أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1229

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، فهمي الخياط - نائبي رئيس المحكمة، كمال نافع ويحيى عارف.

(208)
الطعن رقم 2015 لسنة 52 قضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك". محكمة الموضوع. حكم "تسبيب الحكم".
(1) المتجر في معنى المادة 594 مدني. مقوماته عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية. أثره. انتفاء فكرة المتجر ذاتها. إغلاق المتجر وتوقفه عن العمل قبل البيع بفترة وجيزة. ليس من شأنه فقد عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية. إغفال الحكم المطعون فيه الرد استقلالاً على دفاع الطاعنة بتوقف المستشفى المبيعة جدكاً عن العمل قبل البيع بستة أشهر. لا عيب. علة ذلك.
(2) استخلاص الحكم سائغاً من أقوال الشهود توافر عناصر الجدك بالمستشفى المبيعة رغم ما جاء بأقوالهم من إغلاقها قبل البيع وبستة أشهر. لا يعد خروجاً مما يؤدي إليه مدلول تلك الشهادة. علة ذلك.
(3) الضرورة الملجئة لبيع المتجر. م 594 / 2 مدني. استقلال محكمة الموضوع باستخلاصها دون معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. استخلاص الحكم المطعون فيه سائغاً توافر الضرورة الملجئة لبيع المستشفى جدكاً من مرض مورث المطعون ضدها الأولى وعجزه وشريكه عن القيام بالتزاماتهما نحوها. إغفاله دفاع الطاعنة المتمثل في انتفاء حالة الضرورة الملجئة للبيع لعودة أحد البائعين لها لممارسة ذات النشاط مما يكشف أن البيع كان بغرض الكسب. لا عيب. علة ذلك.
(4) حكم "بيانات الحكم" "تسبيب الحكم" بطلان.
بيانات الحكم الجوهرية. ماهيتها إغفالها. أثره. بطلان الحكم. م 178 مرافعات. إغفال الحكم المطعون فيه إيراد دفاع الطاعنة غير الجوهري بأسبابه الواقعية. لا عيب.
1- المتجر في معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والحق في الإجارة ولما كانت هذه المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره ولا يلزم توافرها جميعاً عدا عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتبارها المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى ويترتب على غيبتها انتهاء فكرة المتجر ذاتها، لئن كان ما تقدم إلا أن إغلاق المتجر لا يؤدي بذاته إلى تخلف هذا العنصر باعتبار أن العملاء لا ينصرفون عنه مباشرة وإنما تدريجياً وبالتالي فإن توقف المتجر عن العمل قبل بيعه بفترة وجيزة ليس من شأنه فقد عنصر الاتصال بالعملاء وافتقاد السمعة التجارية. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من دفاع حول توقف المستشفى المبيعة جدكاً عن العمل قبل البيع بستة أشهر وفي فترة وجيزة لا يعد دفاعاً جوهرياً إذ ليس من شأنه تغيير وجه النظر في الدعوى ولا يعيب الحكم إن أغفل الرد عليه على استقلال.
2- استخلاص الحكم من أقوال الشهود توافر عناصر الجدك رغم ما جاء بأقوالهم من إغلاق المستشفى قبل البيع بستة أشهر لا يعد خروجاً عما يؤدي إليه مدلول تلك الشهادة طالما انتهت المحكمة إلى أن هذا التوقف لا يؤدي إلى تخلف عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى توافر صفة المتجر في المستشفى المبيعة وأقام قضاءه في هذا الصدد على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون.
3- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع في المادة 594/ 2 من القانون المدني لم يضع ضابطاً يستهدي به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع والتي يترتب على توافرها الإبقاء على الإيجار للمشتري رغم الشرط المانع بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع تستخلصها من ظروف الدعوى وملابستها دون معقب من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة من أصل ثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر الضرورة من مرض مورث المطعون ضدها الأولى فضلاً عن عجزه هو وشريكه عن القيام بالتزاماتهما نحو المستشفى خاصة بعد انصراف شركة السكر بالحوامدية وشركة مصر للبترول عن علاج موظفيها بتلك المستشفى وفي تقديرات موضوعية سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق ولا ينال من ذلك أن يكون الحكم قد أغفل دفاع الطاعنة المتمثل في انتفاء حالة الضرورة لممارسة أحد البائعين للمستشفى جدكاً ذات النشاط. ذلك أنه وإن كانت عودة المستأجر المانع إلى ممارسة ذات النشاط تنفي حالة الضرورة الملجئة للبيع باعتبار أن البيع لم يكن إلا ابتغاء الكسب إلا إذا ما توافرت حالة الضرورة من واقع آخر وظروف مغايرة وانتفت بذلك شبهة الكسب من وراء البائع فإن ممارسة البائع ذات نشاطه ذات مهنته ليس من شأنه نفي حالة الضرورة وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى توافر حالة الضرورة على النحو المتقدم فإن عودة أحد البائعين إلى ممارسة نشاطه في مهنة الطب ليس من شأنه نفي حالة الضرورة التي سبق وتوافرت وبالتالي فإن هذا الدفاع لا يعد دفاعاً جوهرياً إذ ليس من شأنه تغيير وجه النظر في الدعوى.
4- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 178 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 13 لسنة 1973 توجب أن يشتمل الحكم على أسبابه الواقعية من عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري الذي تتأثر به نتيجة النزاع ويتغير به وجه الرأي في الدعوى ورتب البطلان جزاءً على إغفالها أو القصور فيها ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى أن توقف المستشفى المبيعة جدكاً عن العمل قبل بيعها بفترة وجيزة ليس من شأنه تخلف عنصر الاتصال بالعملاء وزوال صفة المتجر وإلى أن عودة أحد البائعين إلى ممارسة ذات النشاط لا يؤدي إلى انتفاء حالة الضرورة الملجئة للبيع طالما توافرت هذه الضرورة من واقع آخر وانتفت شبهة الكسب من وراء البيع ورتبت على ذلك أن هذا الدفاع بشقيه دفاع غير جوهري ولا يؤدي إلى تغيير وجه النظر في الدعوى ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن أغفل إيرادهما بأسبابه الواقعية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 270 سنة 1978 الجيزة الابتدائية بطلب إخلاء المطعون ضدهم من العين المؤجرة لمورث المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثاني بالعقد المؤرخ 1/ 10/ 1965 بقصد استعمالها مستشفى خاص لتنازلهما عنها لباقي المطعون ضدهم خلافاً للحظر الوارد بالعقد والقانون. دفع المتنازل إليهم الدعوى بأنهم اشتروا المستشفى بالجدك. قضت المحكمة بالإخلاء والتسليم. استأنف المطعون ضدهم من الثالث للخامسة بالاستئناف رقم 3407 سنة 96 ق القاهرة. أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 17/ 5/ 1982 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بها على الحكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه جاء باطلاً لمخالفته نص المادة 178 من قانون المرافعات إذ لم يورد بأسبابه خلاصة وافية للدفاع الوارد بمذكرتيها أمام محكمة الاستئناف من زوال صفة المحل التجاري عن المستشفى لتوقف العمل به لمدة ستة أشهر قبل التنازل وانتفاء الضرورة الملجئة للبيع لأن أحد المتنازلين قام بفتح مستشفى خاص به في ذات الحجرة والواقعة به عين النزاع، ولم يرد على ما استدلت "من زوال صفة المتجر عن المستشفى لتوقف نشاطها في 30/ 9/ 1974 قبل إبرام عقد التنازل بتاريخ 13/ 3/ 1975 وفق الثابت بالعقد الأخير وإقرار المطعون ضدهم من الثالث للخامسة بمذكراتهم المقدمة أمام محكمة الموضوع بذلك التوقف وهو ما يفقده، عنصر الاتصال بالعملاء الذي لا وجود للمحل التجاري بدونه، وخالف الثابت بالأوراق إذ استخلص من أقوال شهود المطعون ضده وجود متجر وقت التنازل في حين أن مفاد أقوالهم بالتحقيق أن المستشفى المبيعة قد توقف العمل فيها من قبل هذا التصرف، كما استخلص الحكم توافر شروط الضرورة من مرض مورث "المطعون ضدها الأولى وعجزه وشريكه المطعون ضده الثاني عن القيام بالتزاماتها نحو المستشفى خلافاً لما هو ثابت بعقد التنازل من سدادها لكافة المبالغ المستحقة للحكومة والغير الأمر الذي ينفي الضرورة الملجئة للتنازل ومن ثم يكون الحكم معيباً ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المتجر في معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والحق في الإجارة ولئن كانت هذه المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره ولا يلزم توافرها جميعاً عدا عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتبارها المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى ويترتب على غيبتها انتفاء فكرة المتجر ذاتها، لئن كان ما تقدم إلا أن إغلاق المتجر لا يؤدي بذاته إلى تخلف هذا العنصر باعتبار أن العملاء لا ينصرفون عنه مباشرة وإنما تدريجياً وبالتالي فإن توقف المتجر عن العمل قبل بيعه بفترة وجيزة ليس من شأنه فقد عنصر الاتصال بالعملاء وافتقاد السمعة التجارية، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من دفاع حول توقف المستشفى المبيعة جدكاً عن العمل قبل البيع بستة أشهر وفي فترة وجيزة لا يعد دفاعاً جوهرياً إذ ليس من شأنه تغيير وجه النظر في الدعوى ولا يعيب الحكم إن أغفل الرد عليه على استقلال، كما أن استخلاص الحكم من أقوال الشهود توافر عناصر الجدك رغم ما جاء بأقوالهم من إغلاق المستشفى قبل البيع بستة أشهر لا يعد خروجاً عما يؤدي إليه مدلول تلك الشهادة طالما انتهت المحكمة إلى أن هذا التوقف لا يؤدي إلى تخلف عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى توافر صفة المتجر في المستشفى المبيعة وأقام قضاءه في هذا الصدد على أسباب سائغة يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع في المادة 594/ 2 من القانون المدني لم يضع ضابطاً يستهدي به في تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع والتي يترتب على توافرها الإبقاء على الإيجار للمشتري رغم الشرط المانع، بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة من أصل ثابت بالأوراق ومؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر الضرورة من مرض مورث المطعون ضدها الأولى فضلاً عن عجزه هو وشريكه عن القيام بالتزاماتهما نحو المستشفى خاصة بعد انصراف شركة السكر بالحوامدية وشركة مصر للبترول عن علاج موظفيها بالمستشفى وهي تقديرات موضوعية سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق ولا ينال من ذلك أن الحكم قد أغفل دفاع الطاعنة المتمثل في انتفاء حالة الضرورة لممارسة أحد البائعين للمستشفى جدكاً ذات النشاط، ذلك أنه وإن كانت عودة المستأجر البائع إلى ممارسة ذات النشاط تنفي حالة الضرورة الملجئة للبيع باعتبار أن هذا المسلك يكشف عن أن البيع لم يكن إلا ابتغاء الكسب، إلا أنه إذا ما توافرت حالة الضرورة من واقع آخر وظروف مغايرة وانتفت بذلك شبهة الكسب من وراء البيع فإن ممارسة البائع ذات نشاطه أو ذات مهنته ليس من شأنه نفي حالة الضرورة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى توافر حالة الضرورة على النحو المتقدم فإن عودة أحد البائعين إلى ممارسة نشاطه في مهنة الطب ليس من شأنه نفي حالة الضرورة التي سبق وتوافرت، وبالتالي فإن هذا الدفاع لا يعد دفاعاً جوهرياً إذ ليس من شأنه تغيير وجه النظر في الدعوى. كما أنه من المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن المادة 178 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 13 سنة 1973 توجب أن يشتمل الحكم على أسبابه الواقعية من عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري الذي تتأثر به نتيجة النزاع ويتغير به وجه الرأي في الدعوى ورتبت البطلان جزاء على إغفالها أو القصور فيها ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى أن توقف المستشفى المبيعة جدكاً عن العمل قبل بيعها بفترة وجيزة ليس من شأنه تخلف عنصر الاتصال بالعملاء وزوال صفة المتجر وإلى أن عودة أحد البائعين إلى ممارسة ذات النشاط لا يؤدي إلى انتفاء حالة الضرورة الملجئة للبيع طالما توافرت هذه الضرورة من واقع آخر وانتفت شبهة الكسب من وراء البيع ورتبت على ذلك أن هذا الدفاع بشقيه دفاع غير جوهري ولا يؤدي إلى تغيير وجه النظر في الدعوى ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه أغفل إيرادهما بأسبابه الواقعية ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.