مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 129

(20)
جلسة 25 من نوفمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 1280 لسنة 10 القضائية

( أ ) حكم. "الطعن في الأحكام". طعن. مرافعات.
الطعن في الأحكام - ما يجوز الطعن فيه من الأحكام وما لا يجوز - اقتصار قانون مجلس الدولة على بيان حالات الطعن دون إشارة منه إلى تقسيم الأحكام من حيث القابلية للطعن فور صدورها أو مع الحكم الصادر في الموضوع - الرجوع في ذلك إلى قانون المرافعات.
(ب) - حكم. "الطعن في الأحكام". طعن. مرافعات. أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع.
(ج) - حكم "الطعن في الأحكام". "أحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع". خبرة.
الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالاً - الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع - بيانها أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الطلب الذي رفعت به الدعوى سواء أكانت قطعية أو متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات أو بما أثير أثناء نظر الدعوى من مسائل متعلقة بالموضوع - مثال: الحكم بندب خبير - لا يعتبر من الأحكام التي تنتهي بها الخصومة وأن تضمن في أسبابه تأييد وجهة نظر معينة - [(1)].
1 - أن قانون مجلس الدولة قد اقتصر فيما يتصل بتحديد ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام على بيان حالات الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية دون أن يشير إلى تقسيم الأحكام من حيث قابليتها للطعن إلى أحكام يجوز الطعن فيها فور صدورها وأحكام لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في موضوع الدعوى - ومن ثم فإن المرد في ذلك في مجال المنازعة الإدارية إلى أحكام قانون المرافعات.
2 - أن المادة 378 من قانون المرافعات تنص على أن "الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أم بسير الإجراءات إنما يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع. ولقد كان رائد المشرع في تقرير القاعدة التي تضمنتها هذه المادة حسبما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون هو (منع تقطع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي مع احتمال أن يقضي آخر الأمر في أصل الحق للخصم الذي أخفق في النزاع الفرعي فيعفيه ذلك من الطعن في الحكم الصادر عليه قبل الفصل في الموضوع) - ومن المسلم أن حكم هذه المادة حكم عام ينظم كل طرق الطعن في الأحكام وآية ذلك أن المشرع أورده في الفصل الخامس بالأحكام العامة التي تنظم كل طرق الطعن.
3 - أن المقصود بالأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا يجوز الطعن فيها على استقلال فور صدورها في ضوء الحكمة التي أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية هي الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الطلب الذي رفعت به الدعوى، والذي عبرت عنه المذكرة الإيضاحية (بأصل الحق) - وذلك سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات أو بما أثير أثناء نظر الدعوى من مسائل متصلة بالموضوع وذلك لتوافر حكمة المنع من الطعن على استقلال بالنسبة لها.
وعلى هدي ما تقدم فإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد تضمن في أسبابه تفسير بعض أحكام العقد على وجه معين وتأييد وجهة نظر بذاتها في بعض أوجه الخلاف الذي قام في هذا الشأن خلال نظر الدعوى إلا أنه وقد اقتصر هذا الحكم على ندب خبير حسابي لأداء المأمورية المبينة في أسبابه فإنه يعتبر من الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا تنتهي بها الخصومة ما دام أن الطلبات التي رفعت بها الدعوى وهي إلزام الوزارة بالمبالغ المطلوب الحكم بها لم يفصل فيها بعد - ومن ثم فإن الطعن فيه فور صدوره وقبل الفصل في الطلبات موضوع الدعوى يكون غير جائز بالتطبيق لحكم المادة 378 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 16 من أغسطس سنة 1960 أقام السيد/ فؤاد أحمد الصحن الدعوى رقم 1388 لسنة 14 القضائية ضد وزارة الحربية واللجنة العامة للمساعدات الخيرية الأجنبية طالباً بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 4000 جنيه والفوائد القانونية لمبلغ 3000 جنيه بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه أقام في السنة المالية 1958/ 1959 بعملية تفريغ وتستيف وشحن الطرود والمهمات الخاصة باللجنة العامة للمساعدات الخيرية الأجنبية التابعة لوزارة الحربية وهي العملية التي تولاها ابتداء من السنة المالية 1954/ 1955 بموجب عقود مبرمة عن كل سنة مالية مبين فيها فئات العملية وأسعارها وأن مستحقاته كانت تصرف له إلا أنه في السنة المالية الأخيرة 1958/ 1959 تعمدت إدارة اللجنة بالإسكندرية التعسف معه في حساب العمليات الخاصة بتلك السنة بإجراء خصم لا يتفق مع نصوص العقد وما جرى عليه العمل في تنفيذها في السنوات السابقة وما أفتت به الجهات الفنية المختصة التي عرض عليها الخلاف إذ قررت خصم مائة مليم عن كل طن لكميات من الرسائل من فئة الاستلام من تحت الشكة والتستيف والتخزين بلغ مجموع الخصم فيها حوالي ألفي جنيه امتنعت عن صرفها رغم أن إدارة اللجنة بالقاهرة قامت باستيضاح الموضوع من مصلحة الجمارك وغرفة الملاحة الدولية فأفادت مصلحة الجمارك بأحقيته في كامل الفئات دون خصم - كما خصمت اللجنة حوالي ألف جنيه من مستحقاته عن بند الخفر والمشمعات منازعة في عددهم رغم أن مصلحة الجمارك أوضحت الأسس التي تراعى في تحديد الخفر والمشمعات وهي لا تقل عما ورد في فواتيره بل تزيد - وذكر أن اللجنة تعمدت عدم صرف مبلغ 5600 جنيه من مستحقاته وتأخرت في صرف هذا المبلغ أكثر من سنة مما سبب له أضراراً بالغة - وانتهى المدعي إلى القول بأنه لذلك يحق له فوق المطالبة بالمبالغ التي لم تصرف إليه من مستحقاته عن سنة 1958/ 1959 المالية وقدرها ثلاثة آلاف جنيه وفوائدها القانونية من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، طلب إلزام المدعى عليهما بتعويض الضرر الناتج عن التعسف في تأخير صرف مستحقاته وهو لا يقل عن ألف جنيه.
وقدم المدعي مذكرة بدفاعه تضمنت تعديل طلباته على الوجه الأتي: (أولاً) إلزام المدعى عليهما متضامنين مبلغ 3000 جنيه قيمة مستحقاته والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. (وثانياً) مبلغ عشرة آلاف جنيه كتعويض عن تأخير صرف مستحقاته تعسفاً وبدون وجه حق. (وثالثاً) مصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها عقب المدعي على هذا التقرير بمذكرة انتهى فيها إلى طلب الحكم بما رأى المفوض الحكم به فيما عدا التعويض فإنه طلب الحكم بإلزام المدعى عليهما بمبلغ عشرة آلاف جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وتقدمت الوزارة بمذكرة قالت فيها أن المدعى لم يقدم مستنداً واحداً يثبت أن له قبل الوزارة ثلاثة آلاف جنيه وذكرت أنه يقسم هذا المبلغ إلى قسمين: ( الأول ) ألف جنيه قيمة فروق محاسبة عن الخفراء والمشمع وقالت أنه لا يوجد ما يثبت عدد الخفراء الذين عينهم أو عدد المشمعات التي قدمها أو كيفية حساب هذا البند وأن الثابت أن فواتير المدعي في هذا الشأن محل مراجعة وبحث. ( والثاني ) ألفا جنيه يزعم المدعي أنها خصمت من مستحقاته عن مشال المهمات - وأضافت الوزارة أنه فضلاً عن أن المدعي لم يقدم أي مستند يؤيد به المبالغ التي يطالب بها فإن اللجان الرسمية التي شكلت لبحث الموضوع قد انتهت إلى عدم أحقية المدعي للمبالغ التي يطالب بها وطلبت الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 3 من مايو سنة 1964 حكمت محكمة القضاء الإداري بندب خبير حسابي من مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم وتضمنت تلك الأسباب الإشارة إلى أحكام العقد وإلى الخلاف بين طرفيه حول تفسيرها وتطبيقها - وأبدت فيها المحكمة وجهة نظر كل منهما بالنسبة إلى بعض أوجه الخلاف.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب تتحصل في أن الحكم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وخالف الثابت في الأوراق فيما تضمنه من تأييد لوجهة نظر المدعي في بعض أوجه النزاع.
ومن حيث إن المطعون ضده قد دفع بعدم جواز الطعن تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد صدر قبل الفصل في الموضوع ولم تنته به الخصومة.
ومن حيث إن القاعدة فيما يتعلق بالإجراءات التي تطبق في المنازعات الإدارية هي تطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما لم يرد فيه نص في قانون مجلس الدولة وذلك عملاً بحكم المادة الثالثة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة قد اقتصر فيما يتصل بتحديد ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام على بيان حالات الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية دون أن يشير إلى تقسيم الأحكام من حيث قابليتها للطعن إلى أحكام يجوز الطعن فيها فور صدورها وأحكام لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في موضوع الدعوى - ومن ثم فإن المراد في ذلك في مجال المنازعة الإدارية إلى أحكام قانون المرافعات.
ومن حيث إن المادة 378 من قانون المرافعات تنص على أن "الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أم بسير الإجراءات إنما يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع). ولقد كان رائد المشرع في تقرير القاعدة التي تضمنتها هذه المادة حسبما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون هو (منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب عليه حتماً من زيادة التقاضي مع احتمال أن يقضى آخر الأمر في أصل الحق للخصم الذي أخفق في النزاع الفرعي فيعفيه ذلك من الطعن في الحكم الصادر عليه قبل الفصل في الموضوع) - ومن المسلم أن حكم هذه المادة حكم عام ينتظم كل طرق الطعن في الأحكام وآية ذلك أن المشرع أورده في الفصل الخاص بالأحكام العامة التي تنظم كل طرق الطعن.
ومن حيث إن المقصود بالأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا يجوز الطعن فيها على استقلال فور صدورها - في ضوء الحكمة التي أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية - هي الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الطلب الذي رفعت به الدعوى، والذي عبرت عنه المذكرة الإيضاحية (بأصل الحق) - وذلك سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات أو بما أثير أثناء نظر الدعوى من مسائل متصلة بالموضوع وذلك لتوافر حكمة المنع من الطعن على استقلال بالنسبة لها.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم فإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد تضمن في أسبابه تفسير بعض أحكام العقد على وجه معين وتأييد وجهة نظر بذاتها في بعض أوجه الخلاف الذي قام في هذا الشأن خلال نظر الدعوى إلا أنه وقد اقتصر هذا الحكم على ندب خبير حسابي لأداء المأمورية المبينة في أسبابه فإنه يعتبر من الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا تنتهي بها الخصومة ما دام أن الطلبات التي رفعت بها الدعوى وهي إلزام الوزارة بالمبالغ المطلوب الحكم بها لم يفصل فيها بعد - ومن ثم فإن الطعن فيه فور صدوره وقبل الفصل في الطلبات موضوع الدعوى يكون غير جائز بالتطبيق لحكم المادة 378 من قانون المرافعات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الطعن وألزمت الطاعنين بالمصروفات.


[(1)] يمثل هذا المبدأ قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 1277 لسنة 10 القضائية في الجلسة ذاتها.