أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1150

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق - نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، عبد الرحيم صالح وعلي محمد علي.

(192)
الطعن رقم 903 لسنة 52 القضائية

(1) عقد "عقد الرهن". رهن. التزام. حجز. حكم "حجية الحكم الجنائي" الدائن المرتهن. استئجاره من المدين الراهن حجرة بمصنع الأخير لحفظ البضاعة محل عقد الرهن المبرم بينهما ضماناً للوفاء بالقرض والنعي في عقد الإيجار على عدم مسئولية الدائن المرتهن عما يلحق البضاعة من سرقة أو تبديد أو تلف. توقيع المرتهن الحجز على تلك البضاعة مع بقائها بالعين المؤجرة لا ينقضي به التزام الراهن. علة ذلك. الحكم نهائياً ببراءة الراهن من تهمة سرقة تلك البضاعة لا تغير من انتفاء مسئولية الدائن المرتهن. علة ذلك.
(2) حكم "إغفال الفصل في بعض الطلبات".
إغفال المحكمة في أحد الطلبات. سبيله. الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه. م 193 مرافعات.
1- لما كان الثابت في الدعوى أن الدائن المرتهن - البنك المطعون ضده - استأجر من المدين الراهن - الطاعن - حجرة بمصنعه لحفظ البضاعة محل عقد الرهن المبرم بينهما ضماناً للوفاء بالغرض، ونص في عقد الإيجار على عدم مسئولية المطعون ضده "بأي حال من الأحوال عما يلحق البضائع المودعة بالأماكن المؤجرة من سرقة أو تبديد أو تلف أو فساد أو نقص فيها أو أوزانها أو أطوالها مهما يكن قيمته أو سببه ويتحمل بكل ذلك الطرف الأول - الطاعن - وحده"، وكان التزام الطاعن هذا لا ينقضي بتوقيع الحجز على هذه البضاعة المودعة بالعين المذكورة مع بقائها بها، ومن ثم فإن الاتفاق على عدم مسئولية المطعون ضده عن سرقة هذه البضاعة وتحمل الطاعن لقيمتها يظل سارياً رغم توقيع الأول الحجز الإداري المذكور، ويبقى الطاعن وحده مسئولاً عن فقدها لأن حيازتها كانت ومن قبل ذلك الحجز للبنك المطعون ضده بمقتضى عقد الرهن، كما لا يغير من انتفاء مسئوليته الحكم نهائياً ببراءة الطاعن من تهمة سرقة تلك البضاعة، ذلك أن حجية الحكم الجنائي قاصرة على مدى ثبوت الفعل الجنائي بالنسبة للطاعن ولا يمتد أثرها إلى ما يتصل بمسئولية المطعون ضده التقصيرية في الفترة اللاحقة على توقيع الحجز.
2- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في أحد الطلبات وإنما يتعين وفقاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لتستدرك ما فاتها الفصل فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 474 لسنة 1980 تجاري كلي جنوب القاهرة على البنك المطعون ضده وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 255.964 جنيه ناتج تصفية الحساب بينهما ومبلغ 3000 جنيه تعويضاً عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة، وقال بياناً لذلك أنه بموجب عقدي فتح اعتماد مؤرخين 2/ 2/ 1975، 5/ 6/ 1975 قام برهن محل تجاري وبضائع قيمتها 7033 جنيه لصالح المطعون ضده ضماناً لاعتماد مفتوح في حدود خمسة آلاف جنيه، ولتأخره عن السداد أوقع البنك حجزين إداريين أحدهما على منقولات المحل والآخر تحت يد النفس على البضائع المشار إليها وفاءاً لدينه وقدره 6214.097 فقام الطاعن بسداد مبالغ جملتها 2500 جنيه من هذا الدين طالباً إمهاله في سداد الباقي، إلا أن المطعون ضده أقام ضده جنحة مباشرة اتهمه فيها بسرقة البضائع المرهونة رغم كونها في حيازته، قضى فيها ببراءته استئنافياً - وإذ أصبح ناتج تصفية الحساب بينهما المبلغ المطالب به فضلاً عما يستحقه من تعويض بسبب خطأ المطعون ضده وضياع الشيء المرهون، فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة، وبتاريخ 18/ 12/ 1980 ندبت محكمة أول درجة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره قضت في 25/ 6/ 1981 بإلزام البنك المطعون ضده بأن يدفع للطاعن مبلغ 255.964 جنيه. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 680 لسنة 98 ق تجاري القاهرة، كما أقام الطاعن استئنافاً فرعياً عنه، وبتاريخ 28/ 1/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ أقام قضاءه برفض إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الفرق بين ثمن البضاعة الفاقدة محل عقد الرهن والدين المضمون على عدم مسئوليته عن فقدها للنص على ذلك في عقد إيجار الحجرة التي كانت مودعة بها والتي تقع بمصنع الطاعن في حين أن هذا النص قد أصبح لاغياً بعد توقيع المذكور حجزاً إدارياً تحت يد النفس على هذه البضاعة في 3/ 2/ 1977 والذي انتقلت بمقتضاه حيازتها إليه وأصبح مسئولاً عن المحافظة عليها وحراستها حتى تاريخ اليوم المحدد للبيع، وقد أكد هذه المسئولية الحكم الصادر ببراءة الطاعن من سرقتها بعد الحجز عليها أثناء وجودها في حراسته، وهو أمر له حجيته المطلقة أمام القضاء المدني وكان يتعين معه مناقشة دلالة محضر الحجز والحكم الجنائي المشار إليها وأثرهما في توافر مسئولية المطعون ضده عن فقد هذه البضاعة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت في الدعوى أن الدائن المرتهن - البنك المطعون ضده - استأجر من المدين الراهن - الطاعن - حجرة بمصنعه لحفظ البضاعة محل عقد الرهن المبرم بينهما ضماناً للوفاء بالقرض، ونص في عقد الإيجار على عدم مسئولية المطعون ضده بأي حال من الأحوال عما يلحق البضائع المودعة بالأماكن المؤجرة من سرقة أو تبديد أو تلف أو فساد أو نقص فيها أو أوزانها أو أطوالها مهما يكن قيمته أو سببه ويتحمل بكل ذلك الطرف الأول - الطاعن - وحده"، وكان التزام الطاعن هذا لا ينقض بتوقيع الحجز على هذه البضاعة المودعة بالعين المذكورة مع بقائها بها، ومن ثم فإن الاتفاق على عدم مسئولية المطعون ضده عن سرقة هذه البضاعة وتحمل الطاعن لقيمتها يظل سارياً رغم توقيع الأول الحجز الإداري المذكور، ويبقي الطاعن وحده مسئولاً عن فقدها، لأن حيازتها كانت ومن قبل ذلك الحجز للبنك المطعون ضده بمقتضى عقد الرهن كما لا يغير من انتفاء مسئوليته الحكم نهائياً ببراءة الطاعن من تهمة سرقة تلك البضاعة، ذلك أن حجية الحكم الجنائي قاصرة على مدى ثبوت الفعل الجنائي بالنسبة للطاعن، ولا يمتد أثرها إلى ما يتصل بمسئولية المطعون ضده التقصيرية في الفترة اللاحقة على توقيع الحجز، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أنه لا محل لإلزام الأخير بالفرق بين قيمة البضاعة ومقدار الدين في ضوء ما نص عليه في عقد الإيجار ولعدم ثبوت توافر خطأ ما في حقه وهو ما يكفي لحمل قضائه وينطوي على الرد الضمني المسقط لدفاع الطاعن، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور والفساد في الاستدلال لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قرر استبعاد استئنافه الفرعي من الرول لعدم سداد الرسم دون أن يلفت نظره إلى ضرورة سداده ورغم أن تخلفه عن ذلك لا يرتب أي بطلان في الإجراءات.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في أحد الطلبات - وإنما يتعين وفقاً لنص المادة 193 من قانون المرافعات الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، وكان الثابت في الدعوى أن محكمة أول درجة لم تتعرض للفصل في طلب الطاعن إلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ 3000 جنيه كتعويض، لما كان ذلك وكان موضوع الاستئناف المقابل للطاعن هو إغفال الفصل في هذا الطلب، فإن طعنه على الحكم لهذا السبب يكون غير مقبول، وإذ قرر الحكم المطعون فيه في مدوناته استبعاد الاستئناف المشار إليه لعدم سداد الرسوم، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - أياً كان وجه الرأي فيه - يضحى غير منتج إذ لا يحقق - بفرض صحته - سوى مصلحة نظرية محضة لا تصلح أساساً للطعن بالنقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.