أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 748

جلسة 8 من مايو سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي غرابه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الرحمن فكري، الدكتور/ سعيد فهيم وعلي جمجوم نواب رئيس المحكمة.

(139)
الطعن رقم 2256 لسنة 65 القضائية

(1) دعوى "الخصوم فيها". نقض "الخصوم في الطعن".
اختصام الطاعن أمام محكمة أول درجة للحكم في مواجهته. منازعته للمطعون ضده الأول وطلبه تأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى. قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي. طعنه في الحكم بطريق النقض. جائز.
(2) وكالة "سند الوكالة". نيابة. قانون "تفسيره".
للوكيل أن ينيب غيره فيما وكل فيه أو جزء منه ما لم يكن ممنوعاً من ذلك بنص خاص في سند وكالته. أثره. قيام علاقة مباشرة بين نائب الوكيل والموكل ينصرف بموجبها إلى الأخير كافة التصرفات التي يبرمها النائب متى تحققت شروط إعمال هذا الأثر. وفاة الوكيل بعد إبرامه عقد الإنابة لا أثر له على العلاقة بين الموكل والنائب فيما يأتيه الأخير بعد الوفاة من تصرفات أو في توافر صفته في القيام بأي إجراء يتسع له عقد الإنابة.
(3) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم يقض له أو عليه بشيء. أثره.
(4، 5) عقد "بيع" "انعقاد البيع" "بيع أملاك الدولة الخاصة: إجراءاته". إصلاح زراعي.
(4) الإيجاب. ماهيته. العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه عن إرادته في إبرام عقد معين. تمام التعاقد بتلاقي إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام ونفاذه. شرطه. اقتران الإيجاب بقبول مطابق.
(5) التصديق على عقود بيع الأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي ق 3 لسنة 1986. معقود لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. إعلان الهيئة أو من يمثلها عن رغبتها في البيع والإجراءات التي تقوم بها لهذا الغرض لا يعتبر إيجاباً منها. الإيجاب في هذه الحالة من راغب الشراء بتقدمه للشراء على أساس سعر معين.
1 - لئن كان الطاعن قد اختصم أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهته إلا أنه نازع المطعون ضده الأول أمام محكمة الاستئناف وطلب تأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى تأسيساً على أن أرض التداعي خرجت من ملك الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وتم التعاقد بشأنها مع الجمعية التي يمثلها ضمن مسطح أكبر وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي وإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته فإن الطاعن يكون خصماً حقيقياً في النزاع وتكون له مصلحة حقيقية في الطعن عليه.
2 - النص في المادة 708 من القانون المدني على أنه "1 - إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له في ذلك كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو، ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية 2 - أما إذا رخص للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب فإن الوكيل لا يكون مسئولاً إلا عن خطئه في اختيار نائبه أو عن خطئه فيما أصدره له من تعليمات. 3 - ويجوز في الحالتين السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر" يدل على أنه يجوز للوكيل أن ينيب عنه غيره في تنفيذ جميع ما وكل فيه أو في جزء منه ما لم يكن ممنوعاً من ذلك بنص خاص في سند وكالته ويكون له ذلك من باب أولى إذا تضمن سند التوكيل الترخيص له في ذلك سواء عين الموكل شخص النائب أو أطلق أمر اختياره للوكيل ويترتب على تلك الإنابة متى قامت صحيحة متوافرة الأركان قيام علاقة مباشرة بين نائب الوكيل والموكل ينصرف بموجبها إلى الأخير كافة التصرفات التي يبرمها النائب متى تحققت شروط إعمال هذا الأثر ولا يكون لوفاة الوكيل - بعد إبرامه عقد الإنابة - باعتباره من التصرفات التي يخولها له سند وكالته وينصرف أثرها مباشرة إلى الموكل - أي أثر في علاقة النائب بالموكل فيما يأتيه من تصرفات أو في توافر صفته في القيام بأي إجراء يتسع له عقد الإنابة كنتيجة لتلك العلاقة المباشرة.
3 - لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الخامس لم توجه إليه أي طلبات ولم ينازع في الخصومة ولم يقض له أو عليه بشيء ومن ثم فإنه لا يكون خصماً حقيقياً في النزاع ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له.
4 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد ولا يعتبر التعاقد تاماً وملزماً إلا بتوافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام هذا الالتزام ونفاذه.
5 - التعاقد بشأن بيع أملاك الدولة الخاصة لا يتم بين الجهة البائعة وبين طالبي الشراء إلا بالتصديق عليه ممن يملكه، وهو ما كان معقوداً لوزير المالية وفقاً للمادتين 18، 19 من المنشور رقم 100 لسنة 1902 الصادر من نظارة المالية في شأن شروط وقيود بيع أملاك الميري الحرة ثم للمحافظين كل في دائرة اختصاصه بالنسبة للأراضي الواقعة في نطاق المدن والقرى - وفقاً لقرار التفويض رقم 522 لسنة 1961 الصادر من وزير الإسكان أو القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1976 أو المادة 29 من قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 حسب النطاق الزمني لكل منهم، أما بالنسبة للأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي فإنه لما كان القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي والمنطبق على واقعة الدعوى - قد نص في المادة السادسة منه على أنه "فيما عدا الأراضي الخاضعة للقانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه يجوز لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التصرف في أراضي الإصلاح الزراعي بالممارسة لواضعي اليد عليها بالثمن الذي تقدره اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة وذلك بالشروط ووفقاً للضوابط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون" وإذ أوردت المادة الثامنة من لائحته التنفيذية قواعد وشروط البيع بالممارسة لواضعي اليد على هذه الأراضي ومن بينها "حصر ومسح الأراضي محل وضع اليد ثم عرض بيانات هذه الأراضي على مجلس إدارة الهيئة عن طريق الإدارة العامة للاستيلاء والتوزيع للنظر في التصرف فيها بالممارسة لواضعي اليد عليها ثم بيعها بالثمن الذي تقدره اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة، ثم يؤدي المشتري الثمن كاملاً ويجوز تقسيطه وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس إدارة الهيئة..... ويضع مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي نموذج عقد البيع متضمناً الشروط السابقة والشروط الأخرى التي يقررها المجلس" مما مفاده أن التصديق على عقد بيع الأراضي موضوع الدعوى يكون معقوداً لمجلس إدارة تلك الهيئة وهذا التصديق هو الذي يمثل ركن القبول بالبيع ولا يعتبر إعلان الهيئة أو من يمثلها عن رغبتها في البيع ولا الإجراءات التي تقوم بها لهذا الغرض من مفاوضات مع راغبي الشراء أو ممارسة على الثمن إيجاباً من جانبها ذلك أن الإيجاب في هذه الحالة إنما يكون من راغب الشراء بتقدمه للشراء على أساس سعر معين ولا يتم التعاقد إلا بقبول الهيئة بعد ذلك للبيع على النحو سالف البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعويين 435، 6829 لسنة 1990 مدني كلي الإسكندرية وطلب في الأولى الحكم بإلزام المطعون ضده الثاني في مواجهة الطاعن وباقي المطعون ضدهم بتنفيذ إجراءات التعاقد على بيع قطعتي الأرض الموضحتين بالصحيفة لقاء الثمن الذي يحدده، وطلب في الثانية الحكم بإلزام المطعون ضده الثاني في مواجهة المطعون ضده الثالث بتنفيذ إجراءات التعاقد على بيع قطعة الأرض الموضحة بالصحيفة، وقال بياناً للأولى أنه يضع يده على قطعتي أرض فضاء مساحة الأولى 875 متراً مربعاً ومساحة الثانية 485 متراً مربعاً وقد أعلن المطعون ضده الثاني في الصحف اليومية عن عزم الشركة التي يمثلها على بيع الأراضي المملوكة لها والتي تدخل فيها قطعتي الأرض محل التداعي لواضعي اليد عليها فتقدم إليه بطلب ورسم مقداره خمسمائة جنيه عن كل من القطعتين ثم قام بناء على طلب المطعون ضده الثاني بسداد عشرة جنيهات عن كل متر كمقدم ثمن لحين تحديد الثمن النهائي، وإذ تعرض له الطاعن في أرض النزاع ولم يقم المطعون ضده الثاني باستكمال إجراءات البيع معه أو إخطاره بالثمن النهائي فقد أقام الدعوى، وقال بياناً للثانية أنه يضع يده على قطعة أرض مساحتها 85 متراً مربعاً شائعة في مساحة 733 متراً مربعاً وتقدم بطلب شرائها للمطعون ضده الثاني ودفع مقدم الثمن بتاريخ 19/ 10/ 1988 ومقداره 500 جنيه ورغم مرور أكثر من عامين لم يقم بتحرير عقد بيع معه رغم مطالبته ودياً بذلك، وإذ كانت تلك الأرض مملوكة أصلاً للمطعون ضده الثالث وحل محله المطعون ضده الثاني فقد أقام الدعوى، أمرت المحكمة بضم الدعوى الأخيرة للأولى وقضت بتاريخ 31/ 1/ 1994 برفضهما. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 613 لسنة 50 ق الإسكندرية وبتاريخ 21/ 12/ 1994 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضده الثاني وفي مواجهة الطاعن وباقي المطعون ضدهم بإتمام إجراءات بيع قطع الأراضي الثلاث محل الدعويين للمطعون ضده الأول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن وببطلانه كما قدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الخامس وأبدت الرأي في موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن أن الطاعن قد اختصم فقط ليصدر الحكم في مواجهته فلا يعتبر خصماً حقيقياً في النزاع ولا يقبل منه الطعن في الحكم. وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك لأنه لئن كان الطاعن قد اختصم أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهته إلا أنه نازع المطعون ضده الأول أمام محكمة الاستئناف وطلب تأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض الدعوى تأسيساً على أن أرض التداعي خرجت من ملك الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وتم التعاقد بشأنها مع الجمعية التي يمثلها ضمن مسطح أكبر وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي وإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته فإن الطاعن يكون خصماً حقيقياً في النزاع وتكون له مصلحة حقيقية في الطعن عليه ويضحي هذا الدفع على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بجلسة المرافعة ببطلان الطعن أن المحامي الذي رفع الطعن ووقع على صحيفته قد رفعه بصفته نائباً عن الوكيل الأصلي للهيئة الطاعنة، وإذ توفى الأخير بتاريخ 1/ 1/ 1995 قبل رفع الطعن، وانتهت تبعاً لذلك نيابته منذ هذا التاريخ، فإن الطعن يكون باطلاً لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه لما كان النص في المادة 708 من القانون المدني على أنه "1 - إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له في ذلك كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو، ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية 2 - أما إذا رخص للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب فإن الوكيل لا يكون مسئولاً إلا عن خطئه في اختيار نائبه أو عن خطئه فيما أصدره له من تعليمات 3 - ويجوز في الحالتين السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر" يدل على أنه يجوز للوكيل أن ينيب عنه غيره في تنفيذ جميع ما وكل فيه أو في جزء منه ما لم يكن ممنوعاً من ذلك بنص خاص في سند وكالته، ويكون له ذلك من باب أولى إذا تضمن سند التوكيل الترخيص له في ذلك سواء عين الموكل شخص النائب أو أطلق أمر اختياره للوكيل، ويترتب على تلك الإنابة متى قامت صحيحة متوافرة الأركان قيام علاقة مباشرة بين نائب الوكيل والموكل ينصرف بموجبها إلى الأخير كافة التصرفات التي يبرمها النائب متى تحققت شروط إعمال هذا الأثر، ولا يكون لوفاة الوكيل - بعد إبرامه عقد الإنابة - باعتباره من التصرفات التي يخولها له سند وكالته وينصرف أثرها مباشرة إلى الموكل - أي أثر في علاقة النائب بالموكل فيما يأتيه من تصرفات أو في توافر صفته في القيام بأي إجراء يتسع له عقد الإنابة كنتيجة لتلك العلاقة المباشرة، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الوكيل الأصلي قد وكل المحامي الذي رفع الطعن الماثل في كل سلطاته ومنها رفع الطعن الماثل - وذلك بناء على الترخيص الصادر له بذلك من الموكل، ومن ثم تكون له صفة في الإنفراد باتخاذ هذا الإجراء ويكون الدفع المبدى من المطعون ضده الأول على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الخامس أنه اختصم في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته ولم توجه إليه أي طلبات ولم ينازع في الخصومة كما لم يقض له أو عليه بشيء.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الخامس لم توجه إليه أي طلبات ولم ينازع في الخصومة ولم يقض له أو عليه بشيء ومن ثم فإنه لا يكون خصماً حقيقياً في النزاع ويتعين لذلك عدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الجمعية الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيانه تقول أنه اعتبر إعلان المطعون ضده الثاني بصفته عن بيع قطع الأراضي الثلاث موضوع الدعويين إيجاباً انعقد به عقد البيع بعد أن اقترن به قبول المطعون ضده الأول بتقدمه للشراء بناء على ذلك الإعلان وسداده لمقدم الثمن ورتب على ذلك قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضده الثاني بإتمام التعاقد مع المطعون ضده الأول على بيع هذه القطع الثلاث رغم أن بيع أموال الدولة الخاصة لا يتم إلا بالتصديق عليه ممن يملكه وهو ما خلت منه الأوراق بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد ولا يعتبر التعاقد تاماً وملزماً إلا بتوافر الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام هذا الالتزام ونفاذه، وأن التعاقد بشأن بيع أملاك الدولة الخاصة لا يتم الجهة البائعة وبين طالبي الشراء - إلا بالتصديق عليه ممن يملكه، وهو ما كان معقوداً لوزير المالية وفقاً للمادتين 18، 19 من المنشور رقم 100 لسنة 1902 الصادر من نظارة المالية في شأن شروط وقيود بيع أملاك الميري الحرة ثم للمحافظين كل في دائرة اختصاصه بالنسبة للأراضي الواقعة في نطاق المدن والقرى وفقاً لقرار التفويض رقم 522 لسنة 1961 الصادر من وزير الإسكان أو القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1976 أو المادة 29 من قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 حسب النطاق الزمني لكل منهم، أما بالنسبة للأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي فإنه لما كان القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي - والمنطبق على واقعة الدعوى - قد نص في المادة السادسة منه على أنه "فيما عدا الأراضي الخاضعة للقانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه يجوز لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التصرف في أراضي الإصلاح الزراعي بالممارسة لواضعي اليد عليها بالثمن الذي تقدره اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة وذلك بالشروط ووفقاً للضوابط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون" وإذ أوردت المادة الثامنة من لائحته التنفيذية قواعد وشروط البيع بالممارسة لواضعي اليد على هذه الأراضي ومن بينها "حصر ومسح الأراضي محل وضع اليد، ثم عرض بيانات هذه الأراضي على مجلس إدارة الهيئة عن طريق الإدارة العامة للاستيلاء والتوزيع للنظر في التصرف فيها بالممارسة لواضعي اليد عليها ثم بيعها بالثمن الذي تقدره اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة، ثم يؤدي المشتري الثمن كاملاً ويجوز تقسيطه وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس إدارة الهيئة..... ويضع مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي نموذج عقد البيع متضمناً الشروط السابقة والشروط الأخرى التي يقررها المجلس" مما مفاده أن التصديق على عقد بيع الأراضي موضوع الدعوى يكون معقوداً لمجلس إدارة تلك الهيئة وهذا التصديق هو الذي يمثل ركن القبول بالبيع ولا يعتبر إعلان الهيئة أو من يمثلها عن رغبتها في البيع ولا الإجراءات التي تقوم بها لهذا الغرض من مفاوضات مع راغبي الشراء أو ممارسة على الثمن إيجاباً من جانبها ذلك أن الإيجاب في هذه الحالة إنما يكون من راغب الشراء بتقدمه للشراء على أساس سعر معين ولا يتم التعاقد إلا بقبول الهيئة بعد ذلك للبيع على النحو سالف البيان، لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول لم يقدم ما يفيد موافقة هيئة الإصلاح الزراعي على الترخيص بالبيع ثم اعتماده من مجلس إدارتها بل وأقر في صحيفة افتتاح كل دعوى أن ثمن تلك الأراضي لم يقدر بعد بمعرفة اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة وهي مرحلة سابقة على التصديق على البيع مما يقطع بعدم حدوثه، ويترتب على ذلك أن عقدي بيع تلك الأراضي لم تكتمل أركانهما لتخلف ركن القبول فيهما بعدم التصديق عليهما من صاحب الصفة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن الإعلان عن بيع تلك الأراضي من جانب الهيئة أو ممن يمثلها يعد إيجاباً منها صادفه قبول من المطعون ضده الأول بتقدمه للشراء وسداده مقدم الثمن فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.