أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1212

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ - نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

(204)
الطعن رقم 345 لسنة 54 القضائية

أهلية "التصرف في عقار غير كامل الأهلية". بيع "بطلان البيع". عقد "أركان العقد: الرضا: عيوب الرضا: الاستغلال".
الغبن الفاحش في عقار غير كامل الأهلية. شرطه. م 425 مدني مؤداه. الغبن في التعاقد. شرطه. م 129 مدني. استغلال المتعاقد طيشاً بيناً أو هوى جامحاً في التعاقد الآخر. مؤداه.
مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة 425 من القانون المدني أنه يشترط للتمسك بالغبن في البيع وفقاً له أن يكون مالك العقار المبيع غير كامل الأهلية سواء أكان فاقد الأهلية أم كان ناقصها وقت البيع، وأن هذا الدفع فيما لو ثبت صحته وتوافرت شروطه لا يؤدي إلى إبطال العقد وإنما هو سبب لتكملة الثمن، وينبني على ذلك ألا يكون مقبولاً ممن هو كامل الأهلية التمسك بإبطال عقد البيع تطبيقاً لهذا النص وإنما يجوز له طلب الإبطال إذا كان المتعاقد معه قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً ودفعه إلى التعاقد وأوقع به الغبن إعمالاً لنص المادة 129 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 43 لسنة 1980 مدني أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية على الطاعن طالبين الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 16/ 11/ 1979 - والمتضمن بيع الطاعن لهم أرضاً زراعية مساحتها عشرة قراريط شيوعاً في اثني عشر قيراطاً وسهمين مبينة بصحفية الدعوى لقاء ثمن مقداره أربعة آلاف جنيه على سند من أنه قد امتنع عن تنفيذ التزامه بنقل ملكية العقار المبيع إليهم، وأثناء نظر الدعوى ادعى الطاعن تزوير عقد البيع بمقولة أن المطعون ضدهم يستأجرون منه أرض النزاع واستغلوا كف بصره فاستكتبوه توقيعه على ورقة العقد بعد إيهامه أنها تحوي إثبات وفائهم الأجرة، أحالت المحكمة الدعوى لتحقيق التزوير المدعى به، وبعد سماعها البينة قضت بتاريخ 26 من مايو سنة 1982 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة المحرر المطعون فيه، ثم دفع الطاعن ببطلان عقد البيع لوجود عيب شاب إرادته فهو فقدان البصر، كما دفع ببطلان العقد لوجود غبن في البيع يزيد على الخمس، وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1982 حكمت المحكمة برفض هذين الدفعين وبصحة ونفاذ عقد البيع. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 506 لسنة 15 قضائية "دائرة شبين الكوم"، وبتاريخ 7/ 12/ 1983 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه طلب من محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بالبينة الدفع الذي تمسك به من بطلان عقد البيع للغبن في الثمن يزيد على الخمس من القيمة الحقيقية للأرض المبيعة أو ندب خبير لتقدير قيمة هذه الأرض توصلاً إلى إثبات الغبن في البيع إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب واعتنقت قضاء الحكم الابتدائي برفض ببطلان العقد الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة 425 من القانون المدني على أنه "إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية وكان في البيع غبن يزيد على الخمس فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل" يدل على أنه يشترط للتمسك بالغبن في البيع وفقاً له أن يكون مالك العقار المبيع غير كامل الأهلية سواء أكان فاقد الأهلية أم كان ناقصها وقت البيع، وأن هذا الدفع فيما لو ثبت صحته وتوافرت شروطه لا يؤدي إلى إبطال البيع وإنما هو سبب لتكملة الثمن، وينبني على ذلك ألا يكون مقبولاً ممن هو كامل الأهلية التمسك بإبطال عقد البيع تطبيقاً لهذا النص وإنما يجوز له طلب الإبطال، إذا كان المتعاقد معه قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً دفعه إلى التعاقد وأوقع به الغبن إعمالاً لنص المادة 129 من القانون المدني، لما كان ذلك وكان الثابت من واقع الدعوى أن الطاعن لم يطلب عقد البيع للاستغلال وفقاً لهذا النص وإنما تمسك بالبطلان لوقوع غبن في البيع يزيد على الخمس فيما اقتضاه من ثمن العقار المبيع، وكان الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بالبطلان الذي أثاره الطاعن على سند من أن فقده البصر ليس من شأنه أن يؤدي إلى افتقاده أهليته أو نقصها فلا يكون له وهو مكتمل الأهلية التمسك بالغبن المنصوص عليه في المادة 425 من القانون المدني فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا تثريب عليه من بعد إن أعرض عن طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الغبن في البيع إذ صار تحقيق الغبن المدعى به غير مجد بعد ما استبان عدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون للتمسك به.
ولما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.