أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة الخامسة والعشرون – صـ 665

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، وأحمد فؤاد جنينه.

(143)
الطعن رقم 918 لسنة 44 القضائية

(1 و2) مواد مخدرة. تحقيق. نيابة عامة. قاضي التحقيق. مستشار الإحالة. إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) النيابة العامة هي السلطة الأصيلة صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي. عدم اتصال سلطة الحكم بالدعوى بتكليف المتهم بالحضور. بقاء سلطة التحقيق الابتدائي لها حتى لو كانت الدعوى قد أحيلت إلى مستشار الإحالة. مفاد حكم المواد 190، 192، 214، 373 و374 إجراءات جنائية.
(2) وزن أقوال الشاهد. وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. مرجعه إلى محكمة الموضوع. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. عدم جوازه.
1 - لما كان الشارع قد قضى في المواد 214، 190، 373، 374 من قانون الإجراءات الجنائية بأن ترفع الدعوى في مواد الجنايات من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه بطريق تكليف المتهم بالحضور أمام مستشار الإحالة وبأن تعلن النيابة العامة الخصوم بالأمر الصادر من المستشار بالإحالة إلى محكمة الجنايات أمام المحكمة وبأن تكلف المتهم بالحضور – كما جعل – بمقتضى المادة 64 من هذا القانون ندب قاضي التحقيق رهناً بطلب النيابة العامة كما حظر عليه بمقتضى المادة 67 مباشرة التحقيق إلا بناءً على طلبها كما أولاها هي بمقتضى المادة 199 مباشرة التحقيق في مواد الجنح والجنايات فيما عدا ما يختص به قاضي التحقيق، كما قضى بالمادة 192 بأنه إذا طرأ بعد صدور الأمر بالإحالة ما يستوجب تحقيقات تكميلية فعلى النيابة العامة أن تقوم بإجرائها وتقدم المحضر للمحكمة، فقد دل بهذا على أن النيابة العامة هي السلطة الأصيلة صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي، لما كان ذلك فإن عدم اتصال سلطة الحكم نفسها بالدعوى بتكليف المتهم بالحضور يبقى على التحقيق الابتدائي للنيابة العامة صاحبة السلطة الأصيلة فيه – لما كان ذلك – فإن قول الطاعن باختصاص مستشار الإحالة بإعادة التحقيق ما دامت القضية قد أحيلت إليه وسلمت له يكون قولاً عقيماً لا جدوى منه ما دام الطاعن لم يجادل في عدم اتصال سلطة الحكم بالدعوى فيبقى الاختصاص بإعادة التحقيق فيها للنيابة العامة – صاحبة السلطة الأصيلة في التحقيق الابتدائي، وغني عن البيان أن ما لمستشار الإحالة بمقتضى المادة 175 من حق في إجراء تحقيق تكميلي فحسب أو ندبه للنيابة العامة لإجرائه دون إجراء تحقيق أصلي لآية بينة على أن اتصال المستشار بالدعوى لا يرفع اختصاص النيابة العامة بل يؤكده ما أوجبته عليها المادة 192 من إجراء التحقيق التكميلي عند الاقتضاء حتى بعد صدور الأمر بالإحالة إلى المحكمة وتقديم المحضر إليها مباشرةً ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد.
2 - وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من شبهات – كل ذلك - مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون مراقبة لمحكمة النقض عليها – لما كان ذلك – وكان ما يثيره الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز التصدي له أمام محكمة النقص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 11 من يوليه سنة 1968 بدائرة قسم السيدة زينب محافظة القاهرة: أحرز جوهراً مخدراً (حشيشاً) وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض، وقضى فيه بتاريخ 28 مايو سنة 1973 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة المشار إليها – مشكلة من دائرة أخرى – قضت حضورياً عملاً بالمواد 21 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم/ 1 المرفق به والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنية ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحرازه للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية إحراز جوهر مخدر قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك بأنه وهو في معرض الرد على الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة وبعد أن قطع بأن قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق وأنه ليس من قضاء الحكم عاد وسوى بين إجراءات إحالة القضية إلى مستشار الإحالة وبين إحالتها إلى المحكمة حين تعلل بأنه ليس في جداول النيابة العامة ما يفيد إعلان الدعوى الماثلة وأن ذلك يطلق من حق النيابة فيها مما ينبئ عن تشكك المحكمة في تحديد الجهة المنوط بها إعادة تحقيق الدعوى بعد فقد أوراقها مع أن الثابت أن القضية أحيلت إلى مستشار الإحالة وسلمت إليه، ومن ثم فقد صارت إليه اختصاصاً والتزاماً بأن يتولى هو إعادة التحقيق فيها لحكم المادة 558 من قانون الإجراءات الجنائية. هذا إلى أن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أن أوراق القضية وقد خلت من أصل محضر التحريات ومن إذن النيابة العامة بما يتضمنه من بيانات جوهرية فإنه لا يمكن افتراض سلامة هذه العناصر والاعتماد فيها على ذاكرة الشاهد إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يسوغه وعول في قضائه على أقوال مرسلة من شاهد حرص على تأييد الاتهام قبل الطاعن بأية صورة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال معاون قسم مكافحة المخدرات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عرض لما أثير في شأن الجهة المختصة بإعادة التحقيق فيما فقدت أوراقه قد رد عليه بأن القضية وإن كانت قد أحيلت إلى مستشار الإحالة إلا أنه ليس هناك ما يفيد صدور قرار منه فيها أو أنها أعلنت، ومن ثم فهي ما زالت في مرحلة التحقيق مما يجيز للنيابة العامة إعادة تحقيقها وكانت المادة 558 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "إذا فقدت أوراق التحقيق كلها أو بعضها قبل صدور قرار فيه يعاد التحقيق فيما فقدت أوراقه، وإذا كانت القضية مرفوعة أمام المحكمة تتولى هي إجراء ما تراه من التحقيق" قد دلت على أن الاختصاص فيما فقدت أوراقه ينعقد للجهة التي تكون الدعوى في حوزتها تطبيقاً للقواعد العامة فإذا كان الفقد قبل رفع الدعوى إلى المحكمة كان الاختصاص بإعادة التحقيق لسلطة التحقيق الابتدائي، أما إذا كان بعد رفع الدعوى إلى المحكمة كان ذلك الاختصاص إليها ومن قم فإن الذي يحرم التحقيق على سلطة التحقيق الابتدائية إنما هو اتصال سلطة الحكم بالدعوى، وإذ كان من المقرر أن قضاء الإحالة ليس من قضاء الحكم وإنما مرحلة من مراحل التحقيق الابتدائي – شأنه في ذلك كشأن قاضي التحقيق والنيابة العامة، وإن كان هو المرحلة النهائية لهذا التحقيق، لما كان ذلك وكان الشارع إذ قضى في المواد 214 و190 و373 و374 من هذا القانون بأن ترفع الدعوى في مواد الجنايات من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه بطريق تكليف المتهم بالحضور أمام مستشار الإحالة، وبأن تعلن النيابة العامة الخصوم بالأمر الصادر من المستشار بالإحالة إلى محكمة الجنايات، وبأن تكلف المتهم بالحضور أمام المحكمة، وإذ جعل – بمقتضى المادة 64 ندب قاضي التحقيق رهناً بطلب النيابة العامة وإذ حظر عليه بمقتضى المادة 67 مباشرة التحقيق إلا بناءً على طلبها، وإذ أولاها هي بمقتضى المادة 199 مباشرة التحقيق في مواد الجنح والجنايات فيما عدا ما يختص به قاضي التحقيق، وإذ قضى بالمادة 192 بأنه إذا طرأ بعد صدور الأمر بالإحالة ما يستوجب تحقيقات تكميلية فعلى النيابة العامة أن تقوم بإجرائها وتقدم المحضر للمحكمة، قد دل بهذا على أن النيابة العامة هي السلطة الأصيلة صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي، لما كان ذلك فإن عدم اتصال سلطة الحكم نفسها بالدعوى بتكليف المتهم بالحضور، يبقى على التحقيق الابتدائي للنيابة العامة صاحبة السلطة الأصيلة فيه، لما كان ذلك فإن قول الطاعن باختصاص مستشار الإحالة بإعادة التحقيق ما دامت القضية قد أحيلت إليه وسلمت له، يكون قولاً عقيماً لا جدوى منه، ما دام الطاعن لم يجادل في عدم اتصال سلطة الحكم بالدعوى، فيبقى الاختصاص بإعادة التحقيق فيها للنيابة العامة – صاحبة السلطة الأصيلة في التحقيق الابتدائي، وغني عن البيان أن ما لمستشار الإحالة بمقتضى المادة 175 من حق في إجراء تحقيق تكميلي فحسب أو ندبه النيابة العامة لإجرائه دون إجراء تحقيق أصلي لآية بينة على أن اتصال المستشار بالدعوى لا يرفع اختصاص النيابة العامة بل يؤكده ما أوجبته عليها المادة 192 من إجراء التحقيق التكميلي عند الاقتضاء حتى بعد صدور الأمر بالإحالة إلى المحكمة، وتقديم المحضر إليها مباشرةً ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من شبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان ما يثيره الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز التصدي له أمام محكمة لنقص. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.