أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1423

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق - نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، عبد الرحيم صالح وعلي محمد علي.

(243)
الطعن رقم 2710 لسنة 57 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". رسوم "رسوم الإرشاد والمواني".
المحاكم المدنية. اختصاصها بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. قيام النزاع حول المطالبة بكامل رسوم رسو وإرشاد السفينة طبقاً لأحكام القانون 24 لسنة 1983 الخاص برسوم الإرشاد. خلو أحكام هذا القانون من تحديد الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيقه. أثره. اختصاص المحاكم المدنية بنظرها دون الجهة الإدارية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر دون أن يعرض لقراري وزير النقل البحري والهيئة العامة لميناء بور سعيد الصادرين في هذا الشأن. صحيح. علة ذلك.
(2) رسوم "رسوم الإرشاد والمواني والمنائر". حكم "عيوب التدليل: القصور".
منح التخفيض المنصوص عليه في المادة 19 من قانون رسوم الإرشاد رقم 24 لسنة 1983. مناطه. إطراح ما تمسكت به الطاعنة أمام محكمة الاستئناف من مستندات والالتفات عن مناقشتها وبحث دلالتها لبيان مدى توافر شروط منح التخفيض. قصور في التسبيب.
1- المحاكم المدنية باعتبارها صاحبة الولاية العامة تختص بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أنها أقيمت من المطعون ضدها بطلب إلزام الطاعنة بصفتها برسوم رسو وإرشاد سفينة الركاب "ايجينوس" طبقاًَ لأحكام قانون رسوم الإرشاد الصادر بالقانون 42 لسنة 1983 فنازعت الطاعنة في استحقاق المطعون ضدها لكامل الرسم لوجوب إعمال التخفيض في رسم الميناء الذي منحته المادة 19 من ذلك القانون للسفن التي ترد في رحلة سياحية، وكانت أحكام هذا القانون قد خلت من تحديد الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيقه - فإن المحاكم المدنية تضحى هي المختصة بنظرها، إذا كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد عرض لواقعة الدعوى وشروط إعمال التخفيض آنف الذكر وخلص - حسبما تراءى له - إلى عدم توافر شروط منحه دون أن يعرض لقراري وزير النقل البحري والهيئة العامة لميناء بور سعيد في شأن شرطي الانتظام والدورية - وكان القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة وبما لها من سلطة بمقتضى القوانين وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً - وكان الباعث عليه مصلحة عامة. وكان القانون رقم 24 لسنة 1983 المذكور لم يمنح أياً من وزير النقل البحري أو الهيئة العامة لميناء بور سعيد سلطة تفسير أحكام هذا القانون فإن أياً من القرارين المذكورين لا يعتبر قراراً إدارياً تلتزم المحكمة العادية بإعماله - ولا يقيد سلطتها في تفسير نصوص القانون بما تراه أوفى إلى إرادة الشارع إن قامت بها حاجة إلى ذلك. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2- مؤدى ما نصت عليه المادة 19 من قانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم المواني والمنائر والمكوث الصادر بالقانون رقم 24 لسنة 1983 من أنه تمنح السفن التي ترد إلى أحد مواني الجمهورية في رحلة سياحية تخفيضاً مقداره (75%) من رسوم الميناء المنصوص عليها في المادة (5) بشرط أن تكون هذه السفن غير خاضعة لنظام السفريات الدورية وأن تخطر مصلحة المواني والمنائر والهيئات العامة للمواني المختصة بميعادها وخط سيرها، وألا تقوم بتفريغ بضائع أو شحنها وأن تقدم شهادة من وزارة السياحة تثبت أنها قادمة في رحلة سياحية. ويحول دون التمتع بهذا التخفيض إنزال سواح في الميناء أو أخذهم منه ولو مع أمتعتهم وسياراتهم الخاصة. أن مناط منح هذا التخفيض أن يكون ورود السفينة إلى الميناء ليس ضمن رحلاتها المقررة المرتبطة بخط بحري منتظم معلومة سفراته مقدماً طبقاً للجدول المعد لذلك، ولو تكرر ذلك القدوم طالما لم يتخذ شكل الخط البحري المنتظم السير بجداول معلنة سلفاً بين مواني محددة. وأن تكون السفينة في رحلة سياحية بدلالة شهادة صادرة من وزارة السياحة تثبت قدومها لهذا الغرض وأن تخطر مصلحة المواني والجهات الأخرى المختصة بميعاد قدومها وخط سيرها وألا تقوم بتفريغ أو شحن بضائع ولا يحول قيامها بإنزال السواح في الميناء مع أمتعتهم وسياراتهم الخاصة أو أخذهم منه دون التمتع بهذا التخفيض - لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الاستئناف بقدوم السفينة في كل من رحلاتها الثلاث موضوع النزاع للسياحة وقدمت إليها ثلاث شهادات صادرة من وزارة السياحة وإخطارات موجهة إلى كل من مصلحة المواني والجهات الأخرى تتعلق بهذه الرحلات والغرض منها - وكان الحكم المطعون فيه قد حجب نفسه عن مناقشتها وبحث الدلالة المستفادة منها لبيان مدى توافر شروط منح التخفيض المنصوص عليه في المادة 19 آنفة الذكر فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب وهو ما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 50 لسنة 1985 تجاري كلي بور سعيد انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنة وآخر بصفتهما بأن يؤديا إليها مبلغ 600 مليم و23000 جنيه وفوائده القانونية، رسوم رسو وإرشاد سفينة الركاب الإيطالية أيوجينورس التي وصلت إلى ميناء بور سعيد أيام 6، 16، 26/ 7/ 1974 تطبيقاً لأحكام القانون 24 لسنة 1983 ونازعت الطاعنة في استحقاق كامل تلك الرسوم بدعوى وجوب تخفيضها إعمالاً لحكم المادة 19 من ذلك القانون - وبتاريخ 26/ 1/ 1986 ألزمت المحكمة الطاعنة بصفتها بالمبلغ المطالب به. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 103، 108 لسنة 27 ق استئناف الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" وبتاريخ 21/ 5/ 1987 أيدت المحكمة الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ أطرح قراري وزير النقل والهيئة العامة لميناء بور سعيد رقم 61 لسنة 1986 الصادر تنفيذاً للأول باعتماد تفسير الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لشرطي الانتظام والدورية وهما قراران إداريان يمتنع على الحكم المطعون فيه التعرض لهما بالتفسير والتأويل.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أن المحاكم المدنية باعتبارها صاحبة الولاية العامة تختص بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أنها أقيمت من المطعون ضدها بطلب إلزام الطاعنة بصفتها برسوم رسو وإرشاد سفينة الركاب "أيوجينورس" طبقاًَ لأحكام قانون رسوم الإرشاد الصادر بالقانون 24 لسنة 1983 فنازعت الطاعنة في استحقاق المطعون ضدها لكامل الرسم لوجوب إعمال التخفيض في رسم الميناء الذي منحته المادة 19 من ذلك القانون للسفينة التي ترد في رحلة سياحية، وكانت أحكام هذا القانون قد خلت من تحديد الجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيقه - فإن المحاكم المدنية تضحى هي المختصة بنظرها، إذا كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد عرض لواقعة الدعوى وشروط إعمال التخفيض آنف الذكر وخلص - حسبما تراءى له - إلى عدم توافر شروط منحه، دون أن يعرض لقراري وزير النقل البحري والهيئة العامة لميناء بور سعيد في شأن شرطي الانتظام والدورية - وكان القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله....... هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة، بما لها من سلطة بمقتضى القوانين وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة، وكان القانون رقم 24 لسنة 1983 المذكور لم يمنح أياً من وزير النقل البحري والهيئة العامة لميناء بور سعيد سلطة تفسير أحكام هذا القانون فإن أياً من القرارين المذكورين لا يعتبر قراراً إدارياً تلتزم المحكمة العادية بإعماله - ولا يقيد سلطتها في تفسير نصوص القانون بما تراه أوفى إلى إرادة الشارع إن قامت بها حاجة إلى ذلك. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بباقي أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أطرح ما تمسكت به الطاعنة من وجوب إعمال التخفيض المنصوص عليه في المادة 19 من القانون 24 سنة 1983 بدعوى أن السفينة تعمل في خطوط ملاحية منتظمة ولم تخطر هيئة الميناء بميعاد وصولها والتفتت عن مناقشة ما قدمته من مستندات تفيد عدم خضوع السفينة لنظام السفريات الدورية وقدومها في رحلة سياحية في كل من الرحلات الثلاث موضوع التداعي وإخطار مصلحة المواني والمنائر والهيئة العامة للمواني بميعاد وصولها وخط سيرها وعدم قيامها بتفريغ أو شحن بضائع.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه مؤدى ما نصت عليه المادة 19 من قانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم المواني والمنائر والمكوث الصادر بالقانون رقم 24 سنة 1983 من أن تمنح السفن التي ترد إلى أحد مواني الجمهورية في رحلة سياحية تخفيضاً مقداره (75%) من رسم الميناء المنصوص عليها في المادة (5) بشرط أن تكون هذه السفن غير خاضعة لنظام السفريات الدورية وأن تخطر مصلحة المواني والمنائر والهيئات العامة للمواني المختصة بميعادها وخط سيرها وألا تقوم بتفريغ بضائع أو شحنها وأن تقدم شهادة من وزارة السياحة تثبت أنها قادمة في رحلة سياحية - ولا يحول دون التمتع بهذا التخفيض إنزال سواح في الميناء أو أخذهم منه ولو مع أمتعتهم وسياراتهم الخاصة، أن مناط منح هذا التخفيض أن يكون ورود السفينة إلى الميناء ليس ضمن رحلاتها المقررة المرتبطة بخط بحري منتظم معلومة سفراته مقدماً طبقاً للجدول المعد لذلك. ولو تكرر ذلك القدوم طالما لم يتخذ شكل الخط البحري المنتظم السير بجداول معلنة سلفاً بين مواني محددة، وأن تكون السفينة في رحلة سياحية بدلالة شهادة صادرة من وزارة السياحة تثبت قدومها لهذا الغرض وأن تخطر مصلحة المواني والجهات الأخرى المختصة بميعاد قدومها وخط سيرها ولا تقوم بتفريغ أو شحن بضائع، ولا يحول قيامها بإنزال السواح في الميناء مع أمتعتهم وسياراتهم الخاصة أو أخذهم منه دون التمتع بهذا التخفيض - لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الاستئناف بقدوم السفينة في كل من رحلاتها الثلاث موضوع النزاع للسياحة وقدمت إليها ثلاث شهادات صادرة من وزارة السياحة وإخطارات موجهة إلى كل من مصلحة المواني والجهات الأخرى تتعلق بهذه الرحلات والغرض منها - وكان الحكم المطعون فيه قد حجب نفسه عن مناقشتها وبحث الدلالة المستفادة منها لبيان مدى توافر شروط منح التخفيض المنصوص عليه في المادة 19 آنفة الذكر فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب وهو ما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.