أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 711

جلسة 2 من مايو سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.

(133)
الطعن رقم 6515 لسنة 65 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: عدم الوفاء بالأجرة: التكليف بالوفاء: الالتزام بقيمة استهلاك المياه" نظام عام. بطلان. دعوى "قبول الدعوى".
(1) تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة. شرط أساسي لقبول دعوى الإخلاء للتأخير في سدادها. وقوعه باطلاً. أثره. عدم قبول الدعوى. وجوب ألا تجاوز الأجرة المطلوبة فيه ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر وألا تكون متنازعاً فيها جدياً. الأجرة المستحقة. ماهيتها.
(2) بطلان التكليف بالوفاء. تعلقه بالنظام العام.
(3) الاتفاق على أجرة نقل عن الأجرة القانونية في عقد الإيجار. جائز. وجوب إعمال هذا الاتفاق طوال مدة العقد الاتفاقية. الامتداد القانوني للعقد بعد ذلك. أثره. للمؤجر أن يطالب المستأجر بالأجرة القانونية أو لا يطالب بها إن شاء. سريان هذه القاعدة على ملحقات الأجرة ومنها ثمن استهلاك المياه. علة ذلك. م 37 ق 49 لسنة 1977.
(4) مطالبة المؤجر للمستأجر في التكليف بالوفاء بقيمة استهلاك المياه طبقاً لبنود عقد الإيجار وشروطه والتي تقل عن الاستهلاك الفعلي دون المطالبة بها وفقاً لحكم المادة 33 ق 49 لسنة 1977. تجاوزه المبالغ المبينة بالعقد. أثره. بطلان التكليف.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى الفقرة (ب) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الوفاء بالأجرة، فإذا وقع باطلاً تعين الحكم بعدم القبول ويشترط أن يبين في التكليف الأجرة المستحقة أو ملحقاتها ومن ضمنها قيمة استهلاك المياه المتأخرة التي يطالب بها المؤجر حتى يتبين للمستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه وألا يتجاوز المطلوب منه ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر وألا تكون الأجرة متنازعاً فيها نزاعاً جدياً، ويقصد بالأجرة المستحقة الأجرة المتفق عليها في العقد معدلة طبقاً لقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة زيادة أو نقصاً سواء بناء على أحكام قضائية صادرة في منازعات وردت بين الطرفين أو بمقتضى اتفاقات خاصة.
2 - بطلان التكليف بالوفاء يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يتمسك به المستأجر.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الاتفاق على أجرة تقل عن الأجرة القانونية يظل نافذاً خلال مدة العقد الاتفاقية إلا أن المؤجر من حقه أن يطالب بالأجرة القانونية خلال مدة الامتداد القانوني وإن شاء ألا يطلب هذا الحق، ويسري هذا الحكم بدوره على ملحقات الأجرة ومنها ثمن استهلاك المياه إذ تأخذ حكم الأجرة عملاً بالمادة 37 من القانون رقم 49 لسنة 1977.
4 - المادة 33 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولئن كانت قد حددت طريقة توزيع ثمن استهلاك المياه على الوحدات السكنية وفقاً للقواعد المبينة وانتهت إلى بطلان كل اتفاق يخالف أحكامها، إلا أن هذا البطلان مقرر لمصلحة المستأجر وحده إذا كان المقصود من الاتفاق التحايل على زيادة الأجرة القانونية وبداهة لا محل لتطبيق حكمه في حالة الاتفاق على مبلغ أقل من المحدد قانوناً، وإن كان ذلك لا يحول دون أن يطلب المؤجر في فترة الامتداد القانوني لعقد الإيجار المطالبة بالأجرة القانونية وملحقاتها وفقاً لأحكام القانون وإن شاء ألا يطلب هذا الحق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 23114 لسنة 1991 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم. وقال بياناً لدعواه إن الطاعن استأجر منه عين النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 12/ 1986 وإذ تأخر في سداد قيمة استهلاك المياه عن المدة من 1/ 7/ 1990 حتى 31/ 10/ 1991 وقدرها 58.02 ج رغم التزامه بأدائها بحسبان أنها من ملحقات أجرة عين النزاع طبقاً لبنود عقد الإيجار وشروطه رغم تكليفه بالوفاء بها بموجب إنذار مؤرخ 18/ 11/ 1991 فأقام الدعوى. ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً وقدم تقريره حكمت بالإخلاء والتسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 9720 لسنة 111 ق القاهرة وبتاريخ 5/ 4/ 1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظره، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك يقول إن التكليف بالوفاء الحاصل في 18/ 11/ 91 قد تضمن مطالبته بمبلغ 58.020 ج قيمة استهلاك المياه عن المدة من 1/ 7/ 90 حتى 31/ 10/ 1991 في حين أن حقيقة المبلغ المستحق عليه كقيمة استهلاك المياه وأجرة نور السلم حسبما هو وارد في بنود عقد الإيجار المبرم بينهما ووفقاً لاتفاقهما معاً هو مبلغ 3 ج شهرياً أي بمبلغ إجمالي قدره 48.0 ج عن المدة محل التكليف المشار إليه، مما مؤداه قبول الدفع المبدى منه أمام محكمة الموضوع ببطلان التكليف بالوفاء لتناوله أجرة تجاوز الأجرة المستحقة على الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه المؤيد لقضاء الحكم الابتدائي هذا النظر وقضي بالإخلاء استناداً إلى هذا التكليف بمقولة أنه يكفي أن يكون المبلغ الوارد في التكليف هو الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر محملة به مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى الفقرة (ب) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الوفاء بالأجرة، فإذا وقع باطلاً تعين بعدم القبول، ويشترط أن يبين في التكليف الأجرة المستحقة أو ملحقاتها ومن ضمنها قيمة استهلاك المياه المتأخرة التي يطالب بها المؤجر حتى يتبين للمستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه وألا يتجاوز المطلوب منه ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر وألا تكون الأجرة متنازعاً فيها نزاعاً جدياً، ويقصد بالأجرة المستحقة الأجرة المتفق عليها في العقد معدلة طبقاً لقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة زيادة أو نقصاً سواء بناء على أحكام قضائية صادرة في منازعات وردت بين الطرفين أو بمقتضى اتفاقات خاصة، وأن بطلان التكليف بالوفاء يتعلق بالوفاء يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يتمسك به المستأجر. ومن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق على أجرة تقل عن الأجرة القانونية يظل نافذاً خلال مدة العقد الاتفاقية إلا أن المؤجر من حقه أن يطالب بالأجرة القانونية خلال مدة الامتداد القانوني وإن شاء ألا يطلب هذا الحق، ويسري هذا الحكم بدوره على ملحقات الأجرة ومنها ثمن استهلاك المياه إذ تأخذ حكم الأجرة عملاً بالمادة 37 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وأن المادة 33 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولئن كانت قد حددت طريقة توزيع ثمن استهلاك المياه على الوحدات السكنية وفقاً للقواعد المبينة بها وانتهت إلى بطلان كل اتفاق يخالف أحكامها، إلا أن هذا البطلان مقرر لمصلحة المستأجر وحده إذا كان المقصود من الاتفاق التحايل على زيادة الأجرة القانونية وبداهة لا محل لتطبيق حكمه في حالة الاتفاق على مبلغ أقل من المحدد قانوناً، وإن كان ذلك لا يحول دون أن يطلب المؤجر في فترة الامتداد القانوني لعقد الإيجار المطالبة بالأجرة القانونية وملحقاتها وفقاً لأحكام القانون، وإن شاء ألا يطلب هذا الحق حسبما سلف البيان. لما كان ذلك وكان الثابت من الواقع المطروح في الدعوى أن محكمة أول درجة قد ندبت خبيراً في الدعوى لبيان ثمن استهلاك المياه عن شقة النزاع وفقاً للمادة 33 من القانون 49 لسنة 1977 وانتهت الخبيرة في تقريرها إلى أن قيمة استهلاك المياه عن المدة من 1/ 7/ 90 حتى 30/ 6/ 1993 للعقار بأكمله مبلغ 1910.46 جنيه وقيمة ما يخص الطاعن عن تلك المدة مبلغ 173.678 ج بنسبة 44/ 4 من قيمة الاستهلاك الكلي وانتهى الحكم في مدوناته أن حصة الطاعن في هذا المبلغ عن مدة المطالبة من 1/ 7/ 90 حتى 31/ 10/ 1991 - وهي المدة الواردة في التكليف بالوفاء مبلغ 63.244 ج وأن التكليف لا يقع باطلاً إذا كان المبلغ الواجب دفعه أقل أو أكثر من المقدار المذكور في التكليف ويكفي أن يكون المبلغ الوارد في التكليف هو الذي يعتقد المؤجر أن ذمة المستأجر مشغولة به ولم يفطن الحكم إلى أن ثمن استهلاك المياه من ملحقات الأجرة ويأخذ حكمها، وإذ كان الثابت بالأوراق أن الطرفين اتفقا في عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1986 على تحديد قيمة استهلاك المياه وإضاءة نور السلم بواقع ثلاثة جنيهات شهرياً وتبلغ القيمة المستحقة على الطاعن عن فترة المطالبة وفقاً لشروط العقد مبلغ 48 ج وهي قيمة تقل عن القيمة المستحقة على المستأجر وفقاً للاستهلاك الفعلي - حسبما جاء بتقرير الخبيرة وهو ما ينتفي بشأنه شبهة التحايل على أحكام الأجرة القانونية المتعلقة بالنظام العام، وكان المطعون ضده (المؤجر) قد طلب في التكليف بالوفاء المعلن للطاعن بتاريخ 18/ 11/ 1991 سداد قيمة استهلاك المياه عن المدة من 1/ 7/ 90 حتى 31/ 10/ 1991 طبقاً لبنود العقد وشروطه ولم يستعمل المؤجر حقه في المطالبة بها وفقاً لحكم المادة 33 من القانون 49 لسنة 1977، فإن لازم ذلك ومقتضاه بطلان التكليف بالوفاء لمطالبته بسداد مبلغ 58.02 ج (وهي أجرة تجاوز عما هو مستحق على الطاعن) وتضحي الدعوى غير مقبولة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر - وأيد الحكم الابتدائي - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه فإنه يتعين إلغاء الحكم الابتدائي والقضاء بعدم قبول الدعوى لبطلان التكليف بالوفاء.