أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1274

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الحميد سند، محمد جمال الدين شلقاني، صلاح محمود عويس والسيد خلف.

(218)
الطعنان رقما 2479 لسنة 54 ق، 163 لسنة 55 ق

(1) بيع "بعض أنواع البيوع: بيع الجدك. إيجار "إيجار الأماكن: التنازل عن الإيجار".
قاعدة عدم جواز تنازل المستأجر عن الإيجار بغير إذن من المالك. عدم سريانها على الأماكن المؤجرة للمؤسسات العامة بعد إلغائها. لوزير المالية أن يبيع بالجدك ما كانت تستأجره من أماكن إلى الهيئات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي متى توافرت فيها بعض مقوماته المادية. م 8 ق 111 لسنة 1975 المعدل. عدم وجوب أن يكون المكان المؤجر متجراً في حكم القانون، علة ذلك.
(2) حكم "تسبيب الحكم: عيوب التدليل: القصور". بطلان "بطلان الأحكام". نقض "سلطة محكمة النقض".
قصور الحكم في أسبابه القانونية. لا يبطله طالما خلص إلى النتيجة الصحيحة. لمحكمة النقض أن تستكمل القصور دون نقضه.
(3) حكم. دعوى "المستندات في الدعوى". إثبات "طرق الإثبات: الإحالة إلى التحقيق".
كفاية أوراق الدعوى ومستنداتها. لا على الحكم إذ لم يجب طلب الإحالة إلى التحقيق.
(4) عقد "عيوب الرضا: الإكراه". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع". نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي، سلطة محكمة النقض". حكم "تسبيب الأحكام". بطلان "بطلان التصرفات".
الإكراه المبطل للرضا. ماهيته. تقدير وسائله ومدى تأثيرها على نفس المتعاقد. موضوعي. استقلال محكمة الموضوع به دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضائها على أسباب سائغة.
(5) التزام "انقضاء الالتزام: الوفاء". بطلان التصرفات. نقد. بنوك.
جواز الاحتفاظ والتعامل بالنقد الأجنبي داخل البلاد في نطاق الموارد الناتجة عن غير عمليات التصدير السلعي والسياحة التي تستحق للقطاع الخاص طالما كانت هذه المتحصلات غير واجبة الاسترداد إلى ج. م. ع. أثره. جواز الوفاء من هذه الموارد عن طريق المصارف المعتمدة. مفاد ذلك. صحة الالتزام بالوفاء بالنقد الأجنبي. مناطه. أن يتضمن الالتزام بيان الوسيلة المصرفية المعتمدة التي يتم الوفاء من خلالها.
(6) حكم "تسبيب الأحكام: عيوب التدليل: التقريرات الخاطئة". نقض "سلطة محكمة النقض".
اشتمال الحكم على تقريرات قانونية خاطئة، لا يعيبه طالما خلص إلى النتيجة الصحيحة لمحكمة النقض صحيح الخطأ دون نقضه.
(7) دعوى "الطلبات في الدعوى". استئناف "الطلبات في الاستئناف: الطلب الجديد". نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام".
الطلب الاحتياطي. اختلاف موضوعه عن موضوع الطلب الأصلي وعدم اندراجه في مضمونه، اعتباره طلباً جديداً، عدم جواز إبدائه في الاستئناف لأول مرة. مؤدى ذلك. لمحكمة الاستئناف أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبوله. م 235/ 1 مرافعات.
1 - وإن كان قوانين إيجار الأماكن تحظر على المستأجر التنازل عن الإيجار إلا بإذن المؤجر، إلا أن المشرع خرج عن هذا الأصل مراعاة لاعتبارات اقتصادية واجتماعية فأجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني لمستأجر المكان الذي أنشئ به مصنعاً أو متجراً أن يبيعه للغير في حالة الضرورة، كما أصدر المشرع القانون رقم 76 لسنة 1969 أجاز فيه التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن لمهجري مدن قناة السويس وسيناء مواجهة لحالة الهجرة الملحة في الحصول على مساكن لهم يستقرون فيها بعد عدوان سنة 1967 وأصدر القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام والمعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 نصت المادة الثامنة منه على أن "تلغى المؤسسات العامة التي لا تمارس نشاطاً بذاتها وذلك تدريجياً خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون، ويصدر الوزير المختص بالاتفاق مع وزير المالية القرارات اللازمة لتصفية أعمالها وتحديد الجهات التي تؤول إليها ما لها من حقوق وما عليها من التزامات، ولوزير المالية أن يحل إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسات الملغاة في حق إيجار الأماكن التي تشغلها، كما يكون لوزير المالية الحق في بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي". مما يدل على أن المشرع فوض السلطة التنفيذية ممثلة في شخص وزير المالية في بيع هذه الأماكن بالجدك إلى الهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي متى توافر في هذا الأماكن بعض مقوماته المادية إذ لم يستلزم هذا النص - على خلاف نص الفقرة الثانية من المادة 514 من القانون المدني - أن يكون المكان المؤجر متجراً في حكم القانون إذ جاء صريحاً في إلغاء المؤسسات التي لا تباشر نشاطاً بذاتها يؤيد ذلك أيضاً ما جاء بتقرير اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب عن مشروع القانون رقم 112 لسنة 1976 من أن "الهدف من هذه الإضافة هو إعطاء الدولة الحق في تأجير الأماكن التي كانت تشغلها المؤسسات العامة الملغاة للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في استثمار أموالهم في جمهورية مصر العربية وشركات القطاع العام وذلك مساهمة في دفع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تقتضي توفير الأماكن المناسبة مما تطلب إعطاء الدولة حق التأجير دون موافقة المالك خاصة وأن هناك أزمة شديدة في إيجار الأماكن".
2 - إذ جاء الحكم المطعون فيه منتفقاً مع النظر القانوني الصحيح فلا يبطله بعد قصوره في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما تعد الحكم في بيانه دون أن تنقضه.
3 - لا على الحكم إذ لم يجب طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ما دام قد وجد في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها.
4 - الإكراه المبطل للرضا إنما يتحقق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتهديد المتعاقد المكره بخطر محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً، وأن تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها على نفس المتعاقد والترجيح بين البينات والأخذ بقرينة دون أخرى هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
5 - النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن "لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة، وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً، على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية..." يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع أجاز الاحتفاظ بالنقد الأجنبي في نطاق الموارد الناتجة عن غير عمليات التصدير السلعي والسياحة والتي تستحق للأفراد والقطاع الخاص بصفة عامة. وفي كافة الصور التي يكون عليها الاحتفاظ على أساس أن هذه المتحصلات غير واجبة الاسترداد إلى جمهورية مصر العربية، كما أجاز التعامل في النقد الأجنبي لهذه الموارد المحتفظ بها داخل البلاد متى تم الوفاء بها عن طريق المصارف المعتمدة والجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي ورائده في ذلك التحقق من أن مصدر محل التعامل من النقد الأجنبي يدخل في نطاق الموارد المعنوية من القطاع الخاص الاحتفاظ بها مما مفاده أن مناط صحة الالتزام بالوفاء بالنقد الأجنبي، أن يتضمن الالتزام بيان الوسيلة المصرفية المعتمدة التي يتم الوفاء من خلالها.
6 - لا يؤثر في سلامة الحكم ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة مفادها أن الطاعن وقد التزم بسداد الثمن بالدولار الأمريكي فقد تعين إلزامه بذلك. إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأخطاء دون أن تنقض الحكم.
7 - لما كان موضوع الطلب الاحتياطي يختلف عن موضوع الطلب الأصلي الذي نظرته محكمة أول درجة ولا يندرج في مضمونه فإنه بذلك يعتبر طلباً جديداً لا يجوز إبداؤه في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبوله عملاً بالمادة 235/ 1 مرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن بنك النيل، الطاعن في كل من الطعنين، أقام الدعوى رقم 7198 لسنة 1982 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد وزارة المالية، المطعون عليها في الطعنين، بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه 575000 دولار أمريكي أو ما يعادلها بالجنيه المصري بالسعر الرسمي المقرر وقت رفع الدعوى والفوائد القانونية - وقال بياناً لذلك إنه يمتلك العقار المبين بصحيفة الدعوى الذي كانت تستأجره المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، وإذ ألغيت هذه المؤسسة بمقتضى القانون رقم 111 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 وزالت شخصيتها الاعتبارية فقد وافقت وزارة الصناعة التي كانت تتبعها تلك المؤسسة، على إنهاء عقد الإيجار، وسلمته العين المؤجرة خالية، غير أن المطعون عليها أخطرته بالتقدم لشراء العين بالجدك عملاً بالحق المخول لها بمقتضى القانون الأخير ولخشيته أن تقوم المطعون عليها ببيعها لآخر وهو ما كان سيلحق به خسارة مالية كبيرة فقد اضطر إلى التقدم لشرائها نظير المبلغ المطالب به وتحرر عن ذلك العقد المؤرخ 25/ 10/ 1979، وإذ كانت العين المؤجرة المشار إليها خالية لا يتوافر فيها الجدك بمعناه القانوني فإن من حقه أن يسترد ما دفعه بموجب العقد المشار إليه لذا أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان وبتاريخ 31/ 12/ 1983 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 759 لسنة 101 ق مدني لدى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بتاريخ 22/ 11/ 1984 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 2479 لسنة 54 ق، والطعن رقم 163 لسنة 55 ق. وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها وفيها أمرت بضم الطعن الثاني للأول والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعنين أقيما على ثلاثة عشر سبباً ينعي الطاعن بالسبب الأول من الطعن رقم 2479 سنة 54 ق والأول والثاني والثالث من الطعن رقم 163 سنة 55 ق، على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن القانون رقم 111 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 خول لوزير المالية بيع الأماكن التي كانت تستأجرها المؤسسات العامة الملغاة بمقتضى القانون المذكور بالجدك للهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي دون التقيد بتوافر عناصر الجدك، في حين أن هذا الحق طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 111 لسنة 1975 المعدلة بالقانون رقم 112 لسنة 1976 المشار إليها منوط بتوافر عناصر الجدك من مقومات مادية ومعنوية طبقاً لنص المادة 594 من القانون المدني مع استمرار نفاذ عقد الإيجار وقت البيع إذ تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن العين محل النزاع لا يتوافر فيها أي عنصر من عناصر الجدك سالفة البيان وأن عقد الإيجار المبرم مع المؤسسة العامة للصناعات الغذائية الملغاة، قد انتهى تنفيذاً لكتاب رئيس مجلس الوزراء المؤرخ 22/ 12/ 1977 وتم تسليم العين للطاعن خالية. وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري ولم يجب الطاعن إلى طلبه بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعه سالف البيان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وأخل بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أنه ولئن كانت قوانين إيجار الأماكن تحظر على المستأجر التنازل عن الإيجار إلا بإذن من المؤجر، إلا أن المشرع خرج عن هذا الأصل مراعاة لاعتبارات اقتصادية واجتماعية فأجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني لمستأجر المكان الذي أنشئ به مصنعاً أو متجراً أن يبيعه للغير في حالة الضرورة، كما أصدر المشرع القانون رقم 76 لسنة 1969 أجاز فيه التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن لمهجري مدن قناة السويس وسيناء مواجهة لحالة الهجرة الملحة في الحصول على مساكن لهم يستقرون فيها بعد عدوان سنة 1967، وأصدر القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام والمعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 نصت المادة الثامنة منه على أن "تلغى المؤسسات العامة التي لا تمارس نشاطاً بذاتها وذلك تدريجياً خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون، ويصدر الوزير المختص بالاتفاق مع وزير المالية القرارات اللازمة لتصفية أعمالها وتحديد الجهات التي تؤول إليها مالها من حقوق وما عليها من التزامات ولوزير المالية أن يحل إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسات الملغاة في حق إيجار الأماكن التي تشغلها، كما يكون لوزير المالية الحق في بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي "مما يدل على المشرع فوض السلطة التنفيذية ممثلة في شخص وزير المالية في بيع هذه الأماكن بالجدك إلى الهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي متى توافر في هذه الأماكن بعض مقوماته المادية إذ لم يستلزم هذا النص - على خلاف نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني - أن يكون المكان المؤجر متجراً في حكم القانون إذ جاء صريحاً في إلغاء المؤسسات التي لا تباشر نشاطاً بذاتها يؤيد ذلك أيضاً ما جاء بتقرير اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب عن مشروع القانون رقم 112 لسنة 1976 من أن "الهدف من هذه الإضافة هو إعطاء الدولة الحق في تأجير الأماكن التي كانت تشغلها المؤسسات العامة الملغاة للمستثمرين الأجانب الذي يرغبون في استثمار أموالهم في جمهورية مصر العربية وشركات القطاع العام وذلك مساهمة في دفع سياسة الانفتاح الاقتصادي - التي تقتضي توفير الأماكن المناسبة... مما تطلب إعطاء الدولة حق التأجير دون موافقة المالك. خاصة وأن هناك أزمة شديدة في إيجار الأماكن" لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن البيع تضمن ما يوجد بالعين من مقومات مادية تتمثل في تركيبات وتجهيزات ثابتة ومنقولة وأن التنازل المنسوب إلي وزارة الصناعة عن العين المؤجرة كان لاحقاً لتاريخ العمل بالقانون رقم 111 لسنة 1975 في 18/ 9/ 1985 الذي أعطى هذا الحق لوزير المالية وحده اعتباراً من التاريخ المذكور فإن الحكم المطعون فيه إذ جاء في نتيجة منتفقاً مع هذا النظر القانوني الصحيح فلا يبطله بعد قصوره في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل فيما قصر الحكم في بيانه دون أن تنقضه، ولا عليه إن إذ لم يجب طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ما دام قد وجد في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها ومن ثم يكون النعي عليه بهذه الأسباب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعي بالأسباب الثاني والثالث من الطعن رقم 2471 سنة 54 ق والرابع والخامس والسادس من الطعن رقم 163 سنة 55 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن إبرام عقد البيع محل النزاع كان وليد إكراه مفسد للرضا إذا أقدم على شراء العين تجنباً لخسارة مالية جسيمة كانت تلحق به إذا ما نفذت المطعون ضدها تهديدها ببيع العين لغير الطاعن، إلا أن الحكم المطعون فيه خلص إلى نفس الإكراه دون إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته تأسيساً على أن الطاعن وقع على عقد البيع وأن الدعوى رفعت بعد ثلاث سنوات من تنفيذ العقد مما اعتبره إجازة ضمنية له في حين أن مجرد توقيعه على العقد أو تنفيذه له لا يدلان بذاتهما على نفي الإكراه أو الإجازة الضمنية للعقد.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الإكراه المبطل للرضا إنما يتحقق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله، أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً، وأن تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها على نفس المتعاقد والترجيح بين البينات والأخذ بقرينة دون أخرى هي من الأمور الموضوعية ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وأن طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليس حقاً للخصوم إنما هو من قبيل الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليه متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون أن تلزم بيان سبب الرفض وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المحال عليه من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بنفي الإكراه المدعى به على أن البنك الطاعن هو الذي سعى لإبرام عقد البيع وأن قرار كل من رئيس مجلس إدارة البنك وعضو مجلس الإدارة المنتدب الصادر في 9/ 10/ 1979 بقبول الشراء قد خلا من أية تحفظات وهي أسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق بما يكفي لحمل قضاء الحكم فلا يعدو أن يكون النعي جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة والموازنة بينها وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض. ولا يعيب الحكم ما استطرد إليه تزيداً من أن تنفيذ الطاعن للعقد لمدة ثلاث سنوات يعتبر إجازة ضمنية له يزول معها حقه في طلب إبطاله لأن تقرير الحكم بذلك - أياً كان وجه الرأي فيه - لم يكن لازماً لقضائه ويكون النعي على الحكم بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الرابع من الطعن رقم 2479 سنة 54 ق والسابع من الطعن رقم 163 سنة 55 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب - وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان الشرط الوارد بالعقد بسداد الثمن بالدولار الأمريكي لأن شرط الوفاء بالذهب أو بالعملة الأجنبية هو التزام باطل إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري مما يشوبه بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية "يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية على أن المشرع أجاز الاحتفاظ بالنقد الأجنبي في نطاق الموارد الناتجة عن غير عمليات التصدير السلعي والسياحة والتي تستحق للأفراد والقطاع الخاص بصفة عامة وفي كافة الصور التي يكون عليها الاحتفاظ على أساس هذه المتحصلات غير واجبة الاسترداد إلى جمهورية مصر العربية. كما أجاز التعامل في النقد الأجنبي بهذه الموارد المحتفظ عليها داخل البلاد متى تم الوفاء بها عن طريق المصارف المعتمدة والجهات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي ورائده في ذلك التحقق من أن مصدر محل التعامل من النقد الأجنبي يدخل في نطاق الموارد الناتجة عن غير عمليات التصدير السلعي والسياحة التي أجيز للأفراد والأشخاص المعنوية من القطاع الخاص الاحتفاظ بها مما مفاده أن مناط صحة الالتزام بالوفاء بالنقد الأجنبي، أن يتضمن الالتزام بيان الوسيلة المصرفية المعتمدة التي يتم الوفاء من خلالها. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن عقد البيع موضوع النزاع تضمن سداد الثمن المتفق عليه بالنقد الأجنبي بموجب شيك مصرفي مسحوب على بنك مانوفاتشر هانوفر ترست فإن الالتزام الوارد بالعقد بسداد الثمن بالدولار الأمريكي يكون التزاماً صحيحاً. وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا يؤثر في سلامة الحكم ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة مفادها أن الطاعن قد التزم بسداد الثمن بالدولار الأمريكي فقد تعين إلزامه بذلك. إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأخطاء دون أن ينقض الحكم. ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الخامس من الطعن رقم 2479 سنة 54 ق والثامن من الطعن رقم 162 سنة 55 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بطلب احتياطي هو إلزام المطعون عليها بأن ترد له 245 ألف دولار أمريكي تمثل قيمة الفرق بين ثمن الجدك الذي قدرته لجنة الخبراء ويبلغ 270 ألف جنيه مصري وبين الثمن الذي سدده ويبلغ 575 ألف دولار أمريكي إلا أن الحكم رفض هذا الطلب استناداً إلى أن الطاعن أقر بكتابه المؤرخ 6/ 10/ 1979 بأن المبلغ المذكور يمثل قيمة الجدك بالدولار الأمريكي في حين أن هذا التقييم تم على أساس أن سعر الدولار أربعين قرشاً مصرياً بينما السعر الرسمي في وقت البيع هو سبعون قرشاً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه لما كان الثابت في الدعوى في أن طلبات الطاعن أمام محكمة أول درجة هي إلزام المطعون عليها بأن ترد له مبلغ 575000 دولار أمريكي أو ما يعادلها بالجنية المصري بالسعر الرسمي وقت رفع الدعوى قيمة ما سدده للمطعون ضدها بموجب عقد بيع العين موضوع التزام بالجدك تأسيساً على أن هذا العقد باطل لخلو العين من أية مقومات مادية أو معنوية فضلاً عن أن إبرامه كان وليد إكراه معنوي وإذ قضى برفض دعواه فقد استأنف هذا الحكم وطلب أصلياً أن يقضى له بذات الطلبات واحتياطياً - في حالة ثبوت توافر عناصر الجدك - بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ 245000 دولار أمريكي قيمة الفرق بين ثمن الجدك طبقاً لتقرير لجنة الخبراء وبين المبلغ الذي سدده للمطعون ضدها ثمناً لهذا الجدك. وكان موضوع هذا الطلب الاحتياطي يختلف عن موضوع الطلب الأصلي الذي نظرته محكمة أول درجة ولا يندرج في مضمونه فإنه بذلك يعتبر طلباً جديداً لا يجوز إبداؤه في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبوله عملاً بالمادة 235/ 1 من قانون المرافعات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.