أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1188

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ مرزوق فكري - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد - نائب رئيس المحكمة، أحمد نصر الجندي، حسين محمد حسن ومصطفى حسيب عباس محمود.

(200)
الطعنان رقما 77، 78 لسنة 55 القضائية "أحوال شخصية"

(1 - 2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات "طرق الإثبات: الاستجواب". "الإحالة إلى التحقيق" "القرائن".
(1) الاستجواب. طريق من طرق تحقيق الدعوى. لجوء المحكمة إليه لا ينم عن إهدارها وسائل الإثبات الأخرى طالما لم تفصح عن ذلك صراحة. حقها في العدول عنه متى وجدت في أوراق الدعوى وما قدم فيها من أدلة ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(2) جواز قبول الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك عند تخلف الخصم عن الحضور في الاستجواب بغير عذر مقبول أو امتناعه عن الإجابة بغير مبرر. 113 إثبات. شرطه. أن يكون حكم الاستجواب قائماً. عدول المحكمة عنه مؤداه. عدم التزامها بإحالة الدعوى إلى التحقيق.
(3) دعوى "دعوى الأحوال الشخصية". حكم "بطلان الحكم". "نيابة عامة".
عدم وجوب إبداء النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى. بطلان الحكم لعدم إبداء رأي النيابة. شرطه. أن تطالب النيابة الكلمة الأخيرة ويحال بينها وبين ما أرادت.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً.
(5) أحوال شخصية. حكم "الطعن في الحكم". نقض. "إجراءات الطعن بالنقض".
الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. وجوب رفعه بتقرير في قلم كتاب محكمة النقض. م 881، 882 مرافعات. رفع الطعن بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ووروده إلى قلم كتاب محكمة النقض بعد انقضاء ميعاد الطعن مضافاً إليه ميعاد المسافة المقرر. أثره. بطلان الطعن.
1- الاستجواب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - طريق من طرق تحقيق الدعوى ولا يتم لجوء المحكمة إليه عن إهدار وسيلة أخرى من وسائل الإثبات طالما لم تفصح عن ذلك صراحة، ويحق للمحكمة أن تعدل عن حكم الاستجواب إذا رأت في أوراق الدعوى وما قدم فيها من أدلة ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء. وإذا لم تفصح محكمة الاستئناف بمناسبة إصدارها حكم الاستجواب عن إهدارها لأقوال شهود الطرفين وأوردت في حكمها المطعون فيه أنها عدلت عن حكم الاستجواب الصادر من هيئة أخرى لأنها رأت في أقوال الشهود والمستندات المقدمة في الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها، فإنها لا تكون قد أقدمت على إجراء باطل في هذا الخصوص.
2- إذ نصت المادة 113 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 على أنه "إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة بغير مبرر جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك". فإن مجال إعمال النص يكون مقصوراً على بقاء حكم الاستجواب قائماً، وإذ عدلت محكمة الاستئناف عن حكم الاستجواب فلا محل لإعمال حكم النص ولا عليها إن هي لم تحل الدعوى إلى التحقيق من جديد على سند منه.
3- المقرر في هذه المحكمة - أن القانون لا يوجب إبداء النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى، إذ يحمل سكوتها إنها لم تر فيها ما يغير رأيها الذي سبق أن أبدته، وإن بطلان الحكم لعدم إبداء رأي النيابة لا يصادف محله إلا إذا طلبت النيابة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبينت ما أرادت. وهو ما لم يحصل في الدعوى، هذا إلى أن طلب النيابة أن تبدي رأيها بتنفيذ حكم الاستجواب وعلى ضوء ما يسفر عنه يضحى ولا محل له بعد أن عدلت المحكمة عن هذا الحكم، ولا على المحكمة في هذه الحالة إن هي اكتفت في حكمها المطعون فيه برأي النيابة الذي سبق أن أبدته في الدعوى.
4- المقرر في قضاء المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة المقدمة لها وترجيح ما تطمئن إليه منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض طالما جاء استخلاصها سائغاً.
5- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية يجب رفعه بتقرير في قلم كتاب محكمة النقض طبقاً للمادتين 881، 882 من قانون المرافعات، وأن رفعه بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه صحيح متى ثبت وصول كافة الأوراق إلى قلم كتاب محكمة النقض في خلال الميعاد المحدد للطعن وهو ما يتحقق به الغرض من الإجراء، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 7/ 4/ 1985 وأن الطاعن طعن فيه بالطعن المذكور بتقرير في قلم كتاب محكمة النقض ووصلتها في 10/ 6/ 1985 أي بعد انقضاء ميعاد الطعن مضافاً إليه ميعاد المسافة المقررة بالمادة 16 مرافعات وقدره يومان وهو ما لا تتحقق به الغاية من الإجراء فإن الطعن يكون قد وقع باطلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 118 لسنة 1977 كلي أحوال شخصية طنطا ضد الطاعن للحكم بثبوت وفاة المرحوم........ واستحقاقه الثلث في تركته مع إلزام الطاعن بتسليمه نصيبه فيها. تأسيساً على أن المرحوم....... توفى بتاريخ 3/ 10/ 1973 وانحصر إرثه في المطعون ضده وفي شقيقته باعتبارهم أولاد عمه ويخص كل منهم الثلث في تركته، وإذ كان الطاعن يضع اليد على المنزل الذي خلفه المورث وينازعه في استحقاقه في التركة ومن ثم أقام الدعوى.
أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 27/ 2/ 1979 برفضها، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 16 لسنة 29 ق أحوال شخصية طنطا. أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 7/ 4/ 1985 بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت وفاة المرحوم....... في 3/ 10/ 1973 وأن المطعون ضده من ورثته باعتباره ابن عمه ويستحق في تركته الثلث تعصيباً، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 77، 78 لسنة 55 ق، قدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن رقم 77 لسنة 55 ق، وبطلان الطعن رقم 78 لسنة 55 ق، عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضم الطعن الثاني إلى الأول للفصل فيهما بحكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن رقم 77 لسنة 55 ق استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل الأول والثاني منهما النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان من وجوه (أولها) أن محكمة الاستئناف قضت بجلسة 24/ 5/ 1983 باستجواب الخصوم شخصياً في صدد تسلسل القرابة فيما بين كل منهما وبين المورث في ضوء ما قرره شهود كل من الطرفين. وإذا كان مبنى هذا الحكم هو عدم كفاية أقوال الشهود في إثبات أو نفي ما صدر به الحكم بالاستجواب فإن المحكمة تكون قد أخطأت في عدولها عن هذا الحكم على سند من أن شهادة الشهود والمستندات المقدمة في الدعوى كافية لتكوين عقيدتها فيها (والثاني) أن محكمة الاستئناف بعد أن تخلف المطعون ضده عن حضور الجلسة المحددة للاستجواب كان عليها أن تحيل الدعوى إلى التحقيق مرة ثانية لإثبات السبب الذي من أجله قضت بالاستجواب وذلك عملاً بنص المادة 113 من قانون الإثبات ولكنها لم تتخذ هذا الإجراء مخالفة حكم هذا النص (والثالث) أن المحكمة قضت في الدعوى دون سماع رأي النيابة العامة باعتبارها آخر من يتكلم بنص المادة 15 من قانون المرافعات ذلك أن النيابة قدمت مذكرة رأت فيها إبداء رأيها في الدعوى إلى ما بعد تنفيذ الحكم الصادر باستجواب الخصوم ولكن المحكمة بعد أن عدلت عن حكم الاستجواب لم تطلب من النيابة إبداء رأيها وعولت على أنها سبق وأن أبدت الرأي برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه لقيامه على إجراءات باطلة.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأن الاستجواب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - طريق من طرق تحقيق الدعوى ولا يتم لجوء المحكمة إليه عن إهدار وسيلة أخرى من وسائل الإثبات طالما لم تفصح عن ذلك صراحة، ويحق للمحكمة أن تعدل من حكم الاستجواب إذا رأت في أوراق الدعوى وما قدم فيها من أدلة ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء. وإذا لم تفصح محكمة الاستئناف بمناسبة إصدارها حكم الاستجواب عن إهدارها لأقوال شهود الطرفين وأوردت في حكمها المطعون فيه أنها عدلت عن حكم الاستجواب الصادر من هيئة أخرى لأنها رأت في أقوال الشهود والمستندات المقدمة في الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها، فإنها لا تكون قد أقدمت على إجراء باطل في هذا الخصوص ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس والنعي مردود في وجهه الثاني، ذلك أن المادة 113 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 إذ نصت على أنه "إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة بغير مبرر جاز للحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك" فإن مجال إعمال النص يكون مقصوراً على بقاء حكم الاستجواب قائماً وإذ عدلت محكمة الاستئناف عن حكم الاستجواب على نحو ما ورد في الوجه الأول فلا محل لإعمال حكم النص ولا عليها إن هي لم تحل الدعوى إلى التحقيق من جديد على سند منه، والنعي في وجهه الثالث مردود كذلك بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن القانون لا يوجب إبداء النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى إذ يحمل سكوتها أنها لم تر فيها ما يغير رأيها الذي سبق أن أبدته، وأن بطلان الحكم لعدم إبداء رأي النيابة لا يصادف محله إلا إذا طلبت النيابة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت وهو ما لم يحصل في الدعوى. هذا إلى أن طلب النيابة أن تبدي رأيها بتنفيذ حكم الاستجواب وعلى ضوء ما يسفر عنه ولا محل له بعد أن عدلت المحكمة عن هذا الحكم، ولا على المحكمة في هذه الحالة إن هي اكتفت في حكمها المطعون فيه برأي النيابة الذي سبق أن أبدته في الدعوى.
وحيث إن الطعن ينعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أهدر دلالة المستندات الرسمية التي قدمها الثابت فيها أن اسم والد المطعون ضده..... "وعول على مستند قدمه الأخير مشكوك في صحته يتضمن أن اسم والده"......... "وهو ما كان يستوجب تنفيذ حكم الاستجواب تحديداً لتسلسل القرابة بينهما وبين المورث، هذا إلى أنه أهدر إقرارات صادرة من المطعون ضده تتضمن أن اسمه" ......... وليس ".........." مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة المقدمة لها وترجيح ما تطمئن إليه منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض طالما جاء استخلاصها سائغاً. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت الصلة الموجبة للتوريث بين المطعون ضده والمورث على سند من قوله........ وحيث إنه في حالة الأخذ بالمستندات المقدمة من المستأنف (المطعون ضده) ويكون فيه اسمه...... واسم المتوفى....... فإنه يكون الجد الجامع لكلا الاسمين هو........ وبالتالي يكون المستأنف هو ابن عم للمتوفى وترى المحكمة أن المستندات المقدمة من المستأنف أمام محكمة أول درجة المشار إليها أقوى في الحجية من تلك المستندات المقدمة من المستأنف صادرة من وزارة الدفاع وسجلات الحفظ ومصلحة الأموال المقررة أما المستندات المقدمة من المستأنف عليه فيجوز أن تؤخذ فيها البيانات من واقع إملاء الطالب كما في وثيقة زواج....... المقدمة إذ كان وقتها لا يطالب الزوج بشهادات ميلاد أو بطاقة شخصية أو عائلية وإن هذا الزواج كان في سنة 1928 ويؤيد مستندات المستأنف التي تأخذ بها هذه المحكمة بأقوال شاهدي المستأنف تنفيذاً لحكم التحقيق الصادر من هذه المحكمة في 31/ 3/ 1982 حيث قررا أن المستأنف ابن عم شقيق المورث........ وأنهما يجتمعان على جدهما....... وأيضاً أقوال شاهديه تنفيذاً للحكم الصادر من هذه المحكمة في 25/ 4/ 1981....... والمحكمة تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود حيث شهدوا بعناصر الدعوى كما وردت فضلاً عن تأييدها بالمستندات المشار إليها....... وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً مما له أصله الثابت في الأوراق ومؤدى إلى ما رتبه عليه من القضاء بأن المطعون ضده ابن عم المورث....... ويستحق الثلث في تركته تعصيباً، فإن ما يثيره الطاعن بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
وحيث إنه عن الطعن رقم 78 لسنة 55 ق "أحوال شخصية" فإنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية يجب رفعه بتقرير في قلم كتاب محكمة النقض طبقاً للمادتين 81، 82 من قانون المرافعات وأن رفعه بتقرير من قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه صحيح متى ثبت وصول كافة الأوراق إلى قلم كتاب محكمة النقض في خلال الميعاد المحدد للطعن وهو ما يتحقق الغرض به من الإجراء. وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 7/ 4/ 1985 وأن الطاعن طعن بالطعن المذكور بتقرير في قلم كتاب محكمة استئناف طنطا التي أصدرته والتي أرسلت الأوراق إلى محكمة النقض ووصلتها في 10/ 6/ 1985 أي بعد انقضاء ميعاد الطعن مضافاً إليه ميعاد المسافة المقررة بالمادة 16 مرافعات وقدره يومان وهو ما لا تتحقق به الغاية من الإجراء فإن الطعن يكون قد وقع باطلاً.
ولما تقدم يتعين الحكم ببطلان الطعن.