أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 50 – صـ 48

جلسة 14 من يناير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان وأحمد عبد القوي أيوب نائبي رئيس المحكمة ومحمد عيد محجوب وأبو بكر البسيوني.

(8)
الطعن رقم 4544 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "الصفة في الطعن". محاماة. وكالة.
صدور التوكيل بعد الحكم المطعون فيه وقبل التقرير بالطعن. دلالته: انصراف إرادة الطاعنين إلى توكيل محاميهم بالتقرير بالطعن بالنقض وإن لم ينص فيه على ذلك.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "بطلانه". بطلان.
وجوب اشتمال الحكم ولو كان صادراً بالبراءة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو وضعه في صوره مجهلة مجملة لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام.
(3) بلاغ كاذب. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
القضاء بالبراءة للشك. حده: الإحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(4) بلاغ كاذب. جريمة "أركانها".
شرطا تحقق جريمة البلاغ الكاذب؟
(5) أمر بألا وجه. حكم "حجيته". نيابة عامة. بلاغ كاذب.
الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الجريمة المبلغ عنها. لا حجية له أمام المحكمة الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة.
(6) بلاغ كاذب. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إغفال الحكم المطعون فيه الواقعة المنسوبة للمطعون ضده وتجاهله أدلة الاتهام التي ساقها المدعون بالحقوق المدنية وعدم إيرادها وكذا مؤدى القضية التي استخلص منها عدم ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها. قصور.
(7) بلاغ كاذب. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". أمر بألا وجه نيابة عامة.
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة. لا يشكل رأياً فاصلاً للمحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب في شأن صحة الواقعة أو كذبها.
قضاء الحكم المطعون فيه بالبراءة والتزامه بصحة الواقعة على أساس صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة. يعيبه. وجوب تصديه لواقعة البلاغ الكاذب وتقدير مدى صحة التبليغ عنها أو كذبه بنفسه.
1 - إذ كان الطعن قد قرر به محام نيابة عن الطاعنين بموجب التوكيلات المرفقة التي اقتصرت عباراتها على التقرير بالمعارضة والاستئناف إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 25 نوفمبر سنة 1989 وكانت هذه التوكيلات قد أجريت في 31 من ديسمبر سنة 1989 و1 من يناير سنة 1990 أي تاريخ لاحق لصدور الحكم السابق على تاريخ التقرير بالطعن بالنقض الحاصل في 2 من يناير سنة 1990 فإن ذلك يدل بجلاء على انصراف إرادة الطاعنين إلى توكيل محاميهم بالتقرير بالطعن بالنقض في هذا الحكم. ومن ثم يكون الطعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
2 - إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضي به، أما إفراغ الحكم في عبارة عامه معماة أو وضعه في صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
3 - إن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى شككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشرط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات.
4 - يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة قائله ولو لم تقم دعوى به.
5 - إن الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الجريمة المبلغ عنها ليس له حجية أمام المحاكم الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة.
6 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده فلم يبينها وتجاهل أدلة الاتهام التي ساقها المدعون بالحقوق المدنية على ثبوتها في حقه فلم يورد أياً منها وبين حجته في إطراحها ولم يورد مؤدى القضية التي استخلص منها عدم ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها ضد الطاعنين ولم يشر حتى إلى رقمها ومن ثم فإنه يكون قد استند في إطراح أدلة الثبوت إلى عبارات مجملة لا يبين منها أن المحكمة حين استعرضت الدليل المستمد من تلك القضية المشار إليها كانت ملمة بهذا الدليل إلماماً شاملاً يهيئ لها أن تمحصه التمحيص الكافي الذي يدل على أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.
7 - إن الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بالبراءة على صدور أمر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة في شأن البلاغ المقدم من المطعون ضده قبل المدعين بالحقوق المدنية حال أن هذا الأمر لا يشكل رأياً فاصلاً للمحكمة التي نظرت دعوى الواقعة موضوع البلاغ في شأن صحة هذه الواقعة أو كذبها وبالتالي فما كان يصح لمحكمة دعوى البلاغ الكاذب أن تلتزم به من حيث صحة الواقعة على نحو ما التزمت بل كان من المتعين عليها ألا تعترف له بحجية ما وأن تتصدى لواقعة البلاغ وتقدر بنفسها مدى صحة التبليغ عنها أو كذبه أما وهي لم تفعل فإن قضاءها يكون معيباً


الوقائع

أقام المدعون بالحقوق المدنية دعواهم بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضده بوصف أنه أبلغ كذباً بقيامهم بإشعال النار في السور البوص المجاور لمنزله وطلبوا عقابه بالمادتين 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبسه شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت. استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وببراءته وبرفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعون بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه وإن كان الطعن قد قرر به محام نيابة عن الطاعنين بموجب التوكيلات المرفقة التي اقتصرت عباراتها على التقرير بالمعارضة وبالاستئناف إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 25 نوفمبر سنة 1989 وكانت هذه التوكيلات قد أجريت في 31 من ديسمبر سنة 1989 و1 من يناير سنة 1990 أي تاريخ لاحق لصدور الحكم السابق على تاريخ التقرير بالطعن بالنقض الحاصل في 2 من يناير سنة 1990 فإن ذلك يدل بجلاء على انصراف إرادة الطاعنين إلى توكيل محاميهم بالتقرير بالطعن بالنقض في هذا الحكم، ومن ثم يكون الطعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون - المدعون بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي ببراءة المطعون ضده من تهمة البلاغ الكاذب ورفض دعواهم المدنية قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأنه اكتفى في تبرير قضائه بالبراءة بعبارة عامة مجملة وإلى سبق صدور أمر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى بالرغم من عدم حجية ذلك في دعوى البلاغ الكاذب مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية بقوله "وحيث إنه من المقرر أن حق الإبلاغ عن جريمة هو حق مقرر لكل شخص ولا يسأل عن ذلك الحق طالما أنه لم ينحرف به وحتى ولو لم يتمكن من إثبات ما أبلغ به ولما كان الثابت أن بلاغ المتهم حفظ لعدم كفاية الأدلة أي أن الواقعة لم تكن مكذوبة وأن الأدلة الجنائية لم تبلغ حد الكفاية لتقديم المتهمين للمحاكمة الجنائية ومن ثم يكون المتهم لم يبلغ كذباً ولا يتوافر في حقه ثمة خطأ وتكون التهمة غير ثابتة في حقه وتقضي معه المحكمة بالبراءة ورفض الدعوى المدنية". لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، كما أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى شككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات.
وكان يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة قائله ولو لم تقم دعوى به، وكان من المقرر أيضاً أن الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الجريمة المبلغ عنها ليس له حجية أمام المحاكم الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة، ولما كان الحكم المطعون فيه أغفل الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده فلم يبينها وتجاهل أدلة الاتهام التي ساقها المدعون بالحقوق المدنية في حقه فلم يورد أياً منها وبين حجته في إطراحها ولم يورد مؤدى القضية التي استخلص منها عدم ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها ضد الطاعنين ولم يشر حتى إلى رقمها ومن ثم فإنه يكون قد استند في إطراح أدلة الثبوت إلى عبارات مجملة لا يبين منها أن المحكمة حين استعرضت الدليل المستمد من تلك القضية المشار إليها كانت ملمة بهذا الدليل إلماماً شاملاً يهيئ لها أن تمحصه التمحيص الكافي الذي يدل على أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، هذا فضلاً عن أن الحكم وقد بني قضاءه بالبراءة على صدور أمر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة في شأن البلاغ المقدم من المطعون ضده قبل المدعين بالحقوق المدنية حال أن هذا الأمر لا يشكل رأياً فاصلاً للمحكمة التي نظرت دعوى الواقعة موضوع البلاغ في شأن صحة هذه الواقعة أو كذبها وبالتالي فما كان يصح لمحكمة دعوى البلاغ الكاذب أن تلتزم به من حيث صحة الواقعة على نحو ما التزمت بل كان من المتعين عليها ألا تعترف له بحجية ما وأن تتصدى لواقعة البلاغ وتقدر بنفسها مدى صحة التبليغ عنها أو كذبه أما وهى لم تفعل فإن قضاءها يكون معيباً. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والخطأ في القانون مما يتعين نقضه فيما قضي به في الدعوى المدنية والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وألزمت المطعون ضده المصروفات المدنية.