أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1140

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ - نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

(190)
الطعن رقم 1568 لسنة 54 القضائية

(1، 2) ملكية "الملكية الأدبية والفنية: حق استغلال المصنف: تعديل المصنف أو تحريره". مؤلف.
(1) حق استغلال المصنف مالياً. للمؤلف وحده. لا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن منه أو ممن يخلفه. له أن ينزل عن هذا الحق.
(2) التعديل أو التحوير في المصنف الفني. للمؤلف وحده أو بإذن كتابي منه. تحويل المصنف من لون إلى آخر بإذن المؤلف أو خلفه. جواز إجراء المتعاقد الآخر تحويراً فيه حسبما تقتضيه أصول الفن في اللون الذي حول إليه.
(3) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع.
تفسير العقد من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون الاستخلاص سائغاً وأن تلتزم محكمة الموضوع بعبارات الاتفاق الواضحة وأن لا تعتد بما تعنيه عبارة معينة بذاتها بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها.
(4) محكمة الموضوع "تقدير الدليل: مسائل الواقع". حكم "تسبب الحكم. ما يعد قصوراً". نقض "سلطة محكمة النقض".
تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك. إفصاحها عن مصادر الأدلة وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق. علة ذلك.
1- للمؤلف وحده وفقاً لأحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 في شأن حماية حق المؤلف - الحق في أن ينسب إليه مصنفه، وله حق استغلاله مالياً ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن سابق منه أو ممن يخلفه، وله أن ينزل عن حق الاستغلال هذا بما يشمله مضمونه من الحق في النشر وفي الاشتقاق من المصنف الأصلي.
2- للمؤلف وحده الحق في إدخال ما يرى من تعديل أو تحوير على مصنفه ولا يجوز لغيره أن يباشر شيئاً بغير إذن كتابي منه أو ممن يخلفه إلا أنه إذا أذن هو أو خلفه بتحويل المصنف من لون إلى آخر فإن سلطتهما في هذا الصدد تكون - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - مقيدة فليس لأيهما أن يعترض على ما يقتضيه التحويل من تحوير وتغيير في المصنف الأصلي مما تستوجبه أصول الفن اللون الذي حول إليه المصنف ويفترض رضاءهما مقدماً بهذا التحوير.
3- إذا ما انعقد اتفاق على نقل المؤلف حق استقلال مصنفه إلى الغير فإن هذا الاتفاق كسائر العقود يخضع في تفسيره واستخلاص نية المتعاقدين لسلطة محكمة الموضوع شريطة أن يكون الاستخلاص سائغاً وأن تلتزم المحكمة بعبارات الاتفاق الواضحة وينبغي عليها وهي تعالج التفسير أن لا تعتد بما تعنيه عبارة معينة بذاتها بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها باعتبارها وحدة متصلة متماسكة.
4- إن كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها، إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم فيما انتهى إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن تقدم بطلب لاستصدار أمر على عريضة بوقف عرض فيلم "........" وندب خبير لحصر إيرادات عرضه وتوقيع الحجز عليها، وإذ امتنع رئيس المحكمة الابتدائية عن إصداره فقد أقام الطاعن الدعوى رقم 8819 لسنة 1978مدني أمام محكمة جنوب القاهرة طالباً الحكم بوقف عرض الفيلم آنف الذكر وإلزام الشركة المطعون ضدها أن تؤدي إليه مبلغ عشرين ألف جنيه، وقال بياناً لدعواه أن المطعون ضدها - أغفلت ذكر اسمه كمؤلف للقصة وكاتب للسيناريو والحوار على الشريط السينمائي المعروض وكذلك على الإعلانات المنشورة في الصحف كما عمدت إلى ذكر اسمه محرفاً بالإعلانات الكبيرة ونسبت فيها كتابة السيناريو والحوار إلى كاتب آخر فضلاً عن إدخالها تعديلاً وتحويراً للقصة والحوار المجاز من الرقابة على المصنفات الفنية دون الرجوع إليه، وإذ انطوى هذا المسلك منها على اعتداء على حقوقه الفنية والأدبية فقد أقام الدعوى ليحكم له بمطلبه فيها. وبتاريخ 7 من أبريل سنة 1981 حكمت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الطاعن مبلغ ثلاثة آلاف جنيه. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 4012 لسنة 98 قضائية القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 3312 لسنة 98 قضائية القاهرة طالباً زيادة المبلغ المقضي به، وأمرت محكمة الاستئناف بضم الاستئناف الثاني إلى الأول وقضت في 27 من مارس سنة 1982 بإجابة المطعون ضدها إلى طلباتها في الاستئناف الأول وبرفض الاستئناف الثاني. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواه على سند من انقطاع صلته بالمصنف وزال حقوقه كمؤلف بالنزول عن هذه الحقوق بمقتضى عقد بيع المصنف المؤرخ 6/ 5/ 1973 في حين أن عبارات هذا العقد لا تؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها بل هي تكشف عن أن الطاعن لم ينقل إلى المشتري سوى حق استغلال المصنف الذي لا يخول له تشويه هذا الجهد الفني وإنكاره على صاحبه ولا يمس حق الطاعن في انفراده وحده في إجراء أي تعديل على نحو ما أكدته عبارات البند الثالث من العقد مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن القانون رقم 354 لسنة 1954 في شأن حماية حق المؤلف نص في المادة الخامسة على أن "للمؤلف وحده الحق في تقرير نشر مصنفه، وفي تعيين طريقة هذا النشر، وله وحده الحق في استغلال مصنفه مالياً بأية طريقة من طرق الاستغلال ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابي سابق منه أو ممن يخلفه". وفي المادة السادسة من هذا القانون على أنه "يتضمن حق المؤلف في الاستغلال (أولاً) نقل المصنف إلى الجمهور مباشرة بأية صورة وخاصة بإحدى الصور الآتية: التلاوة العلنية........ أو العرض بواسطة........ السينما......." واتبع ذلك بالنص في المادة السابعة على أن "للمؤلف وحده إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه....... ولا يجوز لغيره أن يباشر شيئاً من ذلك....... إلا بإذن كتابي منه أو ممن يخلفه". وفي المادة التاسعة على أن للمؤلف وحده الحق في أن ينسب إليه مصنفه، وفي أن يدفع أي اعتداء على هذا الحق، وله كذلك أن يمنع أي حذف أو تغيير في مصنفه، على أنه إذا حصل الحذف أو التغيير في ترجمة المصنف مع ذكر ذلك فلا يكون للمؤلف الحق في منعه، إلا إذا أغفل المترجم الإشارة إلى مواطن الحذف أو التغيير أو ترتب على الترجمة مساس بسمعة المؤلف ومكانته الفنية". ثم أورد في المادة السابعة والثلاثين النص على أن للمؤلف أن ينقل إلى الغير الحق في مباشرة حقوق الاستقلال المنصوص عليها في المواد 5 (فقرة ثانية) 6، 7 (فقرة ثانية) من هذا القانون.....، ومفاد هذه النصوص أن للمؤلف وحده الحق في أن ينسب إليه مصنفه، وله حق استغلاله مالياً ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن سابق منه أو ممن يخلفه وله أن ينزل عن حق الاستغلال هذا بما يشمله مضمونه من الحق في النشر وفي الاشتقاق من المصنف الأصلي، وللمؤلف وحده الحق في إدخال ما يرى من تعديل أو تحوير على مصنفه ولا يجوز لغيره أن يباشر شيئاً بغير إذن كتابي منه أو ممن يخلفه، إلا أنه إذا أذن هو أو خلفه بتحويل المصنف من لون إلى آخر فإن سلطتها في هذا الصدد تكون وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - مقيده فليس لأيهما أن يعترض على ما يقتضيه التحويل من تحوير وتغيير في المصنف الأصلي مما تستوجبه أصول الفن في اللون الذي حول إليه المصنف ويفترض رضاءهما مقدماً بهذا التحوير، وإذا ما انعقد اتفاق على نقل المؤلف حق استغلال مصنفه إلى الغير فإن هذا الاتفاق كسائر العقود يخضع في تفسيره واستخلاص نية المتعاقدين لسلطة محكمة الموضوع شريطة أن يكون الاستخلاص سائغاً وأن تلتزم المحكمة بعبارات الاتفاق الواضحة وينبغي عليها وهي تعالج التفسير أن لا تعتد بما تعنيه عبارة معينة بذاتها بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها باعتبارها وحدة متصلة متماسكة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 17 من يونيو سنة 1979 أنه حصل البند الثالث من عقد بيع القصة موضوع النزاع والصادر من الطاعن إلى شركة أفلام...... أنه يتعهد بالقيام بأية تعديلات يطلبها المتعاقد الآخر تنفيذاًَ لأوامر المخرج أو أي جهة رسمية، وكانت عبارات هذا البند تشير إلى أنه لم يأذن لغيره بأن يتناول مصنفه بالتعديل أو التحوير، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى أن الطاعن قد انقطعت صلته بمصنفه وزالت حقوقه المتعلقة به على ما أورده بأسبابه من أنه "بان من....... مطالعة الأوراق أن المستأنف (ممثل الشركة المطعون ضدها) قد اشترى قصة من شركة أفلام...... وأن الشركة الأخيرة قد اشترتها من المؤلف المستأنف عليه (الطاعن) وأقر الأخير بأنه يضحى من حقها استغلال وضع السيناريو والحوار بدون الرجوع عليها كما أن لها حق تعديل القصة المذكورة مع ما يتناسب مع الفيلم بدون الرجوع عليها بأية نسبة من الإيراد، الأمر الذي يشير إلى أن صلته بالقصة قد انقطعت بحصول هذا البيع وبحصول هذا الانقطاع لا يصح له الادعاء بقيام ثمة اعتداء على حقوقه". ومن ثم يكون الحكم قد قصرت أسبابه في الإفصاح عن دلالة البند الثالث من العقد مع هذا الإقرار الذي تحدث عنه إعمالاً لما توجبه قواعد التفسير من الاعتداد بعبارات العقد بأكملها دون الوقوف عند عبارة معينة هذا إلى أنه جاء قاصراً في بيان عبارة إقرار الطاعن بهذا العقد الذي أشار إليه بمدوناته حتى يتسنى لمحكمة النقض بسط رقابتها للوقوف على التكييف الصحيح لذلك الإقرار، وما إذا كان ينطوي على إذن من المؤلف لتحويل مصنفه من عمل مسرحي إلى عمل سينمائي وما يستتبع هذا التحويل من تحوير وتغيير في المصنف الأصلي أم أنه قاطع الدلالة على نزول المؤلف نزولاً غير مقيد عن حقوق له وماهية هذه الحقوق، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب إذ نفى عن الشركة المطعون ضدها الخطأ الموجب لمسئوليتها عن تحريفها اسمه كمؤلف على إعلانات الدعاية عن الفيلم بمقولة أن الاسم المبين بهذه الإعلانات هو اسم اشتهر به في الوسط الفني وذلك دون أن يبين الدليل الذي استمد منه ما أسس عليه قضاءه في هذا الصدد.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها، إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم فيما انتهى إليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في نفي الخطأ الموجب لمسئولية الشركة المطعون ضدها عن تحريف اسم الطاعن كمؤلف للمصنف بإعلانات الدعاية عن الفيلم على أن الاسم المدون بهذه الإعلانات هو الاسم الذي اشتهر به في الوسط الفني دون أن يفصح عن المصدر الذي استقى منه هذه الحقيقة فإنه يكون مشوباً بالقصور.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.