أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 50 – صـ 24

جلسة 6 من يناير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل موسى ومصطفي محمد صادق ويحيى محمود خليفة ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة.

(3)
الطعن رقم 1508 لسنة 67 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "بطلانه".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها. وإلا كان باطلاً.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب.
(2) فاعل أصلي. اشتراك. استيلاء على أموال أميرية.
عدم معرفة الفاعل الأصلي للجريمة. لا يحول دون معاقبة الشريك وإن استلزمت صفة خاصة في الفاعل الأصلي. شرط ذلك؟
(3) فاعل أصلي. اشتراك. استيلاء على أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط تحقق الصفة الجنائية في فعل الاشتراك؟
إجرام الشريك فرع من إجرام الفاعل الأصلي.
عدم إقامة الحكم المطعون فيه الدليل على توافر أركان الجريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام وإثبات توافر صفة الموظف العام في حق المتهمين وكيف أن الوظيفة طوعت تسهيل استيلاء الطاعن وأخر على مال الدولة. قصور.
القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.
1 - من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة، لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
2 - من المقرر أنه ليس بشرط أن يكون فاعل الجريمة معلوماً بل يعاقب الشريك ولو كان الفاعل الأصلي للجريمة مجهولاً، وأنه ليس هناك ما يحول من أن يكون الشخص شريكاً في جريمة تستلزم في فاعلها صفة خاصة كصفة الموظف العام، إلا أنه يتعين على الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجريمة أن يدلل على صفة الموظف العام في حق من قام بتسهيل الاستيلاء لغيره على المال العام وهى ركن في جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات التي تقتضي وجود المال في ملك الدولة أو ما في حكمها عنصراً من عناصر ذمتها المالية، ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة أو تسهيل ذلك للغير.
3 - من المقرر أن فعل الاشتراك لا تتحقق فيه الصفة الجنائية إلا بوقوع الجريمة التي حصل الاشتراك فيها. ولأن الأصل أن إجرام الشريك هو فرع من إجرام الفاعل الأصلي، وإذ كان الحكم - على ما سلف بيانه - لم يقم الدليل على توافر أركان جريمة الاستيلاء على المال العام ولم يثبت توافر صفة الموظف العام في حق الممرضات وكيف أن وظيفة كل منهن قد طوعت لهن تسهيل استيلاء الطاعن وأخر على مال الدولة، واكتفي في ذلك بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن وله الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخر "سبق محاكمته" بوصف أنهما: اشتركا بطريق التحريض والاتفاق مع ممرضات بمستشفي........ الجامعي على تسهيل استيلائهما بدون وجه حق على الأجهزة الطبية المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة لتلك الجهة والبالغ قيمتها 86624.310 جنيه (ستة وثمانون ألفاً وستمائة وأربعة وعشرون جنيهاً وثلاثمائة وعشرة مليم) فوقعت الجريمة على هذا التحريض والاتفاق وأحالته إلى محكمة جنايات......... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً - عملاً بالمواد 40/ أولاً, ثانياً، 41/ 1، 113/ 1، 118، 119/ أ، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات - بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ 86624.310 جنيه (ستة وثمانون ألفاً وستمائة وأربعة وعشرون جنيها وثلاثمائة وعشرة مليم).
فطعن المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن دانه بالاشتراك مع أخريات لم يحددهن في جريمة تسهيل الاستيلاء على أموال عامة، وعلى الرغم من سبق القضاء ببراءة الفاعلتين الأصليتين فيها، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالاشتراك مع ممرضات مجهولات في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على أموال عامة لمجرد اتصال الطاعن بالمال العام ووجوده في حوزته، ولئن كان من المقرر أنه ليس بشرط أن يكون فاعل الجريمة معلوماً بل يعاقب الشريك ولو كان الفاعل الأصلي للجريمة مجهولاً، وأنه ليس هناك ما يحول من أن يكون الشخص شريكاً في جريمة تستلزم في فاعلها صفة خاصة كصفة الموظف العام، إلا أنه يتعين على الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجريمة أن يدلل على صفة الموظف العام في حق من قام بالتسهيل الاستيلاء لغيره على المال العام وهى ركن في جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات التي تقتضى وجود المال في ملك الدولة أو ما في حكمها عنصراً من عناصر ذمتها المالية، ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة أو تسهيل ذلك للغير، ومع ذلك خلص الحكم إلى إدانة الطاعن بوصفه شريكاً بالتحريض والمساعدة في هذه الجريمة، دون أن يدلل على صفة الموظف العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن فعل الاشتراك لا تتحقق فيه الصفة الجنائية إلا بوقوع الجريمة التي حصل الاشتراك فيها، ولأن الأصل أن إجرام الشريك هو فرع من إجرام الفاعل الأصلي، وإذا كان الحكم - على ما سلف بيانه - لم يقم الدليل على توافر أركان جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام ولم يثبت توافر صفة الموظف العام في حق الممرضات وكيف أن وظيفة كل منهن قد طوعت لهن تسهيل استيلاء الطاعن وآخر على مال الدولة، واكتفي في ذلك بعبارات عامه مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن وله الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.