أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1197

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الحميد سند - نائب رئيس المحكمة، محمد جمال الدين شلقاني، محمد رشاد مبروك والسيد خلف.

(201)
الطعن رقم 1800 لسنة 57 القضائية

عقد "أثر العقد، الوضع الظاهر". دعوى. "الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري". حكم. "تسبيب الأحكام: عيوب التسبيب: القصور: ما يعد قصوراً". إيجار.
قاعدة نسبية أثر العقود. لا تحول دون تطبيق نظرية الأوضاع الظاهرة متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها. مؤدى ذلك. نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق الذي أسهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف بمظهر صاحب الحق. علة ذلك. التمسك بالوضع الظاهر. دفاع جوهري. إغفال بحث مدى توافر شروطه. خطأ وقصور. (مثال في إيجار).
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما يصدر من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد اعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً في وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها يحول ووصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، مما مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن الطاعنة الأولى قد استأجرت مسكناً بالعقار محل النزاع من المالكة الظاهرة بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1965 دون أن تعلم بما ادعاه المطعون عليهم من ملكيتهم للعين المؤجرة فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على عدم نفاذ عقد الإيجار الصادر من غير مالك في مواجهة صاحب الحق، مما حجبه عن تمحيص دفاع الطاعنين للتحقق من مدى توافر شروط الوضع الظاهر وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 12459 سنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بطرد الطاعنين وآخرين من العقار المبين بصحيفة الدعوى والتسليم، وقالوا بياناً لذلك أنه صدر لصالحهم حكماً في الدعويين رقمي 535 سنة 1954، 5249 سنة 1965 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بإلزام الطاعنين وآخرين بتسليم ذلك العقار مستحق الهدم مقابل 160 جنيه، ورغم قيامهم بسداد هذا المبلغ فقد استمر المحكوم عليهم في وضع اليد على العقار غصباً، فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 7/ 11/ 1985 بإجابة المطعون عليهم لطلباتهم. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 7863 سنة 102 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بتاريخ 15/ 4/ 1987 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بصدور عقد إيجار من السيدة...... وهي المالكة الظاهرة لعقار النزاع يتضمن تأجيرها وحدة من العقار للطاعنة الأولى، وأن هذه المالكة قامت بتأجير باقي وحداته لآخرين وتحصيل الأجرة، دون أن تعلم الطاعنة أن المؤجرة المذكورة غير مالكة إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وبنى قضاءه على أن عقد الإيجار لا يسري في حق المطعون عليهم لصدوره من غير مالك وهو ما يخالف أحكام القانون في شأن الاعتداد بالأوضاع الظاهرة، فأخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وإن كان الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها وأن صاحب الحق لا يلتزم بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد اعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً في وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول ووصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالهما واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، مما مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن الطاعنة الأولى قد استأجرت مسكناً بالعقار محل النزاع من المالكة الظاهرة بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1965 دون أن تعلم بما ادعاه المطعون عليهم من ملكيتهم للعين المؤجرة فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على عدم نفاذ عقد الإيجار الصادر من غير مالك في مواجهة صاحب الحق، مما حجبه عن تمحيص دفاع الطاعنين للتحقق من مدى توافر شروط الوضع الظاهر وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.