أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1391

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ -نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

(238)
الطعن رقم 2488 لسنة 57 قضائية

(1) حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها".
الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. عدم جواز الطعن فيها استقلالاً. الاستثناء. م. 212 مرافعات. تضمن الحكم نوعين من القضاء أحدهما لا يقبل الطعن المباشر والآخر يقبله. أثره. جواز الطعن فيهما معاً. شرط ذلك وعلته.
(2) حكم "الطعن في الحكم".
الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها. عدم جواز الطعن فيها على استقلال. الاستثناء م 212 مرافعات. علة ذلك.
(3) دعوى "الطلبات فيها: تعدد الطلبات" "تقدير قيمة الدعوى". حكم "الطعن فيه".
تعدد الطلبات في الدعوى الناشئة عن سبب قانوني واحد تقدر قيمتها باعتبار الطلبات جملة. م 38 مرافعات. مؤدى ذلك. وحدة الخصومة واندماج كافة الطلبات فيها. أثره. الحكم في أحد هذه الطلبات قبل باقيها. غير جائز الطعن فيه استقلالاً. م 212 مرافعات.
(4) ملكية "أسباب كسب الملكية". شيوع "حيازة المال الشائع". حيازة. الحصة الشائعة في عقار. صلاحيتها لأن تكون محلاً للحيازة على وجه التخصيص والانفراد بنية التملك.
(5) إثبات "طرق الإثبات: القرائن القضائية". حيازة.
وضع اليد واقعة مادية. العبرة بما يثبت قيامه فعلاً وإن خالف ما يرد بالأوراق.
(6) تقادم مسقط "وقف التقادم".
وقف سريان التقادم. أحواله. م 382 مدني.
(7) دعوى "الدعوى غير المباشرة" تقادم "وقف التقادم". حراسة "حراسة إدارية".
الدعوى غير المباشرة. ماهيتها. المادتان 235، 236 مدني. نيابة الدائن عن مدينه مصدرها القانون. تمسكه بالدفوع والدفاع في مواجهة الخصم. شرطه. فرض الحراسة الإدارية على المدين - مانع قانوني لوقف سريان التقادم في حقه - ليس للدائن التمسك به. علة ذلك.
1- وإن كان مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، إلا أنه إذا كان الحكم الصادر - أثناء سير الخصومة قد تضمن نوعين من القضاء أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقاعدة العامة المقررة بالمادة 212 من قانون المرافعات والآخر يقبله وفقاً للاستثناءات الواردة فيها، وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناءاً، فإن الطعن في نوعي القضاء معاً يكون جائزاً.
2- يدل النص في المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها ولم يستثن من ذلك إلا الأحكام التي بينها بيان حصر وهي الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والقابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في الدعوى وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات.
3- المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 38 من قانون المرافعات إنه إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد فتقدر قيمتها باعتبار الطلبات جملة، ومؤدى ذلك أنه ينشأ عن تعدد الطلبات مع اتحاد السبب فيها قيام وحدة في الخصومة تشمل الطلبات جميعها من شأنها دمجها وعدم استقلال أحدها عن الآخر فمن ثم يكون الحكم في أحد هذه الطلبات قبل الآخر صادراً أثناء سير الخصومة غير منه لها كلها، فلا يجوز الطعن فيه على استقلال قبل صدور الحكم الختامي المنهي لها إلا في الأحوال الاستثنائية المبينة في المادة 212 من قانون المرافعات.
4- الحصة الشائعة يصح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها.
5- وضع اليد واقعة مادية العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً فإذا كان الواقع يخالف ما ورد بالأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما عداه.
6- مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إذا كان ثمة مانع يتعذر معه على صاحب الحق أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان المانع أدبياً.
7- إذ أجاز القانون المدني في المادة 235 لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز، وصرح في المادة 236 بأن الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه يعتبر نائباً عنه وأن كل فائدة تنتج من استعمال هذه الحقوق تدخل في أموال المدين فإنه ينبني على ذلك أن الدائن إذا باشر الدعوى غير المباشرة للمطالبة بحق مدينه باعتباره نائباً عنه نيابة مصدرها القانون فلا يجوز له أن يتمسك في مواجهة الخصم إلا بالدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بالأصيل الذي ينوب عنه فحسب دون غيرها من الدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بشخصه هو، لما كان ذلك وكان الثابت من الواقع في الدعوى أن الحراسة الإدارية بمقتضى الأمر العسكري - رقم 138 لسنة 1961 فرضت على أموال الدائن رافع الدعوى غير المباشرة فإنها لا تعتبر مانعاً قانونياً من شأنه وقف التقادم الذي يتمسك به الخصم لاكتساب ملكية عقار المدين محل النزاع وذلك لتعلق أمر فرض الحراسة بشخص النائب دون صاحب الحق الأصيل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم الأولين...... أقام الدعوى رقم 4892 لسنة 1969 مدني القاهرة الابتدائية - التي قيدت بعد ذلك برقم 8491 لسنة 1971 - مدني شمال القاهرة الابتدائية - مختصماً مورث المطعون ضده الأخير...... والطاعنين الأولى ومن الثامن إلى الأخير ومورثة الطاعنين من الثاني إلى السابع....... وخصوماً آخرين غير ممثلين في خصومة هذا الطعن، بصفته دائناً للبائع "........" وطالبا الحكم بتثبيت ملكية مدينة لقطعة الأرض المبينة في صحيفة الدعوى وإزالة المباني المقامة عليها وشطب ما عليها من تسجيلات وذلك في مواجهة وريثتي المدين، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد تاريخه 15/ 4/ 1943 اشترى من...... عقاراً بثمن مقداره ألف جنيه ونظراً لأيلولة البناء للسقوط فقد تم هدمه وبقيت الأرض فضاء سنة 1958 فانتهز المدعى عليهما الأول والثاني - ....... - هذه الفرصة وزورا عقد بيع على البائع الأصلي واستصدرا حكماً بصحته ونفاذه مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 5255 لسنة 1959 كلي مصر بطلب صحة ونفاذ عقده وشطب التسجيلات المنسوبة إلى المدعى عليهما المذكورين وأخرى - ........ - على عقد ملكية البائع له فصدر له حكم بذلك بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1965 في الاستئناف رقم 819 لسنة 1982 قضائية ومع ذلك فقد أخذ هؤلاء المدعى عليهم الثلاثة يتصرفون في الأرض الفضاء إلى بقية المدعى عليهم وأقاموا المباني على هذه الأرض، ولما كان يحق له رفع الدعوى استعمالاً لحق مدينه البائع فقد أقامها ليحكم بطلباته. وبتاريخ 11 من مارس سنة 1972 حكمت المحكمة بتثبيت ملكية البائع لمورث المطعون ضدهم الأول للعقار موضوع عقد البيع المؤرخ 15/ 4/ 1943 وذلك عن أجزائه التي في حيازة المدعى عليهم الثلاثة الأول، وأحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت مورث المطعون ضدهم الأول أن الطاعنين يعلمون أنهم تلقوا ملكية الأجزاء الباقية من العقار من غير مالك، وبعد أن استمعت المحكمة إلى الشهود حكمت بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 برفض الدعوى بالنسبة للطاعنين عدا التاسع - لاكتسابهم الملكية بالتقادم الخمسي وأعادت الدعوى إلى المرافعة بالنسبة لباقي الطلبات، ثم ندبت خبيراً لتقدير ثمن باقي أرض النزاع التي لم تشملها عقود مسجلة ومقابل الانتفاع بها وبعد أن قدم تقريره طلب المطعون ضدهم الأول الحكم بإلزام الطاعنين الأولى والثامن والتاسع والعاشر والمطعون ضده الأخير بمقابل انتفاعهم بالأرض غير المسجلة وإلزام الطاعن التاسع أيضاً بثمن ما يحوزه من الأرض بواقع مائتي جنيه للمتر وإزالة ما عليها من بيان مع التسليم، وبتاريخ 18 من يناير سنة 1986 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين الأولى والثامن والتاسع والعاشر والمطعون ضده الأخير وأخرى - ....... - بأن يؤدوا إلى المطعون ضدهم الأول مبلغ سبعة آلاف وأربعمائة وسبعة وثمانين جنيهاً ومائة وخمسة وسبعين مليماً مقابل انتفاعهم بالأرض غير المسجلة وإلزام الطاعن التاسع أيضاً بأن يؤدي إلى المطعون ضدهم الأول مبلغ أربعة آلاف وستمائة وخمسة وأربعين جنيهاً قيمة الأرض ومبلغ ألف وخمسمائة وثلاثة وستين جنيهاً قيمة الريع ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف المطعون ضدهم الأول هذا الحكم والحكم الصادر قبله بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 فيما رفض من طلباتهم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2440 لسنة 103 قضائية كما استأنف الطاعنون - عدا الأخير - الحكم الابتدائي المنهي للخصومة سالف الذكر لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 2504 لسنة 103 قضائية وطلبوا إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 13 من مايو سنة 1987 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 2440 لسنة 103 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 فيما قضى به من رفض دعوى المطعون ضدهم الأول بالنسبة إلى عقود الطاعنين المشهرة أرقام 4033 لسنة 1960، 3230 لسنة 1963، 6286 لسنة 1963، 2349 لسنة 1964 وبتثبيت ملكية البائع لمورث المطعون ضدهم الأول للمساحات الواردة بهذه العقود مع شطب كافة التسجيلات وتسليم هذه المساحات إليهم مع رفض طلب الإزالة، وفي موضوع الاستئناف رقم 2504 لسنة 103 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 18 من يناير سنة 1986 فيما قضى به من إلزام الطاعن التاسع بمبلغ أربعة آلاف وستمائة وخمسة وأربعين جنيهاً قيمة ثمن الأرض مشتراه ورفض هذا الطلب، وبتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 11 من مارس سنة 1972 وقبل الفصل في موضوع الاستئنافين بالنسبة إلى الشق الخاص بالريع بندب خبير في الدعوى. طعن الطاعنون بطريق النقض في الشق الأول من هذا الحكم ودفع المطعون ضدهم الأول بعدم جواز الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وبنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من المطعون ضدهم الأول بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه غير منه للخصومة في الدعوى وليس من بين الاستثناءات الواردة في المادة 212 من قانون المرافعات فلا يقبل الطعن إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد. ذلك بأنه وإن كان مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، إلا أنه إذا كان الحكم الصادر أثناء سير الخصومة قد تضمن نوعين من القضاء أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقاعدة العامة المقررة بالمادة 212 من قانون المرافعات والآخر يقبله وفقاً للاستثناءات الواردة بها، وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناء، فإن الطعن في نوعي القضاء معاً يكون جائزاً، لما كان ذلك وكان قضاء الحكم المطعون فيه بتثبيت الملكية للبائع المورث المطعون ضدهم الأول وشطب التسجيلات مرتبطاً بالقضاء بالتسليم القابل للطعن المباشر برابطة لا تقبل التجزئة ولما بينهما من أساس مشترك لا يحتمل الفصل فيه إلا قولاً واحداً فمن ثم يكون الطعن فيما اشتمل عليه الحكم من قضاء بالملكية والتسليم معاً يكون جائزاً ويكون هذا الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون أن - مورث المطعون ضدهم الأول رفع الدعوى بعدة طلبات مستقلة فبعضها موجة إلى المدعى عليهم....... للحكم بتثبيت ملكية البائع له لأرض النزاع استناداً إلى الحكم الصادر له بصحة ونفاذ عقده المؤرخ 5/ 4/ 1943، والبعض الآخر موجه إلى كل من الطاعنين للحكم بتثبيت ملكيته لأجزاء أرض النزاع التي في حيازتهم وعدم سريان عقود شرائهم وإزالة المباني والتسليم، ولما كان الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 قد قضى برفض الدعوى فيما يتعلق بحصص الطاعنين من أرض النزاع المبيعة بعقود مسجلة فإنه يكون قد أنهى الخصومة بالنسبة إليهم وحاز قوة الأمر المقضي لعدم الطعن عليه بالاستئناف وقت صدوره مما كان يستوجب على محكمة الاستئناف القضاء بعدم جواز نظر الاستئناف المرفوع عنه برقم 2440 لسنة 103 قضائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في المادة 212 من قانون المرافعات، وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يدل على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها ولم يستثن من ذلك إلا الأحكام التي بينها بيان حصر وهي الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والقابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في الدعوى وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي. ومن المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 38 من قانون المرافعات أنه إذا تضمنت الدعوى طلبات - متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد فتقدر قيمتها باعتبار الطلبات جملة، ومؤدى ذلك أنه ينشأ عن تعدد الطلبات مع اتحاد السبب فيها قيام وحدة في الخصومة تشمل الطلبات جميعها من شأنها دمجها وعدم استقلال أحدها عن الآخر فمن ثم يكون الحكم في أحد هذه الطلبات قبل الآخر صادراً أثناء سير الخصومة غير منه لها كلها، فلا يجوز الطعن فيه على استقلال قبل صدور الحكم الختامي المنهي لها إلا في الأحوال الاستثنائية المبينة في المادة 212 من قانون المرافعات، ولما كان البين من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم الأول رفع الدعوى استعمالاً لحقوق مدينة البائع له وأنها اشتملت على عدة طلبات تتمثل في ثبوت ملكية المدين لأرض النزاع وإزالة ما عليها من مبان وشطب التسجيلات الموقعة عليها وتسليمها، وكانت هذه الطلبات موجهة إلى فريق الطاعنين وإلى فريق البائعين لهم ويجمعها سبب قانوني واحد هو ملكية مدين المورث المذكور لأرض النزاع فتعتبر تصرفات البائعين للطاعنين غير نافذة لصدورها من غير مالك وكان من شأن وحدة السبب في هذه الطلبات كلها قيام وحدة بينها لا انفصام لها تشملها جميعاً، فإنه يبني على ذلك أن يكون الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 برفض شق من هذه الطلبات أثناء سير الخصومة غير قابل للطعن فيه بالاستئناف على استقلال قبل الفصل في بقية الطلبات بحكم منه للخصومة كلها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رتب - قضاءه ملتزماً هذا النظر فإنه يكون صائباً ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم رفض دفاعهم كسب ملكية أرض النزاع بالتقادم الخمسي على أساس عدم توافر الحيازة بمقولة أن عقود الطاعنين المسجلة أرقام 4033 لسنة 1960، 3230 لسنة 1963، 6286 لسنة 1963، 2349 لسنة 1964 قد انصبت على حصص شائعة من أرض فضاء وأنها ظلت فضاء حتى تاريخ تسجيل العقد الآخر في أبريل سنة 1964، هذا في حين أن الحصة الشائعة تصلح للحيازة بنية التملك وأن وصف المبيع بأنه أرض فضاء في العقد المسجل رقم 2349 لسنة 1964 لا يصلح الاستدلال به على نفى حيازتهم لحصصهم في أرض النزاع بنية تملكها.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن الحصة الشائعة يصح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها، ولما كان وضع اليد واقعة مادية العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً فإذا كان الواقع يخالف ما ورد بالأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما عداه، وكان الواقع في الدعوى يشير إلى أن المطعون ضدهم الأول لا يجادلون في أن أرض النزاع في حيازة الطاعنين بما أورده الأولون في صحيفة دعواهم من أن الآخرين اشتروا هذه الأرض من غير مالك وأقاموا عليها المباني، وبما طلبوه في الدعوى من إزالة المباني وتسليم الأرض إليهم، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في قضائه إلى نفي حيازة الطاعنين لأرض النزاع قولا منه بأن حيازتهم غير مستوفاة لشروطها القانونية لأنها انصبت على حصص شائعة من أرض فضاء وأنها ظلت بهذا الوصف حتى شهر أبريل سنة 1964 استدلالاً بما ورد في أحد عقود الطاعنين المسجلة في هذا التاريخ، وكان هذا القول من الحكم غير صالح فيها استدل به عليه وغير مؤدي للاقتناع من الناحية الموضوعية لما هو مقرر من صلاحية الحصة الشائعة لأن تكون محلاً للحيازة على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها ولما اتسم به ذلك القول من عدم السلامة في استنباط نفي الحيازة المستوفاة لشروطها مما ورد في وصف المبيع في العقد المسجل رقم 2349 لسنة 1964 بأنه أرض فضاء، لانتفاء التلازم الحتمي بين هذا الوصف وعدم استيفاء حيازة الطاعنين لشروطها القانونية باعتبارها واقعة مادية العبرة فيها بما يثبت فعلاً ولو كان مخالفاً لما ورد بالأوراق، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بمخالفة القانون والقصور والفساد في الاستدلال في هذا الخصوص مما يوجب نقضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أنه اعتبر أن فرض الحراسة الإدارية على أموال مورث المطعون ضدهم الأول - رافع الدعوى غير المباشرة - بتاريخ 1/ 6/ 1966 طبقاً للأمر رقم 138 لسنة 1961 مانعاً من شأنه وقف التقادم في حقه حتى تاريخ رفع الحراسة عنه في 24/ 4/ 1968 إعمالاً لحكم المادة 16 من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 في حين أن فرض الحراسة الإدارية على أموال المورث المذكور لا يعد مانعاً لوقف التقادم.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً"، مفاده أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إذا كان ثمة مانع يتعذر معه على صاحب الحق أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان المانع أدبياً، وإذ أجاز هذا القانون في المادة 235 لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز، وصرح في المادة 236 بأن الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه يعتبر نائباً عنه وأن كل فائدة تنتج من استعمال هذه الحقوق تدخل في أموال المدين، فمن ثم يترتب على ذلك أنه إذا باشر الدائن الدعوى غير المباشرة للمطالبة بحق مدينه باعتباره نائباً عنه نيابة مصدرها القانون فلا يجوز له أن يتمسك في مواجهة الخصم إلا بالدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بالأصيل الذي ينوب عنه فحسب دون غيرها من الدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بشخصه هو، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن مورث المطعون ضدهم الأول قد رفع الدعوى غير المباشرة على الطاعنين استعمالاً لحق مدينه "........" باعتباره نائباً عنه طبقاً للمادتين 235، 236 من القانون المدني، وكان لا يجوز لهذا المورث ولمورثته المطعون ضدهم الأول من بعده التمسك في مواجهة الطاعنين باعتبار فرض الحراسة الإدارية على أمواله طبقاً للأمر العسكري رقم 138 لسنة 1961 مانعاً قانونياً من شأنه وقف التقادم بالنسبة إلى مدينه المالك الأصلي لأرض النزاع وذلك لتعلق أمر فرض الحراسة بشخص النائب دون صاحب الحق الأصيل، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه على أن فرض الحراسة على ممتلكات النائب يعتبر مانعاً من شأنه وقف التقادم بالنسبة إلى الأصيل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا الوجه أيضاً.