أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 50 - صـ 36

جلسة 11 من يناير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحامد عبد الله ومصطفي كامل وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة.

(6)
الطعن رقم 1954 لسنة 67 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده يكون مؤديا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أحذ المحكمة أقوال الشهود. مفاده؟
المجادلة فيما اطمأنت إليه المحكمة من أقوال الشهود. غير جائزة أمام النقض لاتصالها بالموضوع لا بالقانون.
(3) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف".
لا يعيب الحكم التفاته عن الدفع ببطلان اعتراف الطاعن. ما دام أنه لم يعول عليه في الإدانة.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصلح سبباً للطعن.
(5) تقليد - تزوير "أوراق رسمية". ارتباط. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" مسئولية جنائية. عقوبة. "الإعفاء منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
اكتفاء الحكم في رده على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء المنصوص عليه المادة 210 عقوبات على حالة الإخبار الذي يتم قبل الشروع في الجريمة والبحث عن المتهمين، دون التعرض للحالة الأخرى. قصور.
قصور الحكم في الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء في جريمة تقليد الأختام لا يوجب نقضه. ما دام اعتبر تلك الجريمة مرتبطة بجريمة تزوير أوراق رسمية وأوقع عليه عقوبة واحدة تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة الأخيرة عملاً بالمادة 32 عقوبات.
مثال.
1 - أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات، فإن ذلك حقها وأن المجادلة في ذلك لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض لاتصالها بالموضوع لا بالقانون.
3 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم أنه لم يعول في قضاء الإدانة على الاعتراف المسند إلى الطاعن بمحضر ضبط الواقعة. ومن ثم، فلا عليه أن يعرض للدفع ببطلانه.
4 - إذ كان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة استكمال النقص في الإجراءات بسؤال من أغفلت النيابة سؤالهم. ومن ثم، فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك أمام محكمة النقض، إذ لا يعدو أن يكون ذلك تعيباً لإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بتمتعه بالإعفاء طبقاً لنص المادة 210 عقوبات وأطرحه بقوله "أن ما أثاره الدفاع في خصوص إعمال المادة 210 عقوبات لا ينطبق في حق المتهم إذا الثابت من التحقيقات أن المتهم لم يرشد عن باقي المتهمين ويسهل القبض عليهم بينما يشترط للإعفاء المنصوص عليه في تلك المادة أن يكون الإخبار عن الجناية موضوع التهمة قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عن المتهمين". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم ذكره لا يندفع به الدفع بالإعفاء، إذ أن الحكم قد قصر رده على حالة ما إذا كان الإخبار قد تم قبل الشروع في الجريمة والبحث عن المتهمين. بينما لم يعرض للحالة الأخرى الخاصة بالإعفاء بعد الشروع في الجريمة والبحث عن المتهمين، إذا كان الإخبار قد سهل القبض على باقي المتهمين، ومن ثم يكون قاصراً في الرد على الدفع على نحو ما سلف ذكره - إلا أنه لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي تقليد أختام لجهات حكومية، وكذا التزوير في أوراق رسمية وأنه عمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وقضى عليه بعقوبة مبررة لتهمة التزوير في أوراق رسمية، ومن ثم يكون الحكم قد جاء صحيحاً، بما يتعين معه رفض الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين "سبق الحكم عليهم" بوصف أنهم أولاً: وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية (هي وثيقة على زواج رقم..... في..... والمنسوب صدورها لنيابة الرمل للأحوال الشخصية ووثيقتي السجل التجاري رقمي.....، ....... المؤرختين....., ...... والمنسوب صدورها إلى مكتب سجل تجاري شرق وشهادة الوفاة رقم..... والمنسوب صدورها لمكتب صحة العطارين وكشف حساب منسوب صدوره لبنك الإسكندرية فرع طلعت حرب باسم..... وشهادة منسوب للبنك باسم سالف الذكر وكذلك بطاقات ضريبية منسوب صدورها لمأمورية ضرائب المنتزه) وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفقوا معه وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازم إدراجها فقام المجهول باصطناعها على غرار المحررات الصحيحة ووقع عليها بتوقيعات عزاها زوراً إلى الموظفين المختصين بالجهات سالفة الذكر فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: قلدوا أختاماً لجهات حكومية (هي خاتم شعار الدولة الخاص بمكتب سجل تجارى شرق وخاتم شعار الجمهورية الخاصة بنيابة الرمل للأحوال الشخصية وخاتم شعار الجمهورية الخاص بمكتب صحة العطارين والأختام الخاصة ببنك النيل فرع الإسكندرية وخاتم شعار الدولة الخاص بقسم الحسابات الجارية ببنك الإسكندرية فرع طلعت حرب) واستعملوها بأن بصموا بها على المحررات موضوع التهمة الأولى. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد40/ 2، 3، 41، 6، 2 مكرراً، 211، 212 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المحررات المزورة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك مع آخر مجهول في تزوير محررات رسمية وتقليد أختام جهات حكومية واستعمالها قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وانطوى على الفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم قد خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ولم يحط بأدلة الدعوى عن بصر وبصيرة، وعول في الإدانة على أقوال شهود الإثبات برغم خلوها من بيان كيفية ضبط المستندات موضوع الدعوى. كذلك لم يعرض لدفاع الطاعن ببطلان الاعتراف المسند إليه بمحضر ضبط الواقعة، ولدفاعه بعدم سؤال الأشخاص الذين وردت أسماؤهم بالأوراق والمستندات والمحررات المقول بتزويرها، واطرح الحكم دفعه بالتمتع بالإعفاء طبقاً لنص المادة 210 عقوبات بما لا يسوغ. بما الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، كذلك فإن البين من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة محصتها التحميص الكافي وألمت إلماماً شاملاً يفيد أنها أقامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة، ومن ثم يكون ما يرمى به الطاعن الحكم من قصور لا محل له. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكانت محكمه الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات فإن ذلك حقها وأن المجادلة في ذلك لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض لاتصالها بالموضوع لا بالقانون. هذا فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم أنه أثبت على لسان ضابط الواقعة أنه قد تم ضبط المستندات بحوزة الطاعن. ومن ثم، يكون ما ينعاه في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه لم يعول في قضاء الإدانة على الاعتراف المسند إلى الطاعن بمحضر ضبط الواقعة. ومن ثم، فلا عليه أن يعرض للدفع ببطلانه. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة استكمال النقص في الإجراءات بسؤال من أغفلت النيابة سؤالهم، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك أمام محكمه النقض، إذ لا يعدو أن يكون ذلك تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم. لما كان ما تقدم، وكان المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بتمتعه بالإعفاء طبقاً لنص المادة 210 عقوبات وأطرحه بقوله "أن ما أثاره الدفاع في خصوص إعمال المادة 210 عقوبات لا ينطبق في حق المتهم إذ الثابت من التحقيقات أن المتهم لم يرشد عن باقي المتهمين أو يسهل القبض عليهم بينما يشترط للإعفاء المنصوص عليه في تلك المادة أن يكون الإخبار عن الجناية موضوع التهمة قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عن المتهمين....". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم ذكره لا يندفع به الدفع بالإعفاء، إذ أن الحكم قد قصر رده على حالة ما إذا كان الإخبار قد تم قبل الشروع في الجريمة والبحث عن المتهمين. بينما لم يعرض للحالة الأخرى الخاصة بالإعفاء بعد الشروع في الجريمة والبحث عن المتهمين إذا كان الإخبار قد سهل القبض على باقي المتهمين. ومن ثم، يكون قاصراً في الرد على الدفع على نحو ما سلف ذكره - إلا أنه لما كانت العقوبات التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي تقليد أختام لجهات حكومية، وكذا التزوير في أوراق رسمية وأنه أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وقضى عليه بعقوبة مبررة لتهمة التزوير في أوراق رسمية. ومن ثم، يكون الحكم قد جاء صحيحاً، بما يتعين معه رفض الطعن.