أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 518

جلسة 21 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري نائب رئيس المحكمة، أحمد عبد الرازق، عبد الرحمن العشماوي ورمضان اللبودي.

(99)
الطعن رقم 3266 لسنة 60 القضائية

(1، 2) حكم "الطعن في الحكم: القبول المانع من الطعن". نقض.
(1) قبول الحكم المانع من الطعن عليه. شرطه. أن يقع - صراحة أو ضمناً - قبل إقامة الطعن. قبول الحكم بعد رفع الطعن. اعتباره نزولاً عن الطعن.
(2) القضاء للمطعون ضده بصحة ونفاذ عقد بيع أراضي النزاع الصادر له من الطاعن. اتخاذ الأخير إجراءات نزع ملكية تلك الأرض للمنفعة العامة بعد طعنه على هذا الحكم ببضع سنين. عدم اعتباره قبولاً مانعاً من الطعن ولا تنازلاً عنه.
(3) بيع "دعوى صحة التعاقد". دعوى.
دعوى صحة التعاقد. امتداد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه. مقتضاه. اتساع تلك الدعوى لبحث قابلية المبيع للتعامل فيه بالبيع.
(4) ملكية. بيع. أموال.
تصرف رئيس الجامعة في الأموال المملوكة لها. شرطه. صدور ترخيص مسبق له من مجلس الجامعة في إجراء التصرف. الفقرة 24 من المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات. (مثال في بيع).
(5) هبة. التزام.
اشتراط الواهب على الموهوب له تخصيص المال الموهوب في غرض معين وقبول الموهوب له ذلك. أثره. عدم جواز التصرف في هذا المال لغير الغرض المخصص له في عقد الهبة. (مثال بشأن اشتراط المحافظة الواهبة على الجامعة الموهوب لها تخصيص الأرض الموهوبة للمنشآت الجامعية).
(6) بيع "دعوى صحة ونفاذ عقد البيع". التزام.
استحالة تنفيذ البائع لالتزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذاً عينياً لعدم إجراءات البيع ولوروده على شيء غير قابل للتعامل فيه بالبيع. أثره. وجوب رفض طلب المشترى صحة ونفاذ عقد البيع.
1 - مقتضى نص المادة 211 من قانون المرافعات أن قبول الخصم للحكم المانع له من الطعن عليه هو ذلك الذي يقع منه صراحة أو ضمناً قبل إقامته الطعن، أما إذا وقع منه بعد رفع الطعن أعتبر ذلك منه نزولاً عنه.
2 - لما كان المطعون ضده قد دلّل على قبول الطاعن للحكم المطعون فيه باتخاذه إجراءات نزع ملكية الأرض محل عقد البيع سند الدعوى للمنفعة العامة، وكانت هذه الإجراءات قد تمت بعد رفع الطعن ببضع سنين فلا يتوافر بها بالتالي القبول المانع للطعن في حكم المادة 211 من قانون المرافعات.
3 - إذا كانت دعوى صحة التعاقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع واستيفائه الشروط اللازمة لانعقاده وصحته، ومن ثم "فإن تلك الدعوى تتسع لبحث قابلية المبيع للتعامل فيه".
4 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه لدى محكمة الموضوع أن الأرض محل التعاقد المطلوب الحكم بصحته ونفاذه قد أبرمه البائع بصفته رئيساً للجامعة مخالفاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات إذ باشره دون الترخيص بذلك من مجلس الجامعة وفق ما توجبه الفقرة 24 من المادة 23 منه...، وكان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير المودع ملف الدعوى عدم وجود ترخيص مسبق من مجلس الجامعة لرئيسها في إبرام البيع وذلك وفق ما تقضي به الفقرة 24 من المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه.
5 - إذ كان الثابت من البند الثالث من عقد هبة الأرض محل التداعي الصادر من محافظة.... إلى جامعة.... والمشهر بتاريخ 3/ 2/ 1975 اشتراط الجهة الواهبة على الموهوب لها تخصيص هذه الأرض للمنشآت الجامعية والتزمت هذه الأخيرة في البند الخامس منه بذلك، وبالتالي أصبحت من الأموال التي لا يجوز التصرف فيها لغير الغرض المخصص لها في عقد الهبة.
6 - لما كان تنفيذ الطاعن بصفته كبائع لالتزامه بنقل ملكية المبيع تنفيذاً عينياً قد صار غير ممكن لعدم صحة إجراءات البيع التي نص عليها رقم 49 لسنة 1972 أنف الذكر "ولوروده على شيء غير قابل للتعامل فيه بالبيع بما يكون معه طلب المطعون ضده الحكم بصحة ونفاذ عقده متعين الرفض".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم 318 لسنة 1983 مدني الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 1/ 12/ 1980 المتضمن بيع الطاعن إليه قطعة الأرض المبينة بالصحيفة مقابل ثمن مقداره 10080 جنيهاً مع التسليم. وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وقدم تقريره أجابت المطعون ضده إلى طلباته بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 44 لسنة 30 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق"، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى حكمت بتاريخ 2/ 5/ 1990 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، دفع فيها المطعون ضده بعدم جواز الطعن لأن الطاعن قبل الحكم المطعون فيه عندما استصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 445 سنة 1995 باعتبار أرض النزاع من أعمال المنفعة العامة واتخاذ إجراءات نزع ملكيتها، وبذات الجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون ضده في غير محله، ذلك بأن مقتضى نص المادة 211 من قانون المرافعات أن قبول الخصم للحكم المانع له من الطعن عليه هو ذلك الذي يقع منه صراحة أو ضمناً قبل إقامته الطعن، أما إذا وقع منه بعد رفع الطعن اعتبر ذلك منه نزولاً عنه. لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد دلّل على قبول الطاعن للحكم المطعون فيه باتخاذه إجراءات نزع ملكية الأرض محل عقد البيع سند الدعوى للمنفعة العامة، وكانت هذه الإجراءات قد تمت بعد رفع الطعن ببضع سنين فلا يتوافر بها بالتالي القبول المانع للطعن في حكم المادة 211 سالفة البيان، وأن اتخاذ هذه الإجراءات لا يعد تنازلاً عن الطعن إذ لا يستهدف الطاعن من ورائها إلا الإبقاء على هذه الأرض دون التخلي عنها للمطعون ضده وهو ذات مقصود الطاعن من طعنه، ومن ثم يكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك حين قضي بصحة ونفاذ عقد البيع محل الدعوى رغم بطلانه لصدوره من الطاعن بصفته بغير تفويض من مجلس إدارة جامعة الزقازيق بالمخالفة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 ولوروده على مال ليس محلاً للتعامل فيه حيث أبرم التصرف بالمخالفة لعقد هبة هذه الأرض المشهر برقم 522 بتاريخ 3/ 2/ 1975 والصادر من محافظة الشرقية إلى جامعة الزقازيق والذي اشترط فيه تخصيصها للمنشآت الجامعية بما لا يصح معه التصرف فيها بالبيع.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأنه لما كانت دعوى صحة التعاقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع واستيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته، ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لبحث قابلية المبيع للتعامل فيه. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه لدى محكمة الموضوع أن الأرض محل التعاقد المطلوب الحكم بصحته ونفاذه قد أبرمه البائع بصفته رئيساً للجامعة مخالفاً أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات إذ باشره دون الترخيص بذلك من مجلس الجامعة وفق ما توجبه الفقرة 24 من المادة 23 منه ومخالفاً لشروط عقد الهبة المسجل برقم 522 لسنة 1975 في 3/ 2/ 1975 سند ملكية الجامعة حيث اشترط فيه تخصيص هذه الأرض لإقامة المنشآت الجامعية، وكان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير المودع ملف الدعوى عدم وجود ترخيص مسبق من مجلس الجامعة لرئيسها في إبرام البيع وذلك وفق ما تقضي به الفقرة 24 من المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه، كما وأن الثابت من البند الثالث من عقد هبة الأرض محل التداعي الصادر من محافظة الشرقية إلى جامعة الزقازيق والمشهر بتاريخ 3/ 2/ 1975 اشتراط الجهة الواهبة على الموهوب لها تخصيص هذه الأرض للمنشآت الجامعية والتزمت هذه الأخيرة في البند الخامس منه بذلك، وبالتالي أصبحت من الأموال التي لا يجوز التصرف فيها لغير الغرض المخصص لها في عقد الهبة ومن ثم يكون تنفيذ الطاعن بصفته كبائع لالتزامه ينقل المبيع تنفيذاً عينياً قد صار غير ممكن لعدم صحة إجراءات البيع التي نص عليها رقم 49 لسنة 1972 آنف الذكر ولوروده على شيء غير قابل للتعامل فيه بالبيع بما يكون معه طلب المطعون ضده الحكم بصحة ونفاذ عقده متعين الرفض. وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.