أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 811

جلسة 16 من مايو سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، عزت البنداري نائبي رئيس المحكمة، أحمد عبد الرازق ومحمد درويش.

(152)
الطعن رقم 2363 لسنة 58 القضائية

(1، 2) قوة الأمر المقضي. مسئولية "المسئولية التقصيرية: عناصرها". تعويض. محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية". دعوى "الدعوى الجنائية". حكم.
(1) الحكم الجنائي. اكتسابه قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية. شرطه. أن يكون باتاً لا يقبل الطعن. إما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها.
(2) إثبات الحكم الجنائي الغيابي خطأ قائد السيارة. انقضاء الدعوى الجنائية لوفاته قبل صيرورة هذا الحكم باتاً. عدم تعويل المحكمة المدنية - في دعوى التعويض - على الحكم الجنائي والتزامها بتقدير خطأ قائد السيارة الموجب للمسئولية وتوافر السببية بين هذا الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها. اعتبار تقدير الخطأ وعلاقة السببية في هذه الحالة من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً.
(3 - 6) تجزئة. استئناف. "الخصوم في الاستئناف". دعوى "الخصوم في الدعوى". حكم "حجية الحكم" الطعن في الحكم". تأمين. تضامن.
(3) المحكوم عليه في موضوع لا يقبل التجزئة. تفويته ميعاد الطعن أو قبوله الحكم أو رفعه طعناً فيه قضى ببطلانه أو بعدم قبوله. لا أثر له على شكل الطعن المرفوع وصحيحاً من أحد المحكوم عليهم طالما اختصمه فيه. م 218/ 2 مرافعات.
(4) طلب المضرور التعويض قبل مالك السيارة مرتكبه الحادث وشركة التأمين المؤمن لديها من مخاطر تلك السيارة. موضوع غير قابل للتجزئة. الحكم بإلزامهما بالتعويض. قعود مالك السيارة عن استئناف هذا الحكم في الميعاد. لا أثر له على شكل الاستئناف المرفوع صحيحاً من شركة التأمين. اختصام الأخيرة مالك السيارة في هذا لاستئناف. اعتباره طرفاً فيه يستفيد من الحكم الاستئنافي الصادر لصالح الشركة.
(5) اتحاد دفاع الضامن مع دفاع طالب الضمان في الدعوى الأصلية. أثره. استفادة كل منهما من الطعن المرفوع من أيهما في الدعوى الأصلية. 218/ 3 مرافعات.
(6) شركة التأمين ضامنة بالتأمين لمالك السيارة في مسئوليته عن الحادث. م 5/ 1 ق 652 لسنة 1955. اتحاد دفاعهما في التعويض بطلب رفض الدعوى أو تخفيض التعويض إلى الحد المناسب. أثره. استفادة مالك السيارة من الحكم الاستئناف الصادر لصالح شركة التأمين رغم عدم طعنه بالاستئناف.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الجنائي لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية إلا إذا كان باتاً لا يقبل الطعن إما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه لم يعول على الحكم الجنائي القاضي غيابياً بثبوت خطأ قاضي السيارة الأجرة والذي ثبتت وفاته قبل صيرورة هذا الحكم باتاً وانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له فإنه لا عليه بعد ذلك إن قام بتقدير الوقائع المكونة لخطأ قائد السيارة الأجرة الموجب للمسئولية وتقدير توافر السببية بين هذا الخطأ والنتيجة أو عدم توافره وذلك باعتبارها في هذه الحالة من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق.
3 - مؤدى الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أنه إذ كان أحد المحكوم عليهم في موضوع لا يقبل التجزئة قد فوّت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم أو كان قد رفع طعناً قضى ببطلانه أو بعدم قبوله فإن ذلك لا يؤثر على شكل الطعن المرفوع صحيحاً من أحد زملائه تغليباً من المشرع لموجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها باعتبار أن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق وذلك بتمكين الصحيح من الباطل ليصححه لا تسليط الباطل على الصحيح ليبطله.
4 - لما كانت مسئولية مالك السيارة الأجرة عن تعويض الطاعنين عن الأضرار الناشئة عن حادث وقع من هذه السيارة هي نفسها موضوع التأمين المعقود بينه كمؤمن له وبين شركة التأمين المطعون ضدها كمؤمن لديها تأميناً يغطي هذه المسئولية مما يجعل الموضوع المحكوم فيه بالحكم الابتدائي - إلزام مالك السيارة وشركة التأمين بالتعويض - موضوعاً واحداً لا يقبل التجزئة فإن قعود مالك السيارة عن استئنافه وفوات ميعاد الاستئناف بالنسبة له لا يؤثر على شكل الاستئناف المرفوع صحيحاً من الشركة المطعون ضدها، ولما كانت هذه الأخيرة قد اختصمت فيه مالك السيارة الأجرة فإنه يعتبر بالتالي طرفاً فيه ويستفيد من الحكم الصادر للمطعون ضدها.
5 - إن الفقرة الأخيرة من المادة 218 من قانون المرافعات سالفة البيان صريحة في أن كلاً من الضامن وطالب الضمان يستفيد من الطعن المرفوع من أيهما في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها.
6 - لما كانت المطعون ضدها ضامنة بالتأمين لمالك السيارة الأجرة في مسئوليته عن الحادث طبقاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية عن حوادث السيارات فإنه يستفيد من الحكم الصادر لصالحها ما دام دفاعهما واحداً وهو رفض الدعوى أو تخفيض التعويض إلى الحد المناسب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 889 لسنة 1982 مدني الإسكندرية الابتدائية على كل من..... و..... طلباً لحكم يلزمهما بالتضامن بأن يؤديا إلى كل منهما مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما بسبب قتل مورثهما خطأ في حادث تصادم بين سيارة أجرة كان يقودها أولهما وجرار زراعي يقوده الثاني ثبت خطؤهما بحكم جنائي. أدخل الطاعنان كلاً من مالك السيارة الأجرة والشركة المطعون ضدها باعتبارها مؤمناً من مخاطر السارة لديها لإلزامهما والخصمين الآخرين متضامنين بأداء التعويض المطالب به. قرر الطاعنان ترك الخصومة قبل قائد السيارة الأجرة - ...... - حكمت المحكمة بإثبات هذا الترك وللطاعنين على باقي الخصوم متضامنين بالتعويض الذي ارتأته. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1050 لسنة 43 ق الإسكندرية وفيه حكمت المحكمة بإلزام قائد الجرار - ...... - بالتعويض المقضي به وإلغاء الحكم بالنسبة للمطعون ضدها ومالك السيارة الأجرة. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وذلك حين أسند الخطأ الموجب للمسئولية عن الحادث إلى قائد الجرار وحده، مع أن الحكم الجنائي قد قضى بإدانة قائد السيارة الأجرة معه بما يفيد مساهمته في الخطأ الذي تسبب عنه الحادث الضار بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الجنائي لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية إلا إذا كان باتاً لا يقبل الطعن إما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعوّل على الحكم الجنائي القاضي غيابياً بثبوت خطأ قائد السيارة الأجرة والذي ثبتت وفاته قبل صيرورة هذا الحكم باتاً وانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له فإنه لا عليه بعد ذلك إن قام بتقدير الوقائع المكونة لخطأ قائد السيارة الأجرة الموجب للمسئولية وتقدير توافر السببية بين هذا الخطأ والنتيجة أو عدم توافره وذلك باعتبارها في هذه الحالة من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي مشاركة قائد السيارة الأجرة مع قائد الجرار في إحداث الفعل بما أورده في مدوناته من أنه (... ولما كانت هذه المحكمة قد طالعت أوراق الجنحة وبان لها من محضر الشرطة المحرر عن الحادث أنه أورد في المعاينة أن سبب الحادث يرجع إلى سير الجرار الزراعي على يسار الطريق المتجه إلى الإسكندرية دون أية إشارات أو إنذار خلفه مما أدى إلى اصطدام السيارة الأجرة به ووقوع الحادث الذي أودى بحياة المجني عليه مما مفاده ومؤداه أن خطأ قائد الجرار على النحو سالف البيان هو السبب المباشر المؤدي للحادث وهو ما قطع به الحكم الجنائي في أسبابه ولا تجد المحكمة من واقع هذا التصوير الوارد بنيابة الشرطة ثمة خطأ وقع من قائد السيارة الأجرة) وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وله أصله الثابت في الأوراق فإن النعي عليه بهذا السبب ينحل إلى جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من تقدير للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة غير التي انتهى إليها الحكم وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض وبالتالي يكون النعي غير مقبول. وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه القانون لقضائه بما لم يطلبه الخصوم وذلك حين حكم في استئناف الشركة المطعون ضدها بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به إلزام مالك السيارة الأجرة رغم صيرورة هذا القضاء نهائياً في حقه بعدم استئنافه له.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات تنص "على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوّت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن..." ومؤدى ذلك وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان أحد المحكوم عليهم في موضوع لا يقبل التجزئة قد فوْت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم أو كان قد رفع طعناً قضى ببطلانه أو بعدم قبوله فإن ذلك لا يؤثر على شكل الطعن المرفوع صحيحاً من أحد زملائه تغليباً من المشرع لموجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها باعتبار أن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق وذلك بتمكين الصحيح من الباطل ليصححه لا تسليط الباطل على الصحيح ليبطله. لما كان ذلك وكانت مسئولية مالك السيارة الأجرة عن تعويض الطاعنين عن الأضرار الناشئة عن حادث وقع من هذه السيارة هي نفسها موضوع التأمين المعقود بينه كمؤمن له وبين شركة التأمين المطعون ضدها كمؤمن لديها تأميناً يغطي هذه المسئولية مما يجعل الموضوع المحكوم فيه بالحكم الابتدائي موضوعاً واحداً لا يقبل التجزئة فإن قعود مالك السيارة عن استئنافه وفوات ميعاد الاستئناف بالنسبة له لا يؤثر على شكل الاستئناف المرفوع صحيحاً من الشركة المطعون ضدها، ولما كانت هذه الأخيرة قد اختصمت فيه مالك السيارة الأجرة فإنه يعتبر بالتالي طرفاً فيه ويستفيد من الحكم الصادر للمطعون ضدها، كما أن الفقرة الأخيرة من المادة 218 من قانون المرافعات سالفة البيان صريحة في أن كلاً من الضامن وطالب الضمان يستفيد من الطعن المرفوع من أيهما في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها. ولما كانت المطعون ضدها ضامنة بالتأمين لمالك السيارة الأجرة في مسئوليته عن الحادث طبقاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 - بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات فإنه يستفيد من الحكم الصادر لصالحها ما دام دفاعهما واحداً وهو رفض الدعوى أو تخفيض التعويض إلى الحد المناسب. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.