحري هو التزام بتحقيق غاية هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم ومن ثم لا ينقضي عقد النقل وتنتهي معه مسئولية الناقل إلا بتسليم البضاعة المشحونة إلى المرسل إليه أو نائبه تسليماً فعلياً بالقدر والحال التي وصفت بها في سند الشحن أو إذا أثبت أن العجز أو التلف يرجع إلى قوة قاهرة أو سبب أجنبي لا يد له فيه، وأن كلمة طرد تعني أن البضاعة قد شحنت بعد حزمها في حزمة واحدة أو أكثر سواء تم تغليفها بورق أو قماش أو ما شابهه أو بوضعها في صندوق ولا تعتبر الحاوية بحسب الأصل طرداً وإنما هي وعاء تجمع فيه الطرود التي يذكر عددها عادة في سند الشحن وعلى أساسه يتحدد الحد الأقصى للمسئولية القانونية للناقل عن هلاك البضاعة أو تلفها أثناء الرحلة البحرية وذلك بغض النظر عن عدد الأوعية التي قد تجمع فيها هذه الطرود، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة قد دونت في سند الشحن عدد صناديق الرسالة "الطرود" التي تعهدت بنقلها فضلاً عن وصف البضاعة مشمولها وإذ استخلصت محكمة الاستئناف - في حدود سلطتها الموضوعية - من محضر تفريغ البضاعة المؤرخ 19/ 12/ 1980 ومما قدم من مستندات وجود تلف ببعض الصناديق ونقص في محتوياتها عما هو ثابت بسند الشحن وأن هذا العجز قد حدث قبل استلام المرسل إليه "المطعون ضدها" الرسالة ورتبت على ذلك مسئولية الناقل "الطاعنة" وألزمتها بما ارتأته مناسباً من تعويض لم يتجاوز التحديد القانوني لمسئولية الناقل عن هذه الطرود فإن النعي يكون على غير أساس.
2 - لما كان الثابت من محاضر أعمال الخبير أنه وجه إلى الطاعنة خطاباً موصى عليه بعلم الوصول قبل مباشرة المأمورية يدعوها فيه إلى اجتماعاته وأن وكيلها قد مثل فيها ومن ثم يكون النعي غير مقبول ولا يعيب الحكم المطعون فيه عدم إيراده لهذا الدفاع أو عدم الرد عليه طالما أنه لا يغير من النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
3 - لما كانت المادة 226 من القانون المدني قد اشترطت لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت عجز في البضاعة موضوع الدعوى وقدر في حدود سلطته الموضوعية ما ارتآه مناسباً من تعويض فإن مفاد ذلك أن التعويض المقضي به لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى مما يتعين معه سريان الفوائد اعتباراً من تاريخ صيرورة الحكم به نهائياً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنة الدعوى رقم 215 لسنة 1981 تجاري محكمة بورسعيد الابتدائية انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 28196.17 دولاراً أمريكياً بما يعادل 54136 جنيه و646 مليم والفوائد القانونية وقالت بياناً لذلك إنها بموجب سند شحن مؤرخ 20/ 11/ 1980 شحنت رسالة "قمصان رجالي" على السفينة "......" التابعة للطاعنة في ميناء....... بالصين إلى ميناء بورسعيد وتبين لدى تسلمها الرسالة وجود عجز بها تقدر قيمته بالمبلغ المطالب به تسأل عنه الطاعنة بصفتها وكيلة الناقل البحري وبتاريخ 25/ 1/ 1986 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 46 لسنة 27 ق أمام محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" التي ندبت خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت في 13/ 3/ 1989 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 16140 جنيه 787 مليم والفوائد القانونية بواقع 5% من 1/ 7/ 1981 وحتى تاريخ السداد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل الأول والثالث منها أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما أثبته الخبير من وجود عجز في مشمول بعض طرود الرسالة موضوع الدعوى ورتب على ذلك حساب التعويض المقضي به على أساس عدد هذه الطرود في حين أن محل التزام الناقل وفقاً لما هو ثابت بسند الشحن هو الحاويتان اللتان وصلتا بحالة ظاهرية سليمة يرتفع معها عن الناقل المسئولية عما اكتشف من عجز بالرسالة بعد تفريغها بمخازن الطاعنة كما أن الحد الأقصى للتعويض هو ما يعادل مائتي جنيه إسترليني بواقع مائة جنيه إسترليني عن كل حاوية بصرف النظر عن عدد الطرود.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التزام الناقل البحري هو التزام بتحقيق غاية هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم ومن ثم لا ينقضي عقد النقل وتنتهي معه مسئولية الناقل إلا بتسليم البضاعة المشحونة إلى المرسل إليه أو نائبه تسليماً فعلياً بالقدر والحال التي وصفت بها في سند الشحن أو إذا أثبت أن العجز أو التلف يرجع إلى قوة قاهرة أو سبب أجنبي لا يد له فيه، وأن كلمة طرد تعني أن البضاعة قد شحنت بعد حزمها في حزمة واحدة أو أكثر سواء تم تغليفها بورق أو قماش أو ما شابهه أو بوضعها في صندوق ولا تعتبر الحاوية بحسب الأصل طرداً وإنما هي وعاء تجمع فيه الطرود التي يذكر عددها عادة في سند الشحن وعلى أساسه يتحدد الحد الأقصى للمسئولية القانونية للناقل عن هلاك البضاعة أو تلفها أثناء الرحلة البحرية وذلك بغض النظر عن عدد الأوعية التي قد تجمع فيها هذه الطرود، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة قد دونت في سند الشحن عدد صناديق الرسالة "الطرود" التي تعهدت بنقلها فضلاً عن وصف البضاعة مشمولها وإذ استخلصت محكمة الاستئناف - في حدود سلطتها الموضوعية - من محضر تفريغ البضاعة المؤرخ 19/ 12/ 1980 ومما قدم من مستندات وجود تلف ببعض الصناديق ونقص في محتوياته عما هو ثابت بسند الشحن وأن هذا العجز قد حدث قبل استلام المرسل إليه "المطعون ضدها" الرسالة ورتبت على ذلك مسئولية الناقل "الطاعنة" وألزمتها بما ارتأته مناسباً من تعويض لم يتجاوز التحديد القانوني لمسئولية الناقل عن هذه الطرود فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان والإخلال بحق الدفاع إذ التفت عن دفاعها ببطلان تقرير الخبير الذي اتخذه عماداً لقضائه لمباشرته مأموريته دون إخطارها قبل بدئها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الثابت من محاضر أعمال الخبير أنه وجه إلى الطاعنة خطاباً موصى عليه بعلم الوصول قبل مباشرة المأمورية يدعوها فيه إلى اجتماعاته وأن وكيلها قد مثل فيها ومن ثم يكون النعي غير مقبول ولا يعيب الحكم المطعون فيه عدم إيراده لهذا الدفاع أو عدم الرد عليه طالما أنه لا يغير من النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه قضى بسريان الفوائد القانونية على مبلغ التعويض المقضي به اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية في 1/ 7/ 1981 في حين أنه غير معلوم المقدار وقت الطلب فلا تستحق عنه الفوائد إلا اعتباراً من تاريخ صيرورة الحكم به نهائياً مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة 226 من القانون المدني قد اشترطت لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت عجز في البضاعة موضوع الدعوى وقدر في حدود سلطته الموضوعية ما ارتآه مناسباً من تعويض فإن مفاد ذلك أن التعويض المقضي به لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى مما يتعين معه سريان الفوائد اعتباراً من تاريخ صيرورة الحكم به نهائياً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه