مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 15

(3)
جلسة 22 من أكتوبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر - المستشارين.

القضية رقم 1313 لسنة 8 القضائية

عامل ."ندب". "ترقية" . كادر العمال.
ندب العامل الشاغل لوظيفة مساعد ميكانيكي إلى وظيفة مقرر لها درجة صانع دقيق - لا يكسبه حقاً في هذه الدرجة ولا يعتبر ترقية له إليها - أساس ذلك.
ندب مساعد الصانع إلى وظيفة مقرر لها في كادر العمال درجة "صانع دقيق" لا يكسبه حقاً في الدرجة الأعلى التي ندب لها ولا يجرى مجرى الترقية التي لا ينشأ المركز القانوني فيها تلقائياً لارتباطه بوجود درجة خالية في الميزانية وتوقفه على التزام حدود الاعتمادات المالية وخضوعه لوجوب مراعاة نسب معينة لكل فئة من فئات الصناع في القسم الواحد في الوزارة أو المصلحة وتعلقه بإرادة الجهة الإدارية وترخصها في تقدير ملاءمة الترقية وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 23 من أبريل سنة 1962 فإن آخر ميعاد للطعن فيه يكون هو يوم 22 من يونيه سنة 1962 إلا أنه لما كان هذا اليوم، وقد صادف عطلة رسمية - يوم الجمعة - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليه، وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب هذه المحكمة في يوم السبت الموافق 23 من يونيه سنة 1962 فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد المقرر قانوناً ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 556 لسنة 8 القضائية ضد بلدية القاهرة؛ بصحيفة أودعت قلم المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية في 23 من مارس سنة 1961 بناء على قرار صادر لصالحه في جلسة 20 من فبراير سنة 1961 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية المذكورة في طلب الإعفاء رقم 722 لسنة 8 القضائية المقدم منه ضد بلدية القاهرة وطلب في صحيفة الدعوى "صدور حكم المحكمة باستحقاقه لأجر 240 مليماً في وظيفة ملاحظ طرق اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1946 وتدرج أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام المدعى عليها بالمصاريف وأتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعواه أنه عين في 5 من مارس سنة 1944 في وظيفة مساعد صانع ثم نقل في أول نوفمبر سنة 1946 إلى وظيفة ملاحظ طرق التي كان محدداً لها في الكشوف حرف "أ" بكادر العمال - الدرجة 200/ 360 مليماً، وقد منح 200 مليم ولما كانت هذه الوظيفة هي وظيفة صانع دقيق ودرجتها هي 300/ 500 مليم ببداية قدرها 240 مليماً فإن من حقه أن يحصل على هذا الأجر منذ نقله إلى درجة ملاحظ طرق وقد أجابت بلدية القاهرة عن الدعوى بأن المدعي عين بها في وظيفة مساعد ميكانيكي بدرجة مساعد صانع في 15 من فبراير سنة 1944 بأجر يومي قدره 140 مليماً رفع إلى 200 مليم طبقاً لقواعد الإنصاف لأنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية. وذلك اعتباراً من 5 من مارس سنة 1944 وفي 21 من أكتوبر سنة 1946 نقل إلى وظيفة ملاحظ طرق ونص في المذكرة المحررة في هذا الشأن على أن تكون "الموافقة على نقله إلى وظيفة ملاحظ طرق بدون زيادة في أجرته" ولم يؤد امتحاناً قبل نقله إلى هذه الوظيفة ثم طبق عليه كادر العمال فاعتبر في الدرجة 200/ 360 مليماً من تاريخ نقله ومنح العلاوة الدورية بالفئة المقررة لهذه الدرجة وهي 20 مليماً من أول مايو سنة 1947 وهو الميعاد الذي حل فيه موعد هذه العلاوة على أن تكون علاوته الدورية المقبلة في أول شهر مايو سنة 1949 ولما كان نقله للعمل في مهنة "ملاحظ طرق" قد تم بصفة مؤقتة ودون زيادة في أجره كما أنه لم يكن قد أدى امتحاناً في عمل هذه المهنة؛ أو أمضى في درجة مساعد صانع المدة التي يجوز ترقيته إلى درجة صانع بعد انقضائها فإنه يظل شاغلاً درجة مساعد صانع، ويكون قد حصل على أكثر مما يستحق بتسوية حالته في الدرجة 200/ 360 مليماً التي بلغ أجره فيها 340 مليماً في سنة 1949 فجاوز بذلك نهاية المربوط المقرر لدرجة مساعد الصانع وهو 300 مليم وانتهت البلدية من ذلك إلى طلب الحكم برفض الدعوى وبجلسة 23 من أبريل سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في تسوية أجره باعتباره في وظيفة ملاحظ طرق؛ بدرجة صانع دقيق بأجر قدره 240 مليماً من 21 من أكتوبر سنة 1946 - وما يترتب على ذلك من آثار مع أعمال التقادم الخمسي وإلزام الوزارة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن القرار الصادر بنقل المدعي إلى وظيفة "ملاحظ طرق" هو في حقيقته قرار بترقيته إلى درجة هذه الوظيفة وهي درجة "صانع دقيق"؛ التالية مباشرة لدرجة "مساعد صانع" التي كان يشغلها وهو وإن لم يكن قد أمضى في درجة "مساعد صانع" المدة المقررة لجواز الترقية بعدها إلى الدرجة التالية إلا أن قضاء هذه المدة شرط صلاحية لا شرط لزوم وقد ثبتت صلاحيته لوظيفة ملاحظ طرق من إسناد عمل هذه المهنة إليه واستمراره في شغلها كما أن هذا الاستمرار يؤكد انصراف نية الإدارة إلى ترقيته ومن ثم تطبق في شأنه أحكام الترقية ولا يعتد بما ورد في المذكرة التي صدر على أساسها قرار النقل من النص على عدم زيادة أجره.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي إنما نقل إلى وظيفة ملاحظ طرق نقلاً مؤقتاً لأنه لم يشغل درجة شاغرة ولا يمكن اعتبار هذا القرار قرار ترقية إلى درجة "ملاحظ طرق" لأن المذكور لم يكن قد أمضى في درجة مساعد صانع المدة اللازمة للترقية إلى درجة صانع ولأن البلدية قرنت هذا النقل بعدم زيادة أجره ولما كان قيامه بعمل وظيفة صانع لا ينهض مبرراً لتسوية حالته على درجة هذه الوظيفة على خلاف ما قضى به الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم يكون قد أخطأ وجانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أن المذكور عين في 15 من فبراير سنة 1944 بالقسم الميكانيكي بتنظيم حلوان في وظيفة "مساعد ميكانيكي" بيومية قدرها 140 مليماً رفعت إلى 200 مليم بعد تسوية حالته بقواعد الإنصاف لأنه كان حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية. وقد تقدم في 21 من سبتمبر سنة 1946 بطلب إلى مدير الأعمال الذي يتبعه، أوضح فيه أنه قاطن بحي بولاق بالقاهرة، وهو ما يستتبع تحمله مصاريف كثيرة في ذهابه إلى عمله وإيابه منه كما أن "صحته ضعيفة وغير قادر على شغل الماكينات" والتمس نقله إلى وظيفة ملاحظ طرق، بتنظيم القاهرة فأشر مدير الأعمال على الطلب بأن "يحول للطرق، حيث ليس لدينا مانع، وبدون بدل". (الصحيفة رقم 31 من ملف الخدمة) وبناء على هذه التأشيرة، حول طلب المدعي إلى قسم الطرق، الذي طلب في 21 من أكتوبر سنة 1946 من مدير مصلحة التنظيم الموافقة على نقل المذكور "بدون زيادة في أجره" فوافق مدير التنظيم على ذلك في التاريخ ذاته (بصحيفة رقم 35) وقد تسلم المدعي عمله في تفتيش الطرق في أول نوفمبر سنة 1946 وفي 14 من أكتوبر سنة 1947 طالب بمنحه علاوته الدورية التي حل موعدها في أول مايو سنة 1947 أي بعد ثلاث سنوات من تعيينه مع مراعاة شهر مايو - ولما تبين تفتيش الطرق أن حالة المدعي لم تكن قد سويت على وفق أحكام كادر العمال اكتفاء بتسويتها بقواعد الإنصاف قامت لجنة تطبيق كادر العمال بتسوية حالته في وظيفة ملاحظ طرق من تاريخ شغله لهذه الوظيفة ومنحته علاوة مقدارها 20 مليماً من أول مايو سنة 1947 على أن يحل موعد علاوته المقبلة كملاحظ بالفئة المذكورة في أول مايو سنة 1949 واعتمدت هذه التسوية في 25 من نوفمبر سنة 1947 (الصحيفة رقم 71) وقد طالب المدعي في 27 من ديسمبر سنة 1948 بامتحانه لمهنة صانع؛ إلا أن تفتيش الطرق لم يوافق على ذلك (الصحيفة رقم 88) ثم عاد بعد ذلك يطالب بمنحه أجراً يومياً قدره 240 مليماً من أول مربوط درجة صانع دقيق التي يقوم بعملها - فأجيب بأن سيمنح هذا الأجر في أول مايو سنة 1949 (بعد حصوله على العلاوة) (الصحيفة رقم 103) وأخيراً طالب بترقيته في 10 من يونيه سنة 1960 أسوة بزملائه المعينين معه (الصحيفة رقم 188) ثم أقام هذه الدعوى.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن القرار الصادر بالموافقة على نقل المدعي إلى وظيفة "ملاحظ طرق" "بدون زيادة في أجره" لم يهدف إلى ترقيته إلى درجة "صانع دقيق" ولا إلى تعيينه فيها تعييناً جديداً؛ يؤيد ذلك ويؤكده أن المذكور وقد عين في درجة "مساعد صانع" في 15 من فبراير سنة 1944 ولم يكن قد أمضى وقت نقله - في 21 من أكتوبر سنة 1946 - في هذه الدرجة المدة القانونية اللازمة التي تجعله صالحاً للترقية إلى درجة "صانع دقيق" كما أنه لم يؤد امتحاناً في عمل الوظيفة التي نقل إليها؛ وبالتالي فهو لا يصلح للتعيين فيها ومن ثم فإن قرار نقله إلى وظيفة "ملاحظ طرق" يكون بمثابة قرار بندبه مؤقتاً للقيام بعملها وقد كان هذا المعنى واضحاً لدى المدعي حسبما يؤخذ من مطالبته بالامتحان لمهنة "صانع دقيق" ثم مطالبته بالترقية إليها على الوجه الذي سلف بيانه وهذا الندب لا يكسبه حقاً في الدرجة الأعلى التي ندب لها ولا يجري مجرى الترقية التي لا ينشأ المركز القانوني فيها تلقائياً لارتباطه بوجود درجة خالية في الميزانية وتوقفه على التزام حدود الاعتمادات المالية؛ وخضوعه لوجوب مراعاة نسب معينة لكل فئة من فئات الصناع في القسم الواحد في الوزارة أو المصلحة وتعلقه بإرادة الجهة الإدارية وترخصها في تقدير ملاءمة الترقية وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة وواقع الحال أنه لم يصدر قرار إداري من مختص بترقية المدعي إلى درجة شاغرة في الميزانية ولاسيما أنه لم يكن قد أمضى المدة القانونية المتطلبة للصلاحية لهذه الترقية ولم يؤد الامتحان اللازم لها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن المركز القانوني للعامل يتعين تبعاً لوصف الحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو بترقيته إذ أن هذا القرار هو الذي يحدد نوع العمل المنوط به وكذا درجته وأجره ولا يغير من هذا المركز قيام العامل فعلاً بعمل وظيفة من طبيعة أخرى إذ لا ينال الدرجة المخصصة لهذه الوظيفة إلا بالقرار الصادر بمنحه إياها وفقاً للقواعد التنظيمية المقررة في هذا الشأن.
ومن حيث إنه ينبني على ما تقدم أن تكون التسوية التي أجرتها لجنة تطبيق كادر العمال على حالة المدعي بوضعه في درجة صانع غير دقيق - استناداً إلى قرار نقله إلى وظيفة ملاحظ طرق تكون هذه التسوية غير متفقة وأحكام القانون ومع ذلك فإن المدعي قد أفاد منها مادياً إذ بلغ أجره 340 مليماً في سنة 1959 فجاوز بذلك نهاية مربوط درجة مساعد صانع وهي 300 مليم التي كان يتعين على اللجنة المذكورة تسوية حالته عليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى باستحقاق المدعي تسوية حالته في درجة "صانع دقيق" المخصصة لوظيفة ملاحظ طرق يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.