أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 317

جلسة 8 من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم إبراهيم نائب رئيس المحكمة، صلاح سعداوي، محمد أحمد رشدي وعبد المنعم مندور علما.

(64)
الطعن رقم 2317 لسنة 59 القضائية

(1، 2) معاهدات "معاهدة بروكسل". قانون "القانون الأجنبي". نقل "بحري".
(1) قاعدة إقامة الدليل على القانون الأجنبي. مناطها. أن يكون غريباً عن القاضي يصعب عليه الوقوف على أحكامه والوصول إلى مصادره. علمه بمضمونه أو افتراض العلم به. مانع من تطبيق القاعدة. انضمام مصر إلى المعاهدة الدولية الخاصة بسندات الشحن الموقعة ببروكسل في 25/ 8 سنة 1924 وصيرورتها تشريعاً نافذ المفعول. إدخال انجلترا أحكام هذه المعاهدة في تشريعها الداخلي. مؤداه. افتراض علم القاضي بمضمونه وعدم إلقاء عبء إثباته على عاتق المتمسك به.
(2) المواعيد المقررة في المادتين 274، 275 من القانون البحري. عدم تعلقها بالنظام العام. أثره. جواز الاتفاق على مخالفتها أو على المواعيد المنصوص عليها في قانون أجنبي. القانون الانجليزي لنقل البضائع بحراً الصادر سنة 1924. عدم أخذه بنظام الدفع بعدم القبول المقرر في المادتين سالفتيّ الإشارة. النص فيه على تقادم دعوى المسئولية بمدة سنة من تاريخ تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه. إقامة الطاعنة دعواها قبل انقضاء هذه السنة. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبولها. خطأ في تطبيق القانون.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التمسك بقانون أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب إقامة الدليل عليها وكان مرد هذا القضاء هو الاستجابة للاعتبارات العملية التي لا يتيسر معها للقاضي الإلمام بأحكام ذلك القانون فإن مناط تطبيق هذه القاعدة أن يكون القانون الأجنبي غريباً عن القاضي، يصعب عليه الوقوف على أحكامه والوصول إلى مصادره أما إذا كان القاضي يعلم بمضمونه أو كان علمه به مفترضاً فلا محل للتمسك بتطبيق القاعدة، لما كان ذلك وكانت المعاهدات الدولية قد أصبحت مصدراً هاماً من مصادر القانون البحري وطريقاً لتوحيد أحكامه على النطاق الدولي وصارت قواعده بمقتضى هذه المعاهدات قواعد دولية معروفة لدى القضاء البحري في كثير من الدول وكانت مصر قد انضمت إلى المعاهدة الدولية الخاصة بتوحيد بعض القواعد القانونية المتعلقة بسندات الشحن الموقعة ببروكسل في 25/ 8/ 1924 والتي أصبحت تشريعاً نافذ المفعول في مصر بموجب المرسوم بقانون الصادر في 31/ 1/ 1944 وكان بروتوكول هذه المعاهدة قد خوّل الدول المتعاقدة الحق في تنفيذها إما بإعطائها قوة القانون أو بإدخال أحكامها في تشريعها الوطني وكان من المعلوم فقهاً وقضاءً أن انجلترا قد أدخلت أحكام معاهدة سندات الشحن لسنة 1924 في تشريعها الداخلي حيث أصدرت قانون نقل البضائع بحراً لسنة 1924 وجعلت أحكامه مطابقة لأحكام المعاهدة المذكورة التي أصبحت تشريعاً نافذاً في مصر فإن علم القاضي بمضمون هذا القانون يكون مفترضاً ولا يكون ثمة محل لإلقاء عبء إثبات مضمونه على عاتق من يتمسك به.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المواعيد المقررة بالمادتين 274، 275 من القانون البحري لا تتعلق بالنظام العام بما يجوز معه للطرفين عند إبرام عقد النقل البحري إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة بهما أو الاتفاق على المواعيد المنصوص عليها في قانون أجنبي، كما أن الدفع المقرر بموجب هاتين المادتين يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمناً وكان القانون الانجليزي لنقل البضائع بحراً الصادر سنة 1924 والذي جاء مطابقاً لأحكام معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924 لا يعرف نظام الدفع بعدم القبول المقرر في المادتين 274، 275 من القانون البحري المصري وإنما يقرر في الفقرة السادسة من المادة الثالثة المطابقة للنص المقابل في المعاهدة المشار إليها تقادماً لدعوى المسئولية مدته سنة من تاريخ تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها قبل انقضاء هذه السنة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بعدم قبولها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه اليد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 182 لسنة 1983 تجاري بورسعيد الابتدائية انتهت فيها إلى طلب إلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 6815 جنيه و375 مليم والفوائد القانونية وقالت بياناً لذلك إنه بتاريخ 19/ 3/ 1982 وصلت السفينة "....." إلى ميناء بورسعيد قادمة من ميناء "....." بالبرازيل وعليها رسالة سكر لحساب الهيئة العامة للسلع التموينية المؤمن لصالحها لدى الشركة الطاعنة وبعد تفريغها تبين وجود عجز وتلف بها تقدر قيمته بالمبلغ المطالب به والذي دفعته لصاحبة الرسالة التي أحالت كافة حقوقها الناشئة عن ذلك إلى الشركة الطاعنة. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 25/ 6/ 1988 بعدم قبول الدعوى لرفعها على خلاف الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها بالمادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 444 لسنة 29 ق لدى محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد - التي قضت بتاريخ 20/ 3/ 1989 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها على خلاف أحكام المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري المصري على أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على الاتفاق على تطبيق أحكام معاهدة بروكسل لسندات الشحن الصادرة سنة 1924 حال أن سند الشحن تضمن نصاً صريحاً يقضي بتطبيق قانون نقل البضائع بحراً الصادر سنة 1924 وهو القانون الانجليزي والذي جاء مطابقاً في مضمونه لأحكام معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن لسنة 1924.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه إذا كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التمسك بقانون أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب إقامة الدليل عليها وكان مرد هذا القضاء هو الاستجابة للاعتبارات العملية التي لا يتيسر معها للقاضي الإلمام بأحكام ذلك القانون فإن مناط تطبيق هذه القاعدة أن يكون القانون الأجنبي غريباً عن القاضي، يصعب عليه الوقوف على أحكامه والوصول إلى مصادره أما إذا كان القاضي يعلم بمضمونه أو كان علمه به مفترضاً فلا للتمسك بتطبيق القاعدة، لما كان ذلك وكانت المعاهدات الدولية قد أصبحت مصدراً هاماً من مصادر القانون البحري وطريقاً لتوحيد أحكامه على النطاق الدولي وصارت قواعده بمقتضى هذه المعاهدات قواعد دولية معروفة لدى القضاء البحري في كثير من الدول وكانت مصر قد انضمت إلى المعاهدة الدولية الخاصة بتوحيد بعض القواعد القانونية المتعلقة بسندات الشحن الموقعة ببروكسل في 25/ 8/ 1924 والتي أصبحت تشريعاً نافذ المفعول في مصر بموجب المرسوم بقانون الصادر في 31/ 1/ 1944 وكان بروتوكول هذه المعاهدة قد خوّل الدول المتعاقدة الحق في تنفيذها إما بإعطائها قوة القانون أو بإدخال أحكامها في تشريعها الوطني وكان من المعلوم فقهاً وقضاءً أن انجلترا قد أدخلت أحكام معاهدة سندات الشحن لسنة 1924 في تشريعها الداخلي حيث أصدرت قانون نقل البضائع بحراً لسنة 1924 وجعلت أحكامه مطابقة لأحكام المعاهدة المذكورة التي أصبحت تشريعاً نافذاً في مصر فإن علم القاضي بمضمون هذا القانون يكون مفترضاً ولا يكون ثمة محل لإلقاء عبء إثبات مضمونه على عاتق من يتمسك به، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بعدم قبول دعوى الطاعنة لرفعها على خلاف الإجراءات المقررة في المادتين 274، 275 من القانون البحري تأسيساً على أن الطاعنة لم تقم بإثبات القانون الانجليزي الذي اتفق الطرفان في سند الشحن على تطبيقه وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المواعيد المقررة بالمادتين 274، 275 من القانون البحري لا تتعلق بالنظام العام بما يجوز معه للطرفين عند إبرام عقد النقل البحري إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة بهما أو الاتفاق على المواعيد المنصوص عليها في قانون أجنبي، كما أن الدفع المقرر بموجب هاتين المادتين يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمناً وكان القانون الانجليزي لنقل البضائع بحراً الصادر سنة 1924 والذي جاء مطابقاً لأحكام معاهدة بروكسل لسندات الشحن المشار إليها لا يعرف نظام الدفع بعدم القبول المقرر في المادتين 274، 275 من القانون البحري المصري وإنما يقرر في الفقرة السادسة من المادة الثالثة المطابقة للنص المقابل في المعاهدة المشار إليها تقادماً لدعوى المسئولية مدته سنة من تاريخ تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها قبل انقضاء هذه السنة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبولها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.