أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 50 – صـ 53

جلسة 17 من يناير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الاكيابي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وبدر الدين السيد البدوي وناجي عبد العظيم نواب رئيس المحكمة.

(9)
الطعن رقم 9897 لسنة 60 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". إتلاف.
عقد البيع. ماهيته؟ المادة 418 مدني.
قانون التسجيل لم يغير طبيعة عقد البيع وإنما عدل فقط آثاره. مؤدى ذلك؟
قضاء الحكم المطعون فيه ببراءة المتهم في جريمة الإتلاف العمدي لعدم قيامه بتسجيل العقار المبيع للمدعي بالحق المدني. خطأ في القانون.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إتلاف.
وجود اشتمال الحكم ولو كان صادراً بالبراءة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد الاتهام إلى المتهم.
شرط ذلك؟
إعراض الحكم المطعون فيه عن أدلة الثبوت فيها والأشياء التي وقع عليه الإتلاف وكيفيته وظروفه. قصور.
1 - لما كان من المقرر أن عقد البيع كما عرفته المادة 418 من القانون المدني هو العقد الذي يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي - والالتزامات المتعلقة بالبائع هي التزام بنقل ملكية المبيع للمشتري وتسليمه المبيع وضمان عدم التعرض وضمان العيوب الخفية. وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن قانون التسجيل لم يغير طبيعة عقد البيع من حيث أنه عقد من عقود التراضي التي تتم وتنتج أثارها بمجرد توافق إرادة الطرفين - وإنما هو فقط عدل آثار العقد فيما بين المتعاقدين وغيرهم فجعل نقل الملكية غير مرتب على مجرد العقد بل أرجأه إلى حين حصول التسجيل وترك لعقد البيع معناه وباقي آثاره - بما مفاده أن العلاقة بين المتعاقدين تجيز للمشتري بناء على العقد العرفي إلزام البائع بنقل ملكية المبيع له. لما كان ما تقدم، فإن حقوق المشتري "المدعية بالحقوق المدنية" التي لم تسجل عقدها قبل البائع - المطعون ضده - ثابتة إعمالاً لنص المادة 458 مدني التي تعطيها حق ثمرة المبيع فلها حق اقتضاء الأجرة بمقتضى حوالة الحق - أما بالنسبة للغير فلا يجوز للمشتري أن يحاج بعقده العرفي قبل أن يسجل عقده مثال ذلك طلبه الشفعة. وإذ كان ما تقدم، فإن ما خلص إليه الحكم في نطاق العلاقة بين المتعاقدين المدعية والمطعون ضده لا يتفق وصحيح القانون.
2 - لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم - ولو كان صادراً بالبراءة - على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها، والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل يستطاع الوقوف منه على مسوغات ما قضي به، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو وضعه في صوره مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، كما أن من المقرر أن محكمة الموضوع وأن كان لها أن تقضي بالبراءة متى شككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أن المحكمة قد محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي بإلغاء حكم الإدانة والتعويض المستأنف وببراءة المطعون ضده وعدم قبول الدعوى المدنية قد أغفل تمحيص الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده ولم يعرض لأدلة الثبوت فيها والأشياء التي وقع عليها الإتلاف وكيفيته وظروفه، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بظروفها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أتلف عمداً المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ.... وطلبت عقابه بالمادة 361 من قانون العقوبات وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مصر القديمة قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يودي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف وقيد استئنافه برقم ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببراءته وبعدم قبول الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني مصاريفها.
فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المطعون ضده من تهمة الإتلاف العمد وبعدم قبول الدعوى المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه أسس قضاءه على مجرد القول بأن العقار لا يزال في ملكية المتهم لعدم انتقال الملكية للمشتري بتسجيله عقد البيع، رغم أن من المقرر قانوناً أن عقد البيع الابتدائي ينتج كافة آثاره عدا نقل الملكية التي لا تنتقل إلا بالتسجيل، ومن تلك الآثار التزام البائع بعدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالعقار المبيع، كما خلا من بيان الواقعة وأدلة ثبوتها وسبب عدم اطمئنان المحكمة للأدلة التي ساقتها محكمة أول درجة، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بأسباب الحكم المستأنف وأسس قضاءه على قوله: "وحيث إن العقار ما زال في ملكية المتهم لعدم انتقال الملكية للمشترية بتسجيل عقد البيع. فمن ثم رأت المحكمة أن تقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما نسب إليه". واقتصر الحكم على تلك العبارة في بيان الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده وأسباب قضائه. لما كان ذلك، وكان عقد البيع كما عرفته المادة 418 من القانون المدني هو العقد الذي يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي. والالتزامات المتعلقة بالبائع هي التزام بنقل ملكيه المبيع للمشتري وتسليمه المبيع وضمان عدم التعرض وضمان العيوب الخفية. وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن قانون التسجيل لم يغير طبيعة عقد البيع من حيث إنه عقد من عقود التراضي التي تتم وتنتج آثارها بمجرد توافق إرادة الطرفين - وإنما هو فقط عدل آثار العقد فيما بين المتعاقدين وغيرهم فجعل نقل الملكية غير مترتب على مجرد العقد بل أرجأه إلى حين حصول التسجيل وترك لعقد البيع معناه وباقي آثاره - بما مفاده أن العلاقة بين المتعاقدين تجيز للمشتري بناء على العقد العرفي إلزام البائع بنقل ملكية المبيع له. لما كان ما تقدم، فإن حقوق المشتري - المدعية بالحقوق المدنية - التي لم تسجل عقدها قبل البائع المطعون ضده ثابتة إعمالاً لنص المادة 458 مدني التي تعطيها حق ثمرة المبيع فلها حق اقتضاء الأجرة بمقتضى حوالة الحق أما بالنسبة للغير فلا يجوز للمشتري أن يحاج بعقده العرفي قبل أن يسجل عقده مثال ذلك طلبه الشفعة. وإذ كان ما تقدم، فإن ما خلص إليه الحكم في نطاق العلاقة بين المتعاقدين المدعية والمطعون ضده لا يتفق وصحيح القانون. ومن ناحية أخرى، لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم ولو كان صادراً بالبراءة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، كما أن من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى شككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء حكم الإدانة والتعويض المستأنف وببراءة المطعون ضده وعدم قبول الدعوى المدنية قد أغفل تمحيص الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده، ولم يعرض لأدلة الثبوت فيها والأشياء التي وقع عليها الإتلاف وكيفيته وظروفه، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه دون تمحيص لأدلة الدعوى والإحاطة بظروفها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة فيما قضي به في الدعوى المدنية وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.