أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1942

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة، سعد بدر، جرجس اسحق، وعبد النبي غريب.

(381)
الطعن رقم 1011 لسنة 47 القضائية

1 - مرض الموت.
مرض الموت. ماهيته. المرض الشديد الذي يجتمع فيه تحقق العجز وغلبة الهلاك والاتصال بالموت.
2 - بيع. مرض الموت. نقض "السبب غير المنتج". وصية.
اعتبار التصرف وصية طبقاً للمادتين 447 و916 مدني. شرطه صدوره في مرض الموت وأن يقصد به التبرع. النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لعدم الرد على إدعاء الطاعن باحتفاظ المتصرف بحيازة المبيع والانتفاع به. غير منتج.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بمرض الموت أنه المرض الشديد الذي يغلب على الظن موت صاحبه عرفاً أو بتقرير الأطباء ويلازمه ذلك المرض حتى الموت وإن لم يكن المرض معروفاً من الناس بأنه من العلل المهلكة، فضابط شدته واعتباره مرض موت أن يعجز غير العاجز من قبل عن القيام بمصالحه الحقيقة خارج البيت فيجتمع فيه تحقق العجز وغلبة الهلاك واتصال الموت به.
2 - لما كان المشرع في المادتين 477، 916 من التقنين المدني لم يستلزم لاعتبار التصرف وصية سوى أن يصدر في مرض الموت وأن يكون مقصوداً به التبرع ولم يستوجب المشرع في هذه الحالة أن يحتفظ المتصرف بحيازة المبيع والانتفاع به طوال حياته على نحو ما اشترط في المادة 917 من التقنين المدني وإذ خلص الحكم المطعون فيه سائغاً.... إلى أن تصرف المورثة للطاعن بموجب العقدين صدر في مرض الموت فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك في التدليل على احتفاظ المورثة بالحيازة وبحقها في الانتفاع طوال حياتها هي أسباب ناقلة ويكون النعي عليها غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2605 سنة 71 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5/ 1/ 1962 المتضمن بيع مورثة المطعون ضدهما المرحومة........ له حصة قدرها 12 قيراط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن 800 جنيه وبصحة ونفاذ عقد البيع 30/ 6/ 1963 المتضمن بيع مورثة المطعون ضدهما كذلك حصة قدرها 3 ط شيوعاً في العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن قدره 350 جنيهاً وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 10/ 1955 المتضمن بيع المطعون ضده الخامس للمرحومة....... وزوجها المرحوم...... قطعة أرض فضاء المقام عليها المنزل موضوع العقدين السابقين لقاء ثمن قدره 750 جنيه - طعن المطعون ضده الأول بالجهالة على توقيع مورثته على عقدي البيع المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 وعاد وطعن عليهما بالتزوير - وبعد أن حكمت محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الإدعاء بالتزوير وبصحة ونفاذ العقد المؤرخ 16/ 10/ 1955 تمسك المطعون ضده الأول بصورية عقدي البيع المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 صورية مطلقة لانتفاء ركن الثمن كما تمسك باعتبار العقدين وصية لصدورهما في مرض موت المورثة. حكمت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صدور عقدي البيع السالفين من البائعة أثناء مرض المورث وأنه لم يدفع فيهما ثمن - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 - استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3688 سنة 91 القضائية القاهرة وبجلسة 27/ 4/ 1977 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة ونفاذ العقدين المؤرخين 5/ 1/ 1962، 30/ 6/ 1963 وذلك باعتبارهما وصية تسري عليهما أحكامها. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وقال بياناً لذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن البائعة كانت مريضة بالسرطان وقت إبرام العقدين في حين أن هذا المرض لا يعدو أن يكون الأمراض المزمنة التي تطول مدتها بحيث يطمئن المريض إلى أن المرض لا يشكل خطراً داهماً - وهو إن كان ينتهي بالموت بعد فترة طويلة إلا أنه لا يعد مرض موت - كما أن الحكم لم يبين أن عقدي البيع قد صدرا من البائعة خلال فترة تزايد المرض واشتداد وطأته على البائعة وإذ انتهى رغم ذلك إلى أن البيع قد صدر في مرض الموت فإنه يكون معيباً.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وقال بياناً لذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن البائعة كانت مريضة بالسرطان وقت إبرام العقدين في حين أن هذا المرض لا يعدو أن يكون من الأمراض المزمنة التي تطول مدتها بحيث يطمئن المريض إلى أن المرض لا يشكل خطراً داهماً - وهو إن كان ينتهي بالموت بعد فترة طويلة إلا أنه لا يعد مرض موت - كما أن الحكم لم يبين أن عقدي البيع قد صدرا من البائعة خلال فترة تزايد المرض واشتداد وطأته على البائعة وإذ انتهى رغم ذلك إلى أن البيع قد صدر في مرض الموت فإنه يكون معيياً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بمرض الموت أنه المرض الشديد الذي يغلب على الظن موت صاحبه عرفاً أو بتقرير الأطباء ويلازمه ذلك المرض حتى الموت وإن لم يكن أمر المرض معروفاً من الناس بأنه من العلل المهلكة فضابطه شدته واعتباره مرض موت أن يعجز غير العاجز من قبل عن القيام بمصالحه الحقيقة خارج البيت فيجتمع فيه تحقق العجز وغلبة الهلاك واتصال الموت به. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت مرض الموت لدى مورثة المطعون ضدهما الأولين على ما ثبت من الشهادة الرسمية الصادرة من مستشفى عين شمس وأقوال شاهدي المطعون ضده الأول بأن المورثة كانت مريضة بالسرطان وأدخلت المستشفى في 28/ 3/ 1963 وأنها وقت خروجها من المستشفى في 23/ 5/ 1963 كانت بحالة صحية متدهورة وأقامت لدى شقيقتها المطعون ضدها الثانية - والدة الطاعن - إلى أن توفيت في 9/ 12/ 1963 كما استخلص الحكم أن العقدين قد حررا في وقت واحد عقب خروج المورثة من المستشفى وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ربط بين تاريخ مرض المورثة وتحرير العقدين وخلص إلى أن العقدين حررا في وقت اشتدت فيه وطأة المرض على المورثة وهو مرض يغلب فيه الهلاك وقد انتهى بوفاتها فإن قضاءه يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن البائعة احتفظت بحيازة العقار المبيع والانتفاع به واستغلاله حتى وفاتها دون أن يعرض الحكم لأقوال شهوده والمستندات المقدمة منه والدالة على أنه كان يؤجر العقار ويقوم بتحصيل الإيجار لحسابه حتى تاريخ فرض الحراسة القضائية على العقار بما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار عقدي البيع وصية تسري عليهما أحكامها على ما ثبت للمحكمة من أن العقدين قد حررا في مرض موت المورثة ولما كان المشرع في المواد 477، 916 من التقنين المدني لم يستلزم لاعتبار التصرف وصية سوى أن يصدر في مرض الموت وأن يكون مقصوداً به التبرع ولم يستوجب المشرع في هذه الحالة أن يحتفظ المتصرف بحيازة المبيع والانتفاع به طوال حياته على نحو ما اشترط في المادة 917 من التقنين المدني وإذ خلص الحكم المطعون فيه سائغاً - على نحو ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - إلى أن تصرف المورثة للطاعن بموجب العقدين قد صدر في مرض الموت فإن ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك في التدليل على احتفاظ المورثة بالحيازة وبحقها في الانتفاع طوال حياتها هي أسباب ناقلة ويكون النعي عليها غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق من وجهين وقال بياناً لأولهما أن الحكم أقام قضاءه بصورية التاريخ المعطى للعقد المؤرخ 5/ 1/ 1962 على أنه لم يتدخل أو يختصم في الدعاوى أرقام 439 سنة 1961، 966 سنة 1962 مستعجل القاهرة، 320 سنة 62 مستأنف مستعجل القاهرة وأنه لم يعترض لدى تسليم المنزل للحارس القضائي في 13/ 3/ 1962 في حين أن هذه الدعاوى ومحضر التسليم كلها متعلقة بعقار آخر خلاف العقار موضوع النزاع - وقال بياناً للوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته بأنه لم يقدم الدليل على يساره في حين أن الثابت من أقوال شاهدي المطعون ضدهما أنه قام مباني الدور الثاني من ماله الخاص وبما مؤيد بالمستندات المقدمة منه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير مقبول إذ لم يقدم الطاعن ما يدل على أن هذه الدعاوى ومحضر التسليم المشار إليها بوجه النعي غير متعلقة بالعقار موضوع النزاع وهو مردود في وجهه الثاني بما هو مقرر من أن قاضي الموضوع هو وحده صاحب الحق في تقدير ما يقدم إليه في الدعوى من أدلة والأخذ بما يطمئن إليه وجدانه من أقوال الشهود وإقامة قضائه على ما استخلصه منها متى كان استخلاصه سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق دون معقب عليه من محكمة النقض ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص سائغاً من أقوال الشهود أن الطاعن كان عاملاً بسيطاً وقت تحرير العقدين وأنه لم يقدم ما يدل على أنه يملك إيراداً آخر بخلاف مرتبه الضئيل وهو ما خلص منه الحكم - إلى أن التصرف الصادر من المورثة كان تبرعاً وإذ كان استخلاصه لذلك سائغاً ومتفقاً مع الثابت بأوراق الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكونه مجادلة موضوعية في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.