مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 34

(7)
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

الطعن رقم 1314 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف. "موظف مؤقت". "تعيين". "فصل".
تعيين العامل لمدة محدودة - طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد مركزه القانوني (التأقيت) - اعتباره مفصولاً بانتهاء المدة المحددة سواء انتهت الأعمال المعين لها أو نفدت الاعتمادات المالية المقررة لها - تعيينه بعد ذلك.
تعيين جديد.
(ب) موظف. "موظف مؤقت". "انتهاء الخدمة".
الموظف المعين على بند المكافآت - انتهاء خدمته بانتهاء الاعتماد المالي المدرج لذلك بالميزانية.
1 - إن طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد المركز القانوني للعامل في علاقته بالحكومة عند تعيينه تتصف بالتوقيت إذا كان العامل معيناً لمدة محدودة، إذ يعتبر عندئذ مفصولاً تلقائياً بانتهاء المدة المحددة لخدمته المؤقتة سواء انتهت الأعمال المعين عليها أو نفدت الاعتمادات المالية المقررة لها أم لا ما لم يجدد تعيينه بذات الصفة المؤقتة، أو بصفة أخرى فيكون هذا تعييناً جديداً بشروطه وأوضاعه بعد انفصام الرابطة الأولى.
2 - متى كان المدعي قد عين على بند المكافآت فإنه بهذه المثابة يعتبر من قبيل الموظفين المؤقتين الذين تظل صلتهم بالحكومة قائمة ما بقي الاعتماد المالي المدرج بالميزانية والمخصص لهذا الغرض قائماً، وبانتهاء الاعتماد المالي المخصص لصرف هذه المكافآت تنتهي تبعاً لذلك وبحكم اللزوم خدمة كل من كان معيناً عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه صادر بجلسة 23 من أبريل سنة 1962، وأن آخر ميعاد للطعن فيه، وهو يوم 22 من يونيه سنة 1962 قد صادف عطلة رسمية هي يوم الجمعة، ومن ثم امتد ميعاد الطعن بالتطبيق لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية إلى أول يوم عمل بعدها وهو يوم السبت الموافق 24 من يونيه سنة 1962 الذي تم فيه إيداع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 977 لسنة 15 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 25 من يوليه سنة 1967، بناء على قرار إعفاء من الرسوم القضائية صادر له في 22 من مايو سنة 1961 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في الطلب رقم 169 لسنة 15 القضائية، طالباً الحكم "بضم مدة خدمته السابقة كاملة بحيث ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى تاريخ تعيينه الأول في 3 من أكتوبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار" وقال بياناً لدعواه أنه حصل على شهادة العالمية من كلية اللغة العربية في عام 1953 وعلى دبلوم معهد التربية العالي للمعلمين في عام 1954، وأنه التحق بخدمة الوزارة المدعى عليها في 3 من أكتوبر سنة 1954 في الدرجة السادسة الفنية العالية، ونظراً لعدم استيفائه مسوغات التعيين غيرت الوزارة المصرف المالي للمرتب الذي يتقاضاه فأصبح يصرفه من بند المكافآت بدلاً من بند المرتبات وهو إجراء مؤقت قصد منه تدبير المصرف المالي إلى حين استيفاء مسوغات التعيين، وعند إتمام هذه المسوغات في 17 من مايو سنة 1959 أعادته الوزارة لحالته الأولى، إلا أنها تجاهلت مدة خدمته السابقة على بند المكافآت، على الرغم من أنه تقدم لها بطلب ضم هذه المدة خلال المواعيد المقررة لذلك، وأخيراً قامت الوزارة بضم المدة المذكورة له وأرجعت أقدميته إلى 3 من مارس سنة 1955 بدلاً من 3 من أكتوبر سنة 1954 التاريخ الصحيح لتعيينه الأول. وقد ردت الوزارة المدعى عليها على الدعوى بأن المدعي عين بها في 3 من أكتوبر سنة 1954 طبقاً للقانون رقم 193 لسنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 بحظر استخدام أحد بين سن الثامنة عشرة والثلاثين سنة إلا بعد تقديم شهادة معاملة وبالاحتفاظ للمجندين بوظائفهم، ولما لم يستوف مسوغات تعيينه في مدى تسعة أشهر فصل من الخدمة في 2 من يوليه 1955 وأصبح يصرف مرتبه بعد هذا التاريخ من بند المكافآت، وأضافت الوزارة أن المدرسين الذين لم يستوفوا مسوغات تعيينهم، ومنها النجاح في الكشف الطبي ومن بينهم المدعي الذي رسب في هذا الكشف يخضعون في أمر بقائهم أو فصلهم لقرارات وزارية تبعاً لحاجة الوزارة من ناحية وللاعتماد المخصص لهم من ناحية أخرى، وقد فصلوا بناء على هذه القرارات في فترة الأجازة الصيفية في عامي 1957، 1958 (أغسطس وسبتمبر سنة 1957، ويوليه وأغسطس وسبتمبر سنة 1958)، وبعد أن عين المدعي في 21 من يوليه سنة 1959 في الدرجة السادسة روعي في حساب مدة خدمته السابقة حذف هذه الفترة لأنه لم يكن خلالها موظفاً بالحكومة، ولذلك حسبت له فقط المدة التي قضاها في الدرجة السادسة والمدة التي قضاها على بند المكافآت بعد استبعاد المدد المشار إليها، وأرجعت أقدميته إلى 3 من مارس سنة 1955 بالقرار رقم 271 في 10 من إبريل سنة 1960، وبجلسة 23 من أبريل سنة 1962 أجابت محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" المدعى إلى طلبه بحكمها المطعون فيه، وبنت قضاءها على أنه لم يثبت أن المذكور قد فصل من الخدمة أو انقطع عن العمل خلال الخمسة الأشهر التي رفضت الوزارة المدعى عليها ضمها لمدة خدمته، وإذا كان كل ما نسبته إليه الوزارة هو أن هذه فترة هي فترة الأجازة الصيفية، وأنها لم تصرف له خلالها مكافأة فإن ذلك لا يؤثر في كونه موظفاً قائماً بالعمل يؤدي ما يكلف به من أعمال في الأوقات التي تحددها الوزارة ما دام لم يصدر قرار بفصله من عمله أو بقطع صلته به.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المدعي عين على بند المكافآت من 3 من يوليه سنة 1955، ومن ثم يكون أمر بقائه مرهوناً ببقاء الاعتماد المخصص لهذا البند بالميزانية فتنتهي مدة خدمته باعتبارها مؤقتة بنهاية السنة المالية أو بنفاذ الاعتماد، فإذا أعيد إلى الخدمة ثانية كان ذلك تعييناً جديداً له صفة التوقيت ومرتبطاً أيضاً بالاعتماد المالي المخصص لهذا الغرض وتأكيداً لذلك أصدرت الوزارة عدة قرارات تضمنت استمرار المدرسين المعينين بمكافآت في صرف مكافآتهم اعتباراً من أول السنة الدراسية حتى نهايتها، ونزولاً على حكم هذه القرارات ضمت للمدعي مدة الخدمة السابقة عدا فترتي الأجازة الصيفية في عامي 1957، 1958 باعتبار أنه كان مفصولاً من الخدمة خلالهما وغير موظف بالحكومة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد المركز القانوني للعامل في علاقته بالحكومة عند تعيينه تتصف بالتوقيت إذا كان العامل معيناً لمدة محدودة، إذ يعتبر عندئذ مفصولاً تلقائياً بانتهاء المدة المحددة لخدمته المؤقتة سواء انتهت الأعمال المعين عليها أو نفدت الاعتمادات المالية المقررة لها أم لا، ما لم يجدد تعيينه بذات الصفة المؤقتة، أو بصفة أخرى فيكون هذا تعييناً جديداً بشروطه وأوضاعه بعدم انفصام الرابطة الأولى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي عين بوزارة التربية والتعليم في 3 من أكتوبر سنة 1954 بعد حصوله على دبلوم معهد التربية العالي للمعلمين مسبوقاً بشهادة العالمية من كلية اللغة العربية في عام 1953، وإن تعيينه كان خاضعاً لأحكام القانون رقم 193 لسنة 1955 الذي يوجب استيفاء مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ التعيين وإلا حق للوزارة فصل من لم يستوف هذه المسوغات، ونظراً إلى رسوب المدعي في الكشف الطبي عدة مرات وإلى أنه لم يتحقق في شأنه شرط استيفاء مسوغات التعيين خلال المدة المشار إليها فقد فصلته الوزارة اعتباراً من 2 من يوليه سنة 1955 وعينته على بند المكافآت ابتداء من اليوم التالي أي من 3 من يوليه سنة 1955، وظل معيناً على هذا البند إلى أن وافق ديوان الموظفين على إعفائه من شرط اللياقة الطبية فصدر القرار الوزاري رقم 651 في 31 من يوليه سنة 1959 بتعيينه في وظيفة مدرس في الدرجة السادسة الفنية العالمية اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل، ولما كانت له مدة خدمة سابقة فقد قدم طلباً في 17 من سبتمبر سنة 1959 بضمها إلى مدة خدمته الحالية بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958، ووافقته الوزارة على هذا الضم مع استبعاد خمسة أشهر منها هي فترة الأجازات الصيفية خلال عامي 1957 و1958 وعدلت أقدميته بذلك في الدرجة السادسة فأصبحت راجعة إلى 3 من مارس سنة 1955 بدلاً من 3 أكتوبر سنة 1954.
ومن حيث إن المدعي وقد عين اعتباراً من 3 من يوليه سنة 1955 على بند المكافآت فإنه بهذه المثابة يعتبر من قبيل الموظفين المؤقتين الذين تظل صلتهم بالحكومة قائمة ما بقى الاعتماد المالي المدرج بالميزانية والمخصص لهذا الغرض قائماً، وبانتهاء الاعتماد المالي المخصص لصرف هذه المكافآت تنتهي تبعاً لذلك وبحكم اللزوم خدمة كل من كان معيناً عليه، ولم يغب هذا الأمر على الوزارة، إذ خصت المدرسين المعاملين بالقانون رقم 193 لسنة 1955 - الذين رسبوا في الكشف الطبي أو لم يستوفوا مسوغات تعيينهم خلال تسعة أشهر وأعيد تعيينهم على بند المكافآت - خصتهم بعدة قرارات وزارية نظمت العلاقة القائمة بينها وبينهم خلال الأعوام الدراسية التي سبقت تعيينهم على درجات، فصدر القرار الوزاري رقم 804 في 9 من أغسطس سنة 1956 ناصاً في المادة الأولى منه على أنه "اعتباراً من أول يوليه سنة 1956 يستمر في صرف مكافآت المدرسين المعينين في ظل القانون رقم 193 لسنة 1955 في العام الدراسي 54/ 1955 وفصلوا اعتباراً من أول يوليه سنة 1956 من الخدمة بسبب عدم استيفاء مسوغات التعيين" ثم صدر القرار الوزاري رقم 102 في 13 من فبراير سنة 1957 م بالإبقاء على المدرسين المعينين على بند المكافآت حتى نهاية السنة الدراسية 56/ 1957، إذ قضت المادة الأولى منه بأن "يبقى المدرسون الذين صدر في شأنهم القرار الوزاري رقم 804 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1956 على بند المكافآت وهم الراسبون في الكشف الطبي في النظر وفي بعض الأمراض يرجى شفاؤها إلى نهاية العام الدراسي الحالي 56/ 1957" وبذلك تكون الوزارة قد أفصحت عن أن خدمة المدرسين المعينين على بند المكافآت - ومنهم المدعي - موقوتة بالعام الدراسي 56/ 1957 وأنها لا تستطيل بعد انتهائه، وهذا القرار الأخير يتضمن إنهاء خدمة هؤلاء المدرسين منذ اليوم الذي ينتهي فيه العام الدراسي 56/ 1957 وبانتهاء خدمتهم لا تكون ثمة رابطة تربطهم بالوزارة ولا يوجد ما يلزم الوزارة بإصدار قرار بفصل كل مدرس منهم على حدة كما تزول العلاقة الوظيفية التي كانت تربطها بهؤلاء المعينين على بند المكافآت.
ومن حيث إنه مع مطلع العام الدراسي 57/ 1958 أصدرت الوزارة المنشور رقم 267 في 29 من سبتمبر سنة 1957 الذي قررت فيه إعادة ذوي المؤهلات التربوية من المدرسين الراسبين في الكشف الطبي إلى العمل اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1957 لمدة سنة دراسية كاملة بالمكافأة حتى يستبين الأمر في شأن حالتهم الصحية، ثم أردفت ذلك بتعليماتها الخاصة بتوزيع الميزانية على المناطق التعليمية، وأبانت فيها أن عقود هؤلاء المدرسين تنتهي في 30 من يونيه سنة 1958 ولا تجدد إلا عند إخطار الوزارة في ضوء ما يعتمد في الميزانية المقبلة وذلك المنشور - مكملاً بهذه التعليمات - يقطع في الدلالة على أن علاقة المدرسين التربويين الذين رسبوا في الكشف الطبي بالوزارة تظل طوال العام الدراسي 57/ 1958 م وتنتهي بانتهائه.
ومن حيث إنه بتطبيق القرار الوزاري رقم 102 الصادر في 13 من فبراير سنة 1957 م والمنشور رقم 267 الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1957 على حالة المدعي يبين أن علاقته الوظيفية خلال عام 1957 قد انفصمت بنهاية العام الدراسي 56/ 1957، وبانفصامها أصبح غير مستحق لمرتب أو مكافأة، وكذلك الحال بالنسبة للفترة التي أعقبت انتهاء العام الدراسي 57/ 1958 وعلى ذلك فإن المذكور خلال فترة الأجازات الصيفية لعامي 1957، 1958 لا يعتبر من عداد الموظفين بالحكومة لعدم قيام أية رابطة وظيفية بينه وبينها في تلك الفترة.
ومن حيث إنه متى تبين ما تقدم فإن الوزارة تكون قد طبقت القانون في حق المدعي تطبيقاً سليماً حينما استبعدت الخمسة الأشهر - وهي الأجازات الصيفية للعامين الدراسيين 56/ 1957 و57/ 1958 - من حساب مدة خدمته السابقة المطلوب ضمها ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.