أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1323

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، سامي فرج، ماهر البحيري ومحمد بدر الدين توفيق.

(225)
الطعن رقم 2543 لسنة 52 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". نظام عام. إيجار "إيجار الأماكن".
حجية الأمر المقضي. تعلقها النظام العام. عدم تعارضه مع جواز نزول الصادر لصالحه الحكم عن الحق الثابت م 101 إثبات، 145 مرافعات. جواز أن يكون النزول ضمناً. م 90/ 2 مدني. مثال بشأن نزول المالك عن الحكم الصادر بالإخلاء لعدم سداد الأجرة.
(2، 3) حكم "حجية الحكم الجنائي" إيجار "إيجار الأماكن" التغيير في استعمال العين المؤجرة "إقامة بناء بدون ترخيص". "محكمة الموضوع" "مسائل الواقع".
(2) حجية الحكم الجنائي بالإدانة أمام المحاكم المدنية. قاصر على الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية.
(3) استخلاص حدوث الضرر بالمبنى كسبب للإخلاء. من سلطة قاضي الموضوع.
(4) إقامة بناء بدون ترخيص. عدم التلازم بينه وبين الأضرار بسلامة المبنى كسبب للإخلاء.
(5) إيجار "إيجار الأماكن" أسباب الإخلاء "الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة".
الإخلاء لعدم سداد الأجرة. للمستأجر توقي الحكم عليه به بسداد الأجرة المستحقة وما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية حتى قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف.
تخلفه عن الوفاء بأي قدر من الأجرة المستحقة أو ملحقاتها أو المصاريف والنفقات الفعلية. كاف للحكم بإخلائه. مثال.
1- لئن كانت حجية الأمر المقضي قد أضحت متعلقة بالنظام العام وفقاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات إلا أنه ما زال للمحكوم له الحق في النزول عن الحكم الصادر لصالحه فقد نصت المادة 145 من قانون المرافعات على أن النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به كما جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون الإثبات تعليقاً على المادة 101 منه أنه يجوز للخصم التنازل عن الحكم الصادر لمصلحته إذا تنازل عن الحق الثابت بهذا الحكم وانتهى بهذا التنازل النزاع الذي تناوله الحكم. كما أن المقرر عملاً بالمادة 90/ 2 من القانون المدني أن التعبير عن الإرادة يجوز أن يكون ضمنياً.
2- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حجية الحكم الجنائي بالإدانة أمام المحاكم المدنية قاصر على الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية.
3- المقرر أن استخلاص وقوع ضرر بالمبنى يجيز الحكم بالإخلاء من عدمه هو مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً.
4- لا تلازم بين إقامة بناء بدون ترخيص وبين الإضرار بسلامة المبنى كسبب للإخلاء عملاً بالمادة 18 ق 136 لسنة 1981.
5- النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - يدل على أن المشرع - رغبة في التيسير على المستأجرين أفسح لهم مجال الوفاء حتى تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى بحيث أصبح قيام المستأجر بسداد الأجرة المستحقة وقيمة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية حتى التاريخ المذكور مسقطاً لحق المؤجر في الإخلاء والمقصود هو قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فإن تخلف المستأجر عن الوفاء بأي قدر من الأجرة المستحقة أو ملحقاتها أو المصاريف والنفقات الفعلية حتى قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف كاف للقضاء بإخلائه من العين. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض دعوى الإخلاء إلى أن المستأجر - المطعون ضده - قد قام بسداد المبلغ المبين بورقة التكليف بالوفاء وهو عن الفترة من 1/ 9/ 1972 حتى 13/ 6/ 1977 وسداده الأجرة المستحقة حتى آخر يناير سنة 1980 وهو تاريخ كتابة تقرير الخبير المنتدب الذي عول عليه وقد حجبه ذلك عن بحث السداد حتى 2/ 10/ 1982 تاريخ قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف وما أثاره الطاعن عن عدم كفايته ولا يغير من ذلك ما جاء بالحكم من أن سداد المبلغ الوارد في التكليف بالوفاء قد تم في 25/ 7/ 1977 وقبل رفع الدعوى - وهو ما يكفي لتوقي الإخلاء في هذه الحالة على ما جرى به قضاء المحكمة - إذ الثابت من الأوراق أن صحيفة افتتاح الدعوى قدمت لقلم الكتاب في 30/ 6/ 1977 فيكون هذا السداد لاحقاً لها ومن ثم فإنه يتعين على المستأجر موالاة سداد الأجرة وملحقاتها حتى تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى لتوقي الإخلاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 4518 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإخلاء "الفيلا" المبينة بالصحيفة والتسليم. وقال بياناً لذلك أن المطعون ضده استأجر تلك العين بموجب عقد مؤرخ 17/ 6/ 1963 بأجرة شهرية قدرها 45 جنيه وتأخر في سداد مبلغ 1575 جنيه قيمة أجرة المدة من 1/ 6/ 1972 حتى 12/ 5/ 1977 رغم تكليفه بالوفاء بها في ذلك التاريخ وأيضاً في 30/ 5، 13/ 6/ 1977 بالإضافة إلى استعمال العين المؤجرة بطريقة تخالف شروط العقد. فأقام الدعوى. حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم. استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 1608 لسنة 95 ق القاهرة وندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 5/ 10/ 1982 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول للطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم خالف حجية الحكم الصادر في الدعوى المقامة من سلفه البائع له رقم 2877 لسنة 1968 مدني كلي جنوب القاهرة الذي قضى على المطعون ضده بإخلاء العين محل النزاع واستأنفه الأخير بالاستئناف رقم 745 لسنة 84 ق وقضى فيه بتاريخ 7/ 2/ 1982 باعتباره كأن لم يكن وكان يتعين على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم جواز نظر الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه ولئن كانت حجية الأمر المقضي قد أضحت متعلقة بالنظام العام وفقاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات إلا أنه ما زال للمحكوم له الحق في النزول عن الحكم الصادر لصالحه فقد نصت المادة 145 من قانون المرافعات على أن النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به كما جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون الإثبات تعليقاً على المادة 101 منه أنه يجوز للخصم التنازل عن الحكم الصادر لمصلحته إذا تنازل عن الحق الثابت بهذا الحكم وانتهى بهذا التنازل الذي تناوله الحكم كما أن المقرر عملاً بالمادة 90/ 2 من القانون المدني أن التعبير عن الإرادة يجوز أن يكون ضمنياً لما كان ذلك وكان المستفاد من إقامة الطاعن للدعوى على سبب التأخر في سداد الإيجار عن المدة من 1/ 6/ 1972 حتى 12/ 5/ 1977 وهو تاريخ لاحق لحكم الإخلال السابق الذي صار نهائياً بتاريخ 7/ 2/ 1972. فإن ذلك يحمل منه على تنازله - ومن قبله المالك السابق - عن هذا الحكم بارتضاء استمرار العلاقة الايجارية بعد الحكم بالإخلاء إعمالاً لعقد الإيجار المؤرخ 17/ 6/ 1963. ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده استعمل العين محل النزاع بطريقة ضارة بسلامة المبنى مخالفاً بذلك شروط العقد وقدم تدليلاً على ذلك الحكم الصادر في الجنحة 362 لسنة 1977 مصر الجديدة بإدانة المشرف على تلك العين لإقامته مبان بدون ترخيص. وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه بالإخلاء لهذا السبب يكون قد خالف القانون فضلاً عن القصور في التسبيب بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن حجية الحكم الجنائي بالإدانة أمام المحاكم الجنائية قاصر على الأساس المشترك يبين الدعويين الجنائية والمدنية، والمقرر أيضاً أن استخلاص وقوع ضرر بالمبنى يجيز الحكم بالإخلاء من عدمه هو مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً - لما كان ذلك وكان لا تلازم بين إقامة بناء بدون ترخيص وبين الإضرار بسلامة المبنى كسبب للإخلاء عملاً بالمادة 18/ د ق 136 لسنة 1981. وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن استعمال العين المؤجرة نادياً للطلبة الوافدين لم يترتب عليه ضرر بسلامة المبنى أو المؤجر أخذاً بما جاء بتقرير الخبير وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع. فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتمد على تقرير الخبير دون أن يناقش ما أبداه الطاعن من اعتراضات بشأن مدى كفاية المبالغ المسددة. كما خصم رسم التمغة ولم يحتسب الفوائد القانونية ورسم النظافة. الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ( أ )....... (ب)....... إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر ولا يحكم بالإخلاء إذ أقام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية". يدل على أن المشرع - رغبة في التيسير على المستأجرين - أفسح لهم مجال الوفاء حتى تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى بحيث أصبح قيام المستأجر بسداد الأجرة المستحقة وقيمة ما تكبده المؤجر من مصاريف، ونفقات فعلية حتى التاريخ المذكور مسقطاً لحق المؤجر في الإخلاء والمقصود هو قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف. ومن ثم فإن تخلف المستأجر عن الوفاء بأي قدر من الأجرة المستحقة أو ملحقاتها أو المصاريف والنفقات الفعلية حتى قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف كاف للقضاء بإخلائه من العين. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض دعوى الإخلاء إلى أن المستأجر - المطعون ضده - قد قام بسداد المبلغ المبين بورقة التكليف بالوفاء وهو عن الفترة من 1/ 9/ 1972 حتى 13/ 6/ 1977 - وسداده الأجرة المستحقة حتى آخر يناير سنة 1980 وهو تاريخ تقرير الخبير المنتدب الذي عول عليه وقد حجبه ذلك عن بحث السداد حتى 2/ 10/ 1982 تاريخ قفل باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف وما أثاره الطاعن من عدم كفايته. ولا يغير من ذلك ما جاء بالحكم من أن سداد المبلغ الوارد في التكليف بالوفاء قد تم في 25/ 7/ 1977 وقبل رفع الدعوى - وهو ما يكفي لتوقي الإخلاء في هذه الحالة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذ الثابت من الأوراق أن صحيفة افتتاح الدعوى قدمت لقلم الكتاب في 30/ 6/ 1977 فيكون هذا السداد لاحقاً لها ومن ثم فإنه يتعين على المستأجر موالاة سداد الأجرة وملحقاتها حتى تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى لتوقي الإخلاء، لما كان ما تقدم فإن الحكم يكون معيباً بالقصور ويتعين نقضه.