مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 135

(21)
جلسة 25 من نوفمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 885 لسنة 11 القضائية

( أ ) - إدارة محلية. "اختصاصات المحافظين". تفويض. مدارس خاصة. تعليم خاص.
اختصاصات المحافظين - مقصورة على ما نص عليه في قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية وما يفوضون فيه من الوزراء في بعض اختصاصاتهم - غلق المدارس الخاصة إدارياً طبقاً للمادة 28 من قانون التعليم الخاص - عدم اختصاصهم به.
(ب) - إدارة محلية. "المحافظات". شخصية اعتبارية. دعوى: صفة فيها. المحافظات - وحدات إدارية ذات شخصية اعتبارية: يمثلها في التقاضي المحافظ.
1 - ولئن نص قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 على أن لكل وزير أن يفوض المحافظ في بعض اختصاصاته (المادة 6/ 4 من القانون و7 من اللائحة التنفيذية) إلا أن الثابت من رد الجهة الإدارية أنه لم يصدر تفويض للمحافظين في اختصاص وزير التربية والتعليم المنصوص عليه في المادة 28 من القانون رقم 160 لسنة 1958 بشأن غلق المدارس الخاصة إدارياً. ولا يجوز القول بأن اختصاصات الوزراء المنصوص عليها في القوانين واللوائح قد آلت إلى المحافظين بصدور قانون الإدارة المحلية كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه وإلا لما كانت ثمة حاجة إلى النص في قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية على تفويض الوزراء للمحافظين في بعض اختصاصاتهم، يضاف إلى ذلك أن قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية قد حددا المسائل التي تدخل في اختصاص المحافظين بما لا يتناول بالقطع الاختصاص بإغلاق المدارس الخاصة إدارياً طبقاً للمادة 28 من قانون المدارس الخاصة وبذلك بقى هذا الاختصاص مسنداً لوزير التربية والتعليم دون سواه.
2 - المحافظة وفقاً للدستور وقانون الإدارة المحلية - وحدة إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويمثلها في التقاضي محافظها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن في أنه بصحيفة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في 24 من يوليه سنة 1963 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 1640 لسنة 17 القضائية ضد السيد وزير التربية والتعليم والسيد مدير التربية والتعليم لمنطقة شمال القاهرة التعليمية طالباً الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ غلق مدرسة الإيمان الثانوية التجارية المسائية للبنات الخاصة بمصروفات بشبرا وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 19 الصادر من مدير التربية والتعليم لمنطقة شمال القاهرة التعليمية في 29 من مارس سنة 1963 والقاضي بغلق هذه المدرسة في نهاية العام الدراسي 1962/ 1963 مع إلزام المدعى عليهما بصفتهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي في شرح دعواه أنه بتاريخ 29 من مايو سنة 1963 صدر من المدعى عليه الثاني الأمر الإداري رقم 9 بشأن إغلاق مدرسة الإيمان الثانوية التجارية المسائية للبنات الخاصة بمصروفات بشبرا وجاء في ديباجته أنه يستند إلى المادتين 28 و54 من القانون رقم 160 لسنة 1958 وأنه بالرجوع إلى ديباجة القرار لا نجد أن لجنة شئون التعليم الخاص وهي المختصة بالغلق بناء على طلب مدير التربية والتعليم قد أصدرت هذا القرار كما أنه لم يقدم إليها مثل هذا الطلب من مدير التربية والتعليم بل نجد أن الأمر الإداري من مدير التربية والتعليم، ويمضي المدعي إلى القول بأن هذه المخالفة الواضحة والثابتة في ذات القرار تكفي للحكم بإلغائه دون تعمق أو بحث. وأنه بالبحث عن أسباب هذا الأمر علم المدعي أنه نسب إلى مدرس بالمدرسة على علاقة بإحدى الطالبات مع أن تحقيقاً أجرى في هذه المسألة ولم يثبت أية إدانة وأنه لو فرض جدلاً أن أيهما كان مداناً فليس غلق المدرسة بالإجراء الواجب الاتباع إزاء حادث فردي كذلك فقد أجرى تحقيق فيما قيل من قيام المدرسة برحلة إلى القناطر الخيرية من الزعم بوقوع أمور غير سليمة فتبين عدم صحة ذلك أيضاً.
ويستطرد المدعي إلى القول بأن سبب القرار منعدم فضلاً عن كونه معيباً من ناحية الشكل ومنسوباً بإساءة استعمال السلطة ويضيف أن نتائج هذه المدرسة والتقارير عنها تدل على حسن إدارتها. وقد أجابت الحكومة على الدعوى بأن المخالفات التي عزيت إلى المدرسة تدمغها بانخفاض مستواها الخلقي مما يستوجب تطبيق المادة 28 من قانون التعليم الخاص.
أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أن القرار بالغلق إنما صدر لما تبين للإدارة من انخفاض المستوى الخلقي والعلمي في مدرسة الإيمان الثانوية التجارية المسائية الخاصة للبنات بشبرا ومن وقوع مخالفة خلقية تمثل فيما اتضح من التحقيقات من وجود علاقة شائنة بين أحد المدرسين وإحدى الطالبات بهذه المدرسة وانصراف الطالبات دون رقيب واشتراك بعض مدرسي البنين في رحلة قامت بها مدرسة البنات إلى القناطر الخيرية وركوب أحد المدرسين مع إحدى الطالبات على حمار أو دراجة هذا إلى انخفاض المستوى العلمي للمدرسة على ما هو ثابت من التفتيش الفجائي الذي تم في 8 من أبريل سنة 1963 وأن المادة 28 من القانون رقم 60 لسنة 1958 بشأن التعليم الخاص التي استند عليها القرار تنص على أنه "إذا ثبت أن إدارة المدرسة قد اختلت أو أن حالتها المالية ساءت إلى درجة تعذر معها القيام بالتزاماتها أو أن التعليم انحط فيها عن المستوى المطلوب أغلقت تلك المدرسة إدارياً بقرار من لجنة شئون التعليم الخاص بناء على طلب مدير التربية والتعليم بالمنطقة وذلك بعد إنذار صاحب المدرسة أو القائم على إدارتها بالغلق إذا انقضت ستة أشهر عن تاريخ الإنذار ولم تتحسن حالتها - وإذا تبين أن بالمدرسة الخاصة فساداً من الناحية الخلقية أو استغلالاً أو ترويجاً للمذاهب التي ترمي إلى تغيير مبادئ النظم الأساسية للدولة أو ترويجاً للتفرقة الطائفية أو الشقاق بين الموظفين أو مس كرامة الشعب والأمة العربية أو جعل التربية والتعليم وسيلة للدعاية السياسية والدينية أغلقت المدرسة إدارياً بقرار من لجنة شئون التعليم الخاص بناء على طلب مدير التربية والتعليم بالمنطقة التعليمية ويجوز إغلاقها إدارياً بقرار من وزير التربية والتعليم واستخلص الحكم من الأوراق أنه لا مأخذ على الإدارة حين انتهت بحق إلى اعتبار أن الفساد الخلقي قد ساد واستشرى في هذه المدرسة وأن المصلحة العامة تقتضي غلقها إدارياً وأنه لا تثريب على الإدارة كذلك إذا قدرت بمطلق سلطتها التقديرية أن مستوى التدريس في المدرسة لا يتمشى والمستوى المطلوب وأن تتخذ ما تراه ملائماً للمحافظة على سلامة هذا المرفق وليس للقضاء التدخل في هذا طالما أنه لم يتضح أن الإدارة أساءت استعمال سلطتها. وفيما يتعلق بالاختصاص بإصدار قرار الغلق ذهب الحكم إلى أنه وإن كان القرار المطعون قد صدر بحسب الظاهر من مدير التربية والتعليم بالمنطقة التعليمية المختصة ولم يصدر من لجنة شئون التعليم الخاص أو من وزير التربية والتعليم إلا أن الثابت من الأوراق أن هذا القرار إنما صدر في الواقع من السيد محافظ القاهرة الذي انتقلت إليه سلطات وزير التربية والتعليم في هذا الخصوص وما قرار السيد مدير عام التربية والتعليم لمنطقة شمال القاهرة التعليمية سوى تنفيذ لقرار السيد المحافظ ويتضح ذلك من تأشيرة المحافظ المذيل بها تقرير الإدارة العامة لمنطقة شمال القاهرة التعليمية والمؤرخة 9 من مايو سنة 1963 والتي ورد بها تحت رقم 3 تغلق المدرسة في نهاية العام الدراسي ومما أورده مدير عام المنطقة في ديباجة قراره بقوله: وتنفيذاً لقرار السيد محافظ القاهرة الصادر في 21 من مايو سنة 1963. وانتهى الحكم إلى أن القرار المطعون فيه يكون صادراً من المختص الذي يملك سلطة إصداره قانوناً.
ويقوم الطعن على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وللثابت في الأوراق وانتزاعه لوقائع لا سند لها منها وذلك فيما يتعلق بالاختصاص والموضوع وردد الطعن - فيما يتعلق بالنعي على قرار الغلق بصدوره من غير مختص - ما سبق أن أورده في صحيفة الدعوى وزاد أنه لا حجة في القول أن هذا القرار صدر تنفيذاً لقرار المحافظ الذي انتقلت إليه سلطات وزير التربية والتعليم في هذا الشأن لأنه لا دليل أولاً على انتقال السلطات ولأنه لو صح هذا فإن ذلك لا يصحح القرار لأن القاعدة هو عدم جواز التفويض في مثل هذه المسائل.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهت فيه إلى طلب قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الطعن إذا قدمت جهة الإدارة ما يفيد التفويض. وكانت هذه المحكمة الإدارية العليا قد قررت إعادة الطعن إلى المرافعة لمناقشة الخصم في صفة المدعى عليهما وكلفت هيئة المفوضين تقديم تقرير تكميلي تعرض فيه لتوافر صفة المدعى عليهما، وقدمت الهيئة تقريرها في هذا الصدد وأوضحت فيه أن القرار المطعون فيه قرار إداري صادر من محافظ القاهرة وأما القرار الصادر من مدير المنطقة التعليمية فما هو إلا قرار تنفيذي لقرار المحافظ. وأن تمثيل الدولة في التقاضي هو فرع من النيابة عنها وهي نيابة قانونية المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون وأن المادة الأولى من القانون رقم 124 لسنة 1960 الخاص بالإدارة المحلية ينص على أن تمتع المحافظات والمدن والقرى بالشخصية المعنوية كما نص على أن يقوم المحافظ بتمثيل المحافظة أمام المحاكم وأنه إذا كان الطاعن قد اختصم في دعواه وزارة التربية والتعليم دون محافظ القاهرة اعتقاداً منه أن القرار المطعون فيه صادر من هذه الوزارة فإنه وقد استبان له فيما بعد وأثناء نظر الدعوى أن القرار المطعون فيه صادر من محافظ القاهرة فإنه كان يتعين عليه أن يبادر إلى تصحح شكل الدعوى بتوجيهها إلى محافظ القاهرة وهو إذ لم يفعل ذلك فإن دعواه تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة.
ومن حيث إن القرار الصادر بغلق مدرسة المطعون ضده إنما استند إلى حكم المادة 28 من القانون رقم 160 لسنة 1958 بشأن تنظيم المدارس الخاصة بعد أن قدرت الإدارة أن المدرسة قد تفشى الفساد الخلقي فيها.
ومن حيث إن المادة 28 المشار إليها تنص على أنه إذا ثبت أن إدارة المدرسة قد اختلت أو أن حالتها المالية قد ساءت إلى درجة تعذر معها القيام بالتزاماتها أو أن التعليم قد انحط فيها عن المستوى المطلوب أغلقت المدرسة إدارياً بقرار من لجنة شئون التعليم الخاص بناء على طلب مدير التربية والتعليم بالمنطقة. وإذا تبين أن بالمدرسة الخاصة فساداً من الناحية الخلقية أو اشتغالاً أو ترويجاً للمذاهب التي ترمي إلى تغيير مبادئ النظم الأساسية للدولة أو ترويجاً للتفرقة الطائفية أو الشقاق بين المواطنين أو مس كرامة الشعب العربي والأمة العربية أو جعل التربية والتعليم وسيلة للدعاية السياسية أو الدينية أغلقت المدرسة إدارياً بقرار من لجنة شئون التعليم الخاص بناء على طلب مدير التربية والتعليم بالمنطقة التعليمية ويجوز إغلاقها إدارياً بقرار من وزير التربية والتعليم.
ومن حيث إنه يبين من هذا النص أن الاختصاص بالغلق معقود للجنة شئون التعليم الخاص بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة أو لوزير التربية والتعليم إلا أن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن قرار الغلق صدر من محافظ القاهرة بناء على تأشيرته المؤرخة 21 من مايو سنة 1963 المذيل بها تقرير الإدارة العامة لمنطقة شمال القاهرة كما أن الأمر الإداري رقم 9 المؤرخ 29 من مايو سنة 1963 والصادر من مدير التربية والتعليم بشأن إغلاق المدرسة والذي أبلغ إلى المطعون ضده قد نص صراحة في ديباجته على أنه صدر تنفيذاً لقرار السيد المحافظ.
ومن حيث إنه ولئن نص قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 على أن لكل وزير أن يفوض في بعض اختصاصاته (المادة 6/ 4 من القانون و7 من اللائحة التنفيذية) إلا أن الثابت من رد الجهة الإدارية أنه لم يصدر تفويض للمحافظين في اختصاص وزير التربية والتعليم المنصوص عليه في المادة 28 من القانون رقم 160 لسنة 1958 بشأن غلق المدارس الخاصة إدارياً. ولا يجوز القول بأن اختصاصات الوزراء المنصوص عليها في القوانين واللوائح قد آلت إلى المحافظين بصدور قانون الإدارة المحلية كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه وإلا لما كانت ثمة حاجة إلى النص في قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية على تفويض الوزراء للمحافظين في بعض اختصاصاتهم، يضاف إلى ذلك أن قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية قد حددا المسائل التي تدخل في اختصاص المحافظين بما لا يتناول بالقطع الاختصاص بإغلاق المدارس الخاصة إدارياً طبقاً للمادة 28 من قانون المدارس الخاصة وبذلك بقى هذا الاختصاص مسنداً لوزير التربية والتعليم دون سواه.
ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر من السيد محافظ القاهرة، وكان منتفياً انتقال الاختصاص إليه سواء بناء على صدور قانون الإدارة المحلية والتفويض على ما سبق البيان، فإذا كان متعيناً أن توجه الدعوى بإلغاء هذا القرار إلى مصدره وهو السيد المحافظ، إلا أن المطعون ضده وجهها إلى السيد وزير التربية والتعليم.
ومن حيث إنه يلزم لقبول الدعوى الإدارية شأنها شأن أي خصومة قضائية أخرى توافر الصفة في أطرافها.
ومن حيث إن تمثيل الدولة في التقاضي فرع من النيابة عنها وهي نيابة قانونية المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون. ولما كانت المحافظة. وفقاً للدستور وقانون الإدارة المحلية - وحدة إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويمثلها في التقاضي محافظها.
ومن حيث إن الطاعن لم يختصم في دعواه - كما ينبغي أن يفعل - الجهة الإدارية التي أصدرت القرار وهي محافظة القاهرة وإنما وجه دعواه إلى جهة إدارية أخرى لا شأن لها بإصدار هذا القرار هي وزارة التربية والتعليم فمن ثم تكون الدعوى قد رفعت على غير ذي صفة.
ومن حيث إن هذه المحكمة الإدارية العليا وهي تنزل حكم القانون في المنازعة الإدارية من حيث الشكل والموضوع معاً على الوجه الصحيح تملك بحكم رقابتها القانونية للحكم المطعون فيه أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بعد أن فات الحكم المطعون فيه ذلك.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وألزمت المدعي بصفته بالمصروفات.