أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1409

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، سامي فرج، ماهر البحيري ومحمد بدر الدين توفيق.

(240)
الطعن رقم 1534 لسنة 51 القضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني"، "ترك العين المؤجرة والتنازل عنها". محكمة الموضوع.
(1) إشراك المستأجر آخر معه في النشاط الذي يباشره م 29/ 2، 3 ق 49 لسنة 1977. عدم اعتباره تنازلاً عن حقه في الانتفاع بها. تنازله عنها أو تركها لشركائه. جائز متى كان عقد الشركة حقيقياً.
(2) إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة لآخر أو قيام شركة بينه وآخر. واقع استقلال محكمة الموضوع بتقديره. متى أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله.
(3) حكم "التقريرات الخاطئة". نقض. "سلطة محكمة النقض".
تضمن الحكم تقريرات قانونية خاطئة باعتبار الشركاء في الشركة مستأجرين أصليين للعين المؤجرة لا يعيبه. لمحكمة النقض تصحيح هذه التقريرات دون أن تنقضه.
(4) حكم "تسبيبه". استئناف.
إلغاء محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي. عدم التزامها بالرد على أسبابه حسبها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.
(5) حكم. نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن". إيجار.
ورود النعي على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
1- النعي في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - يدل على أن المشرع أجاز لمستأجر العين أن يشرك معه آخر أو أكثر في النشاط المالي الذي يباشره فيها عن طريق تكوين شركة بينهم دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلي المستأجر لتلك العين عن حقه في الانتفاع بها، فإذا ما كان عقد الشركة حقيقياً كان للمستأجر الأصلي الشريك أن يتنازل عن المحل أو بتركه لشركائه في استغلال العين المؤجرة.
2- المقرر أن إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر أو قيام شركة بينه وبين آخر هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
3- لا يعيب الحكم ما تضمنه من تقريرات قانونية خاطئة باعتبار الشركاء في الشركة مستأجرين أصليين للعين المؤجر. فلهذه المحكمة أن تصحح هذه التقريرات دون أن تنقض الحكم إذ لا يعتبر الشريك مستأجراً إلا إذا استمر عقد الإيجار إليه بتنازل المستأجر الأصلي أو تركه للعين المؤجرة والتزام المؤجر بتحرير عقد إيجار له طبقاً للقانون.
4- المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد في ذلك الحكم من الأدلة ما دامت قد أقامت حكمها على أسباب تكفي لحمل قضائها.
5- إذا كان الحكم المطعون فيه لم يتعرض لواقعة بيع الجدك - الذي كان الحكم الابتدائي قد تناوله وإنما أسس قضاءه على ما ورد بأسبابه من قيام شركة بين المطعون ضده الأول وشقيقه المطعون ضده الثاني وآخر وحصل التنازل للمطعون ضده الثاني من شقيقه عن نصيبهما في الشركة وأصبح هو المستأجر للعين محل النزاع ومن ثم فإن النعي يكون غير مقبول لوروده على غير محل من الحكم المطعون فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم 6679 لسنة 1979 مدني كلي شمال القاهرة بطلب إخلاء المحل المبين بالصحيفة، وقالت بياناً لها أن المطعون ضده الأول استأجر محل النزاع بموجب عقد مؤرخ 1/ 3/ 1974 بقصد استعماله في التجارة. وتنازل عن الإجارة للمطعون ضده الثاني بدون إذن كتابي منها مخالف شروط العقد والقانون فأقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت بالإخلاء. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 4329 لسنة 97 ق القاهرة وبتاريخ 9/ 4/ 1981 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أخطأ حين اعتبر إدخال المستأجر الأصلي شركاء له في الانتفاع بالعين كافياً لإضفاء صفة المستأجر الأصلي على كل شريك منهم واعتبر التنازل الصادر من الشريك إلى شريكه يتفق وحكم المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولا يعد تنازلاً عن الإجارة أو إيجار من الباطن بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أن النص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين، حسب الأحوال، وفي جميع الأحوال يلزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد". يدل على أن المشرع أجاز لمستأجر العين أن يشرك معه آخر أو أكثر في النشاط المالي الذي يباشره فيها عن طريق تكوين شركة بينهم دون أن ينطوي هذا بذاته على معنى تخلي المستأجر لتلك العين عن حقه في الانتفاع بها، فإذا ما كان عقد الشركة حقيقياً كان للمستأجر الأصلي الشريك أن يتنازل عن المحل أو يتركه لشركائه في استغلال العين المؤجرة، كما أن المقرر أن إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة أن تنازله عنها لآخر أو قيام شركة بينه وبين آخر هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته "أن المحكمة ترى أن العقد المقدم من المستأنف الثاني - المطعون ضده الثاني - يتضمن بوضوح أن كلا المستأنفين الشقيقين وكذلك شقيقهما الثالث كانوا يكونون بينهم شركة تضامن لاستعمال المحل موضوع الدعوى كمحل حلويات ثم تخارج كل من المستأنف الأول وشقيقه الآخر من الشركة لصالح أخيهم المستأنف الثاني الذي انفرد بالمحل. ومن ثم فلا محل للقول بأن هناك ثمة عقد بيع بالجدك من المستأنفين بل أن كلاً من الشركاء المتضامنين يعتبر مستأجراً أصلياً ولو أن عقد إيجار المحل كان باسم المستأنف الثاني ولا يقدح في ذلك أن المستأجر الأصلي المستأنف الأول قد تخارج من عقد الشركة كما لا يوجد ما يثبت واقعة التأجير من الباطن بين المستأنف الأول إلى المستأنف الثاني بل إن شاهدي المستأنف عليها قررا أمام محكمة أول درجة أن المستأنف الأول ترك المحل لشقيقه المستأنف الثاني ولما كان من غير المتصور أن تكون علاقة المستأنف الأول بشقيقه المستأنف الثاني يدعي أنها تأجير من الباطن ومن ثم فلا محل لفسخ عقد إيجار المحل موضوع الدعوى....... "وكانت هذه الأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم ولا يعيب الحكم ما تضمنه من تقريرات قانونية خاطئة باعتبار الشركاء في الشركة مستأجرين أصليين للعين المؤجرة. فلهذه المحكمة أن تصحح هذه التقريرات دون أن تنقض الحكم إذ لا يعتبر الشريك مستأجر إلا إذا استمر عقد الإيجار إليه بتنازل المستأجر الأصلي أو تركه للعين المؤجرة والتزام المؤجر بتحرير عقد إيجار له طبقاً للقانون فيكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه خالف حكم أول درجة الذي ذهب إلى تكييف العقد بأنه بيع الجدك ولم يبحث شروط البيع بالجدك ومدى جديته بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد في ذلك الحكم من الأدلة ما دامت قد أقامت حكمها على أسباب تكفي لحمل قضائها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يتعرض لواقعة بيع الجدك - الذي كان الحكم الابتدائي قد تناوله وإنما أسس قضاءه على ما ورد بأسبابه من قيام شركة بين المطعون ضده الأول وشقيقه المطعون ضده الثاني وآخر وحصل التنازل للمطعون ضده الثاني من شقيقه عن نصيبهما في الشركة وأصبح هو المستأجر للعين محل النزاع ومن ثم فإن النعي يكون غير مقبول لوروده على غير محل من الحكم المطعون فيه.