أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1287

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ - نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وعبد العال السمان.

(219)
الطعن رقم 954 لسنة 55 القضائية

(1) دعوى "الطلبات في الدعوى: الطلبات الختامية". محكمة الموضوع.
الطلبات التي تتقيد بها المحكمة. ماهيتها. لا عبرة بالطلبات التي تتضمنها صحيفتها طالما لم يحل المدعي في مذكرته الختامية إليها. محكمة الموضوع سلطتها في استخلاص تعديل الطلبات في الدعوى. شرطه.
(2) دعوى "سبب الدعوى".
سبب الدعوى. ماهيته.
(3) استئناف "الطلبات الجديدة".
الطلب الجديد أمام محكمة الاستئناف. ماهيته. م 235 مرافعات.
(4) دعوى. شفعة. استئناف "نطاق الاستئناف: ما يعد طلباً جديداً".
توالي البيوع. نطاقه. العقود في توالي البيوع في العقار المشفوع فيه. عقود مختلفة يستقل كل منها بذاته أشخاصاً وشروطاً. إجراءات دعوى الشفعة. المواد 940 إلى 943 مدني لازمها. طلب الأخذ بالشفعة بالنسبة لعقد بعينه من العقود المتتابعة محدداً لموضوع الحق المتداعي بشأنه والخصوم في التداعي. طلب الأخذ بالشفعة في عقد آخر أمام محكمة الاستئناف. غير جائز. علة ذلك.
1- العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبونه على وجه صريح جازم، وتتقيد المحكمة بطلباتهم الختامية، بحيث إذا أغفل المدعي في مذكرة الدفاع التي حدد فيها طلباته الختامية تحديداً جامعاً بعض الطلبات التي كان قد أوردها في صحيفته افتتاح الدعوى بما يعتبر تعديلاً لها فإن المحكمة تلتزم بالطلبات المعدلة وبعدم الخروج عن نطاقها واستخلاص تعديل الخصم لطلباته في الدعوى هو من قبيل تحصيل فهم الواقع الذي تستقل به محكمة الموضوع متى بررته بقول سائغ.
2- سبب الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب.
3- مؤدى النص في الفقرة الأولى من المادة 235 من قانون المرافعات أنه يعد طلباً جديداً الطلب الذي يزيد أو يختلف عن الطلب السابق إبداؤه أمام محكمة أول درجة في الموضوع أو الخصوم وكان يجاوزه في مقداره ما لم تكن الزيادة مما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر.
4- نظم المشرع في المواد 940 إلى 943 من القانون المدني إجراءات الأخذ بالشفعة سواء في إبداء الرغبة فيها أو في رفع الدعوى بطلبها وهي إجراءات توجب تعيين المبيع الذي قام بسببه الحق في الأخذ بالشفعة وتحديد شخص البائع والمشتري والثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، وإذ تعتبر العقود في توالي البيوع في العقار المشفوع فيه عقوداً متباينة كل منها قائم بذاته مستقل عن الآخر في أشخاص المتقاعدين وشروط التعاقد فإن الشفيع إذا ما حدد في دعواه أمام محكمة أول درجة طلب الأخذ بالشفعة بالنسبة لعقد معين من هذه العقود المتتابعة فإنه يتحدد وفقاً لهذا العقد موضوع الحق المتداعي بشأنه والخصوم في التداعي، فلا يجوز إذا ما قضى برفض دعواه أن يطلب في الاستئناف الشفعة في عقد بيع آخر إذ يعد ذلك تغييراً للطلب الذي كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة مما لا يقبل لدى محكمة الاستئناف باعتباره طلباً جديداً فلا تثريب على هذه المحكمة إن أعرضت عن بحثه ولم تعر التفاتاً لدفاع يتصل به لخروجه عن نطاق الاستئناف المطروح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون في - وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الأربعة الأول الدعوى رقم 4004 لسنة 1977 مدني سوهاج الابتدائية بطلب الحكم أصلياً بأحقيتهم في أخذ العقار المبين بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي ومقداره ستة عشر ألف وستمائة وأربعون جنيهاً واحتياطياً بأحقيتهم في أخذ هذا العقار بالشفعة بمبلغ ثمانية وعشرين ألف جنيه مع التسليم في الحالتين، وقالوا بياناً لدعواهم أن المطعون ضدها الأولى باعت عقار النزاع إلى المطعون ضده الثاني بعقد مؤرخ 18/ 12/ 1976 لقاء ثمن مقداره ستة عشر ألف وستمائة وأربعون جنيهاً، وإذ يمتلكون العقار المجاور له بعقد مسجل فيحق لهم أخذ العقار المبيع بالشفعة، ولذا فقد وجهوا إنذار الرغبة في الشفعة بتاريخ 9، 10/ 10/ 1977 وسجلوه بتاريخ 16/ 10/ 1977 غير أن المطعون ضده الثاني تواطأ مع المطعون ضدهما الثالث والرابع وحرر لهما عقداً صورياً تاريخه 23/ 7/ 1977 تضمن بيعه عقار النزاع لهما بمبلغ ثمانية وعشرين ألف جنيه وقام أحد الطاعنين بالبيع الثاني بتاريخ 16/ 10/ 1977 فأودعوا الثمن. المذكور به خزانة المحكمة وأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة الذكر، تدخلت المطعون ضدها الخامسة في الدعوى وطلبت رفضها بمقولة إنها اشترت عقار النزاع من المطعون ضدهما الثالث والرابع بعقد تاريخه 30/ 9/ 1977 مقابل مبلغ مقداره أربعون ألف جنيه، ودفع الطاعنون بصورية هذا العقد فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي صوريته، وبعد سماعها الشهود حكمت بتاريخ 27 من مايو سنة 1980 بصورية عقد البيع الثالث المؤرخ 30/ 9/ 1977 ودفع الطاعنون أيضاً بصورية عقد البيع الثاني المؤرخ 23/ 7/ 1977 وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي صوريته وجه الطاعنون اليمين الحاسمة إلى طرفي هذا العقد بخصوص دفع الثمن المسمى به فحلفها المطعون ضدهما الثالث والرابع، وقدم الطاعنون بجلسة المرافعة 14/ 11/ 1981 مذكرة بدفاعهم الختامي تضمنت أن عقد البيع المقصود بالشفعة هو العقد الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع بتاريخ 23/ 7/ 1977 كما أثبتوا في محضر تلك الجلسة أنهم يطلبون الشفعة طبقاً لهذا العقد وهو الطلب الاحتياطي بصحفية الدعوى. وبتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1981 حكمت المحكمة بسقوط حق الطاعنين في الشفعة. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" بالاستئناف رقم 609 لسنة 56 قضائية، كما استأنفت المطعون ضدها الخامسة الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 27 من مايو سنة 1980 فيما قضى به من صورية عقد البيع الثالث لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 41 لسنة 57 قضائية فأمرت بضم الاستئناف الثاني إلى الأول وبتاريخ 6 من فبراير سنة 1985 حكمت المحكمة في الاستئناف الأول برفضه وتأييد الحكم المستأنف وفي الاستئناف الثاني بانتهائه. طعن الطاعنون في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 609 لسنة 56 قضائية بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب - ينعي الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أنهم حددوا طلباتهم في مذكرتهم المقدمة بجلسة 14/ 11/ 1981 بقصرها على طلب أخذ عقار النزاع بالشفعة طبقاً لشروط عقد البيع الثاني المؤرخ 23/ 7/ 1977 ورتب على ذلك قضاءه في الدعوى على أساس من تنازلهم عن طلب أخذ هذا العقار بالشفعة طبقاً لشروط عقد البيع الأول - المؤرخ 18/ 12/ 1976، ثم قضى بسقوط حقهم في أخذ العقار المشفوع فيه بالشفعة لعدم إعلانهم البائع في البيع الثاني برغبتهم في الشفعة في الميعاد، هذا في حين أن ما تضمنته المذكرة المشار إليها لا يفيد تعديلاً لطلباتهم وقصرهم إجراءات الشفعة على البيع الثاني وحده فقد تمسكوا في طلباتهم الختامية في الدعوى الابتدائية بطلب أخذ عقار النزاع بالشفعة طبقاً لشروط عقد البيع الأول ودفعوا بصورية عقد البيع الثاني وكذلك فعلوا أمام محكمة الاستئناف وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن بحث طلبهم أخذ عقار النزاع بالشفعة طبقاً لشروط عقد البيع المؤرخ 18/ 12/ 1976 بناء على تحصيل خاطئ لمطلبهم في الدعوى فإنه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن العبرة في طلبات الخصوم في الدعوى هي بما يطلبونه على وجه صريح جازم، وتتقيد المحكمة بطلباتهم الختامية، بحيث إذا أغفل المدعي في مذكرة الدفاع التي حدد فيها طلباته الختامية تحديداً جامعاً بعض الطلبات التي كان قد أوردها في صحيفة افتتاح الدعوى بما يعتبر تعديلاً لها فإن المحكمة تلتزم بالطلبات المعدلة وبعدم الخروج عن نطاقها، واستخلاص تعديل الخصم لطلباته في الدعوى هو من قبيل تحصيل فهم الواقع الذي تستقل به محكمة الموضوع متى بررته بقول سائغ، ولما كان البين من الأوراق أن الطاعنين طلبوا أمام محكمة أول درجة - وفقاً للثابت بمحضر جلسة المرافعة الختامية 14/ 11/ 1981 - أخذ عقار النزاع بالشفعة طبقاً لشروط عقد البيع المؤرخ 23/ 7/ 1977 وهو الطلب الاحتياطي الوارد في صحيفة افتتاح الدعوى، كما اقتصرت مذكرة دفاعهم الختامي المقدمة في تلك الجلسة على هذا الطلب وحده دون الطلب الأصلي المتعلق بعقد البيع الأول المؤرخ 18/ 12/ 1976، فمن ثم فإن تحديد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه نطاق الدعوى بطلب الطاعنين الاحتياطي فحسب التزاماً بطلباتهم الختامية المبداة بالدفاع الشفاهي والمكتوب على السواء يكون استخلاصاً سائغاً مبنياً على فهم صحيح لواقع الدعوى، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب إذ أقام قضاءه بالنظر إلى إجراءات الشفعة التي اتخذت بالنسبة إلى عقد البيع الثاني وحده الذي تمسك به الطاعنون وأعرض عن بحث إجراءاتها بالنسبة لعقد البيع الأول الذي انحسرت طلباتهم عنه باعتباره خارجاً عن نطاق الدعوى، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنه على فرض تنازلهم أمام محكمة أول درجة عن طلب أخذ عقار النزاع بالشفعة طبقاً لشروط العقد الأول فإن تمسكهم بهذا الطلب من جديد أمام محكمة الاستئناف جائز قانوناً باعتباره سبباً جديداً لدعوى الشفعة، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر وأغفل بحث طلبهم آنف الذكر وفقاً لهذا الأساس فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن سبب الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، ولما كان النص في الفقرة الأولى من المادة 235 من قانون المرافعات على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها". مؤداه أنه يعد طلباً جديداً الطلب الذي يزيد أو يختلف عن الطلب السابق إبداؤه أمام محكمة أول درجة في الموضوع أو الخصوم وكان يجاوزه في مقدار - ما لم تكن الزيادة مما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر، وكان المشرع قد نظم في المواد 940 إلى 943 من القانون المدني إجراءات الأخذ بالشفعة سواء في إبداء الرغبة فيها أو في رفع الدعوى بطلبها وهي إجراءات توجب تعيين المبيع الذي قام بسببه الحق في الأخذ بالشفعة وتحديد شخص البائع والمشتري والثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، وإذ تعتبر العقود في توالي البيوع في العقار المشفوع فيه عقوداً متباينة كل منها قائم بذاته مستقل عن الآخر في أشخاص المتعاقدين وشروط التعاقد فإن الشفيع إذا ما حدد في دعواه أمام محكمة أول درجة طلب الأخذ بالشفعة بالنسبة لعقد معين من هذه العقود المتتابعة فإنه يتحدد وفقاً لهذا العقد موضوع الحق المتداعي بشأنه والخصوم في التداعي، فلا يجوز إذا ما قضى برفض دعواه أن يطلب في الاستئناف الشفعة في عقد بيع آخر إذ يعد ذلك تغييراً للطلب الذي كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة مما لا يقبل لدى محكمة الاستئناف باعتباره طلباً جديداً، لما كان ذلك وكان الثابت مما سلف بيانه أن الطاعنين حددوا مطلبهم الختامي في الدعوى أمام محكمة أول درجة في أحقيتهم الأخذ بالشفعة في شأن البيع الذي انعقد به العقد الثاني المؤرخ 23/ 7/ 1977 وصدر الحكم الابتدائي بسقوط حقهم في الشفعة مقيداً في قضائه بهذا الطلب وحده فإنه لا يجوز لهم من بعد أن يطلبوا في الاستئناف الشفعة بالنسبة للبيع الأول موضوع العقد المؤرخ 18/ 12/ 1986 إذ يعتبر طلباً جديداً غير مقبول طرحه على محكمة الاستئناف، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن بحث هذا الطلب الجديد يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بصورية عقد البيع الثاني وساقوا على ذلك جملة قرائن، كما دفعوا بعدم سريانه في حقهم لأن صحيفة دعوى صحة هذا العقد لم تعلن إلا بتاريخ 18/ 10/ 1977 بعد تسجيلهم إعلان الرغبة في الشفعة بتاريخ 16/ 10/ 1977 ومع ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى استبان أن طلب الطاعنين قد تحدد في الدعوى بطلب أحقيتهم الأخذ بالشفعة في عقد البيع الثاني المؤرخ 22/ 7/ 1977 وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من سقوط الحق في الشفعة بالنسبة لهذا العقد - مما هو ليس موضع نعي من الطاعنين - فإنه لا يكون جائزاً تحقيق دفاع الطاعنين بشأن صوريته وعدم سريانه ذلك أن هذا الدفاع لم يستهدف به سوى محو آثار البيع الوارد به توصلاً لثبوت حقهم في طلب الأخذ بالشفعة طبقاً لشروط عقد البيع الأول المؤرخ 18/ 12/ 1976 وهو طلب صار ممتنعاً على محكمة الاستئناف بحثه باعتباره طلباً جديداً وفقاً لما سلف بيانه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد اقترن بالصواب إذ لم يعر هذا الدفاع التفاتاً لخروجه عن نطاق الاستئناف، ويكون النعي عليه بالقصور على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.