أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 308

جلسة 6 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الزواوي، محمد جمال حامد، أنور العاصي والسيد حشيش نواب رئيس المحكمة.

(62)
الطعن رقم 6130 لسنة 64 القضائية

(1 - 4) حكم "الطعن فيه: جواز الطعن في الأحكام: الأحكام غير الجائز الطعن فيها استقلالاً". استئناف. نظام عام. دعوى "ضم الدعاوى". بيع "دعوى صحة التعاقد". ريع. ملكية.
(1) جواز الطعن في الحكم من عدمه. أمر متعلق بالنظام العام. وجوب بحث المحكمة له من تلقاء نفسها قبل التطرق للموضوع.
(2) عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. الاستثناء. حالاته. م 212 مرافعات. علة ذلك.
(3) ضم دعاوى مختلفة سبباً وموضوعاً. لا يفقد أي منها استقلالها. كون الموضوع في كل منها وجه في نزاع واحد أو كان أساسها واحداً. أثره. اعتبارها خصومة واحدة وفقدان كل منها استقلاله وصيرورة الطلب المقام به أياً منها شق في دعوى واحدة. عدم جواز الطعن على استقلال في الحكم الفاصل في إحداها ولم تنته به الخصومة في الدعوى كلها ما لم يكن من الأحكام المستثناة بنص المادة 212 مرافعات.
(4) دعوى الطاعنة بطلب ثبوت ملكيتها لحصتها الميراثية في عقار ودعواها بطلب حصتها في ريعه ودعوى المطعون ضده الأول قبلها بطلب الحكم بصحة عقد البيع الصادر له من مورثتها لحصة شائعة فيه. ضم هذه الدعاوى. أثره. فقدان كل منها استقلالها. الحكم ابتدائياً للطاعنة بطلباتها في الدعوى الأولى وبندب خبير في الثانية وبرفض الثالثة. عدم جواز الطعن في هذا الحكم على استقلال.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جواز الطعن في الحكم من عدمه يتعلق بالنظام العام ويتعين على المحكمة أن تعرض بالبحث لهذا الأمر من تلقاء نفسها لتقول كلمتها فيه قبل التطرق إلى نظر موضوع الطعن.
2 - مؤدى نص المادة 212 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن استقلالاً في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها وذلك باستثناء الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والقابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوع الدعوى.
3 - إن كان الأصل أن ضم الدعاوى المختلفة سبباً وموضوعاً لنظرها معاً لا يفقد أي منها استقلالها إلا أنه إذا كان الموضوع في كل منها هو مجرد وجه من وجهيّ نزاع واحد أو كان أساسها واحداً فإنه يترتب على ضمها اعتبارها خصومة واحدة فتفقد كل منها استقلالها ويضحي الطلب المقام به أياً منها مجرد شق في دعوى واحدة فلا يجوز الطعن على استقلال في الحكم الذي يفصل في إحداها دون أن تنتهي به الخصومة في الدعوى كلها ما لم يكن من الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات - استثناءً - الطعن فيها على استقلال.
4 - لما كانت الدعوى الثالثة المقامة من المطعون ضده الأول على الطاعنة بطلب الحكم بصحة عقد البيع الصادر من مورثتهما تعتبر دفاعاً موجهاً إلى الدعوى الأولى للطاعنة بطلب ثبوت ملكيتها لحصتها الميراثية في العقار ذاته، وإلى الدعوى الثانية لها بطلب حصتها في ريع ذات العقار على سند من ملكيتها لحصتها الميراثية وعدم صحة تصرف مورثتها بالعقد المشار إليه ويتوقف الفصل فيها على الحكم في الدعوى الأولى، فإن الضم قد دمج الدعاوى الثلاث وأفقدها استقلالها وجعل منها دعوى واحدة، لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة قد رتبت على قضائها بتثبيت ملكية الطاعنة لحصتها الميراثية في عقار النزاع رفض دعوى المطعون ضده الأول بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من مورثتهما وأحالت طلب الطاعنة بإلزام المطعون ضده الأول بأداء ريع حصتها في المدة المطالب بها إلى الخبير لتحقيق عناصره فإن ذلك الحكم لا تنتهي به الخصومة في الدعوى كلها وليس من بين الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات - استثناءً - الطعن فيها على استقلال، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وكان قضاؤه بقبول الاستئناف شكلاً ينطوي على جواز الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية إلا أنه لا يقيد هذه المحكمة بهذا القضاء وتلتزم بالقضاء بعدم جواز الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى 1485 لسنة 1988 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بثبوت ملكيتها لحصة شائعة مقدارها 19 س و1/ 5، 4 ط في كامل أرض وبناء العقار المبين بالأوراق وشطب تسجيل العقد المشهر برقم 185 لسنة 1983 الإسكندرية في حدود حصتها ذلك أنها وشقيقتها المطعون ضدهما الأولين يرثون العقار موضوع النزاع الذي اشترت المورثة أرضه بموجب عقد عرفي محرر عام 1954 وأقامت عليه بناء مُوَّل باسمها، وبعد وفاتها قام شقيقاها بنقل ملكية أرض العقار لاسميهما بالعقد المشهر برقم 185 لسنة 1983 الإسكندرية فأقامت الدعوى بطلباتها السالفة، كما أقامت الطاعنة الدعوى 1142 لسنة 1989 مدني الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضده الأول بطلب الحكم بندب خبير لتقدير نصيبها في ريع العقار ذاته عن المدة 1/ 5/ 1987 حتى 31/ 12/ 1988 وإلزامه بأدائه إليها، ثم أقام المطعون ضده الأول على الطاعنة الدعوى 3169 لسنة 1988 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بصحة العقد المؤرخ 15/ 9/ 1981 المتضمن شرائه من مورثته حصة شائعة في مباني العقار ذاته مقدارها 18 ط، ومحكمة أول درجة ضمت الدعويين الأخيرين للدعوى الأولى للارتباط وبتاريخ 28/ 4/ 1985 حكمت بالطلبات في الدعوى الأولى، وبندب مكتب خبراء وزارة العدل في الدعوى الثانية لتقدير ريع العقار محل النزاع ونصيب الطاعنة فيه وبرفض الدعوى الأخيرة. استأنف المطعون ضده الأول الحكم الصادر في الدعويين الأولى والثالثة بالاستئناف 1124 لسنة 49 ق الإسكندرية، وبتاريخ 19/ 5/ 1994 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأولى وبالطلبات في الدعوى الثالثة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جواز الطعن في الحكم من عدمه يتعلق بالنظام العام ويتعين على المحكمة أن تعرض بالبحث لهذا الأمر من تلقاء نفسها لتقول كلمتها فيه قبل التطرق إلى نظر موضوع الطعن وكان مؤدى نص المادة 212 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن استقلالاً في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها وذلك باستثناء الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والقابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوع الدعوى، وأنه وإن كان الأصل أن ضم الدعاوى المختلفة سبباً وموضوعاً لنظرها معاً لا يفقد أي منها استقلالها إلا أنه إذا كان الموضوع في كل منها هو مجرد وجه من وجهيّ نزاع واحد أو كان أساسها واحد فإنه يترتب على ضمها اعتبارها خصومة واحدة فتفقد كل منها استقلالها ويضحي الطلب المقام به أياً منها مجرد شق في دعوى واحدة فلا يجوز الطعن على استقلال في الحكم الذي يفصل في إحداها دون أن تنتهي به الخصومة في الدعوى كلها ما لم يكن من الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات - استثناءً - الطعن فيها على استقلال. ولما كانت الدعوى الثالثة المقامة من المطعون ضده الأول على الطاعنة بطلب الحكم بصحة عقد البيع الصادر من مورثتهما تعتبر دفاعاً موجهاً إلى الدعوى الأولى للطاعنة بطلب ثبوت ملكيتها لحصتها الميراثية في العقار ذاته، وإلى الدعوى الثانية لها بطلب حصتها في ريع ذات العقار على سند من ملكيتها لحصتها الميراثية وعدم صحة تصرف مورثتها بالعقد المشار إليه ويتوقف الفصل فيها على الحكم في الدعوى الأولى، فإن الضم قد دمج الدعاوى الثلاث وأفقدها استقلالها وجعل منها دعوى واحدة، لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة قد رتبت على قضائها بتثبيت ملكية الطاعنة لحصتها الميراثية في عقار النزاع رفض دعوى المطعون ضده الأول بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من مورثتهما وأحالت طلب الطاعنة بإلزام المطعون ضده الأول بأداء ريع حصتها في المدة المطالب بها إلى الخبير لتحقيق عناصره فإن ذلك الحكم لا تنتهي به الخصومة في الدعوى كلها وليس من بين الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات - استثناءً - الطعن فيها على استقلال، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وكان قضاؤه بقبول الاستئناف شكلاً ينطوي على جواز الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية إلا أنه لا يقيد هذه المحكمة بهذا القضاء وتلتزم بالقضاء بعدم جواز الطعن.